وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

السعوديون ابطال العالم لذوي الاحتياجات الخاصة عاطلون عن العمل ويعيشون اوضاعا مأساوية ولم يحصلوا على حوافزهم بعد

نشر بتاريخ: 05/10/2006 ( آخر تحديث: 05/10/2006 الساعة: 20:47 )
بيت لحم - معا - اظهر تحقيق صحافي نشر في السعودية أن اغلب لاعبي المنتخب الذي حقق بطولة كأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة عاطلون عن العمل, بينما يعمل بعضهم في وظائف متواضعة. وأبان التحقيق أن اللاعبين يعانون من هضم حقوقهم المالية المترتبة على مشاركتهم في مونديال ذوي الاحتياجات الخاصة الذي اختتم اخيراً في المانيا قياساً على ما يحصل عليه نظرائهم الأصحاء، حيث تقاضى كل لاعب أثناء البطولة 80 ريالا كمصروف جيب يوميا فيما كان لاعبو المنتخب السعودي الأول لكرة القدم يتقاضون قبلها بثلاثة أشهر 400 ريال يوميا.ولم تتجاوز مكافآت الفوز التحفيزية عن كل مباراة لهؤلاء اللاعبين مبلغ 400 ريال فيما يتقاضى لاعبو المنتخب الأول ثلاثة آلاف ريال تتضاعف دائما حتى أنها وصلت عقب التعادل مع تونس في أولى مباريات المنتخب في مونديال ألمانيا إلى 100 ألف ريال لكل لاعب.

ويقول عبد العزيز الخالد مدرب المنتخب البطل الذي حقق الكأس الأخيرة "إن هؤلاء اللاعبين كانوا يجمعون مصروفهم اليومي في ألمانيا إضافة إلى مكافأة الفوز ليقفوا طوابير أمام البنوك هناك لتحويلها لأهاليهم في الرياض الذين يعانون الفقر والحاجة".

وكشف التحقيق الذي اجراه الصحافي نايف الثقيل ونشرته صحيفة "الاقتصادية" السعودية أن اغلب لاعبي المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة يعانون ظروفاً معيشية صعبة بداعي الفقر المدقع الذي تعانيه أسرهم في غير مكان من البلاد.
وظيفة تنقذ والد الهداف

وعرض مهاجم المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة عمر كسار معاناته للصحيفة من داخل بيت شعبي تصدعت أركانه، وتشققت جدرانه، مؤكدا أنه تعب كثيرا من أجل البحث عن وظيفة تمكنه من مساعدة والده الذي يعول عائلة كبيرة مكونة من 19 فردا ويتقاضى مرتباً شهرياً لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال بعد أن تقاعد عن العمل في القطاع الخاص، وقال "لم أتمكن من الحصول على وظيفة تدر علي دخلا شهريا أؤمن بها قوت عائلتي اليومي لأساعد والدي الذي يبكيني بحرقة لأنه يواجه ظروفا صعبة إلى الغاية".

وقال "طرقت أبوابا عدة طالبا وظيفة تسد عوزي وحاجة والدي وأسرتي ولكن لم أجد قبولا وتجاوبا من المسؤولين".

وتابع بألم وحسرة "أنا شاب في مقتبل العمر وقادر على العمل في أي مكان وإعاقتي لا تمنعني من ذلك، ولكن أحتاج إلى منحي فرصة من أصحاب العمل كي أثبت وجودي وقدرتي، وأنقذ أسرتي وأخوتي الـ 19 من الضياع".


واضاف أنه يسكن في منزل شعبي صغير في حي "الجرادية" الفقير يتكون من طابق واحد ولا يتسع لعائلته التي تتكون من 19 فردا، وقال "نحن في حاجة إلى منزل كبير يسعنا"، لافتا إلى أن والده لا يملك وسيلة نقل، ما يزيد من متاعبهم.

وعن المكافآت المالية التي حصل عليها بعد تحقيق المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة كأس العالم، رد "لم نتسلم حتى الآن أي مكافأة، تسلمنا فقط مكافآت الفوز في المباريات التي خضناها في المونديال".
حارس المنتخب سائق سيارة اجرة
وركب حارس المنتخب السعودي ماجد شيعان سيارة الأجرة ليبحث عن لقمة العيش العسيرة،و شكا حارس الأخضر من الظروف الصعبة التي يعانيها وتعانيها عائلته،وقال "ظروفنا المادية صعبة جدا بعد أن تركني والدي صغيرا أتحمل مسؤولية عائلة مكونة من تسعة أفراد، دون مساعدة أحد".

وصرخ بصوت عال "أعيش وضعا مأساويا وبحاجة ماسة إلى المساعدة حتى أتمكن من توفير قوت أسرتي ومصروفهم اليومي، حيث لم أتمكن حتى الآن من توفير احتياجات المنزل في شهر رمضان لعدم وجود دخل مادي لدي فأنا لست موظفا".

وأكد أنه يعيل أسرته التي تقطن في منزل مستأجر في الدمام، وقال "تركني والدي وأنا صغير أتحمل مسؤولية والدتي وأشقائي التسعة وليس لدي دخل شهري أتمكن به من سد حاجاتهم وتسديد إيجار المنزل الذي يأويهم ويحميهم من التشرد والضياع".

وأضاف "أعمل سائق سيارة أجرة اقتنيتها بنظام التأجير المنتهي بالتمليك، ولكن المبلغ الذي أتقاضاه من العمل يذهب إلى الشركة المالكة إلى السيارة".

وبيّن شيعان أنه تقاضى ألفي ريال فقط بعد تحقيقهم كأس العالم إثر فوزهم على هولندا بضربات الترجيح 9/8، وقال "تسلمنا ألفي ريال مقابل فوزنا في النهائي، إضافة إلى مصروف يومي قرابة 80 ريالاً فقط، ومكافآت الفوز عن كل مباراة تبلغ 400 ريال في الدور الأول، 800 ريال في الدور الثاني، وألف ريال في نصف نهائي".

وأضاف "عند عودتي إلى السعودية فوجئت بأقساط متراكمة من السيارة أثناء تواجدي في المعسكرات الخارجية تجاوزت سبعة آلاف ريال، وقمت بدفعها من المكافآت كي لا تقوم شركة التأجير بسحب السيارة".
الأخضر أضاع أسرتي

وأكد شيعان أن عائلته لم تجد من يوفر لها احتياجاتها أثناء وجوده في معسكر المنتخب السعودي الخارجي، وقال "عاشت عائلتي ظروفا صعبة عندما تركتهم دون عائل وذهبت لخدمة الوطن".

وأفصح شيعان أنه خلال مشاركته في معسكر المنتخب السعودي في تونس استعدادا لكأس العالم تعرض لإصابة في الرباط الصليبي للركبة اليمنى ما يستوجب إجراء عملية جراحية، وقال "تركت أهلي في الدمام وأتيت إلى الرياض لمراجعة المقر الرئيسي للاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لأطالبهم بتحمل تكاليف العملية"، مضيفا "أخطروني أن البروفيسور الدكتور سالم الزهراني إخصائي إصابات الملاعب، تكفل بعلاج لاعبي المنتخب السعودي المصابين بمناسبة تحقيق كأس العالم وما زلت أنتظر".

وأضاف "في حال إجراء العملية سأواجه مشكلة كبيرة حيث لن أتمكن من العمل في سيارة الأجرة لمدة تتجاوز شهر ونصف، لأنني سأبقى أسيرا للجلسات العلاجية، ما يترتب عليه انقطاع الدخل المادي الوحيد الذي أتمكن من خلاله تغطيت متطلبات عائلتي"، مشيرا إلى أنه مقبل على فترة صعبة حيث لن يتمكن من قيادة السيارة بعد العملية. وقال "ملزم بدفع أقساط السيارة رغم توقفها".

وأفصح شيعان أنه من اللاعبين الأوائل الذين التحقوا بالمنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة، لافتا إلى أنه لم يستفد ماديا من مشاركته مع منتخب بلاده، وقال "كنا نشارك في بطولات عديدة ونحقق إنجازات كبيرة، ولكن لا نمنح مكافآت مالية حتى شاركنا في كأس العالم، حيث خصص لنا مصروف يومي ومكافآت فوز".
المصروف يذهب لأسرهم بحوالات
وكشف عبد العزيز الخالد مدرب المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة، أن بعض اللاعبين أوضاعهم المادية سيئة للغاية، وقال "غالبيتهم عاطلون عن العمل ويعولون أسراً كبيرة ما يزيد من معاناتهم المادية، وكذلك يعمل بعضهم الأخر في وظائف مرتبها الشهري ضعيف لا يسد متطلبات أسرهم".

واضاف "غالبيتهم يقطنون في مساكن مستأجرة ما يزيد من معاناتهم وحاجتهم إلى المساعدة من الميسورين"، لافتا إلى أنه لاحظ حرصهم الكبير على أسرهم وهم في الخارج، وقال "يجمع اللاعبون المصروف اليومي ومكافآت الفوز طوال أيام الأسبوع ثم يحولونها إلى حسابات عوائلهم في البنوك المحلية، وهذا يدل على مدى الحاجة الكبيرة والعوز الذي تعانيه أسرهم".

وأضاف "تعلمت الكثير من خلال مرافقتي لهم أثناء المعسكرات حيث لاحظت أنهم يؤثرون على أنفسهم ويقدمون أموالهم إلى عوائلهم وهذا يدل على مدى إنسانيتهم وتضحيتهم في سبيل سد حاجة أسرهم"، مشيرا إلى أن الاتحاد السعودي وفر السكن والمعيشة للاعبين أثناء التحاقهم بالمنتخب.

وشدد مدرب الأبطال وصانع الأمجاد على أن اللاعبين رغم ما يعانون من وضعهم المادي إلا أنه لم يؤثر في مستوياتهم أثناء المعسكرات الإعدادية وبطولة كأس العالم، وقال "الوضع المادي لم يؤثر في حرصهم على تقديم إنجاز عالمي يسجل باسم الوطن وبذلوا فوق طاقاتهم أثناء التمارين ولم يتأثر عطاؤهم داخل الملعب".

وزاد " اللاعبون يتمتعون بحس وطني عال ورغبة صادقة في إثبات وجودهم من خلال مشاركتهم مع المنتخب، وكان تحقيقهم كأس العالم حلماً صعب المنال تمكنوا من تحقيقه".

وأضاف "ربما أراد اللاعبون قبل أن يشاركوا في البطولة العالمية أن يثبتوا للمجتمع أنهم ليس لديهم قصور وباستطاعتهم فعل ما يقدمه الأصحاء للاندماج مع المجتمع".

وكشف مدرب المنتخب السعودي أن اللاعبين ضربوا أروع الأمثلة الالتزام والجدية أثناء مشاركتهم في المعسكرات وقال "بدأنا الاستعداد في الرياض وانتقلنا بعدها إلى تونس وكان اللاعبون في قمة الانضباط والرغبة الجادة في تقديم الكأس لوطنهم".

وطالب الخالد رجال الأعمال وميسوري الحال أن يقدموا المساعدة للاعبين بعد أن قدموا لهم كأس العالم، وقال "نتعشم خيرا في رجال الأعمال بتكريمهم ومكافأتهم على الإنجاز ورد الجميل لهم، ولا سيما أنهم يعيشون ظروفاً أسرية صعبة ويلزم أن يكونوا في وضع أفضل لأنهم أبطال العالم".

وشكر الخالد أحمد الزامل رئيس هيئة أعضاء شرف نادي القادسية، الذي قدم مليون ريال مكافأة للأبطال نظير تحقيق كأس العالم، وقال "أتمنى من رجال الأعمال أن يحذوا حذوه ويقدموا ما تجود به أنفسهم".

الظروف تحاصر أبطال العالم

وأيّد ناصر الصالح أمين الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة، ما ذكره اللاعبون عن الظروف الأسرية الصعبة، مؤكدا حاجتهم للمساعدة، وقال "أغلب اللاعبين يمرون بظروف صعبة للغاية، ولا سيما أنهم بلا وظائف".

وأرجع الصالح السبب في عدم حصول اللاعبين على فرص وظيفية إلى عدم إكمالهم الدراسة وحصولهم على مؤهل علمي، وقال "ربما لم تسمح لهم الظروف الأسرية بإكمال دراستهم ما أنعكس على مستقبلهم الوظيفي".

وناشد أمين الاتحاد السعودي، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لشؤون الإعاقة بتوفير فرص وظيفية لذوي الاحتياجات الخاصة في الجهات الحكومية، وقال "الملك عبد الله حريص على توفير سبل المعيشة الممتازة لجميع فئات المجتمع السعودي، ونرجو من الملك أن يولي هذه الفئة الغالية على قلوبنا اهتماماً ويوفر لهم وظائف".

وعن إمكان قدرتهم على العمل في الوظائف الحكومية، أجاب "من خلال قربي منهم لن يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة مصاعب في الانخراط في الوظائف التي لا تحتاج إلى جهد ذهني مثل العمل كمراسل في الوزارات الحكومية".

وبيّن الصالح أن إمكانات الاتحاد السعودي المادية محدودة، وأبان "نشرف على أربع إعاقات ونعتمد بعد الله على الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم رئيس الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة، والذي يبذل جهداً كبيراً ليوفر لنا المتطلبات الضرورية، ولا سيما أنه يصرف علينا من جيبه الخاص في كثير من الأحيان"، مناشدا في الوقت ذاته رجال الأعمال الوقوف مع ذوي الاحتياجات الخاصة لإثبات أن المجتمع السعودي مجتمع يهتم بجميع فئاته.

وعن شكوى اللاعبين من عدم وجود حافلة تنقلهم إلى التمارين، رد "لدينا حافلة واحدة فقط ولا نستطيع أن نستخدمها في جلب اللاعبين إلى التدريب لأن الرياض كبيرة والحافلة لا نستخدمها سوى في الضروريات"، مشيرا إلى أن ذوي الإعاقة الحركية يحتاجون إلى حافلة خاصة بهم تتوافر فيها وسائل السلامة الضرورية ومقاعد خاصة".