وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

يوم الأسير... الطريق الى المحاكم الدولية

نشر بتاريخ: 12/04/2011 ( آخر تحديث: 13/04/2011 الساعة: 14:12 )
بيت لحم- معا- يحل يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان، ولا زال 6 آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي، ويقضي 130 منهم أكثر من 20 عاما، أقدمهم الأسيرين نائل وفخري البرغوثي وأكرم منصور.

يوم الأسير الذي اعتبر يوما وطنيا وعالميا، يأتي كل عام والأوضاع تزداد خطورة داخل السجون بسبب استمرار الممارسات التعسفية الاسرائيلية بحق الأسرى وكرامتهم الإنسانية، وتصرفها كدولة خارج القانون تستهتر بالقيم والقوانين الإنسانية والدولية.

وزارة شؤون الأسرى تبنت فلسفة تدويل قضية الأسرى وبدأت بتحركات على مستوى المحافل الدولية قانونيا وسياسيا لوضع حدّ لما تقوم به سلطات الاحتلال من أعمال وحشية بحق الأسرى.

التدويل:

منذ أن عقد المؤتمر الدولي الأول لمناصرة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي في مدينة أريحا يوم 24112009، بدعوة وبإشراف من قبل وزارة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية وبالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان، والذي استمر لمدة ثلاثة أيام، كان من أهم توصيات المؤتمر البدء بتحرك على مستوى الساحات الدولية والإقليمية لتدويل قضية الأسرى واعتبارها قضية إنسانية عالمية على المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته الإنسانية والقانونية والأخلاقية في توفير الحماية للأسرى بموجب القانون الدولي الإنساني.

وبدأت وزارة شؤون الأسرى والمحررين بتحركات واسعة بهذا الصدد، حيث شكلت لجنة قانونية مختصة من ذوي الخبرات والكفاءات القانونية وبشراكة وتعاون مع مؤسسات حقوق الإنسان في المجتمع المدني، حيث تم إعداد الملفات الخاصة بقضية الأسرى وتجميع كافة القرارات والمواثيق الدولية ذات الشأن بهذه القضية وإجراء الاستشارات مع المختصين والخبراء في القانون الدولي الإنساني من أجل بلورة رؤيا قانونية وآليات عمل لتفعيل قضية الأسرى على المستوى الدولي.

بلورة إستراتيجية فلسطينية قانونية بشأن الأسرى

لا شك أن الاستخفاف والاستهتار الإسرائيلي بوضع الأسرى والمعتقلين وتعاطيه معهم كمجرمين وإرهابيين ومجرد أرقام ورهائن، واستمرار انتهاكاته التعسفية والوحشية بحقهم في مختلف المجالات الإنسانية والحياتية، والمساس بكرامتهم وكرامة عائلاتهم، واستمراره تطبيق مجموعة من الإجراءات والقوانين والأوامر العسكرية بحقهم دون الالتزام بما نصت عليه مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية المتعلقة بالأسرى، كان الدافع الأساس لضرورة وأهمية بلورة إستراتيجية وطنية قانونية حول قضية الأسرى، وفتح معركة قانونية مع المحتل الإسرائيلي لضمان حقوق الأسرى ومركزهم الشرعي القانوني والإنساني بصفتهم أسرى حركة تحرر وطني قاوموا المحتل في سبيل حق تقرير المصير والحرية.

وقد تمحورت الرؤية الإستراتيجية التي أعدتها اللجنة القانونية المختصة في وزارة الأسرى حول أربعة محاور هي:
1. التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهدف الحصول على فتوى قانونية حول الوضع القانوني للأسرى والمعتقلين لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتحديد المحكمة الصريح لماهية ومضمون التزامات دولة الاحتلال القانونية تجاه المعتقلين الفلسطينيين.
2. الضغط لعقد مؤتمر للدول الأطراف باتفاقيات جنيف الأربع لبحث موضوع المعتقلين الفلسطينيين وحقوقهم، وطبيعة الالتزامات القانونية الناشئة على عاتق المحتل الإسرائيلي بشأنهم، ودور والتزامات الأطراف بمواجهة الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية لحقوق المعتقلين.
3. تفعيل قضية المعتقلين على صعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
4. رفع دعاوى قانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية أمام المحاكم الوطنية للدول التي قبلت بفتح ولايتها القضائية أمام هذه القضايا.

جامعة الدول العربية تتبنى قرار التدويل

أجرت اللجنة القانونية المختصة في وزارة شؤون الأسرى عدة لقاءات واستشارات واسعة وهامة في القاهرة مع خبراء في القانون الدولي في وزارة الخارجية المصرية ومع الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، ومع المجلس القومي لحقوق الإنسان، واتحاد المحامين العرب، وبالتنسيق والتشاور مع وزارة الخارجية ووزارة العدل في السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك لوضع خطة عمل على طريق تدويل قضية الأسرى وتثبيت حقوقهم القانونية.

وفي تاريخ 14112009، اتخذ مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية وبحضور وزير الأسرى عيسى قراقع، عدة قرارت هامة أبرزها قرار تكليف المجموعة العربية في نيويورك بدراسة تقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الوضع القانوني للأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفقاً لأحكام القانون الدولي ذات الصلة، وذلك باعتبارهم أسرى حرب ولهم الحق المشروع في مقاومة الاحتلال.

وتبنى السيد الرئيس أبو مازن هذا التوجّه بشأن الأسرى وطلب من جميع الجهات المختصة التعاون بهذا الشأن، وكذلك تبنى مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته المنعقدة بتاريخ 25102010، التوجّه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إصدار قرار بإحالة قضية الأسرى الفلسطينيين إلى محكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول المركز القانوني لهم، وشكّل مجلس الوزراء لجنة لدراسة ذلك مكونة من وزارة الأسرى ووزارة الخارجية ووزارة العدل.

وخلال العام 2010، عقدت عدة مؤتمرات إقليمية بهذا الشأن مثل المؤتمر الذي عقد في الجزائر بتاريخ 5122010، والمؤتمر الذي عقد في المغرب بتاريخ 2112011.

واستندت فلسفة التوجه الى المحاكم الدولية إلى ضرورة إلزام دولة الاحتلال بتطبيق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى واعترافها بهذه الاتفاقيات من أجل الحفاظ على مكانتهم الشرعية كمحاربين قانونيين، وتحرير قضيتهم من الإطار المحلي ومن العزلة الدولية، وإشراك المجتمع الدولي ومؤسساته الفاعلة بمراقبة تطبيق إسرائيل للقوانين الدولية بشأن الأسرى وملاحقة المسئولين الإسرائيليين على أعمالهم المخالفة لهذه القوانين.

قضية الأسرى في مؤتمر الأمم المتحدة في فيينا

في مقر الأمم المتحدة في العاصمة النمساوية في فيينا، بتاريخ 732011، عقد ولأول مرة مؤتمراً حول قضية الأسرى تحت عنوان: "الضرورة الملحة لمعالجة محنة السجناء السياسيين الفلسطينيين في السجون ومرافق الاحتجاز الإسرائيلية"، وذلك بدعوة من اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وشعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة في الأمم المتحدة، وبحضور ومشاركة أكثر من مائة دولة وعدد كبير من مؤسسات حقوق الإنسان في العالم وخبراء القانون الدولي، واستمر المؤتمر لمدة يومين قدمت خلالهما أوراق عمل تتعلق بكافة الجوانب المتعلقة بحقوق المعتقلين الفلسطينيين.

وزير الأسرى عيسى قراقع ألقى الكلمة الرئيسية في المؤتمر، استعرض خلالها كافة الأوضاع والممارسات التعسفية واللاإنسانية بحق الأسرى الفلسطينيين، وطالب بدعم ومساندة الأمم المتحدة ومؤسساتها في تبنّي قرار تدويل قضية الأسرى والتوجه بها إلى المحاكم الدولية، والعمل على إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن الأسرى، وطالب بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بسبب استمرارها بمخالفة مبادئ حقوق الإنسان الأسير ولقواعد القانون الدولي.

وجاء في كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي-مون، التي ألقاها نيابة عنه السيد ماكسويل غيلارد، نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن على إسرائيل بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال مسئولية الامتثال الكامل للإلتزامات المنوطة بها بموجب القانون الدولي بما في ذلك اتفاقيات جنيف الرابعة.

وخرج المؤتمر ببيان ختامي أهم ما جاء فيه: الاهتمام الشديد باقتراح وزير الأسرى الداعي إلى إثارة المسألة القانونية المتعلقة بالأسرى مع الهيئات القانونية المختصة في الأمم المتحدة، بما فيها محكمة العدل الدولية، وعبّر البيان عن استنكار المؤتمر لانتهاك إسرائيل للقانون الدولي الإنساني في معاملتها للأسرى الفلسطينيين، كالاعتقال الإداري واعتقال الأطفال واعتقال النواب وممارسة التعذيب ومنع الأهالي من الزيارات والعزل الانفرادي وغيرها من أشكال سوء المعاملة والاعتداء على كرامة الأسرى.

وأشار بيان المؤتمر أن غالبية المعتقلين يحتجزون في انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة في سجون تقع خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، ويحرم السجناء في معظم الحالات من الحصول على حقوقهم الإنسانية والقانونية، ودعا البيان إلى الإفراج عن كافة الأسرى من سجون الاحتلال وأن السلام لا يمكن أن يكون كاملاً دون إطلاق سراحهم.

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تدعم تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين

بتاريخ 1032011، عقد لقاء هام مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في مقرها في باريس، بحضور رئيسة الفيدرالية سهير بلحسن، والسيد أنطوان بيرنار، المدير التنفيذي للفيدرالية، والسيدة ماري كامبرلين، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفيدرالية، حيث شرح وزير الأسرى للفيدرالية واقع المعتقلين الفلسطينيين وضرورة دعم الفيدرالية للتوجّه القانوني لتدويل قضية الأسرى وتحمّل المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية المسئولية في إنقاذ المعتقلين الفلسطينيين مما يتعرّضون له من أعمال وممارسات تنتهك حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وخاصة أن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان تمثل 164 لجنة حقوق إنسان في العالم، ولها تأثير هام في هذا الشأن.

السيدة سهير بلحسن، عبّرت عن موقف الفيدرالية من دعم قضية الأسرى ودعم التوجّه القانوني لتثبيت مركزهم الشرعي حسب اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، واعتبرت أن مسألة حقوق الإنسان باتت من أهم المسائل التي على العالم الاهتمام بها وملاحقة المسئولين عن الجرائم والأعمال اللاإنسانية.

قضية الأسرى الفلسطينيين أمام البرلمان الأوروبي

بدعوة من اللجنة الفرعية الخاصة بحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي ولجنة العلاقات مع المجلس التشريعي الفلسطيني، ألقى وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع كلمةً هامة في جلسة الاستماع التي عقدت في البرلمان الأوروبي والتي خصصت لنقاش موضوع الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال، حيث دعا قراقع البرلمان الأوروبي إلى تحمّل مسئولياته في وقف أعمال إسرائيلي الوحشية والإجرامية تجاه الأسرى ومسائلتها ومحاسبتها على ما تقوم به من انتهاكات لحقوق الأسرى والمعتقلين من كافة النواحي. وطالب قراقع البرلمان الأوروبي بدعم التوجّه الفلسطيني لاستصدار فتوى حول المركز القانوني للأسرى الفلسطينيين من محكمة لاهاي وبتشكيل لجنة تقصي حقائق لزيارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية والإطلاع على الأوضاع فيها وبإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي عقدت على أساس التزام إسرائيل بتطبيق قوانين حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وعبّر أعضاء البرلمان في مداخلاتهم عن تأييدهم التام لإرسال لجنة تقصي حقائق برلمانية إلى السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وعن استنكارهم لما تقوم به حكومة إسرائيل من أعمال وممارسات وحشية وتعسفية تمس حقوق المعتقلين وتنتهك القانون الدولي الإنساني.

وجدير بالذكر أن كلاً من المستشار القانوني ورئيس الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية، قد حضرا جلسة البرلمان وقاما بالرد على وزير الأسرى مدعين أن السجون عبارة عن خمسة نجوم وأن الأسرى يأخذون كافة حقوقهم، مما أدّى إلى مواجهتهم من قبل الوزير وأعضاء البرلمان بالعديد من الحقائق والمعلومات التي تنفي هذا الادّعاء كاعتقال الأطفال القاصرين وتعذيبهم والإهمال الصحي المتعمّد والاعتداء على الأسرى وارتكاب جرائم قتل بحق 200 أسير داخل السجون، وحرمان مئات من عائلات الأسرى من الزيارات وغيرها.

وعقد وزير الأسرى على هامش هذه الجلسة عدة لقاءات مع الأحزاب والمجموعات السياسية في البرلمان الأوروبي، كحزب الخضر، والحزب الشيوعي، والحزب الاشتراكي، والحزب الديمقراطي المسيحي، ومع مسئول ملف الشرق الأوسط لحقوق الإنسان لدى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، ومع رئيس البرلمان البلجيكي، ومع مجموعة من مؤسسات حقوق الإنسان في الكنائس البروتستانتية والكنائس الكاثوليكية، وكذلك مع شبكة حقوق الإنسان الأورومتوسطية، ومع الشبكة البلجيكية للقانونيين المساندين للقضية الفلسطينية، ولجنة التعاون الأوروبية من أجل فلسطين، وجميع هذه الأحزاب والمجموعات عبّرت عن دعمها لإنصاف الأسرى الفلسطينيين وإدانتها لما تقوم به إسرائيل من انتهاكات تخالف القوانين الدولية وكذلك عبّروا عن دعمهم لإرسال لجنة تقصي حقائق برلمانية إلى السجون والمعتقلات الإسرائيلية.