وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في أكثر من مجرد مباراة: فلسطين تحرز 9 أهداف أمام تايلند !

نشر بتاريخ: 10/03/2011 ( آخر تحديث: 10/03/2011 الساعة: 13:32 )
بقلم: محمد رمضان النخالة

للمرة الأولى منذ 77 عاماً، تبتسم الظروف لكرة القدم الفلسطينية – رغم أن الكرة نفسها لم تبتسم – حيث تشرف المنتخب الوطني الفلسطيني الأولمبي باستضافة أول مباراة على أرضه المقدسة وبين جمهوره الوفي أمام المنتخب التايلندي , وسط مشاعر مختلطة من أكثر من 16 ألف متفرج حضروا المباراة , وملايين الفلسطينيين الذين تابعوا بشغف هذا اللقاء التاريخي "الأكثر من رياضي" خلف شاشة تلفزيون فلسطين المميزة .

الرياح لم تأتي بما اشتهت سفن الرياضة الفلسطينية , حيث حرمت ركلات الحظ الترجيحية , المنتخب الملقب بـ "الفدائي" من رسم صورة الفرحة كاملة على قسمات الوجوه الفلسطينية , التي لطالما انتظرت هذه اللحظة الرياضية التاريخية , فبعد فوز أبناء بانكوك ذهاباً على أرضهم بهدف نظيف , رد الأبيض الفلسطيني بهدف مماثل يتحكم الفريقان لركلات الحظ التي ابتسمت للضيوف.

المباراة التي أقيمت على إستاد فيصل الحسيني في مدينة القدس المحتلة جاءت بأجواء عاصفة وماطرة , وحضرها لفيف من الشخصيات الوطنية و الرياضية العربية البارزة بوزن رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض , ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم محمد بن همام و رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب.

ورغم الخسارة والخروج من التصفيات التمهيدية المؤهلة إلى أولمبياد لندن عام 2012 , إلا أن المباراة حققت "تسعة" مكتسبات لفلسطين والرياضة الفلسطينية , و كانت أكثر من مجرد مباراة , نستعرضهم على النحو التالي:

1- لأول مرة منذ 77 عاماً يشعر اللاعب الفلسطيني بدفئ الوطن ويلعب على ثراه بعيداً عن التشتت واللجوء الرياضي للأشقاء العرب والملاعب الخارجية و لأول مرة يسجل هدفاً بيتياً رسمياً يدون في سجلات الفيفا في مباراة رسمية على أرضه , ما يمثل دفعة معنوية للرياضة الفلسطينية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص .

2- التأكيد على قوة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بقيادة جبريل الرجوب الذي استطاع أن يصل بالكرة الفلسطينية في فترة زمنية بسيطة إلى تحقيق انجازات رياضية و بروتوكولية كبيرة تُشهد لصانعيها وكل من قام عليها .

3- مثلت هذه المباراة تحدي واضح وصريح للظروف القاسية التي لطالما رزحت تحت نيرها الرياضة الفلسطينية , من ضعف في الإمكانيات والتمويل و سوء البنى التحتية و العائق الأبرز وهو الاحتلال , الذي منع سفر بعض اللاعبين من غزة لحضور هذه المباراة , وكثيراً ما أعاق سفر لاعبي الضفة وغزة لتمثيل الوطني في الخارج ,وكثيراً ما قتل واعتقل لاعبين وقصف ودمر وجرف بنى تحتية رياضية , فهذه الرسالة تقول وبكل وضوح أن الرياضة أقوى من "سلاح المحتل" .

4- هذا اللقاء أعاد الثقة الجماهيرية والشعبية بالمنتخب الوطني الذي كان محل تندر من قبل البعض و زاد من إيمان الجماهير الفلسطينية بمنتخبها الوطني بعد أن انصرفت الجماهير خلال فترة جفاف الكرة الفلسطينية إلى تشجيع منتخبات عربية ودولية ولاسيما منتخبات الأردن ومصر عربياً و البرازيل وايطاليا عالمياً .

5- في هذه المباراة تجلى بشكل واضح كيف أن الرياضة يمكنها أن تروض السياسة لا أن تقوم الأخيرة بتسييس الرياضة , فأرسلت هذه المباراة عدة رسائل سياسية بمضامين إنسانية وطنية تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني فالعلم الفلسطيني "وحده" كان يرفرف بين جنبات المدرجات , واللافتات التي تطالب بإنهاء الانقسام الفلسطيني زينت صورة الجماهير الفلسطينية الناضجة .

6- رغم أن المباراة لم تُقم في غزة المحاصرة إلا أن هذه المباراة مثلت كسراً للحصار الرياضية والسياسي وأذابت جمود العزلة الدولية ومثلت اعترافاً دولياً رياضياً ضمنياً بالدولة الفلسطينية , التي بدأت عدة دول بالاعتراف بها سياسياً , لتأتي الرياضة كقطعة الكرز التي تزين الحلوى .

7- حضور رئيس الاتحاد الآسيوي والاهتمام الحكومي الرسمي و التركيز الإعلامي الفلسطيني والعربي والدولي أعاد كرة القدم الفلسطينية من جديد إلى الخارطة الرياضية التي ابتعد عنها لفترة قسراً .

8- التنظيم الراقي و التغطية الإعلامية المميزة والتصوير التلفزيوني الاحترافي والتعليق والمقالات والريبورتاجات و الأخبار المهنية العالية التي تناقلها الإعلام الفلسطيني على اختلاف ألوانه , كل هذه الأمور مجتمعة تعكس مدى تطور ونهضة الإعلام الرياضي الفلسطيني , ومدى أحقيته بأن ينفتح عليه الإعلام الرياضي العربي والدولي , فالرياضة الفلسطينية لا تقل أبداً في أي شيء عن ما يوجد لدى جيرانها من دول عربية شقيقة , حيث بدأت تخرج الرياضة الفلسطينية الآن من مرحلة التعاطف الى مرحلة الإقناع.

9- مكاسب رياضية أخرى : الإعلان عن ترشيح فلسطين لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم , على لسان بن همام خلال زيارته لحضور المباراة .

الجدير ذكره وهذه معلومة للتاريخ أن الاتحاد الفلسطيني للعبة انضم إلى مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا عام 1928 أي بعد سنوات قليلة من انضمام اتحادات عريقة كالإيطالي و البرازيلي والأرجنتيني والاسباني و فلسطين هي أول دولة عربية، إلى جانب مصر شاركت في تصفيات كاس العالم عام 1934، حيث خسرت ذهاباً في القاهرة واياباً في القدس من الشقيقة مصر ، لتتأهل الأخيرة إلى النهايات لأول مرة في تاريخها ممثلة للقارتين الإفريقية والآسيوية , و يشار أيضاً إلى أن أول نادي تأسس في فلسطين تأسس في القدس عام 1908 وهو نفس تاريخ نشأن وتأسيس نادي انتر ميلان في ايطاليا , كما أسس الفلسطينيون أقدم نادي في تشيلي في عشرينيات القرن الماضي وهو نادي كلوب ديبورتيفو بالستينيو .


فهل يعود هذا التاريخ والمجد التليد من جديد !؟ وهل تكون هذه الأهداف التسعة التي أحرزت في مرمى العزلة مقدمة لإحراز المزيد من الأهداف في "مرامي" جديدة !؟