وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

750 ألف أسير اعتقلوا منذ العام 1967 و6 آلاف لا يزالون رهن الاعتقال

نشر بتاريخ: 05/06/2011 ( آخر تحديث: 06/06/2011 الساعة: 10:55 )
رام الله- معا- كشفت دائرة الاحصاء في وزارة الاسرى والمحررين، ان الاحتلال الاسرائيلي اعتقل منذ نكسة حزيران عام 1967 وحتى اليوم قرابة 750 ألف مواطن ومواطنة بالإضافة لآلاف المواطنين العرب، فيما يوجد الآن قرابة 6 آلاف أسير في سجون الإحتلال بينهم مئات الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى.

جاء ذلك في التقرير الذي اصدره عبد الناصر فروانة، مدير دائرة الاحصاء في وزارة الاسرى والمحررين اليوم الأحد، تحت عنوان "الاسرى من النكسة حتى اليوم ارقام مذهلة ومعاناة بلا حدود" بمناسبة ذكرى الخامس من حزيران عام 1967، الذي قال عنه "اليوم الأسود في تاريخ الأمة العربية، الذي بدأت فيه إسرائيل بشن هجومها العسكري ضد الجيوش العربية، خاصة مصر والأردن وسوريا، وبعد ستة أيام فقط انتهت الحرب بانتصار لإسرائيل، وهزيمة مذلة للجيوش العربية وصفت بـالنكسة، ونتج عن ذلك احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وبذلك أحكمت سيطرتها وأكملت احتلالها لفلسطين التاريخية ومقدساتها، بالإضافة لاحتلالها لشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية".

اعتقالات بعد النكسة

واوضح فروانة انه منذ ذلك التاريخ الأسود ارتكبت ـ ولا زالت ـ قوات الاحتلال الإسرائيلي الفظائع والجرائم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ولم تستثنِ أحداً منه، ومارست أبشع ما يمكن أن يتخيله العقل البشري من إبادة وقتل جماعي وقتل بدم بارد وإعاقات مستديمة، وتشريد وقهر،ظلم واضطهاد، اعتقالات وتعذيب، تهجير وهدم بيوت وابتلاع آلاف الدونمات، وأقامت مئات الحواجز، حتى اصبح المواطن الفلسطيني ينام و يصحو على مشاهد الموت والدمار، ويقضي جزءاً من يومه في تشييع جنازات الشهداء، وجزءاً آخراً في التنقل بحثاً عن لقمة العيش الأساسية له ولأطفاله، وجزءاً لا بأس به على مئات الحواجز المميتة والمذلة التي أُقيمت لتقطيع أوصال الوطن، او رهن الاعتقال والتعذيب في السجون التي اعتبرت احد اشكال حرب الاحتلال ضد شعبنا وقضيته.

مرحلة تشييد السجون

وأكد فراونة أن تنامي المقاومة وعجز الاحتلال عن اجهاضها، واتساع نطاق الاعتقالات جعل سجون الورثة البريطانية غير كافية، ففي وقت لاحق بنى الاحتلال الإسرائيلي عدداً من السجون والمعتقلات بمواصفاته الخاصة الأكثر قمعية والأشد قسوة وحراسة، كسجن بئر السبع ونفحة الصحراوي وريمون ومعتقل أنصار3 في النقب وسجني جلبوع حتى وصل عدد تلك السجون والمعتقلات إلى ما يقارب من ثلاثين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف.

كل الشعب اسير

ومنذ نكسة حزيران ولغاية اليوم، وبعد مرور أربعة وأربعين عاماً لم تتوقف الاعتقالات، ولكن خطها البياني سار بشكل متعرج، إلاَّ أنها لم تقتصر على فئة أو شريحة محددة، فاستهدفت كل ما هو فلسطيني بدءاً من الطفل ذو الثانية عشر من عمره والشاب و الفتاة ومروراً بالمرأة الحامل والطبيب، بالمحامي والعامل، بالطالب والنائب والوزير ، وصولاً للشيخ العجوز ذو الخامسة والسبعين عاماً، وليس انتهاءاً بالمعاق جسدياً ونفسياً و مرضى القلب والسرطان.

الأسـرى بالأرقـام

وذكر فروانة انه حسب الاحصائيات الموثقة فقد اعتقل الإحتلال منذ العام 1967 وحتى الآن قرابة (750) ألف مواطن ومواطنة، واستشهد (202) أسيراً بعد اعتقالهم جراء التعذيب أو الإهمال الطبي أو القتل العمد بعد الإعتقال، فيما مئات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون، أو كان للسجن والتعذيب وما بينهما أسبابا مباشرة لإستشهادهم.

وفي قراءة سريعة، تكشف الوثائق كما يقول فروانة أن كل عائلة فلسطينية قد تعرض أحد أفرادها أو جميعهم للإعتقال لمرة واحدة أو لمرات عدة، ونظرة الى المواقع الجغرافية للسجون والمعتقلات التي ورثها أو أقامها الإحتلال فوق الأراضي الفلسطينية سنجد وبسهولة بأنه لم تعد هناك بقعة جغرافية في فلسطين، إلا وأن أقيم عليها سجناً أو معتقلاً أو مركز توقيف.

استمرار الاعتقالات

وأكد انه منذ "النكسة" ولغاية اليوم، فإن الإعتقالات لم تتوقف، لكنها سارت بشكل متعرج، كما لم يطرأ أي تحسن جوهري على طبيعة السجون على اختلاف أسمائها ومواقعها الجغرافية، أو على ظروفها و طبيعة معاملة السجانين للسجناء والمعتقلين وفق ما تنص عليه كافة المواثيق الدولية، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بمعاملة الأسرى، أو تلك الخاصة بمعاملة الأشخاص المدنيين وقت الحرب، بل بالعكس كلما بني سجن جديد تجده أكثر قسوة من سابقيه، ومع مرور السنين تتصاعد الهجمة الشرسة ضد الأسرى لتطال حياتهم الخاصة وتمس بكرامة وشرف الأسير وأهله.


فشل الاحتلال
وكشف فروانة انه رغم سياسات وممارسات الاحتلال القهرية عبر الاعتقالات وغيرها من الممارسات، فان ذلك كله لم ولن يساهم في تحقيق أهداف الإحتلال المرجوة من وراء الإعتقالات والمتمثلة في القضاء على وطنية الأسرى وثوريتهم، وتحويلهم إلى عالة على ذويهم وشعبهم.

واضاف "الشعب الفلسطيني لم يعد يخيفه الإعتقال ولا كثرة السجون، وللدلالة على ذلك فإن عشرات الآلاف من الفلسطينيين اعتقلوا عدة مرات ، وأضحى الإعتقال مفرد ثابت في القاموس الفلسطيني.

انتصارات الاسرى

واشار الى السجون لم تنل من عزيمة الاسرى ورغم ظروفهم القاسية ناضلوا واستطاعوا تحويل السجون من محنة الى منحة، وحققوا انتصارات عدة ونجحوا في انتزاع بعض حقوقهم الأساسية، فيما لا تزال معركتهم مفتوحة ضد السجان وادارة السجون لتحسين شروط حياتهم وانتزاع باقي حقوقهم المسلوبة ولوضع حد للإنتهاكات والجرائم التي تقترف بحقهم.

القضية المركزية

واكد فراونة انه بعد (44) عاماً على "النكسة" يمكن التأكيد بأن قضية الأسرى كانت ولا تزال قضية مركزية بالنسبة للشعب الفلسطيني، وأن أرقام الأسرى تتصاعد بشكل مذهل، وأن تجارب وحكايات الحركة الأسيرة تتراكم لتملأ مجلدات فيما لو تم توثيقها وتدوينها، فهناك لأطفال كبرت في سجون الإحتلال، وحكايات مريرة لأمهات وضعت مولودها خلف القضبان، وشيوخ وشبان توفيت في زنازين التعذيب والقهر.

استهداف اسرائيلي

واشار الى استمرار استهداف الاسرى بعد تجربة (44) عاما من الصراع مع الاحتلال من إدارات مصلحة السجون المتعاقبة، فهي تحدد لهم النوم وساعاته، كمية الهواء وساعات التعرض للشمس ، كمية الغذاء وقيمته، تحدد لكل منهم ماذا ومتى يقرأ، ومتى وكيف يمكن أن يرى أهله، كما تحدد لهم طبيعة العلاج وتوقيته، ولون الملابس ونوعيتها.

واضاف فراونة: انها معاناة متواصلة يصعب وصفها أو توصيفها، ويعجز الكاتب عن توثيقها ونقلها، وهي تمتد لتطال ذوي الأسرى وعائلاتهم، فتعالت الأصوات والصرخات، وذرفت عيون أمهات وزوجات وأطفال الأسرى دموع الحزن لتغرق الأرض وتصنع أنهاراً.

اعتقال الشهداء

وتطرق الى اعتقال جثامين الشهداء، وقال" 44 عاماً مضت تعمدت إسرائيل خلالها بمعاقبة ذوي الأسرى والشهداء، فاعتقلت أمهاتهم وزوجاتهم وهدمت بيوت عائلاتهم، وعاقبت الإنسان بعد موته فاحتجزت ولا تزال المئات من جثامين الشهداء في مقابر الأرقام، وحرمت ذويهم من إكرامهم ودفنهم وفقاً للشريعة الإسلامية.

تاريخ حافل

واختتم فراونة تقريره بالتاكيد انه رغم (44) عاماً على النكسة وتداعياتها خاصة على صعيد قضية الاسرى، فان المؤلم فشل الشعب الفلسطيني بمؤسساته المختلفة في امتلاك سجل كامل لمجمل أو معظم حالات الإعتقال، أو سجل دقيق لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة، كما فشل ولحتى اللحظة في اعتماد خطة استراتيجية تعتمد على العمل التراكمي التكاملي لتوثيق تاريخ الحركة الأسيرة، هذا التاريخ الذي حمل في طياته آلاف التجارب والقصص والحكايات ومئات من معارك الأمعاء الخاوية والخطوات النضالية، وجزء منه أسير في ذاكرة الأسرى المحررين القدامى، الذي خشي برحيلهم عن الدنيا أن يرحل معهم جزء من ذاك التاريخ الهام.

الحرية لا بديل عنها

واشار الى انه خلال (44) عاماً مضت نجحت خلالها الفصائل الفلسطينية في أسر عدد من الجنود ومبادلتهم بآلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب، وحاولت مراراً أسر واختطاف آخرين، وسجلت خلال مسيرتها العديد من صفقات التبادل، فيما ينتظر الشعب الفلسطيني من آسري "شاليط" تكرار لتلك التجارب الناجحة لا سيما صفقة (1985)، واتمام صفقة تبادل مشرفة تكفل اطلاق سراح قدامى الأسرى ورموز المقاومة، وفاءً من المقاومة للأسرى ولرموز المقاومة.

وأكد اهمية التمسك بان الحرية لا بديل عنها ولن تتحقق ما دام اسير خلف القضبان، فالأسرى من النكسة ولغاية اليوم، أرقام مذهلة ومعاناة بلا حدود تحتاج الى دعم حقيقي ومساندة فاعلة على كافة الصعد والمستويات.