|
قراقع يلقي كلمة عن أسرى فلسطين في اجتماع دول عدم الانحياز
نشر بتاريخ: 30/05/2011 ( آخر تحديث: 30/05/2011 الساعة: 17:28 )
اندونيسيا - معا - طالب وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع بدعم توجه السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني بإدراج ملف الأسرى على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك لاستصدار قرار بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي حول المركز القانوني للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية وتحديد المسؤولية القانونية التي تفرضها قواعد القانون الدولي على المحتل في هذا الشأن.
جاء ذلك في الاجتماع الخاص حول قضية الأسرى الذي عقد في مدينة بالي في اندونيسيا لدول عدم الانحياز في الذكرى الخمسين لتأسيسها بحضور ممثلين عن مائة وعشرون دولة. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ اجتماعات دول عدم الانحياز التي تناقش فيها قضية الأسرى في اجتماع خاص ترأسه د. مارتي وزير خارجية اندونيسيا ود. نبيل العربي وزير خارجية جمهورية مصر بصفته رئيساً للدورة الحالية لدول عدم الانحياز. وكان قراقع قد توجه إلى اندونيسيا على رأس وفد من وزارة الأسرى يضم كل من جواد العماوي وصالح نزال وبحضور د. رياض المالكي وزير الخارجية وكل من د. رياض منصور سفير فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة والسفير الفلسطيني في اندونيسيا السيد فريز مهداوي. وفيما يلي نص الكلمة التي القاها وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع في الإجتماع السادة الوزراء المحترمين: بداية أشكركم على عقد اجتماع خاص بقضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الرازحين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، مما يدل على اهتمامكم وحرصكم الكبيرين على أبنائكم وبناتكم الأسرى، وقلقكم على مصيرهم وأوضاعهم القاسية التي يعيشها خلف قضبان السجون، وتأكيدا منكم على أهمية انعتاق الشعب الفلسطيني وتحرره من براثن الاحتلال ليعيش بحرية وكرامة على أرضه و وطنه ودولته المستقلة كغيره من سائر شعوب الأرض. وأنقل لكم تحيات 6000 أسير وأسير فلسطيني يقبعون في 22 سجنا ومعسكرا داخل اسرائيل والذين يثمنون عاليا دوركم ومواقفكم الدائمة والداعمة لقضية شعبنا العادلة وحقه في تقرير مصيره، معتبرين أن عقد اجتماع خاص يتعلق بهم هو قوة إضافية لتحقيق العدالة الإنسانية ورفع الظلم التاريخي الواقع على شعبنا الفلسطيني في سبيل أن يكون له مكانا لائقا على أرضه دون احتلال ومعاناة وسجون وجلادين. السادة المحترمين: ينعقد اجتماعكم في وقت تشن فيه حكومة الاحتلال هجمة شرسة وغير مسبوقة على حقوق الأسرى في السجون، بما يشبه حربا ممنهجة ومقصودة تستهدف النيل من كرامتهم وإنسانيتيهم لشطبهم وتدميرهم والانتقام من نضالاتهم المشروعة ضد الاحتلال. فالأسرى يخوضون الآن معركتهم الإنسانية في الدفاع عن إنسانيتهم وحقوقهم من خلال إضراباتهم الاحتجاجية عن الطعام في سبيل وضع حد للمعاملة الوحشية التي تطبق بحقهم من إهمال صحي وعزل انفرادي وحرمان من الزيارات ومن التعليم ومن اعتداءات وقمع يومي على يد قوات وفرق خاصة للقمع تقتحم حياتهم وتتعامل معهم كأنهم ليسوا من بني البشر. إنني احمل لكم رسالة أخوتكم وأخواتكم الأسرى، أصواتهم المخنوقة، وعذاباتهم المتصاعدة، وتعطشهم المحموم للحرية والتخلص من ظلام السجون: رسالة 300 طفل قاصر لا زالوا يقبعون في السجون، تعرضوا للتعذيب والتنكيل والابتزاز والمحاكمات العسكرية الجائرة، رسالة 1500 أسير مريض مصابين بأمراض خطيرة منهم المشلولين والمعاقين والمصابين بأورام خبيثة يتعرضون لسياسة الإهمال الطبي المتعمد. رسالة 39 أسيرة فلسطينية منهن القاصرات والأمهات والمريضات، رسالة 140 أسيرا يقضون أكثر من 20 عاما من أعمارهم في السجون، ومنهم من دخل عامه ال 35 في الأسر كنائل البرغوثي وفخري البرغوثي وأكرم منصور وفؤاد الرازم وسامي يونس وغيرهم. رسالة 12 نائبا منتخبا في المجلس التشريعي الفلسطيني و على رأسهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن يوسف وجمال الطيراوي وغيرهم لا زالوا محتجزين خلف القضبان، رسالة 14 أسيرا معزولا في زنازين انفرادية بعضهم يقضي 9 سنوات في العزل كالأسير حسن سلمة وأحمد المغربي ومحمود عيسى وغيرهم. أحمل لكم رسالة أسرى قطاع غزة المحرومين من زيارة ذويهم منذ 4 سنوات دون وجه حق، احمل لكم رسالة عائلات الأسرى أطفالهم وأمهاتهم الذين ينتظرون سنوات طويلة عودة وتحرير أبنائهم من ظلم السجون. احمل لكم رسالة شعبنا الذي يتعرض يوميا للاعتقال والملاحقة والمداهمة لمنازله، شعب اعتقل منه ما يقارب 850 ألف مواطن منذ عام 1967، بحيث لا يخلو بيت إلا واعتقل أبنائه وبناته، احمل لكم رسالة 202 شهيدا أسيرا سقطوا منذ عام 1967 داخل السجون إما تعذيبا أو قهرا أو مرضا أو قتلا متعمدا أو إعداما ميدانيا بعد الاعتقال. احمل لكم رسالة 320 شهيدا أسيرا لازالت جثثهم محتجزة في ما يسمى مقابر الأرقام العسكرية الاسرائيلية ترفض اسرائيل تسليم رفاتهم لذويهم وعلى رأسهم الشهيد الأسير أنس دولة الذي توفي في سجن عسقلان عام 1980 ولازالت جثته محجوزة منذ أكثر من 30 عاما. احمل لكم رسالة 250 أسيرا إداريا معتقلين بدون تهمة ولا محاكمة وبشكل تعسفي بعضهم يقضي أكثر من خمس سنوات دون أية أسباب قانونية وإنسانية، ورسالة أسرى مهددين بالإبعاد الى خارج الوطن محتجزين كرهائن منذ سنوات في السجون كالأسرى نصري عطوان ومحمد برغل ومروان فرارجة. احمل لكم رسالة أسرى يتعرضون للقمع والضرب بالغاز والهروات وبالرصاص وبالمداهمات اليومية ليل نهار حيث يسقط الجرحى والشهداء كما جرى في سجن النقب الصحراوي عام 2007 عندما أحرقت خيام الأسرى بسبب القنابل و الرصاص وسقط احد الأسرى شهيدا وهو الأسير محمد الأشقر. السادة الوزراء: إن قضية الاسرى الفلسطينيين والعرب من أكثر القضايا وجعا و ألما في المجتمع الفلسطيني، وهي قضية لا تخص الفلسطينيين والعرب فحسب، بقدر ما هي قضية الإنسانية جمعاء، قضية المجتمع الدولي بكل مكوناته ومؤسساته الحقوقية والإنسانية، وهي القضية التي تعتبر محكا عمليا وملموسا لبناء السلام العادل على أرض فلسطين ولا يمكن أن يستقيم السلام والأمن والاستقرار في ظل احتجاز الأسرى واستمرار الاعتقالات، وهي اختبارا لمدى قدرة المجتمع الدولي وثقافته ومبادئه الإنسانية وقيمه حول العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان على إلزام دولة الاحتلال باحترام المبادئ والمرجعيات الفقهية الدولية بشأن الأسرى وحقوقهم. ولهذا فإنني أتطلع الى هذا الاجتماع أن يكون رافعة جديدة لإنقاذ الأسرى من البطش والانتهاكات الاسرائيلية التعسفية التي تجري على مسمع ومرأى من الجميع وزيادة الاهتمام بهم وبأوضاعهم وفضح الممارسات اللإنسانية التي تجري بحقهم على مختلف المستويات. لقد حان الوقت أيها السادة والسيدات لوضع حد للاستخفاف والاستهتار الاسرائيلي بحقوق الأسرى، وتغاضي المحتل الاسرائيلي عن تنفيذ وتلبية حقوق المعتقلين على اختلافها وتنصله الدائم من تطبيق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية على الأسرى واستمرار تعامله معهم كأنهم حيوانات مجردين من إنسانيتهم وحقوقهم، وخاصة في ظل تنامي موجة التطرف الديني والعنصري في اسرائيل والمشحونة بالكراهية للآخرين والدعوات الى قتلهم كما جاء في الآونة الأخيرة في الفتاوي الدينية الصادرة عن كبار الحاخامات في اسرائيل والتي دعت أيضا الى إقامة معسكرات إبادة للفلسطينيين. وفي هذا الجو الفكري والثقافي المتطرف في المجتمع الاسرائيلي وحكومة اليمين الاسرائيلية بدأت حكومة الاحتلال بسن مجموعة من القوانين والتشريعات الداعية الى تشديد الإجراءات على الأسرى، مما حول ساحة السجون الى ساحة تصعيد وعدوان لا سابق لها على حقوق المعتقلين. وما يزيد قلقنا هو تجرؤ دولة الاحتلال وبوقاحة على وضع قوانين تنتهك علنا حقوق الإنسان، وتجرؤ جنودها ومجنداتها على نشر صورهن على مواقع الكترونية مختلفة يفتخرون بها باستمتاعهم بإهانة وإذلال المعتقلين. كل ذلك وغيره أصبح الدفاع عن حقوق الأسرى هو عنوان للدفاع عن الثقافة الإنسانية في ظل تحول مسألة حقوق الإنسان الى مسألة أساسية في تحقيق العدالة والتخلص من الدكتاتوريات والأنظمة البوليسية في العالم. السيدات والسادة: إن هذه الممارسات الاسرائيلية تعتبر من الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي ترتقي في كثير من الأحيان الى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتي تستوجب استنادا للمادة 146 من ذات الاتفاقية، تفعيل الملاحقة الجزائية الدولية وفقا للولاية العالمية، وهذه مسؤولية دولية عامة وفي ذات الوقت مسؤولية خصوصا على الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف. ولهذا فإننا نتطلع الى اجتماعكم الهام بدعم واسناد الإستراتيجية القانونية الوطنية التي تبنتها قيادة م ت ف والسلطة الوطنية الفلسطينية وجامعة الدول العربية ومؤسسات حقوق الإنسان بالتوجه الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة بطلب قرار يطلب فيه من المحكمة الدولية في لاهاي رأي استشاري يحدد المركز القانوني للمعتقلين و المحتجزين الفلسطينيين لدى دولة الاحتلال، وتحديد طبيعة المسؤولية القانونية التي تفرضها قواعد القانون الدولي على المحتل في هذا الشأن. إن أهمية ذلك تكمن في وضع حد لاستمرار رفض حكومة الاحتلال الاسرائيلي الالتزام بمئات القرارات التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشان الأسرى، وعدم التزامها بتطبيق اتفاقيات جنيف الرابعة والثالثة، كذلك رفض حكومة الاحتلال استقبال أي لجنة تحقيق دولية حول ظروف الأسرى وأوضاعهم المعيشية والصحية وتصرفها كدولة فوق القانون. وقد حان الوقت لكسر العزلة عن الأسرى وتحديد مركزهم القانوني وما لهم من حقوق بموجب القوانين الدولية والإنسانية، وعدم تركهم فريسة لإملاءات القوة الاسرائيلية ومفاهيمها القائمة على عدم الاعتراف بمشروعية نضالهم ضد الاحتلال. السيدات والسادة: إن نسبة الأسرى المحررين من سجون الاحتلال في المجتمع الفلسطيني مرتفعة جدا، بحكم واقع الاعتقالات المتواصل، وهناك نسبة كبيرة عاطلة عن العمل ولا تستطيع العمل بسبب سنوات السجن التي قضتها، مما يدعونا أن نهيب بكم لدعم برامج التدريب المهني والإرشاد التأهيلي النفسي والاجتماعي والتعليمي، ومشاريع التطوير والقروض للأسرى والأسيرات التي تقوم بها وزارة الأسرى لأجل دمجهم بالمجتمع ومساعدتهم على العيش بكرامة وباحترام وللتغلب على معاناة السجن وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية. السيدات والسادة: لقد اختار شعبنا الفلسطيني طريق السلام القائم على العدل والمساواة والعيش المتكافئ والمشترك ووفق ما نصت عليه المرجعيات والشرعية الدولية، ولكن حكومة إسرائيل رفضت هذا السلام وأمعنت من خلال ممارساتها على ارض الواقع في تكريس وتعميق سلطة الاحتلال وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق، وتحويل ارض فلسطين إلى جيوب ومعازل يقطع أوصالها جدار الفصل العنصري والمستوطنات والحواجز العسكرية واستمرار انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني بما فيهم الأسرى والأسيرات القابعين في السجون الإسرائيلية، مما يتطلب موقفا دوليا حازما لحماية حقوق شعبنا وانقاذة من براثن هذا الاحتلال الذي لم يعد عدوا فقط لشعب فلسطين وإنما عدوا لكل الأحرار في العالم، بما يشكل تهديدا خطيرا على القيم والمفاهيم والمبادئ الإنسانية السامية التي تركز في مجملها على حق الإنسان أن يحيا بكرامة وسيادة وحرية على أرضه وفي وطنه وليس عبدا أو مضطهدا أو ذليلا أو ملاحقا في زمن انتهى فيه عصر العبيد. إن تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية تعتبره إسرائيل تشجيعا لها بالاستمرار في ارتكاب جرائمها وانتهاكاتها. وفي الختام إنني أهيب بكم باسم الإنسانية والمعذبين في الأرض والقانون الدولي الإنساني، الذي يلقى الاحترام في مجتمعاتكم أن تقوموا بدوركم ليس من اجلنا فقط وليس من اجل أن لا نصل إلى حاله نستقبل فيها أسرانا جثثا في توابيت بل من اجل الحفاظ على إنسانيتكم وقراراتكم ومواقفكم وذلك بالعمل على وقف انتهاكات إسرائيل لحقوق شعبنا وخاصة الأسرى والأسيرات تمهيدا للوصول إلى السلام العادل المتمثل بحق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس أسوة بباقي شعوب الأرض. |