|
كتب المحرر السياسي: غزوة النائب العام في ساحات الفن والاعلام؟!!
نشر بتاريخ: 18/08/2011 ( آخر تحديث: 21/08/2011 الساعة: 12:46 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- صادم، ومؤلم، ومحزن، ذلك القرار الذي اتخذه السيد النائب العام بوقف برنامج " وطن على وتر" في سابقة هي الاولى في تغولها على حرية التعبير،منذ قيام السلطة قبل سبعة عشر عاما .
ولعل مبعث الصدمة ياتي من جهة الفعل ،وسرعة تنفيذه ،في وطن اسس لتجربة فريدة في حرية الراي والتعبير، لاينافسه في سقوفها العليا الا لبنان الذي ارسى تقاليد تثير الاعجاب ،في احترام الراي والراي الاخر ،في بيئة طافحة بالتنوع الثقافي والديني والمذهبي. قد تتباين اراء المتلقين في تقييمهم لمواصفات الجودة في ذلك المنتج او غيره من السلع الاعلامية التي تملأ فضاءنا الرحب المزدحم بالاقمار والاسرار وذلك تبعا لتباين خطوط الانتاج لتلك السلع ،بيد ان قبولنا او رفضنا لشراء اي من تلك السلع لايكون بالغائها، بقدر ما يكون بمقاطعتها والمطالبة برفع مستوى جودتها وتحسين مواصفات انتاجها، على نحو يغري المشترين بشرائها، او بتغريم منتجها ان هو لم يلتزم بمواصفات الجودة التي تنبغي لها . ففي فرنسا مثلا حدث ان قرر المجلس الاعلى للاعلام بتغريم احدى القنوات الفضائية الفرنسية خمسة ملايين يورو بسبب قيامها ببث فيلم اباحي في الساعة السابعة من مساء احد ايام السبت مخالفة بذلك لنصوص ميثاق الاعلام الفرنسي الذي ينص على بث تلك الافلام بعد الحادية عشرة حتى لا يشاهدها الاطفال. في تجربة الاعلام الفلسطيني منذ انطلاق صوت فلسطين وصورتها، ذات يوم تموزي قائظ من عام اربعة وتسعين، تحث ظلال نخلة على ضفاف النهر وشجرة برتقال على شاطيء البحر ،الكثير مما نفاخر به، ان من حيث مساحات الحرية التي اسستها وسائل الاعلام الرسمية والخاصة، او من حيث اعداد تلك الوسائل التي تجاوزت المئة وسيلة ،في تجربة فريدة في منطقة تضيق فيها الصدور والسطور . الخامس عشر من اب سيظل نقطة سوداء في تاريخ الحريات في فلسطين،يجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا جزعا على مستقبل تلك الحريات، ومخاطر تغول السلطة التنفيذية عليها ،وتهديدها بغزوات كتلك التي وقعت في ذلك اليوم الحزين من عام 2011. قد يرى البعض ان ارتفاع سقوف الحرية المطلقة على النحو الذي نريد ضربا من الخيال، ذلك ان هذا المطلق قد يستثير المشاعر ويعكر المياه الصافية، بيد ان منطق الرد على ذلك يكون ان لابديل عن تلك السقوف المرتفعة، الا بالمزيد من الارتفاع ،والمزيد من الحريات ،التي تؤسس وعيا مجتمعيا يقدس الحريات ،ويدافع عنها ويحصن نفسه من اي مساس بها او تطاول عليها. وهذا ما من شانه ان يحمل المؤسسات الاعلامية مسؤولية مضاعفة في مراقبة الجودة للسلع المنتجة وفق اسس مهنية، وبخطوط انتاج عالية الجودة وان تقوم الوسيلة نفسها بتقييم منتجها واتخاذ القرار المناسب ازاء عرضه وتسويقه، حتى لا تسمح لغيرها ان يتدخل في شؤونها ويتغول عليها . واذا كانت ثمة انتقادات او اخطاء وقعت في مواصفات المنتج الاعلامي الذي منع من العرض ،فان السيد النائب العام قد ارتكب خطيئة بقرار المنع ذلك ان من حق صاحب المصنع المنتج للسلعة ان يعطى الفرصة للدفاع عن سلعته اما القضاء قبل ان يتقرر اعدامها ،وعندها يصدع الجميع للقرار الفصل. في مصر حدث ان اشتكى احد المدراء العامين للوزير المسؤول عنه من قرار بالفصل التعسفي فاحتج قائلا " نحن في دولة ولها قوانين يجب ان يتم التحقيق اولا قبل قرار الفصل فما كان من الوزير الا ان رد عليه قائلا :اعطوني ورقة وكتب عليها "يحقق معه ويفصل" !! ما ان سمعت بقرار النائب العام حتى شعرت بان صخرة كبيرة قد جثمت على صدري كادت ان تقطع انفاسي....ارجو ان لا يكون هذا المقال سببا في غزوة جديدة للسيد النائب العام تجفف ما تبقى من نهر الحرية المتدفق في فلسطين، وتهدم سقوفا قال الرئيس يوما انها تطاول السماء. |