|
"الترانسفير" الصامت..يباعد بين الاحبة .. ويشتت شمل العائلات
نشر بتاريخ: 19/09/2006 ( آخر تحديث: 19/09/2006 الساعة: 14:17 )
رام الله- معا- بسام الكعبي- أثار الدكتور عادل سمارة ضحكاً مراً بين جمهور ندوة عنوانها: "منع الدخول يساوي الابعاد" عندما قال: لو كنت أعرف أن زوجتي عادت من الولايات المتحدة الى فلسطين قبل أكثر من ثلاثين عاما بتأشيرة دخول مدتها ثلاثة أشهر لما عشقتها وتزوجتها وأنجبت منها وأصبح لنا أحفاد.. فانفجر الجمهور ضاحكاً، وأكمل ساخرا بمرارة قاسية أنه ربما الوحيد المُطَلَق قسراً بقرار اسرائيلي.
وأشعل سخط وغضب الحضور لدى اجراء مقارنة حالته بقضية الجندي الاسرائيلي المعتدي والمحتجز في غزة جلعاد شاليط والذي يحمل الجنسية الفرنسية عندما استنفرت كل طاقم حكومة فرنسا، وخلفها حلف الناتو، للدفاع عن أحد مواطنيها المستخدم في جيش محتل بينما تتجنب القنصليات الاجنبية اثارة قضية الطرد الصامت والناعم من الضفة والقطاع لحاملي جنسياتها من أبناء الشعب الفلسطيني. تزوج عادل من عناية أواسط عام 1975 بعد أن قررت العودة من الولايات المتحدة والاستقرار في رام الله مسقط رأسها، وطوال 31 عاما تقدم عادل بعشرة طلبات جمع شمل لاقت جميعها الرفض فيما حافظت زوجته على مغادرة الضفة كل ثلاثة أشهر لضمان تجديد تأشيرة دخولها على جواز سفرها الاميركي، وعند عودتها آخر مرة مطلع صيف العام الجاري رفضت سلطات الاحتلال على جسر"الكرامة" منحها تأشيرة عبور، فظنت أن في الأمر خطأ تقنياً وبرمجياً وربما تشابه الاسماء واختلاط المعلومات، عادت الى عمان وحاولت مع زوجها وابنيّها ومحاميها انتزاع تصريح بعودتها لكنها فشلت، لم تصدق الأمر وهي التي غادرت الضفة نحو125 مرة التزاماً بقانون ظالم، وحتى لا يستخدم تجاوزها مرة واحدة فقط ذريعة لالغاء تأشيرتها وبالتالي تشريد أسرتها، وتكشف مؤخرا أن الاجراء مبيت يستهدف حملة الجوازات الاجنبية متزامناً مع عقاب دولي واقليمي وعربي وحتى محلي للشعب الفلسطيني على خياره الديمقراطي بتحديد نتائج الانتخابات عبر صندوق الاقتراع،وعندها قررت عناية المغادرة الى شيكاغو حيث تقيم شقيقتها واضطر ابناها يزن وسمر السفر الى الاردن لتوديعها. اعترفت سمر بعد عودتها أن والدتها شاخت عشر سنوات خلال شهر قضته بعيدا عنهم فيما هاجم الحزن ملامح يزن وهو يروي قصة دموع أمه التي لم تتوقف طوال أيام مكوثهم قربها لتزداد غزارة اثناء الطريق الى المطار ربما كانت ترتجف من غموض رحلتها على متن طائرة تقطع بها المحيط الاطلسي باتجاه الغرب.. ولم يجرؤ يزن على تذكر لحظة الوداع القاتلة. قصة أسرة سمارة واحدة من آلاف حكايات العائلات المقيمة التي تستهدفها الاجراءات الاسرائيلية منذ مطلع الصيف الحالي وباتت تهدد فعلياً تماسك خمسين الف أسرة فلسطينية استقرت واستثمرت في الوطن بعد اتفاقيات اوسلو التي تركتهم في مهب الريح، ويخشى أن بعضها حزم حقائبه واضطر للمغادرة قسراً..أية قوانين بغيضة تمتلك حق تحطيم أفراد الاسرة وتشتيت شملها؟ لمعت مؤخرا نواة جمعية أهلية تزايد نشاطها لمواجهة اجراءات الاحتلال وفضح انتهاك الحقوق الاساسية والاحتجاج قانونياً، ونظم التجمع عدة لقاءات مع المؤسسات الحقوقية وندوات ومذكرات اعتراض قضائية كان آخرها منتصف أيلول الجاري دعوة وسائل الاعلام للقاء ذوي المتضررين بمبادرة جمعية "باسيا" المقدسية.. واضح أن الجمعية في بداية مشوارها الطويل لمواجهة مستوى جديد من الترانسفير الصامت، وهي تحتاج لاسناد وطني رسمي وشعبي ومؤسساتي واعلامي وقانوني لانجاز مهامها. |