|
هل هناك اعلام امني؟
نشر بتاريخ: 20/04/2011 ( آخر تحديث: 20/04/2011 الساعة: 13:19 )
رام الله/ وطن للأنباء/ بين اللواء عدنان الضميري المفوض العام للتوجيه السياسي والوطني أن إخفاء المعلومات والتعتيم الإعلامي لم يعد شيئا مجديا في ظل الثورة المتسارعة في الاتصالات ووسائل الإعلام، والتي منحت الفرد القدرة على نقل الصورة والحدث إلى أي مكان، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في إحداث التغيير على صعيد الدول العربية.
الضميري الذي كان يتحدث خلال مؤتمر برام الله حول الأسس التي تحكم العلاقة بين العاملين في حقل الإعلام من جانب، والمؤسسة الأمنية من جانب آخر، أشار ان السلطة الفلسطينية أدركت خلال السنوات الأخيرة، " بأن دور وسائل الإعلام لا يقل عن دور أي مؤسسة أخرى، في تنمية الديمقراطية، والضغط من اجل إنفاذ القانون، والقيام بدور الرقيب على عمل الأجهزة الأمنية". وقال الضميري: " المؤسسة الأمنية كانت حريصة دائما، في خلق قنوات اتصال مباشرة مع الإعلاميين، وتزويدهم بالمعلومات التي يرغبون في الاطلاع عليها، وتم تقديم إجراءات عقابية بحق كل من تعرّض لعمل الصحفيين، وحرية الصحافة". واكد اللواء الضميري أن العلاقة بين الأمن والإعلام يجب ان تكون تكاملية في ايصال اهداف المؤسسة الأمنية واغراضها ووسائلها وعلاقة المواطن الايجابي معها، وأن التكامل بالضرورة يؤدي للتنسيق المباشر لإنجاح الأمر. وحول حق الصحفي في الحصول على المعلومات الأمنية الدقيقة، قال الضميري: " لدينا الرغبة الدائمة في تقديم المعلومات التي نملكها لوسائل الإعلام، والإفصاح عن مجريات الأمور، لكن هناك بعض المعيقات المرتبطة بإجراءات التحقيق، وعدم التثبت قطعيا من مسؤولية المتهمين في ارتكاب جريمة ما". حديث الضميري هذا جاء خلال المؤتمر الذي نظمته هيئة التوجيه السياسي والوطني، والمركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، الذي حمي وطيس النقاش خلال جلسته الأولى، حول صورة رجل الأمن في ذهن المواطن، ودور ما يسمى " الإعلام الأمني" في كسر الحواجز التي قد تحد من أواصر تلك العلاقة، وقد شهدت الجلسة مداخلات من عدد من المختصين في مجال الإعلام والعلاقات العامة، وعدد من الصحفيين وممثلي المؤسسات الحقوقية. الدكتور محمد المصري رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية فقد أوضح أن "هنالك تطورا كبيرا في اداء القطاع الامني بشكل عام من خلال القوانين والتشريعات و المراقبه على ادائة، من خلال تراكم الخبرة كون القطاع الامني بني على اكتاف كادر تربى على ثقافة المقاومة و الثورة، وانتقل في هذه المرحلة الى بناء الدولة". وبين المصري وجود عدد من المعوقات التي تحول دون ضبط العلاقة بين رجل الأمن والإعلامي، والتي تثير في كثير من الأحيان التوتر والريبة، والتي تتمثل في ندرة المعلومات الأمنية، إلى جانب عدم وجود كادر إعلامي قادر ومتمكن من تغطية القضايا الأمنية، مما يجعل الثقة غائبة في معظم الأحيان، داعيا المؤسسة الأمنية إلى التعامل بجدية مع الإعلام، وتعزيز الجهود لحماية النظام، بالإضافة إلى العمل مع الإعلم كشريك لتحقيق الأمن المجتمعي. من جانبه، أوضح الإعلامي الدكتور وليد العمري خلال مداخلته تحت عنوان، "الإعلام والأمن، تناقض ام تكامل"، أن حرية التعبير يجب ان تكون مكفولة لكل مواطن، وان حق الصحفي في الحصول على المعلومة من المصدر الذي يرتئيه " حق لا جدال فيه". وبالرغم ان العمري أثنى على حديث اللواء الضميري، بخاصة فيما يتعلق برفضه سياسة التعتيم الإعلامي، غير أنه ألمح أن مفهوم الأمن القومي الذي يكون دائما ذريعة لعدم البوح بالمعلومة، قد أحدث إشكاليات جمة لدى الإعلاميين، وعطل جزءا كبيرا من المهمة التي تقع على كاهلهم. وأضاف العمري: "لقد كان الإعلاميون هم الفئة الثالثة التي يتم ملاحقتها من قبل السلطة الفلسطينية منذ أوسلو، والتي تم تصنيفها بعد فئة العملاء و فئة المعارضة، وهذا جعل الصحفي يضع نفسه في إطار من الرقابة الذاتية التي حدّت من قدرته على البحث والتمحيص". وختم العمري حديث بالقول: "مشكلة الحرية في الاعلام العربي في فهم معنى الحرية، حيث يتصور المسؤولون أن الإعلام الحر هو الإعلام الذي يناصب الحكومات العداء، حيث تكون قاعدته هي الاختلاف مع هذه الحكومات ومصارعتها بأية صورة من الصور". وفي مداخلته، أوضح أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت الدكتور نشأت الأقطش، أن وجود إعلام أمني فاعل وناجح يتوقف على مدى اهتمام الأجهزة الأمنية وقناعتها بأهمية هذا النوع من الإعلام، الذي يعتمد في تغذيته على مدى تعاون الأجهزة الأمنية التي تقدم المادة الاخبارية والحقائق إلى وسائل الإعلام، لتقوم هذه الوسائل بإعدادها في الشكل الإعلامي المناسب، وبما يحقق انسجاما تاما ما بين رجل الاعلام ورجل الامن. وانتقد الأقطش بشدة فشل المؤسسة الأمنية في رفع الثقة لدى المواطن بعمل رجل الأمن، بهدف تغيير الصورة النمطية التي يرسمها الجمهور له. وأضاف: " لا بد من وجود جهاز أمني حقيقي بعيد عن الرؤى والتناقضات السياسية،وعلى المؤسسة الأمنية معرفة ماذا يريد المواطن؟ وكيف يفكر؟، من أجل زيادة القدرة في توجيه المجتمع نحو مزيد من الثقة بالقطاع الأمني. وأضاف الأقطش أن الهوّة بين رجال الأمن من جهة، وبين الإعلاميين من جهة أخرى أوجدت اتهاماً متبادلاً بين السلطتين، إذ ينظر الإعلاميون إلى أن رجال الأمن غير مدربين على الاتصال الإعلامي الجيد، وينقصهم الوعي في علاقتهم بوسائل الاعلام، ولذلك يميلون إلى فرض رقابة على الأنباء. وفي الوقت نفسه ينظر رجال الأمن إلى الإعلاميين على أنهم متسرعون، ولا يميلون إلى التريث والمضي وراء التحقيق أو التفاصيل بصبر ووعي هادئ، وأنهم يبحثون عن الإثارة دون تقدير للمسؤولية. ودعا الأقطش الإعلاميين إلى الخروج والتحرر من الطوق الذي فرضوه على انفسهم، واستغلال مساحة الحرية بهدف تعزيز الرقابة على عمل أجهزة الأمن. من جانبه، قال نيكولاس ماسون، نائب رئيس مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، أن أكثر من 80 دولة حول الإعلام تبنت قانون حق الحصول على المعلومات، رغم حداثة الموضوع، مطالبا ممثلي الأجهزة الأمنية، بإبداء قدر أكبر من الانفتاح على وسائل الإعلام، وإنشاء قنوات اتصال دائمة ومكاتب متخصصة للتواصل مع الصحفيين. وبين ماسون أنه ومن خلال الجلسات المتواصلة وحلقات النقاش بين الصحفيين وممثلي الأمن، كان هناك انتقادات من قبل الصحفيين على عدم السماح لهم بالاطلاع على المعلومات والوصول إليها، وان كثيرا منهم ينتابهم الخوف حيال التعامل مع الأجهزة الأمنية، بسبب الاعتداءات التي تجري بين الحين والآخر. وفي هذا السياق، اعتبر ماسون أن التشجيع على إقامة علاقة متينة بين الإعلام والمؤسسة المنية، والسماح للإعلاميين بالاطلاع بدورهم في الحصول على المعلومة ونشرها، إلى جانب تطوير خبرات الصحفيين في تغطية قضايا الأمن، كلها نقاط حساسة ومهمة في طريق جسر الفجوة بين الجانبين. |