وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المركز الفلسطيني للارشاد يكشف ابرز ملامح السياسات الاسرائيلية

نشر بتاريخ: 05/05/2011 ( آخر تحديث: 05/05/2011 الساعة: 15:09 )
القدس- معا- كشفت رنا نشاشيبي المديرة العامة للمركز الفلسطيني للارشاد عن ابرز ملامح السياسة الاسرائيلية الممنهجة لاستهداف النفسية والروح المعنوية للشعب الفلسطيني، سواء في القدس او في عموم فلسطين منذ الاحتلال والنكبة الاولى في عام 1948.

واوضحت انه بموازاة الحروب التقليدية التي شنتها اسرائيل للاستيلاء على الارض كانت هناك حرب نفسية تستهدف الانسان الفلسطيني أولا واخيرا في سياق المواجهة الكبرى مع الاحتلال على الارض وفي احقية وجودنا التاريخي والشرعي في هذه البلاد.

واضافت ان اسرائيل تدرك انه لا يمكن لها ان تكسب هذه الحرب بسبب الارث التاريخي والثقافي المزروعين والممتدين عميقا في هذه الارض العربية، خاصة ما دام الفلسطينيون مصرون على حقهم وعدم التنازل عنه.

واستشهدت نشاشيبي في هذا السياق بمقولة مشهورة عن بن غوروين اول رئيس وزراء اسرائيلي "فالعرب اي الفلسطينيين لن يستسلموا فيما اسماه ارض اسرائيل الا بعد ان يستولي عليهم اليأس الكامل يأس لا ينجم عن فشل الاضطرابات التي يثيرونها او التمرد الذي يقومون به وحسب وانما ينجم عن نمونا نحن اصحاب "الحقوق اليهودية المطلقة" في هذا البلد" ؟!، موضحة ان هذا يعني ان الاحتلال يستهدف ضرب القوة الموجودة في نفسية الانسان الفلسطيني ومحاولة دحر قوة المقاومة والمطالبة بالحقوق واستردادها، ومن هذا المنطلق فان السياسة الاسرائيلية ممنهجة بشكل دائم وهي تستهدف اشياء محددة.

وضربت نشاشيبي على ذلك بعض الامثلة منها الحواجز العسكرية التي لا يمكن ان تكون للحفاظ على "الامن" كما يدعّون لانه كانت دائما هناك طرق مواربة والتفاف عليها، ولكن الهدف الاول منها هو الاذلال من خلال المرور باجراءات تفتيش مذلة وقمعية وخلع ملابس ومهانة والاخطر ان المتعرض لها ينشغل دائما في كيفية تلافيها والالتفاف عليها وليس مواجهتها والتسليم بالتالي بالاسلوب الذي يفرضه الاحتلال مثلا على المواطن للوصول الى القدس، هذا اذا حصل على تصريح اساسا لمن لا يحمل هوية القدس، والتنكيد على حملة الهوية المقدسية والتنكيل بهم لحاجتهم الماسة للتواصل مع بقية ابناء شعبهم في المدن الفلسطينية الاخرى.

واشارت الى المتاهة التي يجسدها حاجز ايرز اللعين بين الضفة والقطاع بحيث يستهدف التحكم في سلوك الانسان الفلسطيني ومحاولة تنميطه والتنبؤ بتصرفاته مسبقا من خلال برمجة هذا السلوك ومعرفة ردات فعله وهو ما ينطبق على جدار الفصل العنصري الذي يعمل على خلق حالة – الغيتو- في النفسية الفلسطينية ويصبح مرام الانسان ان يتمكن من تدبير امر نفسه فقط بعزله عن التواصل مع المجموع العام لابناء شعبه ومحيطه الذي يعيش فيه ..! كما يخلق ضغطا على امكانية التفكير بحلول وبدائل مناسبة ومنع حالة التفكير المنهجي في وضع من الراحة بل اجبار الناس على التفكير تحت الضغط القاسي بحلول بدائية من خلال التحكم في تفكيرهم وتوجيهها بعيدا عن التفكير المبدع والخلاق واللجوء الى ردود أفعال اكثر عنفا تجاه ابناء مجتمعهم نفسه ونسيان المسبب الاساسي وهو الاحتلال وممارساته المنهجية وتحويل الغضب تجاه الاحتلال الى غضب داخلي في المجتمع الفلسطيني نفسه كما نلمس يوميا في كثير من مجالات الحياة..!


ونوهت نشاشيبي الى خصوصية القدس التي تعاني اضافة الى الهم العام من حالة اغتراب وضعت فيها خصوصا الشاب والطفل الفلسطيني من جراء سياسة ممنهجة تمثلت في اتاحة فرص العمل في عمر مبكر لاخراجهم من المدارس واشغالهم في امور حياتية تستنزفهم وتبعدهم تماما عن النضج الكامل وبلورة هوية وطنية وثقافية واضحة قادرة على الدفاع عن ذاتها..! وسابقا كانت التنظيمات والفصائل الوطنية قادرة على احداث عملية توازن في هذا المجال ولكن نشهد حاليا حالة تراجع خطيرة ومحزنة وبدأنا نلمس اثار هذه السياسة الاسرائيلية المبرمجة تنعكس على جميع تفاصيل الحياة في القدس التي تشهد أعلى نسبة زواج مبكر في فلسطين تصل الى 42% خاصة في داخل البلدة القديمة التي تتزوج فيها الفتاة دون سن 16 عاما.

واشارت الى ما تخّلفه هذه الظواهر من انعدام قابلية ودافعية التعليم لدى هؤلاء الاطفال الذين يربيهم عمليا اطفال مثلهم..! ورغم تأكيد نشاشيبي على انها ليست من الذين يعلقون كل شيء على شماعة الاحتلال او التقاليد الاجتماعية الموروثة الا انها اكدت ان اس البلاء فعلا في هذا الموضوع بالتحديد هو الاحتلال وسياساته قبل اي شيء اخر.

وتطرقت نشاشيبي الى سياسة هدم البيوت التي تخطف حالة الامان من العائلة الفلسطينية لما للبيت من رمزية الامان والعيش تحت سقف آمن..! ورأت ان هدم البيت يعني خلخلة كل كيان الاسر الفلسطينية وما ينجم عنه من أثار مدمرة بعيدة المدى على نفسية الاطفال وافراد العائلات ومشاكله النفسية والتعليمية و الاجتماعية.

وقارنت الهدم الذاتي للبيوت بالانتحار من حيث تحويل الاذى الى داخل الانسان بدلا من توجيهه الى المسبب الخارجي ..! كما اشارت الى ظاهرة اعتقال الاطفال وابعادهم عن بيوتهم والاثار النفسية الواضحة لها كما هو حاصل في سلوان.

وخلصت الى ان كل هذه الظواهر تشير بشكل جلي وقاطع الى سياسة منهجية اسرائيلية لتدمير النفسية الفلسطينية لتطويعها وجعلها سلسة الانقياد الى برامج ومخططات الاحتلال الرهيبة.

وتداخل الكاتب نبيل الجولاني بدعوته الى اعداد خطة مضادة لمواجهة احتلال كولونيالي من خلال اعتماد ما اسماه بعناصر الترشيد والتصويب والتهذيب والرعاية من خلال خطط وبرامج فاعلة ومؤثرة، فالتصويب يكون بتثبيت اركان المبنى وبناؤه بطرق خلاقة ومبدعة فيما تتطلب الرعاية تضافر كل الجهود الرسمية والمجتمعية لارساء دعائم صحيحة لتحقيق هويتنا وثقافتنا وعلى كل المستويات.

وتساءلت صباح بشير الناشطة النسوية في حقل المرأة والمجتمع عن طرق معالجة ظاهرة الزواج المبكر في ظل غياب الثقافة والوعي الكافي وكذلك كيفية السبيل لمواجهة العنف الاسري..؟

وطرح خالد الحسيني الخبير المجتمعي المقدسي امكانية وجود اثباتات ودلائل ووثائق تؤكد ما ذهبت اليه الباحثة والاخصائية النفسية اضافة الى طبيعة وتوجهات السياسة الاسرائيلية المعروفة والواضحة في هذا المجال ؟ وقال الكاتب محمد موسى سويلم ان كل الطرق تؤدي الى روما بمعنى ان الطرق الالتفافية الفلسطينية لتفادي الحواجز هي تصرف ذكي من الفلسطيني تجاه الحواجز العسكرية وتساءل عن دور مركز الارشاد في توعية طلبة المدارس ووضع حد لظاهرة أطفال الشوارع واين دور بقية المؤسسات ؟ ورأت الاعلامية ايمان القاسم ان المشكلة تكمن في الجيل الصاعد الذي لا يحظى باهتمام كاف في مجال الرعاية النفسية بعكس ما هو متوفر لدى الجانب الاخر.

وسألت عن امكانية بناء برنامج عمل منظم ومدروس ليس عشوائيا للتعامل مع هذه الشريحة من جانب الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين ؟ وتساءل الكاتب عيسى قواسمي عن دور المؤسسات المقدسية في غياب دور التنظيمات لمنع ظاهرة انحراف الشباب وتقليدهم الاعمى لنماذج حياة الاسرائيليين..؟ ونوهت الكاتبة الصحفية ريم المصري الى الصدمة الثقافية التي يمر بها المجتمع المقدسي وهل هي دائمة ام عابرة وطبيعة الحلول المقترحة للخروج منها ؟ وتساءل المهتم بالشأن الثقافي والرياضي محمد زيادة عن وجود دور رسمي يمارسه مركز الارشاد الفلسطيني في القدس.

في حين طرح المرشد التربوي راتب حمد مدى تأثير الجانب الاسرائيلي عليهم كمرشدين في ظل هرولة المدارس الخاصة الى وزارة المعارف الاسرائيلية في هذا الشأن؟ وسألت الفنانة نيفين الصاوي عن مدى المساهمة في مساعدة النساء المعنفات ؟
تلخيص سريع
ولخصت نشاشيبي ردودها على المتداخلين والمتسائلين بأن ما ينقصنا هو التفكير الجماعي وحالات التشبيك المجتمعي والنظر الى الصورة العامة والكبيرة والبحث عن الحلول مع اعطاء كل واحد دوره في فريق العمل الواسع والكبير ، فلو تم ذلك لحصلنا بالتأكيد على نتائج افضل؟ فالخوف من اعطاء افكارنا والتقوقع والانانية المفرطة وغياب التحرك الجماعي والفكر والعمل المشترك يضعفنا لذلك لا بد من تعزيز العمل والفكر المشترك لتحقيق المصلحة العامة للجميع.

وقالت ان احد الحلول هي التربية الصحيحة في المدارس والضغط على الصناديق الصحية للقيام بدورها في تأمين الصحة النفسية.

وذكرت بعض البرامج التي ينفذها المركز مثل برنامج شباب في ضائقة وهو يستهدف مدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والمعارف البلدية كذلك لان معظم المشاكل تنبع من مدارس المعارف التي تشكل 78% منها.

كما نعمل على حل المشكة قبل تفاقمها لمنع التسرب من المدارس على سبيل المثال ولكن هذا يحتاج الى نهج وطني عام وتضافر الجهود والتوعية في وسائل الاعلام ووضع المشاكل في سياقها العام بعيدا عن الفردية حتى يحس الناس بمدى خطورتها وضرورة العمل على مواجهتها.

وقالت انه يبدو لا حل في الافق لظاهرة اطفال الشوارع والمتسولين؟ ونوهت الى برنامج فريق التدخل في الازمات بالتعاون مع جمعية الشبان المسيحية الذي يقدم خدماته في الشيخ جراح والعيسوية وسلوان في الفترة الاخيرة.

وقالت ان المشاكل النفسية كثيرة وعدد الاخصائيين محدود ولكننا نعمل بشكل جيد في المناطق الساخنة مثل الشيخ جراح وسلوان والعيسوية وغيرها لتقديم نوع من الدعم والحماية.

وذكرت ان مركز الارشاد بدأ العمل عام 1983 في القدس وهو مسجل رسميا ويعمل به اخصائيون رسميون مرخصون.

ورأت ان السلطات المحتلة وفق اتفاقية جنيف الرابعة مسؤولة عن تقديم الخدمات لمن يقع عليه الاحتلال ولكن ليس معنى هذا القبول بالسيادة الاسرائيلية على القدس.

وادار الحوار محمد زحايكة رئيس نادي الصحافة في القدس.