وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كتب المحرر السياسي : عن "التوجيهي" ثاني وثالث ... ورابع !!

نشر بتاريخ: 28/06/2011 ( آخر تحديث: 30/06/2011 الساعة: 13:28 )
بيت لحم - معا - كتب ابراهيم ملحم- لم يتوقف الجدل الذي اثارته المقالة السابق بعنوان " اذا بلغ "التوجيهي" لنا رضيع........"، وهو جدل موسمي، اسال الكثير من الحبر على الورق، وقد اتخذ من حزيران باعتباره شهر الامتحان منصة للصراخ وحائط مبكى تقف عنده الجموع لتذرف عليه الدموع رهبة وقلقا من "التوجيهي" مالئ الدنيا وشاغل الناس".

ولعل اسئلة الرياضيات الصعبة وما رافقها من قلق بين الطلبة وذويهم معطوف عليها محاولة انتحار طالب وطالبة يرقدان على سرير الشفاء في مستشفى رام الله منذ ايام يقدمان المزيد من الذخيرة لمعارضي الامتحان، ويضعان الكثير من المبررات امام المسؤولين لتغيير قناعاتهم بجدواه، والشروع بالبحث الجدي عن مقياس بديل عن ذلك "المقياس الهرم" الذي يقيس تحصيل طلبة يعيشون زمانا غير زمانه وفضاء غير فضائه، وهو ما يستوجب بالضرورة استحداث اداة قياس من جنس الزمن الجديد، الذي يعيشه ويهيم فيه ابناؤنا الذين جاؤوا بما لم يستطعه الاوائل.

في الماضي كان الضرب وهو من مجايلي ذلك "المقياس الهرم"مباحا، وكانت عصاه واحدة من اهم ادوات التربية التي كان يتوكأ عليها معلمو ذلك الزمان دون ان يكون لهم اية مارب اخرى فيها غير اخضاع طلبتهم وتخويفهم لتربيتهم وتعليمهم حتى عادت تلك العصا " كالعرجون القديم" بعد ان يبست ورسبت في اختبار الجدارة التربوية، وباتت مصنفة كواحدة من اسلحة الدمار الشامل للنفس البشرية، لما تتركه في تلك النفس من ندوب وتشوهات، وما زالت اتارها ظاهرة على جلودنا، ومحفورة في اعماق نفوسنا كباقي الوشم في ظاهر اليد.

وطالما ان الوزارة وفي اطار خطواتها الاصلاحية قد اطاحت بالعديد من الانماط التعليمية والتربوية التي سادت طيلة عقود خلت منهاجا واساليب تدريس فان قرارا بالاطاحة باخر عنقود ذلك النظام التربوي القديم، واحد ابرز رموزه دكتاتورية وتسلطا واغترابا عن العصر بات ملحا اليوم اكثر من اي وقت مضى بعد ان خرج التعليم من غرفة الصف محكمة الاغلاق الى فضاءات مدرسة موازية ادواتها اكثر بهجة واغراء للتعلم.

ولعل السؤال الذي يتسلح به معارضو الاطاحة بالتوجيهي هو.. ماذا بعد ؟ وما البديل؟.

واحسب ان منطق الاجابة على هذا السؤال القديم هو: طالما ان الخلل في النظام الذي اوجد الامتحان، فان الحل يكون باسقاط ذلك النظام الذي وضع لعصر غير هذا العصر المحمول على ادوات تواصل وتعلم فاقت تلك التي ظلت سائدة لعقود خلت.

وطالما ان مخرجات التعليم المدرسي هي ذاتها مدخلات التعليم الجامعي فلماذا لا تتولى الجامعات نفسها اختبار قدرات الطلبة، واختيارهم وفق ميولهم واتجاهاتهم لما يناسبهم هم لا ما يناسب ذويهم ولا حتى معدلاتهم، بدل ادخالهم في امتحان لا يقيس قدراتهم الحقيقة، فبعض الجامعات تخضع الطلبة الى امتحان مستوى كثيرا ما رسب فيه من بلغ التسعين، واجتازه من لامس حواف السبعين، فلماذا نخضع الطلبة لامتحان مدرسي محاط بكل هذا القدر الكبير من الخوف والقلق طالما ان الطالب سيخضع لامتحان قدرات جامعي؟

نتذكر ويتذكر معنا الكثيرون ممن يتبوأون اليوم مواقع قيادية في اعلى سلم الهرم التعليمي طقوس ذلك اليوم الاخير من العام الدراسي والتي كان يتقدمها مشهد التمزيق الجماعي للكتب المقررة قبل ان تاخذ طريقها الى الحرق، وهي طقوس لم تكن تستهدف الكتاب بحد ذاته الذي كنا "نبصم" ما فيه "من الجلدة الى الجلدة" بقدر ما كانت تستبطن رفضا لوسائل وادوات، وطرائق التعليم السائدة انذاك.

واخيرا..تساءل عدد من القراء والاصدقاء ما اذا كانت مقالتي السابقة عن التوجيهي تعكس تجربة شخصية اجبت بنعم مستذكرا ان اجمل الروايات تلك التي ترصد السيرة الذاتية لكاتبها...فهذه السنة هي الثالثة التي اجلس فيها على مقاعد الامتحان جنبا الى جنب مع ابنة هي ثالثة ثلاثة كابدوا قلق الامتحان قبل ان يجتازوه بنجاح ....... والرابعة بعد صيف!!