|
رغم إصابتها بالداون- "وفاء" صمام الأمان للعائلة الفقيرة
نشر بتاريخ: 03/07/2011 ( آخر تحديث: 03/07/2011 الساعة: 14:55 )
غزة - معا- على ذات الكرسي تجلس وفاء حيث الخيوط وقطع التطريز التي تملأ الطاولة، من الصعب فهم جميع إيماءاتها فكلماتها تكاد لا تذكر في عالم اللغة.
وفاء أبو حبل فتاة "الداون" ذات 27 عاما لا تلمس في أعوامها تلك غير التعب والنَّصَب حيث ولدت في ظل أسرة فقيرة تقطن في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، لها من الأشقاء ثلاثة، وسبع من الشقيقات، كان قدر الإله أن تتميز وفاء بشكلها ووصفها دون إخوتها، لتكون الوحيدة التي تعاني من متلازمة داون، لكنها في الوقت ذاته الوحيدة التي تمنح الحياة لأسرتها الفقيرة فهي التي تحيك بيديها بعض المطرزات الجميلة لتمتلك بالمقابل قروشا "قليلة" تعيل بها أسرة ممتدة أثقلت كاهلها مرارة الأيام وأعياها غدر الزمن. الفتاة الأنيقة تمشي على استحياء لتصل إلى مكان عملها في الجمعية صباحا، لتقضي يومها كله مع نظيراتها من فتيات "الداون" في نفس المكان بين المطرزات والمشغولات اليدوية، ورغم طيبتها وجمال روحها البريئة فهي تحمل في جسدها أعباءً جمة ألقيت على عاتقها قدرا لا صدفة.. الأمل المفقود وفاء وإخوانها كان لهم من المرّ نصيب فـ "رفيق" الأخ الأصم لا يسمع من حديث الأسرة شيئا ولا يفقه سوى تمتمات تخرج من شفاه إخوانه يترجمها كيفما شاء. فقد أصيب "رفيق" بفشل كلوي لم يكن بوسع الأسرة أن تقف دونما مساعدة فقرر الوالد أن يتبرع بكليته لولده لكن الأمر لم يكن كما يراد، فالأب يعاني من تضخم في الكلى والأخ الآخر من حصى لينتهي بذلك الأمل المفقود وتبدأ المحنة الجديدة... وفاء تدفع الثمن قررت الأسرة أن تجري العملية لـ "رفيق" في مصر الشقيقة بتركيب كلية صناعية له، بتكاليف قدرّت بـ24 ألف دولار تحملت عبء سدادها "وفـاء" فهي الوحيدة التي تعمل وتنفق فأمها ايضا مصابة بالقلب والسكري وقد أقعدها الهم والمرض. وفي يوم عطلة وفاء الأسبوعي نشعر وكأن بيتنا أصبح واقعا مختلفا فوفاء رغم صغر حجمها وإعاقتها لكنها تحمل في طيات قلبها الصغير نشاطا وحيوية، تتجسد في بيتها البسيط وعملها المضني "بالفعل بصمات وفاء محفورة أينما حلت" هكذا اختتمت هناء حديثها عن وفاء. إذن فحكاية وفاء تروي وفاءً غير معهودٍ لعائلتها التي تعتمد عليها في تسيير أمورها المادية وهي التي تعاني من إعاقة الداون قدر صعب وحياة أصعب تعيشها وفاء بين عالم اختلت موازينه وتبلدت فيه المشاعر. |