|
من الذي قتل صاحب اوسكار مخيم الدهيشة؟!
نشر بتاريخ: 04/04/2011 ( آخر تحديث: 05/04/2011 الساعة: 10:53 )
بيت لحم –معا- كتب محمد اللحام - كان الوزير والنائب الحالي عيسى قراقع يبحث عن مكان يجلس فيه بالرغم انه غير متأخر سوى دقائق بسيطة على موعد العرض ليتكئ على الحائط في آخر القاعة مستغربا هذا الحضور الكبير دون مشاهدته للوجوه الحاضرة بفعل الإضاءة المعدومة داخل القاعة بغرض وضوح شاشة العرض ولمدة ساعة ونصف دون تدخين ليصمد قراقع بفعل الانشداد للعرض.
في حين كان النائب ابو خليل اللحام قد اصطحب النائب الراحل ابو البلد بشارة داوود للمقاعد الأمامية بجانب الوزير السابق صلاح التعمري ومن أمامهم تم فرش الأرضية بسجادة كبيرة لكي يجلس الأطفال دون حراك وعيونهم متمترسة اتجاه شاشة العرض يصفقون لوجه علاء الصباغ ويضحكون لمداعباته لزكريا الزبيدي لتسمع شهقات دمعهم في أخر الفيلم على رحيل علاء واشرف وبقية اطفال مخيم جنين الحالمين بوطن خالي من الاحتلال . هكذا كان المشهد في صيف عام 2003 وبقاعة الفنيق في مخيم الدهيشة -بيت لحم التي جلس بها أكثر من 1300 شخص معظمهم من سكان المخيم حضروا لمشاهدة أولاد فلسطين في عرض لفيلم (أولاد ارنا) الاسم كان غريب ويشد المتابع ولا احد يعرف سر هذا الحضور الكبير لدرجة انه وبعد عرض الفيلم الذي نظمه في حينه مركز حوار خرج للمسرح ملثم يحمل بندقية متحدثا بكلمة باسم كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح مرحبا ومشيدا بمخرج الفيلم جوليانو خميس ومقدما له درعا تقديريا . ليتبعه جوليانو بكلمة قال فيها (كل مخرج يحلم بالأوسكار وهذا الدرع من الكتائب اغلى مليون مرة من الأوسكار ووجودي بينكم كأنني حصلت على الأوسكار) ولكثافة الحضور تم عرض اخر للفيلم أيضا في مسرح مؤسسة إبداع بمخيم الدهيشة . فمن الذي قتل صاحب الأوسكار الفلسطيني الذي قدم فيلم قال فيه ( ان الفلسطيني ليس إرهابيا او دمويا بطبعه او بجيناته) بل الاحتلال هو الصانع والمنتج والمخرج لكل إشكال الإرهاب والتطرف . فمجموعة الأطفال من مخيم جنين في الفيلم كانوا صغارا يحلمون بالمسرح والتمثيل ويتقبلون ذلك من امرأة يهودية عملت سابقا مع (الهاغانا) وفي الجيش المحتل إلى أن تعرفت على خميس العربي المسيحي الشيوعي وأحبته وتزوجته . متأثرة بأفكاره حتى صارت من اشد المعارضين للاحتلال والمناضلين لإنهائه والمتظاهرة على حواجزه وفاضحة سياسته القمعية وتأتي لمخيم جنين وتعمل على تأسيس مسرح للأطفال وتموت بعد ذلك إلى ان شاهد ابنها جوليانو صورة احد الشبان على شاشة الإخبار كمنفذ لإحدى العمليات الاستشهادية وهو غير مصدق ان الصورة لطفل يذكره في مسرحية أمه ويدخل مسرعا لمخزن ارشيف والدته نافضا الغبار عن مجموعة (الاشرطة التسجيلية) التي كان قد صورها قديما لامه مع اطفال المسرح ليتاكد من انه كان احد افراد خلية المسرح، فما الذي دفع به ليضع حزام ناسف على خاصرته ويتفجر ؟ للإجابة على السؤال حمل جوليانو عدة تصويره وعاد بعد سنوات لمخيم جنين يتابع خيوط أمه وأطفالها في المسرح ليجد الانتفاضة الفلسطينية وقد اشتعلت وقوات الاحتلال تقتل الأطفال وتهدم المنازل وتشرد الأهالي مما دفع الأطفال الذين كبروا لدخول مسرحية الواقع ومواجهة الاحتلال الذي دمر مسرح أحلامهم.ليغزل قصة خنق حلم الطفل الفلسطينية مستعينا بارشيف امه وتسجيلاته المباشرة للوقائع لتكون (كاميرته) شاهده على اشتباك الاحلام الصغيرة مع دبابات ومدافع ورشاشات الاحتلال الذي رفع عليه قضية وحاكمه بلائحة اتهام تقول انه كان يعلم بنشاطات مسلحة بمخيم جنين وتستر عليها الا ان الحقيقة كانت انه فضح الاحتلال من خلال عرض الفيلم في العديد من المهرجانات العالمية برسالة واضحة (الاحتلال الاسرائيلي وبعد سرقة الارض يسرق براءة واحلام ومستقبل اطفال فلسطين) . فمن الذي قتل فنان الصوت والصورة الحقيقية وصاحب الفكرة النبيلة ؟ابن اليهودية المناصرة لأحلام أطفالنا ووالده المناضل الفلسطيني ؟فمن المستفيد من قتل ابن فلسطين جوليانو خميس؟؟ ومع سماع خبر رحيله لم يقفز في ذهني سوى مشهد عيون أطفال الدهيشة المحدقة بشاشة العرض يتابعون حالهم مبتسمين تارة ويبكون تارة أخرى الا أنهم في النهاية خرجوا أقوياء بقوة منطق رسالة جوليانو الذي قال كلمته بشجاعة لتقابله رصاصات لا تعرف الشجاعة أبدا.. |