وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لماذا ترفض إسرائيل حدود 67؟

نشر بتاريخ: 05/06/2011 ( آخر تحديث: 05/06/2011 الساعة: 22:48 )
بيت لحم-معا- نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مقالا لسفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة دور غولد قال فيه إن كبار الإستراتيجيين الإسرائيليين لطالما اعتقدوا أن "الدولة اليهودية" لا يمكنها أن تحمي مستقبلها إلا بحدود منيعة خلف خطوط عام 1967.

يقول غولد إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذا الاتجاه قد أثارت تساؤلات كثيرة في أوساط السياسة الخارجية، وأثار انتقادات مفادها أن إسرائيل حاربت حربين كبيرتين ضد العرب وانتصرت فيهما على الجيوش العربية عامي 1956 و1967 ولم تكن وقتئذ خلف حدود عام 1967. كما أن منتقدي هذا التوجه الإسرائيلي يقولون إن الحرب الحديثة التي توفر وسائل الحرب عن بعد قد ألغت الحاجة إلى حدود ومواقع منيعة لانطلاق الجيوش منها.

ويرد الكاتب على المنتقدين بأن إسرائيل انتصرت عام 1967، ولكن تلك الحرب قد بينت أيضا حقيقة موازين القوى وأوجه ضعف إسرائيل، التي شاءت الأقدار أن تكون صغيرة الحجم ومحاطة بالدول التي تفوقها مساحة وسكانا. ويلفت غولد النظر إلى أن الخطر الذي تواجهه إسرائيل هو قدرة جيرانها على تكوين تحالفات سريعة أوقات الأزمات.

ويعود غولد إلى التاريخ ويقول إن أكبر المنادين بخلق حدود جديدة لإسرائيل تحل محل الحدود التي كانت موجودة قبل عام 1967 هو إيغال عالون الذي كان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي في السنوات التي تلت حرب العام 1967. عالون حارب مع عصابات الهاغانا قبل إعلان إسرائيل، ويدعي الكاتب أن حرب العصابات تلك أكسبته خبرة عسكرية ورؤية إستراتيجية استند إليها في مسعاه لخلق حدود جديدة لإسرائيل.

ويستذكر الكاتب أن عالون تبوأ في وقت من الأوقات منصب وزير الخارجية وكتب في مجلة فورين بوليسي مقالا قال فيه إن العالم يتعامل مع حدود العام 1967 على أنها خط لنزع السلاح في الحرب التي أدت إلى إعلان إسرائيل، ولم تكن يوما تعد حدودا سياسية نهائية لإسرائيل.

ويستعرض غولد الفجوات القانونية التي تضمنها قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي نص على "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراض احتلتها في النزاع الأخير" ولكن القرار لم يقل "من جميع الأراضي". كما أن القرار لم ينص صراحة على الالتزام الصارم بحدود ما قبل عام 1967 واكتفى بذكر ضرورة إيجاد خطوط حدودية "آمنة ومعترف بها".

عالون يقول إن إسرائيل كان يجب أن تستغل تلك الثغرات لتؤمن نفسها. وعلى هذا الأساس كانت خطة عالون ضم جزء كبير من وادي الأردن 1967، ولكن على إسرائيل أن تؤمن نفسها من أن يكرر التاريخ نفسه وعدم تكرار خطر اندفاع قوات مشاة عراقية نحو حدود إسرائيل عبر وادي الأردن كما حدث في الحروب الإسرائيلية السابقة مع العرب.

ويستطرد الكاتب في تحليل الخطر العراقي ويقول إن موت صدام حسين لا يجب أن يكون سببا لأن تؤسس إسرائيل أمنها المستقبلي على الأمن المرحلي الناتج عن زوال صدام حسين، فلا أحد يعرف أين سيستقر المطاف بالعراق، سيكون ديمقراطية على النهج الغربي، أم نجما يدور في الفلك الإيراني؟ وعلى هذا الأساس يتصرف السعوديون الذين يرون أن العراق قد ينضوي بشكل كامل تحت عباءة إيران، حيث ينشغلون حاليا ببناء سياج أمني على طول حدودهم مع العراق.

من جهة أخرى يقول الكاتب إن وادي الأردن حيوي لإسرائيل، لأن طبيعته الجغرافية كانت سببا في تهريب السلاح واستخدامه من قبل المقاتلين المناوئين لإسرائيل.

ويعود الكاتب إلى العام 2007 حين كان نشاط القاعدة في العراق على أوجه، حيث يقول إن القاعدة في بلاد الرافدين حاولت إنشاء مركز عمليات متقدم في مدينة إربد الأردنية واستخدامها في تجنيد مقاتلين من الضفة الغربية.

ويكمل الكاتب أن تلك الخطة قد أجهضت، ولكن لو كانت إسرائيل قد انكمشت إلى حدود ما قبل العام 1967 لكانت معايير الأمن الإقليمي قد تغيرت ولازداد الضغط الدولي على الأردن.

وحتى إسحق رابين عراب اتفاق أوسلو الإسرائيلي قال في خطاب أمام الكنيست قبل شهر من اغتياله عام 1995 إنه في الوقت الذي يطلب فيه من الكنيست التوقيع على المعاهدة التي وقعها مع الفلسطينيين في البيت الأبيض، يدرك جيدا معنى أمن إسرائيل وأصر على التمسك بحدود العام 1967 والتمسك بوادي الأردن "بالمعنى الواسع للكلمة"، وشدد على أن تبقى القدس موحدة بيد الإسرائيليين.

ويفسر الكاتب آراء رابين بأنها أتت من شخص يدرك جيدا معنى أمن إسرائيل، خاصة أن عرابه الشخصي هو عالون.

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن هناك جزءا من الإسرائيليين يعتقد أن حدود ما قبل العام 1967 هي أمر جيد ويمكن لإسرائيل أن تقبله، ولكن بالنسبة للعقول التي تخطط إستراتيجية إسرائيل فالأمر مختلف منذ حرب العام 1967 التي كشفت نقاط ضعف إسرائيل وحيوية ضم أجزاء من الضفة الغربية ووادي الأردن إليها.