|
الهيئة المستقلة: استمرار تدهور وضع حقوق الانسان في مناطق السلطة
نشر بتاريخ: 17/05/2011 ( آخر تحديث: 17/05/2011 الساعة: 22:47 )
رام الله - معا -أكدت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان، اليوم الثلاثاء، استمرار تدهور وضع حقوق الانسان في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وتأثر هذا الوضع على الحقوق والحريات العامة من حكومتي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكانت الهيئة، عقدت اليوم، مؤتمراً صحافياً في فندق "بست ايسترن" في رام الله، لعرض نتائج التقرير السنوي السادس عشر الذي يغطي وضع حقوق الانسان في مناطق السلطة الفلسطينية عن العام الماضي 2010. وقال المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان د. ممدوح العكر إن قوات الاحتلال الاسرائيلي صعدت خلال العام 2010 من عمليات الاغتيال خارج نطاق القانون وقتل المدنيين والاعتقال واقامة الحواجز والتوسع في بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي وبناء الجدار، وشنت الهجمات الجوية بالطائرات الحربية على قطاع غزة بحجة ضرب الانفاق، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية بشكل كامل، واستمرار فرض حصار كامل على القطاع. وأكد د. العكر استمرار الاقتحامات الاسرائيلية للمدن والقرى والمنازل في الضفة، وبلغ عدد الحواجز والعوائق الترابية قرابة 500 حاجز، وهو ما يشكل زيادة تقدر بحوالي 36% عما شهدته منذ آب 2005، وتم اعتقال قرابة 4000 مواطن نتيجة لاقتحام منازلهم ليلاً، أو على الحواجز أو المعابر، وقامت باعتقال نواب تشريعي، ومحاولة ابعاد بعضهم عن مدينة القدس، وامعنت في تهويد القدس. وأعلن د. العكر أن عدد الشهداء للعام المنصرم بلغ 107 شهيداً، منهم 10 اطفال، و4 نساء، و9 متضامنين اتراك، ووصل عدد الجرحى الى 1145 جريحا، وبلغ عدد الاعتدءات على الممتلكات 586 حالة، وعدد الخروقات حوالي 7905 خرقا. واعتبر أن مصادقة الكنيست على مشروع قانون يتيح سحب الجنسية من مواطنين فلسطينيين داخل الاخضر متهمون بالتجسس، واسقاط حق الاقامة عن مقدسيين متهمين بالقيام باعمال مقاومة، او الانتماء الى منظمات فلسطينية تحت وصف انها "ارهابية" كمبرر لطردهم عن القدس، بأنه بمثابة تشريع لسياسة التطهير العرقي التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين، التي بدأت بتنفيذها بوتيرة عالية منذ اواسط التسعينيات، وسجلت ارتفاعا كبيرا في الاعوام الثلاثة الاخيرة، بذريعة الاقامة خارج الحدود البلدية المصطنعة للقدس. وأشار د. العكر إلى أن من أبرز المستجدات خلال الشهور الاولى من العام المنصرم، هو تمادي الاحتلال في سياساته بدخول أمرين عسكريين قد يضفيان على سكان الضفة الغربية صفة "متسللين"، وفرض عقوبة السجن او الابعاد عليهم، وهو ما قد يؤدي الى ابعاد 70 الف فلسطيني في الضفة الغربية. وعلى الصعيد الداخلي، قال د. العكر إن العام 2010 شهد استمرار ظاهرة عدم تنفيذ قرارات المحاكم، او الالتفاف عليها، او المماطلة في تنفيذها، خاصة بعض القرارات الصادرة عن محكمة العدل العليا ومحكمة البداية. وأوضح أن الهيئة وثقت أكثر من 181 انتهاك حول صدور قرارات من المحاكم، ولم تقم السلطة التنفيذية بشقيها الامني والمدني بتنفيذ تلك القرارات في حينها، وهو ما اعتبره مخالفة صريحة لأحكام القانون الاساسي. وشدد د. العكر على استمرار العمل بما يعرف بـ "السلامة الامنية"، حيث ما زالت وزارة التربية والتعليم العالي تصدر قرارات بالفصل او بتوقيف اجراءات التعيين بحق العاملين في سلك التربية والتعليم، وبين أن الهيئة تلقت خلال 2010 قرابة 193 شكوى بهذا الصدد، ليرتفع عدد تلك الشكاوى الى ما يزيد على 742 شكوى، تلقتها الهيئة منذ نهاية العام 2008، وهو ما يعد مخالفا لقانون الخدمة المدنية والقانون الاساسي، وانتهاكا لحق المواطن في تولي الوظائف العامة في الدولة على قدم المساواة ودون اي تمييز، خصوصا ان المفصولين حصلوا على وظائفهم وفق القانون، الا ان قرارات الفصل اعتمدت على توصيات الجهات الامنية. وأضاف العكر أن الهيئة ترى في اجراء الفحص الامني على احد الموظفين والوصول الى ايقافه عن العمل بحجة عدم السلامة الامنية لم ينظمه القانون، ولم يضع له شروط محددة، وليس من صلاحيات اية جهة ادارية. وقال إن الحكومة في الضفة قيدت خلال العام الماضي الحق في التجمع والتجمع السلمي بشكل لا يتفق وأحكام القانون، وأشار إلى أن الهيئة رصدت انتهاكات للحق في تكوين الجمعيات، تتعلق بموضوع تسجيل الجمعيات، من خلال اعتماد الفحص الأمني شرطاً أساسياً للموافقة على التسجيل، بناء على تعليمات وزير الداخلية، وهو ما يشكل انتهاكاً لقانون الجمعيات رقم 1 لسنة 2000، ولائحته التنفيذية، اللذين لم يأتيا على ذكر شرط السلامة الأمنية، باعتبارها متطلباً من متطلبات التسجيل، كما يعرقل هذا الاجراء عملية البت في مصير طلبات التسجيل خلال مدة الشهرين المنصوص عليها في القانون. وأشار إلى أن الهيئة رصدت خلال العام الماضي تعدياً خطيراً على الحصانة البرلمانية لنواب المجلس التشريعي من كتلة الاصلاح والتغيير، حيث تلقت الهيئة الشكاوى التي تضمن وقائع اعتداء على الحصانة البرلمانية لهم، ووقائع قبض واحتجاز وتفتيش وضبط بشكل مخالف للقانون. وقال د. العكر إن الحكومة في الضفة الغربية منعت خلال العام 2010 الصحف ووسائل الاعلام القريبة من حركة "حماس" من العمل في الضفة الغربية، ورصدت اعتقال الاجهزة الامنية عددا من الصجافيين دون اتباع الاجراءات القانونية، ودون توجيه تهم واضحة ومحددة من الجهات القضائية المختصة، كما أن الهيئة تلقت العديد من الشكاوى حول قيام مواطنين من قطاع غزة بتقديم طلبات الحصول على جوازات سفر، وحصلوا على ردود بعدم موافقة جهاز المخابرات على اعطائهم الجوازات لأسباب امنية، بعضها متعلق بحركة "حماس"، او بسبب العمل في حكومة غزة. وحول أوضاع حقوق الانسان في قطاع غزة، أكد الدكتور العكر إن القضاء لم يتوقف عن اصدار أحكام بالاعدام، حيث صدر في العام الماضي 15 حكما بالاعدام، 6 منها صدرت عن محاكم مدنية، و9 احكام صدرت عن المحاكم العسكرية، نفذ منها 5 احكام، خلافا لاحكام القانون الاساسي الذي يشترط موافقة الرئيس على احكام الاعدام. واكد استمرار شكاوى الادعاء بالاحتجاز التعسفي دون اتباع الاجراءات القانونية في قطاع غزة، وعدم اتخاذ وزارة الداخلية اي اجراءات لكف يد القضاء العسكري عن محاكمة المدنيين وتوقيفهم لأي سبب وتحت اي مبرر، واستمرار منع الهيئة من زيارة مراكز التوقيف ووضع العراقيل أمام زيارة الهيئة لسجن غزة المركزي، ولم تعلن وزارة الداخلية عن أماكن التوقيف التابعة للأمن الداخلي. وقال إن الهيئة رصدت استمرار شكاوى التعذيب من المواطنين الذين تعرضوا للتعذيب، وأكد ازدياد الانتهاكات عن العام 2009، حيث سجلت الهيئة 220 شكوى بالتعرض للتعذيب اثناء الاحتجاز، وتعددت صور التعذيب وانماطه، او سوء المعاملة وفقا لشكاوى وافادات المواطنين، كالشبح والفلكة والضرب بالعصي والبرابيج والركل والضرب بالايدي وتقييد الجسم الى الخلف ورفعه بخطاف في مكان مرتفع وعصب العينين لفترات طويلة واستعمال صعقات كهربائية عبر وضع قيود كهربائية في اصابع القدم. وكشف د. العكر احتجاز الأجهزة الأمنية في غزة الصحافيين لأسباب عزتها حكومة غزة الى عملهم مع وسائل اعلام ممنوعة كتلفزيون فلسطين، وصوت فلسطين، كما تلقت الهيئة شكاوى باعتقال صحافيين تعسفيا، ودون اتباع الاجراءات القانونية. وأكد أن الأجهزة الامنية التابعة لحكومة غزة قيدت الحق في التجمع السلمي في اكثر من مناسبة، عبر منع المسيرات والتجمعات، واستمرت في الانتهاكات المتعلقة بالحق في تكوين الجمعيات، والاعتداء عليها بالمنع والاغلاق. وأوضح د. العكر أن الهيئة رصدت ستة حوادث تعرض خلالها مواطنين للاختطاف واطلاق النار والضرب والتعذيب لفترة وجيزة وفي اماكن مجهولة، من قبل مجهولين ملثمين، وتبين أن غالبية المعتدى عليهم، ينتمون الى حركة فتح والاجهزة الامنية السابقة. من ناحيتها، قالت مدير عام الهيئة الفلسطينة المستقلة لحقوق الانسان رندة سنيورة ان استمرار الانقسام بين "فتح" و"حماس" انعكس سلباً على منظومة الحقوق والحريات العامة، حيث تعرضت هذه الحقوق لانتهاكات كثيرة من طرفي الانقسام، أهمها الحرمان التعسفي من الحرية، عدم سلامة الاجراءات القانونية في عمليات القبض والتفتيش والاحتجاز ومصادرة الحريات العامة والتضييق عليها، وعدم احترام احكام المحاكم، وتقديم المدنيين الى القضاء العسكري، واستمرار اعتبار الفحص الامني شرطا لتقلد الوظيفة العمومية. وأكدت سنيورة ان استخدام احكام القانون استخداما تعسفيا وتفسيره تفسيرا سياسيا وامنيا من طرفي الانقسام ادى الى زعزعة ثقة المواطن بجدية السلطة الفلسطينية واحترامها لمبدأ سيادة القانون وقواعده المجردة، التي تقوم على مبدأ المساواة وعدم التمييز لاي اعتبار سياسي او غيره من الاعتباراتـ وجعل هذه القواعد القانونية قواعد خاصة تطبق على مجموعة هنا او مجموعة هناك دون مراعاة حق المواطن بالتمتع بشكل متساو بمنظومة الحقوق والحريات العامة. وأكدت سنيورة أن العام 2010 شهد هيمنة شبه كاملة للهاجس الامني بمفهومه الشيق على عدة مناحي ودون سند قانوني، وتجسدت هذه الهيمنة من خلال التحكم في تأسيس الجمعيات الاهلية، والتحكم في عملية التعيين في الوظيفة العامة عبر اشتراط السلامة الامنية، الاحتجاز التعسفي، تقديم المدنيين للقضاء العسكري، التحكم في حرية الحركة، تعطيل تنفيذ الاحكام القضائية، محاصرة الانشطة السياسية والاهلية ومنظمات المجتمع المدني. وقالت سنيورة ان المتغيرات السياسية وما رافقها من اجراءات مست بمنظومة الحقوق والحريات العامة اثبتت ان وجود قضاء مستقل ونزيه يشكل ضمانة هامة للحفاظ على الحقوق والحريات، خاصة في ظل غياب دور المجلس التشريعي وتعطله عن القياد بدوره الرقابي. وأكدت ان الهيئة مطالبة بعرض التقرير أمام المجلس التشريعي، الذي توليه الهيئة اولوية باعتباره ممثل الشعب، وأكدت أن الهيئة اخذت على عاتقها مطالبة المجلس التشريعي بعرض هذا التقرير في احدى جلساته اذا تبلورت المصالحة وانعقد المجلس لعرض التقرير في جلسة اعتيادية. وأضافت سنيورة: نتوقع ان نقوم كآلية اضافية بعقد جلسات مع مجلس الوزراء فور تشكيل الحكومة الجديدة، لمناقسة محاور مختلفة وردت في التقرير، لنبحث معا وبروح تشاركية باعتبارنا هيبئة وطنية نريد مناقشته مع الجهات المعنية ونتابع معها انفاذ توصيات التقرير. وتبعت: نريد من السيد لرئيس تحريم التعذيب، ونريد من د. سلام فياض ان لا يتأخر بتاتا في الغاء السلامة الامنية، وان يعوض ضحايا الفصل التعسفي، الذي تم بدون مصوغ قانوني، لان هذا اجراء يمس لقمة العيش للمواطنين ولا يجوز ان يمنع المواطن العادي من الحصول على وظيفة بلا ذنب، الا بعدم موافقة الاجهزة الامنية عليه، كما نريد اتخاذ اجراءات بالغاء عقوبة الاعدام التي مورست في غزة العام الماضي، ولم تحصل في الضفة. وأكدت أن الهيئة لم تسجل اي حالة وفاة داخل السجون ومراكز التوقيف عبر التعذيب، وطالبت بوجود ارادة سياسية تعطي قرارات لاجهزة الامن بعدم ممارسة التعذيب. |