وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

النائب البرغوثي: نساند حق الموظفين والعمال بالمطالبة بلقمة عيشهم ولا مخرج سوى تشكيل حكومة وحدة وطنية

نشر بتاريخ: 04/09/2006 ( آخر تحديث: 04/09/2006 الساعة: 16:33 )
رام الله - معا - اكد النائب في المجلس التشريعي، الدكتور مصطفى البرغوثي، الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، ان المشكلة العميقة التي تمر بها الاراضي الفلسطينية لا تتعلق بالشعب الفلسطيني بل ان المسؤول الاول عنها هو اسرائيل.

وقال البرغوثي خلال مؤتمر صحفي عقده في استديوهات رامتان في رام الله، ان عملية احتجاز وسرقة اموال العائدات الضرائبية الفلسطينية من قبل اسرائيل ليست امراً طارئاً وجديداً، بل هو اسلوب استخدمته اسرائيل في عهد الرئيس الراحل عرفات كوسيلة للممارسة ضغوط سياسية على السلطة الفلسطينية.

واضاف ان المبادرة الوطنية وائتلاف فلسطين المستقلة، تؤكدان مساندتهما للمطالب المشروعة للموظفين الحكوميين المضربين مشيراً الى ان اضرابهم هو حق مكفول بالقانون، وان المبادرة كانت ساندت اضراب المعلمين والعاملين في القطاع الصحي عندما كانت فتح في الحكومة، مشدداً على ان معاناة الموظفين لا يمكن السكوت عليها او الانتظار خاصة عندما تمس لقمة العيش ويصبح الحصول عليها متعذرا.

واوضح البرغوثي انه مثلما لا يجوز الاعتداء على الموظفين المضربين او محاولة منع الاضراب بالقوة او التهديد، فانه لا يجوز اكراه احد على الاضراب، معرباً عن امله ان تلتزم النقابات المهنية بعدم تسييس الاضراب، لما في ذلك من انعكاسات سلبية على مصلحة الشعب الفلسطيني، والا يتحول الاضراب الى صراع مفتوح، بين الاطراف الفلسطينية في ظل العدوان الاسرائيلي، ومحاولات اطراف دولية تحويل القضية الفلسطينية الى احدى جوانب القضايا الاقليمية امام تعتيم على جرائم الاحتلال في قطاع غزة.

واشار البرغوثي الى ان المهم ان يدرك الجميع ان المحرك الاساسي للاضراب هو الحصار الاسرائيلي، دون ان يغفل ان السياسة الداخلية الفلسطينية شكلت ازمة اقتصادية.

واعرب النائب البرغوثي عن قلقه على مصالح الشعب الفلسطيني والمرضى وطلبة المدارس خاصة التوجيهي في ظل استمرار الاضراب مما يستدعي تحركاً واسعاً وموحداً لايجاد حل للازمة الراهنة، داعيا العاملين في القطاع الصحي الى عدم التوقف عن تقديم الخدمات الطبية، للحالات المرضية الملحة، لا سيما مرضى السرطان والكلى وحالات الولادة وكافة الحالات الطارئة وضرورة استكمال تطعيم الاطفال.

وقال البرغوثي ان القطاع الخاص يعاني هو الاخر من ازمة مالية خانقة بسبب الديون المترتبة له على الحكومة، والبالغة 640 مليون دولار، مما قد يؤدي الى شلل ذلك القطاع وارتفاع البطالة وتسريح عدد كبير من العمال، مؤكدا دعمه للعمال العاطلين عن العمل منذ 6 سنوات وللنشاطات الداعمة لهم التي تقوم بها اللجان العمالية المستقلة.

وقال البرغوثي ان مداخيل السلطة الفلسطينية زادت في العام الحالي عن العام المنصرم بنسبة 4% وان احتجاز اسرائيل 600 مليون دولار من عائدات الضرائب يشكل نسبة 70% من الدخل المحلي الاجمالي في حين ان مجموع الرواتب المتاخرة خلال الستة اشهر الماضية يبلغ 591 مليون دولار، وهذه نسبة اقل مما تحتجزه اسرائيل من عائدات الضرائب.

واوضح ان الحل لا يكمن فقط في اجبار اسرائيل على الافراج عن اموال الضرائب ودفع رواتب الموظفين، بل ايضاً في اصلاح النظام الاقتصادي الفلسطيني وتطوير القطاعات الانتاجية وانهاء الواسطة والمحسوبية والفئوية السياسية في التعيينات، مشيراً الى انه كان يتمنى على الحكومة الحالية الا تقع في نفس الاخطاء التي ارتكبتها الحكومات السابقة والا تعتمد ايضاً سياسة التعيينات الفئوية والا تستمر في النهج السابق.

واضاف البرغوثي ان لدينا مشكلة عميقة بسبب الحصار الاسرائيلي الظالم لكن هناك مشكلة بنيوية تكمن في غياب اصلاح حقيقي في السلطة الفلسطينية مشيراً الى ان عدد العاملين في اجهزة الامن ارتفع خلال العام الماضي بمقدار 40 % نتيجة تعيينات واسعة وفئوية قامت بها الحكومة السابقة والحالية مما رفع عدد الموظفين الى 81 الف موظف مقارنة مع العام الماضي الذي بلغ عدد العملين خلاله 57 الفاً بارتفاع بلغ 40% في بلد لا يوجد فيه امن ولا امان.

واشار البرغوثي الى ان مجموع العاملين في السلطة الفلسطينية بلغ هذا العام 162 الف و 283 مقارنة مع العام الماضي الذي كان عدد العاملين يبلغ 138 الفاً و 302 بارتفاع بلغ 17% مؤكداً ضرورة انشاء مشاريع انتاجية لاستيعاب هذا العدد الهائل من الموظفين حتى لا يكون التوظيف هو الوسيلة الوحيدة للتعامل مع البطالة المستشرية، وان الحكومة الجديدة واصلت سياسة الحكومات السابقة في تضخيم الجهاز الامني على اساس فئوي حتى وصل العاملين كالاجهزة الامنية اكثر من الموظفين المدنيين.

واوضح البرغوثي ان هناك خللاً في توزيع الموارد والذي اخذ بالاتساع مع الحكومة الحالية اذ ان الانفاق على الامن يبلغ 33.5% من الميزانية العامة في حين انخفضت ميزانية الصحة من 9% الى 7% بينما بقي نصيب الزراعة 0.8% والتعليم 18%.

واضاف البرغوثي ان المخرج من الازمة الراهنة يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية وليس فقط من اجل مشاركة القوى والفصائل وقطاعات المجتمع المدني في تلك الحكومة بل وضع سياسات صحيحة وسليمة على الصعيدين الداخلي والخارجي عبر اصلاح جذري يلبي احتياجات المجتمع ودفاع سياسي عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض التنازل عنها وتقديم مبادرات سياسية لنزع زمام المبادرة من يد اسرائيل.

واكد البرغوثي ان تشكيل تلك الحكومة يجب ان يتم على اسس تطبيق وثيقة الوفاق الوطني باعتبارها اساس البرنامج السياسي للحكومة المقبلة واحياء المبادرة العربية لانتزاع زمام المبادرة من يد اسرائيل وانهاء الاحتلال من كل شبر مقابل سلام دائم وعودة اللاجئين وفقاً للقرار 194 مشيراً الى ان وثيقة الوفاق تلاقي قبولاً واجماعاً عربيين وان ذلك سيقود الى الدعوة لعقد مؤتمر دولي لاعادة القضية الفلسطينية الى قرارات الشرعية الدولية مشيرا الى ان الشعب الفلسطيني قد مل ولم يعد ليخدع مرة اخرى بالوعود الزائفة في اشارة الى انه من غير المقبول ان ياتي طوني بلير الى المنطقة بنفس الوعود دون تبني حق الشعب الفلسطيني في ازالة الاحتلال بالكامل واجبار اسرائيل على احترام قرارت الشرعية الدولية وازالة جدار الفصل العنصري والمستوطنات الى جانب تفعيل منظمة التحرير وهو ما تم التاكيد عليه مجدداً في الاجتماع الاخير للجنة التنفيذية في رام الله.

واشار البرغوثي الى ان هناك فرصة جيدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الموقف الايجابي الذي اعلنه الاوروبيون في اجتماعهم الاخير في فنلندا وعبر عنه العديد من المسؤولين بينهم خافير سولانا مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الاوروبي وميغيل موراتينوس وزير الخارجية الاسباني وشتاينمر وزير الخارجية الالماني ودوسيت بلازيه وزير الخارجية الفرنسي بتاييدهم وقبولهم التعامل مع حكومة وحدة وطنية تضم جميع القوى بما فيها حماس على اساس وثيقة الوفاق الوطني الا ان هذا الموقف لم يعط اي اهتمام.

واضاف اهمية البناء على هذا الموقف الاوروبي المستقل عن الموقف الامريكي الذي جاء نتاج جهود بذلناها مع اكثر من دولة وطرف مما سيساهم في كسر الحصار الاقتصادي والسياسي.

وقال البرغوثي انه وبعد الاحداث التي شهدها لبنان اصبح هناك مؤشر واضح حول تراجع اسرائيل عن ادعائها ورضوخها لمبدا تبادل الاسرى بعدما كانت ترفضه.

واوضح اننا نريد حكومة وحدة وطنية ليس من اجل تقاسم الوزارات او استبدال وزير بآخر بل من اجل اصلاح وتغيير وتشكيل قيادة موحدة وهو ما صوت الشعب له لكنه للاسف صوت لتغيير لم يحدث ولاصلاح لم يتم.

وشدد البرغوثي على ان ما نريده ليس حكومة ثالثة لا تقوم بالاصلاح المطلوب وان بات واضحاً انه لا توجد قوة وحدها لا حماس وحدها ولا فتح وحدها تستطيع قيادة الشعب الفلسطيني وان تشكيل تلك الحكومة ليس فشلاً لاحد بل سيسجل كنقطة ايجابية لصالح حماس وكل اطراف الحركة الوطنية الفلسطينية والمهم ان نرى القاسم الوطني المشترك والذي سيقودنا الى تحقيق سيناريو واضح يضمن تبادل الاسرى وتشكيل حكومة وحدة وطنية ووقف متبادل لاطلاق النار وكسر الحصار الدولي بانتزاع زمام المبادرة السياسية وتفعيل منظمة التحرير كاطار موحد وتكوين قيادة وطنية موحدة والالتزام المتبادل بالاتفاقيات وصولاً الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية مشيراً الى انه لا يجوز ان يطالب الفلسطينيون باحترام الاتفاقات من جانب واحد بعد ان خرقتها اسرائيل واعتدت على الديمقراطية الفلسطينية باختطاف 41 نائباً و 5 وزراء.

وقال البرغوثي اننا في حالة صراع قاس مع اسرائيل التي تستخدم كل امكانياتها ضدنا من حصار عسكري واقتصادي وسياسي مما يستدعي وجود قيادة موحدة لادارة الصراع مع الاحتلال.

واضاف البرغوثي ان عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بدء الانتفاضة 4500 شهيد بينهم 500 سقطوا منذ اعادة الانتشار في قطاع غزة موضحاً ان 257 استشهدوا منذ حزيران الماضي حتى اليوم بينهم 216 في قطاع غزة، من ضمنهم 45 طفلاً و 11 امرأة. وجرح 840 بينهم 240 طفلا و 28 امرأة الى جانب ازدياد عدد الحواجز العسكرية الى 644حاجزاً بارتفاع بلغ 44%.

واختتم البرغوثي مؤتمره الصحفي بالتاكيد على ان تنظيم بيتنا الداخلي لا ينهي كل مشاكلنا بل يجعلنا قادرين على كسرالحصار ومواصلة النضال وادارة الصراع ومواجهة المهمات الصعبة محذرا من انه في حال الاخفاق في تشكيل حكومة وحدة وطنية فاننا سنكون امام مخاطر واحتمالات من بينها انهيار السلطة الفلسطينية بكاملها او الدعوة لانتخابات مبكرة.