|
خربة جنبا شرق يطا بين جور الاعداء واهمال ذوي القربى
نشر بتاريخ: 17/07/2005 ( آخر تحديث: 17/07/2005 الساعة: 21:46 )
الخليل - معا- 6كيلومترات سيراً على الأقدام حتى وصلت الى خربة جنبا شرق يطا، مسافة طويلة وصعبة بسبب وعورة المنطقة، وحرارة الشمس اللاهبة، وخواء المنطقة المخيف .
ترددت كثيرا في وصف رحلتنا ومصاعبها عندما حضرني طيف سكان ( المسافر) شرق يطا في جنبا وغيرها، الذين يقطعون هذه المسافة بشكل شبه يومي. كان الافتراض بأن "جنبا" منطقة قد حسمت المحاكم الاسرائيلية امرها لصالح سكانها الفلسطينيين الذين يسكنونها منذ قديم الزمن، لكن الحقائق اثبتت أن الوضع مختلف تماماً، هذه الحقائق تم التوصل اليها من خلال مقابلة مع رئيس لجنة المسافر الحاج عيسى جبرين سليم، والذي يسكن في خربة جنبا. وخربة "جنبا" تتكون من خيام وبيوت بلاستيكية وبنايات وكهوف ومنازل حجرية جميلة ذات طابع هندسي غاية في الروعة منذ زمن الانتداب البريطاني. "مضطهدون من العهد التركي... مهمشون من قبل السلطة": يقول الحاج عيسى:" إن أهل منطقة جنبا كانوا مضطهدين في العهد التركي وبعده في عهد الانتداب البريطاني، وتواصل وما زال يتواصل في ظل الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1948م، مع تهميش واضح من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية". ويضيف:" في العهد التركي، وعهد الانتداب البريطاني لم يكن هناك من نشكو له الاضطهاد، ولكن الآن توجد لنا سلطة وطنية، ولكن للأسف لم يعملوا لنا أي شىء، فقد حضر مسؤول فلسطيني الى هذه المنطقة قبل سنوات ووعدنا بتقديم مساعدات مختلفة، لكننا لم نر منه شيئاً" . ويقول:" إنني عندما أتحدث عن جنبا فإنني أقصد 40عائلة دائمة السكن، و10 عائلات مؤقتة السكن تأتي في فصل الربيع من أجل الرعي، ويوجد لدى سكان المنطقة ما يزيد على 3000 رأس من الأغنام، ويوجد نقص في المياه رغم كثرة الآبار وذلك بسبب الأعداد الكبيرة من الأغنام التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وهذه الأيام بالتحديد نواجه مشكلة حقيقية بسبب نضب المياه في الآبار، كما أن ما يزيد على 100 رأس من الأغنام أصيبت بأمراض عديدة لا نعرف سببها، والأدوية تحتاج الى مبلغ ليس بقليل من المال، ونحن الآن نوفر الأموال التي لدينا، ونستدين من آخرين وذلك من أجل دفع الالتزامات للمحامين وغيرهم، كما أن أعلاف الأغنام تكلفنا الكثير، وإن كانت هناك مؤسسات تريد أن تساعدنا فلتقم بإرسال اعلاف للأغنام". وعن مشكلة الطريق الى جنبا يقول الحاج عيسى:" الطريق الأولى والاصلية والاقرب الى يطا مسافتها 4.600كم وقد قمنا بشقها على حسابنا الخاص بتكلفة 50.000شاقل , وكنا قد أوكلنا قضيتها للمحامية" نيتع عمرو" التي كسبتها، واغلقت هذه الطريق بعد اقامة النقطتين الإستيطانيتين (ميتسبي يئير) و(يعقوب غادليا) , وقد طلب المستشار القانوني اثباتاً من قبل السكان يثبت ملكيتهم للأرض واعدا اياهم بإعادة فتح الطريق المذكورة". وعن الطريق الحالية يقول الحاج عيسى :"للتنقل الفردي والحمولة الصغيرة نستخدم الحمير والحمولة التي لا تستطيع الحمير نقلها نستخدم (التراكتورات) التي تسلك طريق مناطق المركز - التبان - الفخيت - ام زيتونة - المفقرة - التواني- الكرمل والتراكتور يمكنه حمل أربعة اطنان ويتم تحميله بطن وذلك بسبب وعورة الطريق الجبلية ". أما بخصوص الجيش والمستوطنين فيقول الحاج عيسى :"كلاهما يستفزوننا ويضيقون الخناق علينا , فمن الشرق يوجد مكان المعسكر الإسرائيلي سابقا وتجري فيه وفي المنطقة المحيطة به عمليات التدريب العسكرية ومن الغرب والشمال اي في اعلى المنطقة القريبة من جنبة والمشرفة عليها توجد النقطتان الإستيطانيتان اللتان تم ذكرهما سابقا وهما ميتسبي يئير وتعني ذكرى يئير (ويئير مستوطن قتل قبل بضع سنوات من قبل فلسطينيين), ونقطة يعقوب غداليا , والمنطقة المسموح لنا بالتحرك فيها هي 4كم2, ويقوم الجيش بعمليات مداهمة للخربة وهدم كل ما يرونه بناء جديدا من حظائر للاغنام او بيوت حجرية او ابار ... هم يهدمون ونحن نبني". ويضيف:" قبل شهر تقريباً حضر الى هذه المنطقة بالقرب من معسكر الجيش سابقاً آليات حفر وتجريف اسرائيلية وجرار كان يحمل جهازاً كبيراً طوله حوالي 4 أمتار، وقاموا بالحفر له على عمق5 أمتار تقريباً، وتم وضع الجهاز في مكان الحفر ثم غطوه بالتراب، ولا نعلم السبب فقد ظننا بأنه من أجل أعمال الجدار، ونحن متخوفين من أن يكون ذلك من المخلفات السامة، الكيماوية أو غيرها". جولات في المحاكم الإسرائيلية: يقول الحاج عيسى:" قمنا يتوكيل ستة محامين كل على حدة، في البداية كان علي غزلان من القدس، ولم نستفد منه، وكذلك كان المحامي زلبرمان، الذي خسّرنا 22.000شاقل، عشرة منها كانت نصباً واحتيالاً ، والمحامية نيتع عمرو من أجل الطريق، والمحامي الياس خوري الذي فاوض الاسرائيليين على ان نتواجد في الخربة فقط لمدة ثلاثة شهور، شهر لحراثة الأرض، وشهرين للحصاد، وقد رأينا أنه يتوجه بنا نحو الهاوية، فقمنا بتوكيل المحامية ليندا براير التي سلكت طريق الياس خوري، فلجأنا أخيراً الى المحامي شلومو ليكر وهو من استفدنا منه، حيث قام عام 1999م برفع القضية الى المحكمة الاسرائيلية العليا، وقبل موعد المحكمة قام الجيش الاسرائيلي بتهديد السكان بالرحيل، ثم قام بترحيل أثاث ومعدات السكان من مساكنهم، واعتق عدد من السكان وتم تغريمهم بمبلغ 500 شاقل لكل واحد منهم، ورغم ذلك بقينا في الخربة لمدة اسبوع في العراء لا يوجد لدينا طعام أو أغطية للنوم بوجود الجيش، وبقي هذا الحال حتى حكمت المحكمة لصالحنا بعد أن قدمنا لها اثباتاً أخذناه من الجيش يثبت أنه قام بترحيل الأثاث والمعدات، مما أثبت أن السكان يسكنون الخربة، وأثناء جلسة المحكمة قال المستشار القانوني لهيئة المحكمة بأن السكان مثل ال"اغباريم" أي الفئران يتم ترحيلهم نهاراً فيعودون ليلاً... وفي نهاية جلسة المحكمة أخبرنا المحامي شلومو ليكر بأن الموجودين لا يمكن ترحيلهم، أما من يأتي جديداً الى الخربة فلا يتم السماح له بالبقاء، ويكون هناك لجنة مكونة من أعضاء من المحكمة والمحامين والجيش لهذا الغرض". ويضيف:"والآن نسمع بأن سكان الكهوف معرضون للرحيل بقرار اسرائيلي، فلا نعرف إن كان سيتم ترحيلنا أم لا ! ". وعن الاثباتات الشخصية للسكان بخصوص ملكيتهم للأرض، فقد عرض الحاج عيسى ثلاث صور جوية لخربة جنبا في الأعوام 1963م، و1983م، و2000م تثبت وجود المساكن والمزروعات فيها، كما أنه أكد على وجود "حجج" للأرض أي طابوهات من العهد العثماني، وكذلك "اخراجات قيد"، وصور فوتوغرافية وفيديو قديمة وحديثة وهامة تثبت ملكية الخربة لسكانها وأن الاحتلال يناور من أجل السيطرة على الخربة واحتلالها". وقال الحاج عيسى بأنه قبل سنة وشهرين حضرت الى الخربة لجنة محامين اسرائيليين وممثلين عن المحكمة الاسرائيلية العليا وعرضوا على السكان قطعة أرض مساحتها 3000دونم في منطقة خلايل الحمص وخرائط للبناء في تلك المنطقة وموافقة رسمية من الحكومة الاسرائيلية على ذلك مقابل اخلاء خربة جنبا، لكن السكان رفضوا. ورداً على ذلك يقول الحاج عيسى:" قمت بالطلب منهم أن ننتقل في فترة تدريبات الجيش الى منطقة "القريتين"، لكنهم رفضوا". ويضيف:" هذه السنة فاوضونا على خربة لاخلائها مقابل تسهيل الطريق الى المسافر، ويتم استيعاب سكان الخربة التي يتم اخلاؤها في الخرب الأخرى، وكل ذلك من أجل التدريب العسكري، وقد رفضنا ذلك". تكاليف ومصاريف خيالية: يقول الحاج عيسى:" لقد قمنا بدفع أموال طائلة لكثير من الجهات ولم نحصل على دعم مادي يستحق الثناء سواء من الخارج أو الداخل، وعلى سبيل المثال: ثلاث خرائط جوية للخربة بقيمة 10.620شاقل، كل خريطة بمبلغ 3540 شاقل، وكذلك المحامي شلومو ليكر له مبلغ 40.000شاقل، وكنا قد أعطيناه مبلغ وقدره 65.000شاقل... هذا غير مصاريفي الشخصية كرئيس لجنة المسافر فأنا شهرياً مثلاً بحاجة الى رصيد في البلفون لا يقل عن 300شاقل، ولا أريد أن أتحدث عن المصروف البيتي لكل عائلة في المنطقة". وعن المساعدات المادية العينية من قبل مؤسسات حقوقية، يقول الحاج عيسى:" اكثر مؤسسة تتردد على المنطقة هي الUNDP كما أن الصليب الدولي يأتي، لكن دون مساعدة تذكر، وهناك مؤسسة يسمونها روز ولكن ليس هذا اسمها بل هو اسم المسؤولة عن هذه المؤسسة التي تقدم الدعم المادي والعيني لجميع سكان المسافر، وكانت آخر مساعداتهم منذ شهر تقريباً هو محرك (موتور) كهرباء لكل خربة". كما أن أفراداً من حركات السلام الدولية الخارجية، والاسرائيلية يزورون الخربة بين الفترة والأخرى. وهكذا فإن حال خربة جنبا-الذي لا يختلف عن حال الخرب الأخرى شرق يطا- تقريباً قد تبين رغم تعتيم اعلامي غير معروف، وهذا ليس اتهاماً، بل إنه حقيقة أكد عليها أبناء الخربة حينما رأوا أول صحفي فلسطيني وعربي يصل الخربة بعد تغطية اعلامية غربية لأحداث تلك المنطقة، ولذلك فإن سكان خرب شرق يطا- وقد يكون هناك غيرها في فلسطين- بحاجة الى تغطية اعلامية قوية، خاصة في هذه الفترة التي اعلن فيها الجيش نيته لترحيل السكان في تلك المنطقة. |