وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كان زمان ....

نشر بتاريخ: 28/04/2011 ( آخر تحديث: 28/04/2011 الساعة: 17:16 )
بقلم: عصري فياض

اذكر عندما كنت طفلا كيف كانت سيارة الجب المكشوفة التي كان يملكها محمود السعدي رئيس الهيئة الإدارية في مركز شباب مخيم جنين تنطلق وعليها مكبرات الصوت تنادي الجماهير في المدينة والمخيم من اجل مشاهدة المباريات، وكان ذلك الجيب المكشوف يواصل إطلاق النداءات لمدة ثلاثة أيام قبل المباراة، ونزحف نحن فتية وأطفال المخيم والمدينة برفقة الشباب وأعضاء الفريق إلى ملعب الترابي ألمسماه ملعب "أبو ساطي" التابع لبلدية جنين لنشاهد المباراة، كان الملعب مائلا بعض الشيء، وعندما تنتهي المباراة بضربات الجزاء وقد خيم الظلام، يأتون بسيارة ويوجهون شعاع أضوائها إلى المرمى ليتمكن اللاعب من تسديد ضربته، وعندما كنا نحقق الفوز ، كان الجميع يعود إلى مقر المركز فرحا بتنفيذ الوعد في تناول الكنافة للصغير والكبير، واذكر أيضا كيف كانت الإدارة تقرر تنظيم احتفال بحضور 18 شاعرا شعبيا وفرق مسرحية وفرق موسيقية كانت بدائية في ذلك الوقت وكنا نطلق عليها " العويدة"، وتستغل الحفلة لتحفيز المدعوين من وجهاء المخيم والمدينة للتبرع بعدد من الدنانير للمركز ليواصل مسيرته الرياضية

كان السعدي رئيس الهيئة الإدارية مقاولا، وغالبا ما يشارك بالتحضيرات بملابس العمل، يتمنطق بالشاكوش و"الحرجاية "، والابتسامة تعلوا محياه،فلا قلق، وكان أعضاء الهيئة الإدارية يتواجدون في المركز كل مساء، فهو ملاذهم الوحيد، يمارسون العاب كمال الأجسام ورفع الأثقال والملاكمة، وبعضهم تنس الطاولة

كان الفريق طلاب وعمال،عندما يفوزون بالكأس يتناوبون على استضافته ليلة عند كل منهم، أنهم جسم واحد، اذكر حتى بعد نجاحهم في امتحان الثانوية العامة، سافروا معا لتعليم في الخارج، واستقر بهم الأمر في عديد الدول العربية والأجنبية ولم تنقطع علاقاتهم ، اذكر أن المهاجم محمد أبو اليونس والمهاجم أبو العز الصفوري سافرا معا إلى بريطانيا، وألان أبو اليونس في الولايات المتحدة وأبو العز في بريطانيا، وكان معهم فترة من الفترات عامر سليمان، ولحق بهم جمال خريوش عضو الفريق وهو ألان مستثمر في الولايات المتحدة، وسافر إلى الأردن مازن حسينية والحارس الجدعون واحمد أبو الهيجاء من أعضاء الفريق، وبقي في المخيم كل من عبد العزيز أبو قطنة وجمال أبو صبيح وتوفي في المخيم منهم حارس المرمى محمد ألنورسي، وبقي أيضا من الفريق محمد خليل أبو سلطان..............

رغم أننا كنا صغارا ولم نكن ندرك كل ما يحيط بكرة القدم، ولم تكن هناك وسائل إعلام بالحجم الموجود ألان، ولم تكن هناك إمكانيات تساوي عشر الموجود ألان، إلا أن الرياضة كان لها طعم أجمل، اعتقد لأنها كانت متنفسا وحيدا، أو أنها كانت صافية الانتماء، وهي بوابة عريضة لإثبات الذات ، أعتقد أن ابتسامة محمود السعدي في ذلك الوقت قد تكون مفقودة ألان، هناك قلق حتى لو فزت، القلق كبير،القلق حتى لو تأهلت، فأنت كرئيس خائف من عدم إمكانية توفير متطلبات القادم، خائف أكثر من أسهم النقد، من الإخفاق في الصفقات التي تنجزها مع لاعبي الاحتراف، خائف من أن يصاب لك لاعب إصابة قوية تستنفذ منك نصف الميزانية، خائف لان الهيئة الإدارية معك ثلاثة أرباعها لا يعمل، ويهددك بالاستقالة صباح مساء،خائف من أن لا يعجب أعضاء الفريق الأول والثاني والناشئين والأشبال أنواع الأحذية الرياضية التي تحضرها لهم ، فالجميع أصبح خبير الآن بأفخر الماركات الأجنبية، وباقي الالتزامات التي لا تنتهي، بالمقابل الموارد قليلة وشحيحة قياسا من المصاريف.

وأنا أجزم أن ابتسامة محمود السعدي في مطلع السبعينات، لو أنها حفظت حينها في براد، وأخرجت ألان وفي هذا الوقت وعرضت للبيع لفاق سعرها ميزانيات عدة أندية مجتمعة .لأنها خلاصة "هداة البال" التي نفتقدها في كل مناحي حياتنا ومنها الحياة الرياضية.