وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الأسير المريض النجار في رسالة مؤثرة الى وزير الاسرى

نشر بتاريخ: 28/07/2011 ( آخر تحديث: 29/07/2011 الساعة: 09:40 )
رام الله - معا - تنشر وزارة شؤون الأسرى والمحررين نص الرسالة التي وجهها الأسير الفلسطيني أحمد النجار من بلدة سلواد –قضاء رام الله المحكوم 7 مؤبدات منذ 25/12/2003 ويقبع في مستشفى الرملة حيث أجرى عملية استئصال ورم سرطاني في الحنجرة، فقد على أثرها الكلام وجهها، الى وزير الأسرى عيسى قراقع.

وفيما يلي نص الرسالة:
الأخ الوزير المحترم وكل من يقف معنا قولا وعملا بقلبه وجوارحه سلام الله عليكم، من وقع آلامي ومن على نعشي ويد الموت عبثا تحاول تقويض عالم أركاني، أخاطبكم وبصوتي الذي اغتاله الألم لست شاكيا ولا مناشدا فقد عاهدت نفسي أن لا أشكو مصيبتي إنسان ولا أن أحدث بأوجاعي أحد، سأصبر على مأساتي وأرسل صرخات آهاتي الى السماء أشكو لله أحزاني فهو من يسمع سري ونجواي و شكواي، لكن كان حق على أن أدين بأخلاقي الى كل الأوفياء، الى كل من يقف معي ومع إخواني المعذبين حيث ما فتيء الجلاد يرقص على انغام أوجاعهم وصرخات آهاتهم، إليكم يا من وقفتم معنا قولا وعملا بقلوبكم وجوارحكم، لكم مني انا الوجيع أقدم جزيل شكري ووافر امتناني، أشيد بجهودكم وقد سمعت صرخاتكم كل من جفت ضمائرهم وصمت آذان عروبتهم عن آهات الأسرى ومنهم المرضى.

قد أدركت مرضي منذ الوهلة الأولى قبل سنوات وصرخت بصوتي قبل أن يغتاله الألم ولكني ما أسمعت حيا، بث الجلاد سموم غدره فيّ وماطل حتى أصبح الموت ملاذ الرحمة لي علني أنعى واقعي المر، فاستأصلوا أوتار صوتي وحنجرتي والغدد اللمفاوية والدرقية وأغلقوا مجرى نفسي عن طريق الأنف والفم وعدت فقط أتنفس عن طريق أنبوبة بفتحه عن طريق الرقبة والرئة مدى حياتي ونزعوا شريان صدري وزرعوه في رقبتي، صدمات وصولات وجولات كنت أتلقاها بصبر، حاولوا زرع جهاز للكلام داخلي لكنه لم ينجح، أرادوا زرعه ثانية لكني رفضت لأنه بحاجة لعملية وأنا ما عدت احتمل آلام الجراح، اقترحوا عليّ جهاز خارجي لكن المشكلة كانت عندهم من يدفع تذرعوا باني مواطن أمريكي ولا احمل الهوية، والصليب في هذه الحالة يرفض أن يدفع.

قلت لهم وطني سكن قلبي منذ أن ولدت وأنا لم أولد فيه وكلما كبرت كبر حبي له وسأبقى أكتب عن حبي له حتى أفنى فيه، فإن عجزتم عن حق نيلنا للحرية وإنقاذ حياتنا فحسبكم فإني قد ودعت أيام سعادتي ورثيت غايتي التي كنت أنتظر فاستشهدت تلك الأيام العتيدة ودفنت غايتي حية، وبقي جسدي ينتظر أن يوارى الثرى وأنا حي أموت وسألقى ذاك الواقع المر وأبعثر دموعا على وطن قد يرحل عني، وأذكركم باني لا أحمل الهوية فإني إذا مت فسوف أبعد لأدفن غريبا عن وطني الذي لطالما عشقت الى البلد الذي ولدت فيه وفقا لما يتلاءم مع الأعراف عندهم.

لذا أوصيكم وبصوتي المجروح إن عجزتم عن إخراجي حيا فلا تسمحوا بإبعادي ميتا عن وطني، فإني قد وهبت جسدي حين يبلى ترابا أعزز فيه تراب بلدي، فيا وطني سأبكيك دموعا لا تنضب وسأجد لي شوقا قد يطول اليوم فيه لأراك وأن ما عدت يوما فارحموا مقلة في عين طفلة تنتظر يوما يعز فيه اللقاء.

بنيتي ليس الانتصار الوحيد أن أبقى حيا، قد يصلك أنين قلبي فانثريه على أرضي ينبت لك دروب رياحين وعنبر فاصنعي منهم الحياة لأني سأرحل عنك ولن تسمعي بعد الآن صدى آهاتي وأشجاني ، وأقول عذرا إن بدا في كلماتي آثار الجروح هي كلمات كتبتها بدم القلب وجرحي أعمق من أن يندمل، فإن شطحت فهو نزيف الكلمات التي تراكمت في قلبي بعد أن أخرسني الألم، كتبتها بجوارحي ففاضت جوارحي بالمشاعر بعد أن عشعش المرض يستنزف جسدي حتى أصبح الألم الطعم الذي أستسيغه ، والأنس الذي اسمر معه كلمات حاكيت.

الأسير أحمد مصطفى حامد النجار
مستشفى سجن الرملة