|
رسالة من الأسير المجاهد أحمد مصطفى حامد النجار
نشر بتاريخ: 12/06/2011 ( آخر تحديث: 12/06/2011 الساعة: 12:43 )
رسالة من الأسير المجاهد أحمد مصطفى حامد النجار
خاص مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .. وحده يبتلي من يشاء من عباده .. والصلاة والسلام على قائد الغر الميامين محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وبعد : إلى بلدي ... إلى من تعيشين في فكري ووجداني .. قلبي عليك فهل تكفيك أحزاني ، إلى أحبة عشت الحياة بظلهم يوماً ، إلى كل أم كان من نسلها الأحرار ، إلى كل الرجال الرجال ، إلى رفاق دربي منهم من نال الحرية ومنهم من ينتظر ، إلى كل طفل وطفلة ، إلى بلدي شيباً وشباباً ، إلى المغتربين عن بلدي ، إلى كل المحبين ، إلى المساجد وروّادها ، إلى كل جبل ووادي ، إلى كل سهل وتل ، إلى أشجار الزيتون الرومية ، وإلى كل وردة جورية ، إلى ثرى بلدي وترابها المعطر بدم الشهداء .. لكم من الله التحية ، فسلام الله عليكم ، إليكم جميعاً أرسل محبتي وأشواقي ، هي الكلمات المجروحة كما هو حالي المكلوم الجريح ، وإن عجز اللسان عنها فسأرددها بقلبي وروحي أخاطبكم بصوتي المجروح ، فمن وقع آلامي أرسلها إليكم مخضبة بدمع عيني المشتاقة لتعانق أحبة أرّقني الحنين إليهم ، هجرتهم مكرهاً وكان السجن قدري لتحول السنون دون الوصال بكم ، فسامحوا قلبي العليل وإن ما وافتكم كلمات التبجيل ، ففي القلب والوجدان أنتم ، فما سلوتكم يوماً ، بل كنتم دوماً حديث أحلامي ، لله دركم ، فما غابت عني ذكراكم .. بلدي ومن يسكنها سكن قلبي منذ أن ولدت وإن لم أولد فيها ، والكلمات كبرت كبر حبي لها ، هي جزء من وطني المسلوب ، زرعت كشجرة حب تجذرت في روضة قلبي الجيّاش ، صولات وجولات لي فيها مع الخلان ، هي البلد التي تربطني بها علاقة حب أبدية ، لي فيها ذكريات هي بصمة في صفحات روحي صهرت كل معالمها حتى أصبحت جزءاً من جسدي الموجوع ، فما زالت آثارها تعبق في ذاكرتي وأنفاسي ، تحملني رياح الشوق إليك يا بلدي فإن الفؤاد العذب يعشق الموت فوق أرضك وأن يدفن في ثراك ، فهل في قلبك مكان أدفن فيه ، فبعدك آسى قلبي وأشجاني ، سأبكيك دموعاً لا تنضب ، سأحنّ إلى شوق قد يطول اليوم فيه لا أراكم ، فاقبلوا العذر مني إن ما عدت يوماً سأطوي قلبي على ذكراكم وأدين بأحلامي إلى كل الأوفياء ... فإلى كل الذين وقفوا بجانبي قولاً وفعلاً بقلوبهم وأركانهم وقد أسمعت صرخاتكم كل من جفّت ضمائره ، فما قلت زوراً حين قلت أحبكم ، فقد صدقتكم مودّتي وبياني ... عبرات تفيض من الوجد وكان الصدق عنواني ، فأنتم كرام في الأصل وماضيكم مجيد ، أخاطبكم بصوتي الذي اغتاله الألم ومن على نعشي ويد الموت عبثاً تحاول تقويض أركاني في عالم من حولي لا يسمع فيه سوى صدى الآهات وإيقاع السلاسل ، فإن لم تسمعوا صوتي فلن أندم على استئصاله ، فأنتم الذين لطالما تميزتم بوحدتكم وتكافلكم ولفظتم بأنفاسكم الضيم ، وكان من أصلابكم الأبطال ، فقدّمتم الشهداء والجرحى والأسرى ، ووقفتم في وجه المحتل ، ورفضتم الذل والخضوع والهوان فرسِّخوا من دعائم وحدتكم صرحاً شامخاً .. وكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضكم أزر بعض .. كونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى ، فليكن سلاحكم بينكم المحبة في الله ، أشيد بوفائكم فإن الوفاء من شيم الكرام ، رحلتم عن ناظري وبقيتم حباً محفوراً في قلبي ، بلدي وقف في أعناقكم ، بلدي عصيّة أن تستباح ، فإن أدمعي لمّا من عيون الحزن سالت رسمت اعتذاري لك فما عدت أقوى على حمل سلاحي لأدافع عنك من جديد بعد أن أصبحت جسداً تنهشه الأمراض ، فاقبلي تراب جسدي حين يبلى أعزّز فيه ترابك ، فاخلعي عنك ثوب الحزن والبسي ثوب العزّة ، سيعزّ اللقاء بإذن الله ، وإما عدت مع رفاقي فحسبي أنكم تعيشون على أرض كنت أعشقها ، فارحموا دمعة في مقلة طفلة تنتظر يوماً يكون فيه اللقاء ، نرتضي الموت ونأبى أن نهون في سبيل الله ما أحلى المنون والحمد لله رب العالمين محبكم أحمد النجار مستشفى سجن الرملة 5 / 6 / 2011 م |