وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في غزة.. صيادلة ومحامون ومهندسون يرتدون الدمى بمخيمات "الاونروا"

نشر بتاريخ: 09/07/2011 ( آخر تحديث: 09/07/2011 الساعة: 14:59 )
غزة - معا - إسماعيل شكشك- لجأ المئات من خريجي الكليات المختلفة في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة إلى العمل ضمن برنامج ألعاب الصيف الذي تنظمه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، وعدم توفر فرص عمل في تخصصاتهم العلمية والأدبية.

ولكن ما أثار حفيظة الخريجين واستيائهم هو إجبارهم على ممارسة نشاطات وألعاب اعتبرها البعض تقلل من مستواهم العلمي والاجتماعي، ولا تمت بأي صلة إلى تخصصاتهم العلمية وخبراتهم العملية، حيث يعمل في البرنامج خريجين من كليات الهندسة والصيدلة والحقوق والإعلام والتجارة والعديد من التخصصات الأخرى، معتبرين أن من هم في إدارة المخيمات يحملون شهادات علمية اقل من التي يحملونها.

وتطلب إدارة المخيمات من الخريجين الذين يعملون ضمن البرنامج كمنشطين ممارسة نشاطات ضمن زوايا المخيم التي تتنوع ما بين لبس الدمى وتعليم الدبكة الشعبية والفلكور، والألعاب المائية والألعاب الشعبية والإيقاعية ورياضة كرة القدم والطائرة والسلة وصنع الطائرات الورقية.

|136657|
علي جميل 24 عاماً مهندس مدني تخرج قبل عام من كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية بغزة ولم يحصل على عمل منذ عام، يقول: "تلقيت اتصالا من الاونروا وطلب مني العمل ضمن المخيمات وبسبب عدم توفر أي عمل أخر قبلت به على الرغم من أنني غير متقبل لمبدأ العمل ضمن هذه المخيمات لأنها ليست من اختصاصي ولا من مستواي العلمي".

ويضيف المهندس علي: "طلب مني مدير الموقع الذي فرزت للعمل به أن البس الدمية والتي هي عبارة عن ملابس تشبه شكل (الفيل)، فرفضت بشكل تام هذا العرض وبعد محاولات طويلة سمح لي بممارسة نشاط أخر، والآن اعمل في الموقع وأنا غير مقتنع بهذا العمل"، متسائلا: "كيف لخريج يحمل شهادة الهندسة أن يعمل بهكذا عمل أم هو مجرد استغلال لحاجات الشباب الذين يعانون من البطالة ؟".

ويتابع: "لم تتوقف الأمور إلى هذا الحد فمن يعمل في إدارة المواقع هم من مدرسي الصفوف الابتدائية ويحملون إما دبلوم أو بكالوريوس تربية ويعاملونا كأننا لا نحمل شهادات علمية مع العلم أن معظم المنشطين في المخيمات يحملون شهادات أعلى من التي يحملها مديري المواقع".

وتنظم "الاونروا" منذ سنوات برنامج ألعاب الصيف للترفيه عن الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة عبر إقامة مخيمات ترفيهية في المدارس والمواقع البحرية، وتقوم بتشغيل المئات من الخريجين من التخصصات المختلفة "كمنشطين" لفترة مؤقته براتب يومي لا يتجاوز 14 دولاراً لليوم الواحد.

عبد الرحمن محمد 23 عاماً خريج كلية التجارة من الجامعة الإسلامية تخصص إدارة أعمال يعمل في احد المخيمات ويقوم بصناعة الطائرات الورقية للأطفال يتساءل: "من أوصلنا إلى هذا الحال؟ هل درسنا 4 سنوات في الجامعة وحصلنا على أفضل المستويات في الدراسة لنقوم بصناعة الطائرات الورقية ؟!".

ويضيف عبد الرحمن: "لماذا لا تقوم إدارة الاونروا بتوفير فرص عمل أفضل لمن يحمل الشهادات العلمية، أو العمل في المناصب الإدارية في برنامج ألعاب الصيف وكل شخص يعمل في تخصصه وليس في زوايا لا تمت بصله للتخصصات والخبرات التي يحملها الخريجين الذي يشعرون بالإهانة في بعض الأحيان من هذه الأعمال ولكن الظروف الاقتصادية أجبرتهم على ذلك".

من جانبها إيمان 24 عاماً خريجة تخصص لغة انجليزية من جامعة الأقصى منذ عامين ولم تحصل على فرصة عمل مما جعلها تلجأ للعمل في برنامج ألعاب الصيف تقول: "على الرغم من وجود زاوية مخصصه للغة الانجليزية تم فرزي للعمل في زاوية رسم الجداريات وفي ظروف غير مناسبة وتحت أشعة الشمس"، متسائلةً: "لماذا لا يتم أخذ التخصص في عين الاعتبار؟ ولماذا لا تقوم الاونروا بتوفير فرص عمل مؤقت في مجالات أفضل للخريجين؟".

وتبين دراسة أجراها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2010، أن معدل البطالة للأفراد ما بين 20-29 عاما في الأراضي الفلسطينية ممن حصلوا على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس يبلغ 44.8%، بواقع (35.7% في الضفة الغربية و57.7% في قطاع غزة)، حيث بلغ أعلى معدل بطالة في قطاع غزة.

"التحقت في برنامج ألعاب الصيف على أساس أنني سأعمل في تخصصي ومجالي وأكون ملحق طبي في المخيم لأقدم الإسعافات الأولية للأطفال في حال تعرضهم للإصابة، ولكن تفاجأت عندما طلبت مني إدارة المخيم ممارسة أنشطة وألعاب أخرى لا علاقة لها بتخصصي"، بهذه الكلمات تحدث محمد 26 عاماً خريج كلية الصيدلية من جامعة الأزهر بغزة.

وتابع بالقول: "أجبرتنا الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي وقلة فرص العمل ولجأنا للعمل في مخيمات الاونروا ضمن تخصصاتنا ولكن ما أثار حفيظتي عندما يطلب مني ممارسة ألعاب بسيطة ولا تليق بمكانتي كصيدلي وأنا فرزت منذ البداية للعمل كملحق طبي، فهذه سياسة خاطئة تتبعها الاونروا بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال مدراء المواقع الذين لا يحترمون مكانة الخريجين وتخصصاتهم".