|
لاجئ "سياقــــــــي" !!:"رؤوف حنا" المقاول الذي الذي لجأ الى مهنة السياقة رغم انفه !!
نشر بتاريخ: 13/09/2006 ( آخر تحديث: 13/09/2006 الساعة: 19:13 )
الخليل -معا - محمد العويوي-" انا "لاجئ سياقي" لمهنة السياقة ، بإمكاني قيادة اية مركبة تسير فوق سطح الارض ، فمنذ ان عرفت السياقة قبل أكثر من ثلاثين عاماً ، تنقلت بين العديد من المركبات الصغيرة والكبيرة ، حتى استقر بي المطاف خلف مقود سيارة عمومي .و كلفني لجوئي السياسي في العام 1977 ، بيع اثني عشر دونماً في منطقة باب الزقاق بمدينة بيت لحم ".
وتابع يقول "زمان كنا نسرح ونمرح بطول الارض وعرضها ، اما الآن فتزداد علينا خناقاً فوق خناق ، فالحواجز الاسرائيلية الثابتة والمتحركة منتشرة على طول الطرق بين المدن الفلسطينية" . واضاف "الامور تزداد سوءً يوماً بعد يوم ، الموظفون لم يتلقوا رواتبهم ، وأسعار المحروقات في ارتفاع مستمر ، ناهيك عن الانتظار ساعات في الدور حتى تمتلئ سيارتي بالركاب ، لانطلق بهم صوب الخليل ، واعود محملاً ببعض الركاب ، وهكذا دواليك" . "لاجئ سياقي" لمهنة السياقة ، أمر غريب وعجيب ، والمتعارف عليه إن اللجوء السياسي يحدث حينما يطلب انسان ما اللجوء لدولة غير الدولة التي يعيش فيها ، لاسباب عديدة ، لكن لجوء سياسي لمهنة السياقة ، هذا ما لم افهمه .! طلبت من "رؤوف حنا "سرد حكايته مع" لجوئه السياقي "لمهنة السياقة ، وكان ذلك اثناء عودتي مساء الجمعة الماضية من بيت لحم إلى الخليل . فاسترسل رؤوف في حكايته ، التي بدات احداثها في العام 1977 ، حينما داهمت قوة عسكرية منزله ومكتبه في آن معا ، وصادرت جميع الملفات الموجودة ، وطلبوا منه التوجه لمقر ضريبة الدخل في اليوم التالي ، وحينما دخل مقر الضريبة ، استقبله الموظف بحفاوة بالغة ، وسأله عن صحته وصحة الاولاد .. ويضيف حنا " فجأة قال لي بلغة عربية مكسرة : انت تعمل في البناء والتعهدات ، وتبني بنايات ومنازل منذ سنوات ، ولم تقدم أي تقرير مالي للضريبة ، وبحسب معلوماتنا انت تدين لدولة اسرائيل بسبعمائة الف شيقل فقط . يتابع قائلا "كأني لم اسمع ماذكر ، فطلبت منه اعادة ما قال ، فبدأ يذكر الرقم سـ ـبـ ـعـ ـمـ ـا ـئـ ـة ألـ ـف شيقل ، يا إلاهي ! إسودت الدنيا في عيوني ، لم اعد اسمع ما يقول ... لم انتبه إليه ، إلا حينما دفع بي إلى الباب واضعاً في يدي فاتورة لدفع المبلغ ، قائلاً : لا تنس لديك اسبوعان لدفع المبلغ وإلا ... ، فأومات برأسي وأنا أغادر ... لا ادري كم مر علي من الوقت ، منذ ان غادرت مكتب الضريبة ، حتى وصلت للبيت ، جلست في فناء المنزل ، سألتني زوجتي : ماذا فعلوا بك ... ؟ فدفعت بالفاتورة إليها ، بدأت بتفحصها ، وهي تقول : لا افهم ما المكتوب هنا لانه باللغة العبرية ، فأخبرتها بالقصة التي نزلت كالصاعقة عليها وعلي ... سبعمائة الف شيقل ، من اين نأتي بها ، في غضون اسبوعين .... سكت للحظات شعرت كأنها الدهر ، ليقول لي ، دبرناها ... كيف دبرتها ؟ بعنا قطعة الارض التي تملكها العائلة في منطقة باب الزقاق ، ومكتبي والسيارة ، لكن لم تكف الضريبة عن ملاحقتي اينما ذهبت ، فعملت كسائق على سيارة لنقل البضائع وكنت كل يوم أذهب إلى مكتب الضريبة حتى يشاهدني رجال الضريبة وأقدم لهم تقريراً ، وعلى ما يبدو زهقوا مني ، فطلبوا مني الحضور مرة واحدة في الشهر لتقديم كشوفاتي ، وانا زهقت من ذلك ، فلجأت إلى عمل آخر حتى استقر بي المطاف جالساً خلف هذا المقود ، أنقل الركاب بين مدينتي بيت لحم والخليل . حال "رؤوف" لا يختلف عن حال الكثيرين من السائقين الذين اضطرتهم الظروف لهجر مهنتهم ، واللجوء لمهنة السياقة ، سعياً وراء لقمة العيش . |