|
بورصة فلسطين.. العمود الفقري للاقتصاد الوطني
نشر بتاريخ: 20/07/2011 ( آخر تحديث: 21/07/2011 الساعة: 09:49 )
رام الله- معا- تمثل أسواق المال عاملاً أساسياً في تنمية الاقتصاديات الحديثة، ولعل أهميتها لا تكمن فقط باعتبارها مكاناً لتداول الأوراق المالية، بل تخطت ذلك، لتلعب أدوار أخرى هامة على صعيد الاقتصاد الكلي والمساهمة الفاعلة في عملية التنمية الاقتصادية. وكسائر القطاعات الاقتصادية في الوطن، عايشت بورصة فلسطين في السنوات الأخيرة تحديات جمة، لكنها ورغم الواقع الاقتصادي المعقد، لم تغفل دورها الفاعل في تعزيز صمود الاقتصاد الوطني وتنميته، فكانت عامل قوة لتعزيز نمو هذا الاقتصاد.
وفي إطار دورها الاقتصادي، يؤكد د. محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، على الدور الهام الذي تلعبه البورصة في تطور وتنمية الاقتصاد الوطني، استناداً إلى مجموعة من المعطيات التي تعكسها على الواقع الاقتصادي الفلسطيني؛ كالمساهمة في توفير رأس المال والسيولة، مضيفاً بأن البورصة الفلسطينية تعمل على توجيه المدخرات نحو فرص الاستثمار، ودفع عملية التنمية وتعزيز نهج الشفافية، وتوفير فرص استثمار جيدة، "وبأدائها المتميز وحفاظها على بيئة آمنة لتداول الأسهم وانتهاجها لمعايير العدالة والشفافية، أسهمت في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار وتعزيز القطاع المالي الفلسطيني." كما يبرز دور البورصة من خلال ما توفره لصغار المستثمرين من فرصة للاستفادة من استثمار مدخراتهم لتحقيق عوائد استثمارية مناسبة، وأيضاً المساهمة في تحقيق النهضة الاقتصادية للوطن، فمن خلال مساهمتهم في الشركات المختلفة، فذلك يتيح المجال لتوسع هذه الشركات، وبالتالي فتح آفاق اقتصادية واستثمارية جديدة لها، والمساهمة في توفير فرص العمل والحد من الاعتماد على المنتج المستورد. |138327| مقياس الأداء الاقتصادي البورصة في مقاييس المحللين تُعد أحد أهم المؤشرات الهامة لقياس الأداء الاقتصادي، فعلى مدار الأعوام الماضية، وحتى الآن، أثبتت بورصة فلسطين قدرتها على العمل في مختلف الظروف، وبحسب د. مصطفى فأن البورصة تمتعت بالمناعة تجاه تقلّب الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة، ما ساعدها في أن تكون مصدر حماية للمحافظ الخارجية التي تقرر الاستثمار في فلسطين، مضيفاً بأن "إقبال الصناديق الاستثمارية العربية والعالمية والمحلية للاستثمار في بورصة فلسطين يعكس ثقةً واضحةً في أدائها، فقد حققت نمواً مضطرداً وتصدرت أداء البورصات العربية منذ مطلع العام، فضلاً عن أن التزامها بالممارسات العالمية والمعايير الدولية لأسواق المال ما زاد من ثقة المستثمر في أدائها". إذاً، أضحت البورصة تشكل وعاءً ليس لتجميع المدخرات والاستثمارات الوطنية فحسب، وإنما أيضاً لجذب الاستثمار الخارجي، ووفقاً للدكتور محمد مصطفى فأن جل هذه العوامل الإيجابية دفعت المستثمرين الأجانب للنظر في الفرص الاستثمارية في فلسطين، قائلاً: لاحظنا هذا الإقبال من قبل الصناديق المختلفة على الاستثمار في بورصة فلسطين، فكان آخرها صندوق رسملة للأسهم الفلسطينية الذي بدأ حديثاً استثماره في أسهم الشركات المدرجة، فدخول صناديق الاستثمار كهذه يعطي دفعة قوية للبورصة والشركات المدرجة، ويعزز فرص الترويج لفلسطين كبيئة استثمارية آمنة، وخيار استراتيجي للاستثمار، ويسهم في جذب الاستثمارات العربية والأجنبية. وفي سياق متصل، أشار د. مصطفى إلى مبادرات صندوق الاستثمار الفلسطيني، قائلاً: مما لا شك فيه أنه كلما كانت الثقة عاليةً في بورصة فلسطين، كما هو الحال، الآن، كان الإقبال على الاستثمار فيها أكبر وأعلى، ونحن في صندوق الاستثمار الفلسطيني نعد من أكبر المستثمرين في بورصة فلسطين، فقد قمنا خلال العام 2010 بتأسيس شركة خزانة لإدارة استثمارات الصندوق في أسواق رأس المال بشكل عام، وفي بورصة فلسطين بشكل خاص لتجسد إيمان الصندوق وثقته العالية بقدرة الشركات الفلسطينية المدرجة على العمل وعلى تحقيق الأرباح والنمو، حيث بلغ حجم محفظة الصندوق الاستثمارية في بورصة فلسطين حوالي 245 مليون دولار أميركي حتى منتصف العام الحالي، ويعادل حجم هذه المحفظة حوالي 15% من قيمة الشركات التي يساهم فيها الصندوق، وحوالي 8% من قيمة السوق كله. وتتوزع هذه المحفظة على مجموعة من القطاعات الحيوية، كالصناعة والقطاع المصرفي والخدمات والاتصالات والاستثمار. مواكبة اتجاهات النمو الاقتصادي من جانبه وصف د. حسن أبو لبده، وزير الاقتصاد الوطني، البورصة الفلسطينية بالمحصنة ضد الصدمات، وقال: هذا يأتي لعدة أسباب، منها أن اقتصادنا الفلسطيني معزول، وبالتالي العلاقات الخارجية للبورصة ضعيفة، وهذا يعني أنه لا توجد قوى جذب وطرد تؤثر على أسعار الأسهم، مضيفاً بأن خصوصية البورصة، وربما ميزتها، أنها بورصة صغيرة بحد ذاتها، وبشركاتها المدرجة، وبالتالي لا سيولة كبيرة فيها تجعلها عرضة لتغييرات محكومة بالمضاربة، وبسبب حجمها الصغير، وقلة عدد المستثمرين فيها نسبياً فهي محصنة من أية هزات إقليمية أو عالمية، وبحسب أبو لبده، فأن "أسعار الأسهم الحالية مغرية جداً بقراءة أي محلل مالي، كما أن نسبة العائد على الاستثمار عالية، لذا نرى أنه في حال حدث نمو اقتصادي حقيقي فإنها ستكون مؤهلة لمواكبه اتجاهات النمو هذه." |138326| ويشير أبو لبده إلى العام 2005، ووفقاً لرؤيته، فأن المشكلة تكمن في علاقة البورصة بصغار المستثمرين خاصة بعد أزمة العام 2005، كما تنقصها عديد الأدوات التي يمكن أن تدفعها للأمام، وهذا يتعلق بصيرورة العملية الاقتصادية، فلا مستثمرين أساسيين، ولا صناديق تقاعد، ولا وجود لصانع السوق، أو المشاريع الكبرى ذات البعد الدولي في البورصة، التي هي، وبسبب كل ذلك في أمس الحاجة لبناء استراتيجية تشجيع الاستثمار المحلي خاصة لصغار المستثمرين الذي يجب أن يعلموا أن ادخاراتهم في البورصة ستعود بعائد مالي عليهم أفضل من ادخاراتهم في أي مكان آخر. وختم أبو لبدة بالتأكيد على أن "بورصة فلسطين مكون أساسي من مكونات الاقتصاد الوطني، لكن يتطلب تفعيلها زيادة ثقة المجتمع فيها، والحملة التشجيعية والتوعية المتواصلة مهمة ويجب أن تتكثف، لأن النتائج لن تكون فورية، بل هي طويلة الأمد، خاصة أنها تتعلق بإحداث تغيير في بنية الوعي الاستثماري لدى المجتمع الفلسطيني، وبحسب وجهة نظره، فالأمر يتطلب "وقفة جادة وجريئة أمام ما حصل في العام 2005، لتجاوز هذه العقبة التي لا تزال تحول دون ترميم جسور الثقة التي انهارات بين المواطنين والبورصة بسببها." |