وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عام على "فكّ الارتباط"... قطاع غزّة ما زال تحت الاحتلال والحصار !

نشر بتاريخ: 11/09/2006 ( آخر تحديث: 11/09/2006 الساعة: 21:33 )

رام الله-معا- يصادف يوم غد الثلاثاء مرور عام على ما يعرف "بفك الارتباط"، أو الانسحاب من قبل الاحتلال الاسرائيلي عن قطاع غزّة.

وفي هذه المناسبة أصدرت مؤسسة "الحق" التي تعنى بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي فرع لجنة الحقوقيين الدولية بجنيف، تقريراً خاصاً تناولت فيه عدداً من المعطيات التي تشير إلى الأهداف الحقيقية وراء الخطة، والأدلة على استمرار وجود القطاع تحت الاحتلال.

وجاء في التقرير الذي أعده الباحث " ربيع أبو لطيفة"، في السادس من حزيران عام 2004 أقرّت الحكومة الإسرائيلية "خطّة فك الارتباط" التي تهدف إلى انسحاب كامل أحاديّ الجانب للمستوطنين الإسرائيليين وجنود الاحتلال من قطاع غزة، كذلك انسحاب مماثل ولكن محدود من أجزاء صغيرة في شماليّ الضفة الغربية المحتلة. وقد استمر تنفيذ الخطة في قطاع غزة من 15 آب وحتى 12 أيلول 2005 حين غادر آخر جندي إسرائيلي أرض القطاع.

يذكر أنه قبيل الانسحاب كان على أرض القطاع حوالي 8,500 مستوطن، يشكلون ما نسبته 2.5% من مجموع المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي الضفة الغربية (بما في ذلك شرقيّ القدس) وقطاع غزّة.

انتقال الاستيطان من غزّة إلى الضفّة

واللافت أنه في الفترة التي استغرقها تنفيذ خطة فك الارتباط فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية قد زاد عن عدد من تم إخلائهم من قطاع غزّة بحسب الخطة. مما يؤكّد على أن من أهم أهداف الخطة تعزيز الاستيطان في الضفة، و دحض الموقف الذي يعتبر القطاع أرضاً محتلة، وبالتالي التملّص من المسؤوليات الملقاة على إسرائيل كقوة احتلال تجاه القطاع وسكانه من الفلسطينيين.

دوف فايسغلاس، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أريل شارون، وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في عددها يوم السادس من تشرين أوّل 2004 وفي تقرير عنوانه "خطة غزة تهدف إلى تجميد العملية السلمية"، أفاد فايسغلاس بأن فك الارتباط يوفّر الأجواء المناسبة لكي لا يكون هناك عملية سياسية مع الفلسطينيين، وبشكل فعّال فإن هذه الرزمة سميّت "الدولة الفلسطينية"، على حد تعبيره. وبذلك تكون إسرائيل قد أعفت نفسها من أي مسؤولية عن عدم وجود دولة فلسطينية، على الأقل كما يعتقد الإسرائيليون.

إسرائيل لاتزال تحتل قطاع غزّة

رغم الإدعاءات الكثيرة من قبل جهات رسمية إسرائيلية، ورسمية أجنبية منحازة لإسرائيل، بأن قطاع غزّة لم يعد خاضعاً للاحتلال أو "السيطرة" الإسرائيلية كما يحلو لهؤلاء تسميتها، إلا أن "الحق" في تقريرها اعتبرت أن غزّة ماتزال خاضعة للاحتلال، مستندة في ذلك إلى عدد من الحجج القانونية والحقائق الميدانية وآراء مختصين كبار في القانون الدولي والعلاقات الدولية.

وبحسب المادة 42 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 فإن الأرض "تعتبر محتلة عندما تكون فعلياً تحت سلطة الجيش المعادي." وهو بالضبط ما يجري على قطاع غزّة من خلال ما يعرف باسم "التحكّم الفعال" الذي يتحقق طالما كانت القوات المعادية قادرة على السيطرة الفعلية على أي جزء من البلد أو الأرض المحتلة.

وتسيطر سلطات الاحتلال على القطاع من خلال فرض حصار بريّ وبحريّ وجويّ عليه، ومن خلال قيامها بعمليات عسكرية عديدة على أرضه منذ انسحابها، إضافة إلى القصف المستمر لمناطقه المختلفة بالمدفعية والطيران. حتى أن معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر لا يفتح دون الموافقة الإسرائيلية والإيعاز للمراقبين الأوروبيين بفتحه، أو إغلاقه طبعاً، وبذلك التحكم الكليّ بحركة المواطنين والبضائع.

كما أن التدخّل والتحكم في قطاع غزّة يتعدى هذه الجوانب ليطال أمور مدنية وإدارية عديدة كتسجيل السكان في السجل المدني مثلاً، حيث لا يستطيع أي فلسطيني أن يحصل على بطاقة هوية دون الموافقة الإسرائيلية. والدخول لقطاع غزة عبر إسرائيل لا يتم إلا بتصريح خاص من سلطات الاحتلال، وكأن غزة جزء من إسرائيل.

سياسة الحصار والتضييق

أما معبر المنطار (كارني) الذي يستخدم لنقل البضائع، فقد أغلق من قبل قوات الاحتلال منذ انسحابها من القطاع أكثر من مرّة، ليصل مجموع الأيام التي أغلق فيها بشكل كليّ إلى 175، و169 يوماً بشكل جزئيّ.

ومنذ نيسان من العام الحالي شهد القطاع نقصاً خطيراً في المواد الإنسانية، وخصوصاً الدواء والغذاء، ومما فاقم الوضع فرض إسرائيل قيود إضافية على إدخال المعونات الإنسانية ودخول العاملين في مجالات الإغاثة.

362 شهيداً منذ فك الارتباط

عملية "أمطار الصيف" العسكرية الإسرائيلية التي انطلقت بتاريخ 28 حزيران من العام الحالي شهدت تصعيداً كبيراً للاعتداءات الإسرائيلية على القطاع، حيث أدّت إلى استشهاد العشرات من الفلسطينيين، مما رفع عدد الشهداء الذين سقطوا منذ الانسحاب إلى 362 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين.

وقد استهدفت الهجمات بشكل لافت بيوت المواطنين والمؤسسات التعليمية والخيرية، والوزارات الحكومية والبنية التحتية كالجسور والطرقات والمحطة الرئيسية لتوليد الطاقة الكهربائية في القطاع.

وتبقى غزّة تحت الاحتلال

إن الأحداث التي وقعت خلال عام من الانسحاب ولا تزال مستمرة في قطاع غزّة تظهر أنّ الاحتلال الإسرائيلي لازال جاثماً على صدر القطاع. وفي هذا السياق دعت مؤسسة "الحق" في تقريرها الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الالتزام بواجباتها تجاه إسرائيل كقوة احتلال.

وأكدت "الحق" في خلاصة تقريرها على أن إلزام إسرائيل بالقوانين والقرارات الدولية هو المخرج الوحيد للوضع الكارثيّ الذي يعيشه الفلسطينيون. مشيرةً أيضاً إلى أن أي مبادرة أو محاولة لحل المشكلة بالاعتماد على غير ذلك سيكون مصيرها الفشل، وتاريخ المبادرات السياسية الفاشلة شاهد على ذلك.