وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شؤون الأسرى تلقي الضوء على قضيتهم في ذكرى النكبة

نشر بتاريخ: 15/05/2011 ( آخر تحديث: 15/05/2011 الساعة: 12:12 )
رام الله- معا- سلطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على واقع المعتقلين الفلسطينيين والعرب خلال حرب 1948، وذلك بمناسبة الذكرى أل 63 للنكبة، واعتبرت الوزارة أن هذه الفترة ظلت غائبة من التوثيق والتأريخ وأن تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة يجب أن يبدأ من هذه الفترة.

وقال التقرير أن الرواية الإسرائيلية تطرح خطابا تضليليا ومخادعا في تفسيرها لأسباب الحرب والنكبة وتهجير الفلسطينيين لإعطاء شرعية سياسية ودينية وقومية لاحتلالها لأرض فلسطين وتشريد شعبها بالقوة والبطش والمذابح، وما دل على ذلك ان معظم الكتابات الإسرائيلية تجاهلت خلال تناولها لموضوع حرب 1948 قضية حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل عام وقضية الأسرى بشكل خاص...

ولم يظهر بوضوح في الدراسات التي تؤرخ النكبة أي دور واضح للصليب الأحمر الدولي، وربما لا يوجد أي توثيق حول أسرى الحرب في هذه الفترة وحتى انه لم يكشف عن أية وثيقة أو بيانات صادرة عن الأمم المتحدة بهذا الشأن مما يعني أنه خلال حرب 1948 جرت جرائم كثيرة واعتقل الآلاف واعدم المئات من الأسرى وفقد الكثيرون منهم في غمرة الحرب وظلت أسماؤهم مجهولة ولم يعرف مصيرهم حتى الآن...

لقد انتهت حرب 1948 بعد ان استكملت إسرائيل سياسة التطهير العرقي للفلسطينيين بإقامة دولتها اليهودية على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي طرد بقوة الاحتلال من أراضيه ومنازله وشرد في بقاع الأرض لتظهر الحقائق الأولية أن عدد الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين بقوا محتجزين في معسكرات الاحتلال ما يقارب 9000 معتقل فلسطيني وعربي وللأسف هذا الرقم كشف عنه بن غوريون في مذكراته مع أنني اعتقد ان العدد يزيد بكثير عما.
والمصادر التي معظمها إسرائيلية أظهرت أن الأسرى قد احتجزوا في خمسة معسكرات اعتقال من بينها عتليت وصرفند وفي سجون ورثها الاحتلال الإسرائيلي عن الانتداب البريطاني وكثيراً ما أقيمت معسكرات اعتقال مؤقتة في القرى العربية التي تم طرد السكان منها واحتلالها مثل "قرية ام خالد" (نتانيا).

وكشفت اتفاقية رودس المتعلقة بتوقيع اتفاقية الهدنة الثانية في تشرين الثاني 1948 تحت إشراف الأمم المتحدة عن وجود أسرى حرب محتجزين لدى الإسرائيليين حسب المادة العاشرة من الاتفاقية التي دعت إلى تبادل الأسرى.

لم تذكر الدراسات بوضوح عن عمليات تبادل للأسرى الا ما أشار إليه موشي ديان في مذكراته معترفاُ أن عدد الأسرى العرب يفوق بنسبة تتراوح بين 10 مرات و 100 مرة عدد الأسرى اليهود لدى العرب.

وحسب ديان فان عدداً من الأسرى اليهود لدى الأردن قد أطلق سراحهم قبل اتفاقية رووس وعددهم 670 إسرائيليا لدوافع إنسانية من الملك عبد الله ولم يذكر ان أسرى فلسطين وعرب قد أطلق سراحهم بالمقابل.

وقال تقرير الوزارة أن الحديث عن وجود أسرى قد بدأ بعد النكبة وقيام ما يسمى دولة إسرائيل واعتراف الأمم المتحدة بها، في حين أن مأساة الأسرى الحقيقية كانت خلال سنوات الحرب حيث كانت العصابات والمليشيات الصهيونية وعلى رأسها الهاغاناة هي التي تقود المعارك وكانت مجردة من أي بعد رسمي وأخلاقي وأنساني في تعاملها مع الأسير الفلسطيني وهي عصابات إرهابية كان هدفها القتل والتدمير والطرد وكانت تعتبر ان أي عربي هو مشبوه يستحق الموت.

إضافة إلى ذلك ان هذه المليشيات الإرهابية التي قادت معارك إسرائيل ضد العرب لم تكن تفكر في بناء سجون ومعسكرات للاعتقال وكانت متحللة من أي التزام رسمي وقانوني اتجاه حقوق الأسرى والمدنيين حتى أن الحكومة البريطانية كانت تعتبرها منظمات إرهابية خارجة عن القانون.

وكان واضحاً ان معظم الأسرى الذين احتجزتهم المليشيات الصهيونية هم من السكان المدنيين والذين اقتلعوا وشردوا من قراهم أو القي القبض عليهم أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم.

لم يكن هناك سياسة للاعتقال في حرب 1948 من قبل الإسرائيليين، بل كانت عملية التخلص من الأسرى وإعدامهم هي السياسة القائمة بشكل أساسي، وهذا ما كشفت عنه العديد من الحقائق الموثقة عن إعدامات جماعية للسكان المدنيين بعد إلقاء القبض عليهم.

ويبدو أن العدد الكبير من السكان المشردين والهائمين والهاربين من المجازر والذين القي القبض عليهم قد اضطر القادة الإسرائيليين إلى اللجوء فيما بعد إلى بناء معسكرات اعتقال واحتجاز قائمة على أساس ان إطلاق سراح أي أسير أو التخلص منه يحتاج إلى مصادقة من ضابط استخبارات أي أن هذه المعسكرات استخدمت لإتمام عمليات فرز للأسرى وقد جرت إعدامات سريعة نفذت بدون محاكمات حيث كان ضباط الاستخبارات المشرفون عليها يطاردون الناس باستمرار منذ لحظة وصولهم إلى معسكرات الاعتقال.

وكان يشرف على هذه المعسكرات أعضاء من عصابات "الأرغون" و "شيترن" و "الهاغاناة" مما يوضح طبيعة المعاملة القاسية والسيئة التي كان يتلقاها الأسرى في هذه السجون.

وقد وصف ضابط في الجيش الإسرائيلي ما شاهده في أحد معسكرات الاعتقال في تلك الفترة بأنه كان سلوكاً بربرياً ووحشياً...

الوقائع تثبت أن المنهجية التي حكمت سلوك العصابات الصهيونية المسلحة عند إلقائها القبض على الأسرى سواء كانوا مدنيين أم عسكريين هو فرزهم وتصنيفهم ما بين طرد أو الإعدام أو الاعتقال وهذا ما جرى لسكان قرية دير ياسين في نيسان 1948 عندما قامت هذه العصابات بجمع سكان القرية في مكان واحد وقتلوهم بدم بارد وانتهكوا حرمة أجسادهم.

وعندما احتلت قرية "غور أبو شوشة" قضاء صفد من قبل "العصابات الصهيونية" قامت بعملية فرز السكان القرويين حيث أرسل الشبان ما بين سن العاشرة وسن الثلاثين إلى معسكرات الاعتقال اما الباقي منهم طردوهم إلى لبنان.

وهذا أيضاً ما جرى لقرية عين الزيتون قضاء صفد عندما أحضر رجال الهاجاناة مخبراً مغطى الرأس أخذ يتمعن في الرجال المصفوفين في ساحة القرية وتم التعرف على الأشخاص الذين كانت أسماؤهم مكتوبة في القائمة المعدة سلفاً ومن ثم أخذ الرجال الذين تم اختيارهم إلى مكان آخر واعدموا... ، وما جرى في عين الزيتون جرى في الطنطورة والدوايمة وغيرها....

وقد أُستغل الأسرى الفلسطينيون في أعمال سخرة من القيادة العسكرية الإسرائيلية وأنشئت لهذا الغرض ثلاثة معسكرات وقد استخدم الأسرى في أي عمل من شانه أن يقوي الاقتصاد الإسرائيلي وقدرات الجيش.

وحسب روايات شهود فان العمل في هذه المعسكرات كان إجباريا قسم منه كان في مقالع الأحجار وحمل الأحجار الثقيلة وقسم آخر كان في بعض الصناعات التي يعود منتوجها للجيش الإسرائيلي.

وتشير الحقائق والوقائع ان العصابات الصهيونية قامت بعمليات اغتصاب للنساء الفلسطينيات والاعتداء عليهن بعد إلقاء القبض عليهن وغالياً ما يتم قتل النساء بعد اغتصابهن وتحدث شهود عيان عن الطريقة القاسية والمهينة التي كانت النساء يجردن بها من مصاغهن ومضايقتهن جسدياً بعد اعتقالهن.

ان ما جرى في حرب 1984 من معاملة قاسية للأسرى والسكان المدنيين تعتبر جرائم حرب وانتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني، وللأسف فان مجرمي هذه الحرب ظلوا طلقاء وبعضهم تقلد مناصب عليا وقاد دولة إسرائيل فيما بعد...

وعبر الأدب والثقافة العبرية عن النزعة العسكرتارية الانتقامية وتجريد الصفة الإنسانية عن كل ما هو عربي والتي سادت في صفوف الجيش الإسرائيلي وعصاباته خلال حرب 1948 والطريقة الوحشية التي عومل بها الأسرى العرب.

والوصف العسكري الأكثر وضوحاً في الأدب فهو سلوك "تورد فيغيت" في أدب الأطفال في كتاب "يوسي غليت" " الصديق من أبو حمام" حيث جاء فيه: " في هذه المرة لن يعفى عن الأسرى اقتلوهم جميعاً... في ذلك اليوم لم يهتم فينغنيت بالقبض على أسرى فكل من حاول الهروب وكل من شوهد يطلق النار أو يحمل السلاح أطلق عليه النار وقتل ".

ويمثل الشاعر والكاتب الإسرائيلي "حاييم غوري" جيل حرب الـ 48 إلى جانب كتاب آخرون يصفون في كتبهم أحداث الحرب وأجواءها وفيها فيروس نزعة الإنسانية الوحشية العسكرية التي تحدث في الحرب.

ففي كتاب "حتى طلوع الفجر" الذي صدر عام 1950 نقرأ عبارات تعبر عن احتقار للأسرى وللعرب بقوله "خرج الثلاثة لضرب المصريين فبقي على أسرى وبقايا عدو أكواماً أكواما".

وأشار الكاتب أنه وقعت خلال الحرب أعمال سرقة ونهب أملاك غائبين وإصابة أبرياء وقتل أسرى حرب.
أما الكاتب "يزهار سميلنسكي" في كتابه "الأسير" يصف عملية تحقيق جرت مع أسير عربي وقع في قبضة الإسرائيليين في الحرب بقوله:
"الم أعرف كيف انطلقت ركلة قدم سريعة ومن مسافة قريبة، نزلت على الرجل الذي كنا نحقق معه، كان معصوب العينين، فصرخ مذهولاً ثم سقط على الطاولة... اذا أردت أن تسمع الحقيقة فاضرب اضرب فربما هناك حقائق لم يقلها... إضافة إلى ذلك فان الاغيار معتادون على الضرب".

ويتحدث الكاتب ببنيامين تموز عن معاملة الأسرى في قصته " مسابقة في السباحة" وفيها وصف لحوار المحققين الذين قاموا بعملية إعدام أحد الأسرى الفلسطينيين أو العرب الذين القي القبض عليهم واسمه عبد الكريم:
((وهل ممكن أن يفيدنا بمعلومات مهمة سأل.

قلت ربما...
وقال لكن دعني اصفي معه حساباً قديماً وفي تلك اللحظة سمعت طلقة عبر البيارة توقف قلبي عن الخفقان... عرفت أن عبد الكريم قد قتل... )).
ويطرح الكاتب "ا.ب "يهوشواع" في كتابه "إزاء الغابات" مشكلة اللاجئين والقرى العربية المهدومة ومعاملة الأسرى اللا إنسانية الناجمة عن الحرب والعسكرة فيصف عمليات التعذيب خلال التحقيقات مع الأسرى بقوله:
"يصل الرجل مع ابنته يرافقهما شرطيان يجلسان على حجر ويبدآن التحقيق لمدة ساعات وترتفع الشمس وسط السماء... أنه جائع وظمآن... المحققون يأكلون شطائر كبيرة دون أن يقدموا له لقمة واحدة... في ساعات الظهر يتبدل المحققون ويأتي اثنان يبدآن كل شيء من جديد... في الساعة الثالثة انكسر بين أيديهم مثل عودٍ طري".

وتحدث كثير من الكتاب الإسرائيليين عن عمليات النهب والسرقة التي قامت بها العصابات الصهيونية للقرى والمدن، ووصل الامر إلى سرقة الأسرى بعد قتلهم وإعدامهم.

ففي كتابه " المعركة " يصف " ياريف بين اهرون" حرب سيناء وسلوك الجنود مع الأسرى بقوله:
"أنني أخلع من فم ضابط مصري أسنان الذهب التي لا فائدة منها... عند المصريين فقط الضباط لهم أسنان ذهب" .