وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

امريكا تخلت عن سياسة الدولار القوي لمضاعفة صادراتها وضرب الدول النامية

نشر بتاريخ: 23/04/2011 ( آخر تحديث: 23/04/2011 الساعة: 21:05 )
دبي - بيت لحم - رويتر - العربية نت - على مدى سنوات دأب وزراء الخزانة الأمريكيون على ترديد مقولة أن أمريكا ملتزمة بسياسة الدولار القوي. لكن مع هبوط العملة الخضراء لتقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق فإن إدارة الرئيس باراك أوباما تظهر هدوءا ملحوظا.

والمرة السابقة التي استخدم فيها وزير الخزانة تيموثي جايتنر تعبير "الدولار القوي" كانت في تشرين الثاني/ نوفمبر ونظرة على خطبه وقواعد البيانات الإخبارية تظهر أنه لم يقل شيئا يذكر تقريبا بشأن هذا الأمر منذ ذلك الحين.

ومن ناحية أخرى فإن أسعار الفائدة القياسية المنخفضة وبرنامج مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لشراء السندات وتضخم العجز في الميزانية وسياسة البيت الأبيض للاعتماد على قطاع التصدير في قيادة جهود خلق الوظائف كلها عوامل ساهمت في تراجع الدولار.

كل هذه العوامل جعلت عددا متزايدا من المستثمرين وخبراء العملة يعتقدون أن واشنطن تقبل بشكل مستتر انخفاضا تدريجيا لقيمة الدولار على أمل أن يساعد في انتعاش قوي بدرجة تكفي لأن يسترد الاقتصاد المنهك عافيته.

وقال ألن سيناي كبير الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة "ديسشن ايكنوميكس" الاستشارية في بوسطن "لا يوجد دليل واضح على ذلك في البيانات الرسمية أو في تعليقات كبار المسؤولين لكن في الواقع العملي فإن الولايات المتحدة تسمح إن لم تكن تساعد عن عمد في انخفاض الدولار".

وأضاف قائلا "الأسواق لن تشتري الدولار عندما تعرض أسعار فائدة صفرية ويكون لديك اقتصاد ينمو بحوالي ثلث معدل النمو في الصين.. ذلك خيار سهل أمام المستثمرين".

وهبط مؤشر الدولار -الذي يقيس قيمة العملة الأمريكية أمام سلة من عملات ست دول متقدمة- الخميس الماضي الي 73.735 وهو أدنى مستوى منذ آب/ أعسطس 2008 مما أثار توقعات بأنه ربما يتجه صوب أدنى مستوى له على الإطلاق البالغ 70.698 الذي هوى إليه في مارس آذار 2008 . وقفز اليورو الي أعلى مستوى في 16 شهرا فوق 1.46دولار.

وفي العام الماضي نفى جايتنر بشكل قاطع أنه ينهج سياسة تهدف الى إضعاف الدولار.

وأبلغ الصحفيين في نوفمبر بعد اجتماع لوزراء مالية مجموعة التعاون الاقتصادي لاسيا والمحيط الهادي في كيوتو باليابان "لن نستخدم مطلقا عملتنا كأداة لكسب ميزة تنافسية... يسعدني أن أعيد التأكيد مجددا على أن قوة الدولار تصب في مصلحتنا كدولة".

ورغم هذا فلا يمكن إنكار أن الأسواق المالية ترى أن الدولار يسير في مسار نزولي أمام العملات الأخرى، ومن المرجح أن يستمر ذلك.

وقال ديفيد جيلمور من مؤسسة اف.اكس اناليتكس في كونيتكيت "هذا مفهوم ضمنيا في دعوة الإدارة الى مضاعفة الصادرات والتي لا يمكن أن تحدث بدون هبوط الدولار".

ومما يبرز هذا الاعتقاد الضغوط المستمرة من الحكومة الأمريكية على الصين - الشريك التجاري الرئيسي لأمريكا- للسماح لقيمة اليوان بالارتفاع.

سياسة نقدية لا تدعم الدولاروتعود معظم الحجج القائلة بانخفاض الدولار -الذي هبط بنسبة 6.2 بالمئة منذ بداية العام أمام سلة من ست عملات رئيسية- الى سياسة مجلس الاحتياطي لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة لتحفيز تعاف هش من الأزمة المالية التي ضربت العالم في الفترة من 2007 الى 2009.

وهي سياسة قوبلت بانتقادات من القوى الاقتصادية الجديدة في أمريكا اللاتينية وآسيا التي تقول إن سياسة الولايات المتحدة النقدية تغذي التضخم العالمي وتلحق ضررا بالجهود الرامية لموازنة الاقتصاد العالمي.

وفي العام الماضي قال وزير المالية البرازيلي جيدو مانتيجا -وهو أستاذ سابق في علم الاقتصاد- "لاحظت أن هناك استراتيجية للولايات المتحدة والدول المتقدمة لزيادة الصادرات وتقليل الاختلالات في موازينها التجارية على حساب الأسواق الصاعدة".

وأظهرت تقارير قوية لأرباح الشركات هذا الأسبوع أن تراجع الدولار ساعد الشركات الأمريكية على زيادة مبيعاتها من منتجات مثل الأدوية والكيماويات والأغذية في الأسواق الأجنبية.

ولخص خبير اقتصادي سابق بالبيت الأبيض في إدارة أوباما -طلب عدم نشر اسمه- الأمر بقوله "لا أعتقد أن الولايات المتحدة تنهج بشكل قوي سياسة لإضعاف الدولار لكنني أستطيع أن أقول هذا.. حقيقةوهي أن أسعار الفائدة منخفضة وأن الولايات المتحدة تدفع بشكل نشط حوافز نقدية.. ذلك كان له أثر في انخفاض قيمة الدولار." وأضاف قائلا "تلك بالتأكيد آلية ستترتب عليها سياسة لإضعاف الدولار في الواقع العملي".

أوباما لايخشى هبوط الدولاروبالطبع فإنه من المستبعد أن يؤيد أحد من المسؤولين في إدارة أوباما بشكل رسمي إضعاف الدولار. لكن محللين يقولون إن السماح بانخفاض تدريجي للعملة الأمريكية ليس سياسة يخشى منها ما لم يتحول الهبوط الى سقوط.

وقال فريد برجستن مدير معهد بيترسون للأبحاث في واشنطن "إنه جزء ضروري من إعادة التوازن العالمي وإعادة التوازن المحلي بالنظر الى أن الولايات المتحدة وافقت على أنها بحاجة الى تقليل الاعتماد على إنفاق المستهلكين الذي يجري تمويله بالدين وزيادة الاعتماد على النمو الذي يقوده التصدير".

وفي الأسواق المالية يتوقع اللاعبون الرئيسيون أن يستمر انخفاض الدولار فيما يرجع جزئيا الى التشكك في أن أوباما ومعارضيه من الجمهوريين يقتربون من اتفاق على كيفية السيطرة على عجز الميزانية.

وقال محمد العريان رئيس إدارة الاستثمار بمؤسسة بيمكو -أكبر مستثمر في السندات- والتي تدير أصولا بقيمة 1.2 تريليون دولار "في غياب مشاكل في دول أخرى في العالم فإن التاريخ وعلم الاقتصاد يشيران الى أن السياسة المالية والنقدية الحالية لأمريكا ستضع ضغوطا مستمرة على الدولار".

ويحذر المستثمر البارز جيم روجرز من أن المستثمرين سيتوقفون عن شراء الأصول الحكومية الامريكية المتزايدة المخاطر حتى إذا ارتفعت العوائد من المستويات الحالية.

وقال روجرز لرويترز "في مرحلة ما على الطريق فإن الناس سيدركون أنه من المنافي للعقل إقراض المال لحكومة الولايات المتحدة لمدة