|
منذ عام 1948 - اسرائيل تعتقل اكثر من 800 الف فلسطيني
نشر بتاريخ: 13/05/2011 ( آخر تحديث: 13/05/2011 الساعة: 16:33 )
غزة - معا - كشف الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، عن أن الفترة الممتدة من نكبة الشعب الفلسطيني سنة 1948 وحتى استكمال الإحتلال الإسرائيلي سنة 1967 ، كانت الأكثر إجراماً بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب ، كونها اتسمت باعتقالات عشوائية واحتجاز جماعي في معسكرات ، واعتمدت على التعذيب الجسدي وإلحاق الأذى الجسدي المباشر بالمعتقلين ، في ما شكَّل الإعدام الجماعي والمباشر للأسرى والمعتقلين ظاهرة هي أخطر ما اتصفت به تلك الفترة .
وعشية احياء ذكرى النكبة ، قال فروانة :" بإنّ تلك الفترة وما تخللها من فظائع بحق الأسرى والمعتقلين بقيت منسية ومهمّشة من قبل المؤسسات الحقوقية والإنسانية وتلك التي تُعنى بالأسرى وأيضاً من قبل وسائل الإعلام، ولم تحظَ باهتمام يُذكر سوى ما ندر في التوثيق والدراسات، ولم تُمنح مساحات كافية أو حتى جزئية في وسائل الإعلام لتسليط الضوء عليها". وتابع فروانة أنّ بعض المعنيين والمهتمين بقضايا الأسرى اكتفوا ببعض العبارات في إشارة منهم لتلك الفترة، دون التعمق بالجوهر والمضمون، وأنّ الجميع بات يتحدث بإسهاب وتركيز أكبر حول الاعتقالات والشهداء الأسرى منذ سنة 1967، وكأنّ معاناة الأسرى وسجل الاعتقالات وما صاحبها قد بدأت منذ ذلك التاريخ، وهذا خطأ فادح يجب تداركه وتجاوزه". وأضاف الباحث في الذكرى الثالثه والستين للنكبة الفلسطينية، أنّ مجمل حالات الاعتقال التي سُجِّلت منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم، قد بلغت قرابة( 800 ) ألف حالة اعتقال، وأنّ الاحتلال الإسرائيلي ومنذ سنة 1948 انتهج الاعتقالات سياسة واعتمدها منهجاً وسلوكاً يومياً ثابتاً، ووسيلة لإذلال المواطنين والانتقام منهم وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بهم وبأسرهم، واستخدم بعضهم في كثير من الأحيان دروعاً بشرية، وتمّ إعدام الكثيرين منهم بشكل فردي وجماعي وبطريقة مباشرة وغير مباشرة، في ما اعتقل أمهات وآباء وزوجات وأشقاء للمساومة والابتزاز والضغط. وأكد فروانة أنّ تلك الاعتقالات أضحت ظاهرة يومية، حيث لا يمرّ يوم واحد إلاّ وتُسجّل فيه حالات اعتقال، في ما لم تقتصر على فئة محددة أو شريحة معينة، بل طالت الجميع دون استثناء ذكوراً وإناثاً، أطفالاً وشيوخاً، مرضى وجرحى، وغيرهم. وبيّن الباحث الفلسطيني بالمعطيات العددية، أنّ قرابة 100 ألف حالة اعتقال سُجِّلت خلال الفترة الممتدة مابين سنتي 1948– 1967، وقرابة 420 ألف حالة اعتقال منذ سنة 1967 وحتى الانتفاضة الشعبية السابقة عام 1987، ثمّ خلالها (كانون الأول) ديسمبر 1987 ولغاية منتصف 1994) سُجِّلت قرابة 210 ألف حالة اعتقال. ومضى فروانة إلى القول :"واضح أنّ الاعتقالات قد تراجعت بعد توقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية منتصف أيار (مايو) 1994، حيث لم تُسجّل سوى عشرة آلاف حالة اعتقال منذ ذلك التاريخ ولغاية أيلول (سبتمبر) 2000، وهو موعد اندلاع انتفاضة الأقصى، ولكنّ معدل الاعتقالات عاد وارتفع بشكل كبير منذ ذلك الوقت، حتى وصل إجمالي عدد حالات الاعتقال خلال انتفاضة الأقصى (أيلول )سبتمبر 2000 ولغاية منتصف (ايار ) مايو عام 2010) إلى أكثر من 70 ألف حالة اعتقال. وكشف فروانة النقاب عن أنّ الاحتلال زجّ هؤلاء المعتقلين في معسكرات وأماكن احتجاز وتوقيف ورثها عن الانتداب البريطاني والحكم الأردني وتم توسيع بعضها سنة 1970، وفي وقت لاحق شيّد عدداً من السجون والمعتقلات بمواصفاته الخاصة، وهذه منتشرة جغرافياً على طول الوطن وعرضه ووصل عددها الإجمالي إلى ما يقارب من عشرين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، وغالبيتها العظمى تقع الآن في أراضي احتلت سنة 1948، ورغم تعدّدها فهي سجون واحدة من حيث المضمون والأهداف، وفق توضيحه. وبيّن فروانة أنّ معدل الاعتقالات لم يكن ثابتاً كما هو موضّح، وإنما سار بشكل متذبذب، كما أنّ أشكال الاعتقالات هي الأخرى تبدّلت وتغيّرت، وظروف الاحتجاز اختلفت من فترة لأخرى، حتى أنّ أشكال التعذيب طُوِّرت واستحدثت، فسلطات الاحتلال دائمة البحث عن أشكال وأساليب أكثر انتهاكاً لحقوق الأسرى، واستحداث أساليب أكثر ألماً وقسوة وتضييقاً عليهم، وليس العكس، وأن أوضاع الأسرى تسير من سيئ إلى أسوأ"، على حد تأكيده.وأوضح عبد الناصر فروانة أنّ بعض المراحل اعتمدت على الاعتقالات والتعذيب، فيما اعتمدت مراحل أخرى على التصفية والإعدام بشكل فردي أو جماعي، ولهذا اختلفت معدلات الاعتقالات من فترة لأخرى. واعتبر الباحث الفلسطيني أن ّالفترة التي أعقبت النكبة سنة 1948 ولغاية سنة 1967 كانت الأسوأ والأكثر شراسة ، فقد اتسمت بالاعتقالات الجماعية واحتجاز في معسكرات أعدت خصيصاً لذلك، فيما نُقل نفر قليل منهم إلى بعض السجون التي ورثها الاحتلال عن الانتداب البريطاني. كما تميّزت تلك المرحلة بالاعتماد على التعذيب الجسدي بهدف إلحاق الأذى المباشر والمتعمد بصحة المعتقلين، والاعتماد على الطرد والتهجير والإبعاد الجماعي للأسرى والمعتقلين، والإعدام الجماعي لمجموعات كبيرة من المواطنين بعد اعتقالهم والسيطرة عليهم، وإعدام بعض المواطنين الناجين من المجازر والهاربين من مسارح المذابح، بعد توقيفهم واحتجازهم لدقائق أو ساعات، وعلاوة على ذلك فقد تم آنذاك دفن أسرى ومواطنين جرحى وعزّل وهم أحياء في حفر صغيرة وكبيرة بعضها حفر خصيصاً لهذا الغرض، علاوة على ظاهرة "الإعدام الجماعي والمباشر للأسرى والمعتقلين، فقوات الاحتلال كانت تتلذذ في تلك الفترة بإعدام الأسرى، على حد تعبيره. وأكد فروانة أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتمدت سياسة قتل الأسرى الفلسطينيين والعرب منذ النكبة ولم تتخلَ عنها، بل هي مستمرة في انتهاجها حتى يومنا هذا، والفرق بأشكال الإعدام وطرقه وأساليبه. واضاف فعقب النكبة اعتمدت تلك السلطات الإعدام الجماعي المباشر ، وبعد سنة 1967 اعتمدت الإعدام الفردي المباشر وأعدمت العشرات من الأسرى بعد اعتقالهم وإلقاء القبض عليهم، وكذلك الإعدام الجماعي غير المباشر من خلال منظومة من الإجراءات والقوانين وقائمة من الانتهاكات تتبعها داخل سجونها ومعتقلاتها بهدف قتل الأسرى معنوياً ونفسياً وان أمكن جسدياً، أو توريثهم أمراضاً خطيرة ومزمنة تبقى تلازمهم لما بعد التحرر وتكون سبباً بوفاتهم، طبقاً لتوثيقه. وبيّن فروانة أبرز الطرق والأساليب التي تنتهجها قوات الاحتلال في إعدام الأسرى بشكل فردي منذ العام 1967، فقد شملت إطلاق النار مباشرة ومن مسافة قريبة جداً صوب المعتقل بعد استسلامه والسيطرة الكاملة عليه، وتحت ذريعة أنه حاول الاعتداء عليهم أو حاول الهروب وفي أحياناً كثيرة تم قتلهم وهم نيام، والضرب والتنكيل المباشر والاعتداء الجسدي على المعتقل وقبل نقله لمركز تحقيق حتى الموت. كما تشمل هذه الوسائل الامتناع عن تقديم العلاج للأسير الجريح وعدم السماح لطواقم الإسعافات الفلسطينية أو الدولية من الوصول إليه وعلاجه، وتركه ينزف حتى الموت، واستخدام المعتقلين دروعاً بشرية مما عرّض حياتهم للخطر والموت، علاوة على التحقيق مع الأسرى الجرحى عقب أسرهم مباشرة أو في المشافي وتحت أنظار وبعلم الأطباء والضغط عليهم وتعذيبهم ومساومتهم، ومن ثم قتلهم عمداً انتقاماً منهم، أو أنهم توفوا متأثرين من ذلك. ومن بين الأساليب التي اتبعتها سلطات الاحتلال في هذا الصدد اقتحام المشافي والمراكز الصحية، واختطاف الجرحى والمرضى من على الأسرة أو من داخل سيارات الإسعاف والتحقيق معم وتعذيبهم وقتلهم، بالإضافة إلى نقل الأسير إلى مراكز التحقيق وممارسة الضغوط عليه وتعذيبه بهدف القتل ومن ثم الإدعاء بأنه انتحر أثناء التحقيق، أو أخذ الأسير إلى مكان بعيد وإطلاق النار عليه والإدعاء بأنه حاول الهروب من السجن أو من قوات الاحتلال أثناء الذهاب مهم لإرشادهم على مكان السلاح. واستحضر فروانة في تقريره بعض الشهادات والوثائق نشرتها وسائل إعلام اسرائيلية ، ضارباً مثلاً مجموعة الصور التي نشرتها صحيفة يديعوت العبرية خلال العام 2009 والتي أظهرت قوات اسرائيلية وهي تعدم أسيرا فلسطينياً مقيد اليدين على يد العصابات الاسرائيلية رميا بالرصاص ، مما دفع الكاتب الإسرائيلي " جدعون مرون " للكتابة على صفحات صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية ويؤكد أن سياسة اعدام الأسرى هي سياسة قديمة قائلاً " هذه هي المرة الاولى، اغلب الظن، التي تنشر فيها سلسلة صور تقشعر لها الأبدان لاعدام عربي على أيدي اسرائيليين ، وتوثق لحظات أخيرة لحياة هذا الأسير . وأشار الباحث إلى الفيلم الوثائقي الذي أثار جزئية يصعب تكذيبها وكشف كيفية اعدام جماعي لجنود مصريين بعد أسرهم والسيطرة عليهم وتجريدهم من سلاحهم ، خلال حرب 1956 . وذكَّر فروانة الصحفي الاسرائيلي "أوري بلاو" وتصريحاته لصحيفة كول هعير عام 2003 بقيام مركز الشاباك الاسرائيلي في منطقة نابلس بقتل اثنين من المطلوبين رغم أن المهمة التي أوكلت للجيش هي الاعتقال فقط. كما أشار فروانة إلى أن صحيفة هآرتس العبرية نشرت يوم 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2006 عن قيام الجيش الاسرائيلي باطلاق النار على جريحين في قرية اليامون قضاء جنين وهما سليم أبو الهيجا ومحمود أبو حسن حيث تم اعدامهما ( 9-11-2006 )وهما جريحين عديمي الحيلة كما قالت الصحيفة. وناشد كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية ومراكز الدراسات والتوثيق ووسائل الإعلام المختلفة إلى العمل الجاد والحثيث من أجل توثيق تجربة الاعتقال بكافة مراحلها وأشكالها وما صاحبها من انتهاكات وجرائم ، وإبلاء الفترة الممتدة من نكبة 1948 وحتى احتلال عام 1967 الأهمية التي يجب أن تستحقها . ودعا فروانة إلى تركيز التوثيق والرصد على جرائم قتل الأسرى الجماعية والفردية منذ العام 1948 ولغاية اليوم ، باعتبارها جرائم حرب وفقاً لكافة القوانين والمواثيق الدولية ، والاستفادة من الفيلم الوثائقي والصور والتقارير إلي نشرتها وبثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية ، بالإضافة إلى الشهادات الفلسطينية ، والاستناد إليها في ملاحقة مقترفي تلك الجرائم وصولاً إلى محاسبتهم ووضع حد لها . |