|
مشروع بناء الأرشيف بجامعة بيرزيت.. محاولة لوقف اغتيال الهوية والتاريخ
نشر بتاريخ: 09/08/2011 ( آخر تحديث: 09/08/2011 الساعة: 11:57 )
رام الله- معا- لطالما كان التاريخ مرآة الأمم، يعكس ماضيها، ويترجم حاضرها، وتستلهم من خلاله مستقبلها، ولذلك من الأهمية بمكان الاهتمام به، والحفاظ عليه. فالشعوب التي لا تاريخ لها لا وجود لها، خصوصاً في الحالة الفلسطينية والتي يشكل التاريخ مصدراً مهماً في الكفاح ضد الاحتلال، وإثبات الحق الفلسطيني المسلوب.
وإدراكاً لأهمية التاريخ الفلسطيني، سعت جامعة بيرزيت ومن خلال معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية، إلى بناء الأرشيف الفلسطيني، بحيث تصبح الجامعة على المدى الطويل، مخزونا رئيسيا لحفظ تلك الوثائق وتوفيرها بشكل رقمي، لحمايتها من الضياع والتلف بشكل لا يسمح بإعادة إصلاحها. تتمثل فكرة مشروع "بناء الأرشيف الفلسطيني"، في جمع عدد هائل وضخم من الأرشيفات المتوفرة هنا وهناك وفي كل مكان؛ سواء داخل فلسطين أو خارجها، والعمل على حوسبتها لضمان حفظها وعدم فقدانها. كما أن المواد التي تتم أرشفتها، ستضع القارئ على الطريق الصحيح لفهم واقع المجتمع الفلسطيني ومعطياته، وسترصد حياة الفلسطينيين من خلال تركيز العمل على جمع وثائق المنظمات غير الحكومية والعائلات والأفراد الذين يحوزون على وثائق، وبالتالي جمع أرشيفات ذات علاقة بالتاريخ والسياسة والمجتمع الفلسطيني، وأكثر تحديداً، فإن معظمها عبارة عن تاريخ شفوي ولكن يشتمل على إفادات خطية (مكتوبة ) ووثائق أخرى. كما يهدف إلى خلق وتوفير مساحة مفاهيمية ومادية لأرشيف فلسطيني رقمي تحتضنه جامعة بيرزيت، بحيث يشمل الأرشيف كافة الوثائق الفلسطينية غير الرسمية بما فيها الشهادات الشفهية والإفادات المكتوبة والمسجلة. وحول آلية العمل، يتحدث الأستاذ في الدراسات الدولية، وأحد القائمين على المشروع د. روجر هيكوك عنها قائلا:" لقد تمت زيارة سلسلة من المنظمات غير الحكومية في محافظات رام الله والبيرة، الخليل، بيت لحم، القدس، ونحن بحاجة لبذل جهود إضافية في المرحلة الثانية تتركز في اتجاهين، الأول: التشبيك مع منظمات في محافظة الشمال مثل نابلس وجنين ومحافظات أخرى لم يتم التشبيك معها، والثاني: يتطلب العودة إلى الأماكن التي تمت زيارتها لإكمال عملية الأرشفة. وفي حال استمرارية المشروع وتوسعه بشكل كبير، فإنه بالتأكيد سيشمل غزة، بالإضافة إلى جمع وثائق الأرشيفات المحفوظة في دول الجوار، وبخاصة لبنان". ويضيف د. هيكوك:" لقد عقدت اجتماعات عدة مع منظمات غير حكومية مختلفة، وأحياناً كنا نقوم بها أكثر من مرة، وذلك بهدف التحقق من أحاديث المديرين والمشرفين والموثقين والمؤرشفين والاعتبارات المحتملة في ثنايا حوارهم، وهنا وجدنا أن الأرشيف الكامن كان هائلاً، وأجزاءه لم تزل قابعة في المكاتب التي زرناها". أما عن المشاكل والعقبات التي تواجه فريق العمل لجمع وتوثيق وحوسبة الأرشيف، قالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة د. لورد حبش، والتي تشارك في تنفيذ المشروع: " المشاكل جمة، لعل أبرزها غياب الوعي العام بأهمية الأرشيف الفلسطيني، فكثير من المؤسسات يرفضن فكرة حوسبة الوثائق والأوراق القديمة الني يحتفظون بها، وذلك لاعتبارها ملكاً لهم، لكن هذا "الملك الخاص" بعد فترة زمنية قصيرة سوف يفنى، فمعظم الأوراق والوثائق التي تم حوسبتها هي أوراق مهترئة. كذلك هناك مشكلة كبيرة تواجهنا وهي التحدث إلى الموظف الصحيح في المؤسسات، والشخص الصحيح ليس في الضرورة أن يكون في قمة الهرم، كذلك يسود خوف عام لدى المؤسسات من أن هذه الأوراق التي بحوزتهم وإن تم نشرها للعلن قد تسبب مشاكل لأصحابها أو للمؤسسات التي قدمتها، وهم بغنى عنها." أما عن أهمية مشروع توثيق وحوسبة الأرشيف الفلسطيني، فأشار أستاذ العلوم السياسية وأحد المشاركين في المشروع أ. سميح حمودة إلى أن أهمية حوسبة الأرشيف الفلسطيني تأتي من أهمية التاريخ ذاته، فالتاريخ هو مخزون التجربة الجماعية للشعب الفلسطيني، وهذا المخزون يضم بين جنباته العوامل الذاتية التي قادت إلى المأساة الفلسطينية بتجلياتها المختلفة، وبالتالي فإن الاعتناء بدراسته وتحليله هو سير على طريق اكتشاف الضعف الذاتي، ومن ثم الاهتداء إلى سبل تجاوزه. وأضاف أ. حمودة: "إن الآخر (الصهيوني – الإسرائيلي) لا يستند في عدوانه على الوجود الفلسطيني على الرواية التاريخية الصهيونية فقط، بل إنه أيضاً ينفي أهمية التاريخ الفلسطيني، ويعمل على تهميشه وطمسه في إطار مسعاه لطمس الهوية الخاصة بالشعب الفلسطيني. وعليه تصبح الرواية التاريخية الفلسطينية جزءاً من العمل الوطني المقاوم وجزءاً من الحفاظ على الهوية وتأكيدها". |