وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لماذا ترفض حماس الاحتكام لصندوق الاقتراع؟!

نشر بتاريخ: 18/02/2011 ( آخر تحديث: 18/02/2011 الساعة: 07:40 )
رام الله - معا- لماذا ترفض حركة حماس الاحتكام لصندوق الاقتراع؟، هذا السؤال بات من الاسئلة المطروحة بقوة في اعقاب الخطوات والقرارات التي اتخذتها واعلنتها الحكومة والرئاسة بخصوص اجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية، الامر الذي يظهر بان السلطة الوطنية حسمت امرها باتجاه اعتماد الخيار الديمقراطي كوسيلة لتحقيق مجموعة من الاهداف على المستوى المحلي والسياسي

فهي من خلال طرح استعدادها لاجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية تسعى الى تاكيدها بان صندوق الاقتراع هو الوسيلة المعتمدة في تجديد الشرعية لكل المؤسسات والهيئات القيادية سيما بعد انتهاء الولاية القانونية والتشريعية للمؤسسات والهيئات المحلية والمؤسسة البرلمانية والرئاسية على حد السواء

في حين تسعى في الاتجاه الاخر زج الفئات المجتمعية والشعبية في المشاركة باوسع عملية ديمقراطية لاختيار الهيئات القيادية الرسمية والاهلية بعيدا عن حالة الاحتقان التي قد تنشأ بسبب تعطل عمل المؤسسات، والامر الاكثر اهمية يكمن في رغبتها واظهار جدية غير مسبوقة في استخدام صندوق الاقتراع كوسيلة ديمقراطية لانهاء الانقسام الذي مازال يمثل جرحا نازفا في خاصرة وصدر القضية الفلسطينية.

ومن الواضح ان حركة حماس لا تريد اتخاذ قرارات متسارعة باتجاه حسم موقفها وقبول مبدأ اجراء الانتخابات الديمقراطية، سيما انها تترقب بعناية فائقة حيثيات التطورات الحاصلة على المستوى العربي فبي اعقاب التغييرات التي حصلت على مستوى دولتي تونس ومصر ويتوقع امتدادها لتشمل دول عربية اخرى، الامر الذي قد يجعلها غير مضطرة لقبول فكرة اجراء الانتخابات في الوقت الراهن خاصة انها تتوقع ان تفضي التغييرات على المستوى العربي ومغازلة الولايات المتحدة الاميركية لحركة الاخوان المسلمين وإمكانية فتح الطريق إمامها لتكون جزء من النظم السياسية الجديدة في الوطن العربي، الى تغيير الموقف الاميركي ازاء التعامل معها كحركة سياسية معترف بها دوليا وما يساعدها في التحرر من مجموعة القيود المفروضة عليها، الامر الذي يجعلها تعول على التحولات السياسية الحاصلة في الوطن العربي والمتوقعة على المستوى الأوروبي والاميركي، اكثر من اية مساعي او خطوات تتخذها قيادة السلطة الوطنية لتقصير المسافة مع حماس واللجوء الى خيار صندوق الاقتراع.

احد المسؤولين المقربين من قيادة حماس في الضفة الغربية قال لـ(معا)، "اعتقد ان حماس غير معنية في الوقت الراهن باجراء الانتخابات لانها تدرك حاجة القيادة الفلسطينية لهذه الانتخابات اكثر من حاجة حماس لها"، موضحا ان التحولات السياسية العربية سيكون لها مردود سياسي ويتوقع ان تكون حماس ومن خلفها الاخوان المسلمين اكثر الرابحين منها.

ولا تدخر قيادات حماس استخدام رزمة متكاملة من المبررات الجاهزة للهروب من الاستحقاق الدستوري والقانوني والشرعي الذي يلاحقها" صندوق الاقتراع"، كونها غير مضطرة في الوقت الراهن للقبول به بل قد تفضل التريث في انتظار ما ستفضي اليه التحولات السياسية الحاصلة.

ومن بين المبررات المستخدمة من قبل قيادات حماس والنواب المحسوبين عليها لتبرير رفضهم للاحتكام لـ"صندوق الاقراع"، ان الدعوة لاجراء الانتخابات جاءت من جهة " مؤسسة الرئاسة" فاقدة للشرعية ويتجنبون الحديث عن ان فقدان الشرعية لا يقتصر فقط على مؤسسة الرئاسة بل يشمل ايضا المؤسسة البرلمانية التي حصلوا فيها على الاغلبية؟!، اضافة الى مطالبتهم باجراء الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني والانتخابات في اللجنة التنفيذية لـ(م،ت،ف) وترتيب اوضاعها قبيل الحديث عن اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، اضافة الى تشديدهم على ان اجراء الانتخابات يجب ان يسبقها تهيئة الاجواء الملائمة من خلال وقف الاعتقالات السياسية واطلاق الحريات العامة ، ووقف ملاحقة قياداتها وانصارها.

وقال في هذا الاطار النائب عن كتلة الاصلاح والتغيير ، ايمن دراغمة، لـ(معا)، " لا يمكن النظر للعملية الديمقراطية على انها فقد اجراء الانتخابات بل هي عملية شاملة تتطلب مجموعة من الاشتراطات الضرورية حتى تعطي نتائجها"، مؤكدا ان تهيئة الاجواء الايجابية مثل وقف الملاحقة والاعتقالات السياسية والافراج عن المعتقلين واحترام القانون بما في ذلك والاهم هو احترام نتائج الانتخابات تعد امور ومتطلبات لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن الانتخابات.

ورغم المبررات التي تطلقها قيادات حماس بخصوص الانتخابات الا انهم لا يخفوا حقيقة تآكل شعبيتهم بفعل الصراع والسلطة وتداعيات الانقسام والاقتتال الدامي، وما يمكن ان ينعكس على قدرتهم وقوتهم الانتخابية ، حيث قال عدد من انصار الحركة في الضفة لـ(معا)، " نحن نؤيد حماس لكن ذلك لا يمنع من وجود ملاحظات وحتى انتقادات لقيادات الحركة سيما اننا نرى بان حركتنا التي نؤيدها باتت تسير في نفس المسار الذي سارت فيه حركة فتح على المستوى السياسي والية التعامل مع الاحتلال ".

واكدوا بان اجراء الانتخابات التشريعية تحديدا قد لا يساعد الحركة في الحصول على ذات النتيجة التي حققتها في الانتخابات التشريعية السابقة عام 2006، وقال عدد منهم " الصراع الدموي اثر سلبا على فتح وحماس، والاغلبية المحايدة او المستقلة قد تحجم عن دعم الحركتين في اية انتخابات قادمة.
وفي الوقت الذي تتشدد فيه حماس في اتخاذ موقف معاد لاجراء الانتخابات، فان هناك مساع حثيثة من بعض المؤسسات الاهلية لبلورة ميثاق شرف توافق عليها حركتي حماس وفتح وبقية الاحزاب والفصائل بخصوص البدء باجراء الانتخابات المحلية كخطوة تمهيدية لتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية، حيث حصلت على مسودة اولية لهذه المبادرة التي تحاول وضع بنود متوازنة بين كل الاطراف من اجل الحصول على موافقتهم للقبول باجراء الانتخابات المحلية اولا، دون اخفاء المخاوف من امكانية رفض حماس لمثل هذه المبادرات خاصة انها تجد نفسها غير مضطرة لمثل هذا القبول كونها تسيطر على قطاع غزة وتعتبر نفسها الحاكم والناهي فيه وتدرك بالقدر نفسه عدم قدرة القيادة الفلسطينية من اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الضفة الغربية دون قطاع غزة لما في ذلك من نتائج كارثية على المشروع الوطني الذي تقوده السلطة الوطنية وتسعى لانجازه في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، واتضح ذلك بشكل جلي عندما قال اليوم " لن تجر الانتخابات في سبتمبر المقبل الا اذا وافقت حماس "، الامر الذي يشكل اقرارا بان قادرة على خربطة الامور اذا ما اجريت الانتخابات بدونها .