|
المستشار السياسي لرئيس الوزراء يرحب بحكومة الوحدة ويعد بان الايام القادمة ستشهد تطورات مفرحة للجميع
نشر بتاريخ: 18/10/2006 ( آخر تحديث: 18/10/2006 الساعة: 22:01 )
غزة -معا- اعرب د. أحمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الوزراء عن تفاؤله بان الايام القادمة ستشهد تطورات مهمة ستأخذ فيها الفرحة والبسمة طريقهما إلى وجوه الأمهات والأطفال، وسيجد الكثير من الاسرى طريقهم على درب الحرية الى ديارهم وأهليهم،وستشهد الايام القادمة تصالحاً بين الجميع من أجل أن يظل الوطن منارةَ عشق لطلاب الشهادة والمجد، وتبقى هذه الأرض المباركة كما كانت؛ قبلة العرب والمسلمين.
جاء ذلك في مقال للمستشار يوسف تنشره معا اليوم وعد فيه حركة فتح وكافة فصائل النضال الوطني بالعمل يداً بيد وبنيّاتٍ وتوجهات وطنية خالصة، للتاكيد للعالم من جديد أن هذا الشعب العظيم بجهاده وتضحياته وصفحات تاريخه النضالي الطويل، قادرٌ على تجاوز المحنة وتخطي الحصار. كما اعرب يوسف عن يقينه بأن حكومة الوحدة الوطنية المرتقبة ستضع في أولوياتها فك الحصار عن الشعب الفلسطيني، ومعالجة الملفات الداخلية بما يضمن السلم الاجتماعي، وستعمل كذلك على توفير الأمن وسيادة القانون.. كما أنها - وبناء على برنامجها السياسي - ستحافظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية التي تضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين. ووصف يوسف خطوة الرئيس عباس بتشكيل حكومة وحدة وطنية على أرضية وثيقة الوفاق الوطني، يتحمل الجميع فيها تبعات وهموم ومسئولية المرحلة القادمة، بالخطوةٌ المباركة والجادةٌ . واستعرض يوسف في مقاله العقبات الخارجية والداخلية التي واجهت الحكومة الحالية منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية . وفيما يلي النص الكامل للمقال . لماذا يحاولون اغتيال الوطن.!؟سياسة "أقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا" د. أحمد يوسف: المستشار السياسي لرئيس الوزراء تقديم: منذ أن اتخذت حركة حماس قرارها بالمشاركة السياسية وذهبت للانتخابات في 25 يناير2005، والتهديدات الأمريكية لها لم تتوقف، وكان الردُّ الجماهيري الواسع بالالتفاف حول الحركة وبرنامجها في الإصلاح والتغيير، وجاء الكسب الهائل لحركة حماس بالفوز في تلك الانتخابات بشكل لم يتوقعه الجميع... لم تجد حركة حماس أمام هذه الثقة الغالية التي منحها الشعب لها إلا المضي على بركة الله، وتسلم أمانة القيادة، والعمل على تحقيق مطالبه في محاربة الفساد، وإنهاء حالة الفتان الأمني والمظاهر المسلحة، التي أحالت البلاد إلى مربعات أمنية لهذا التنظيم وذاك الفصيل. وفي محاولة لشرح الظروف التي صاحبت تشكيل الحكومة، والعوائق التي وضعت في طريقها لشل كل فرص النجاح والتمكين لها، سوف نعرض لأهم محاور التحرك ودوائر المكر لفرض الحصار الظالم على شعبنا، ومحاولات تقييد عمل الحكومة وإظهارها بمظهر العاجز عن تلبية الحاجات والمتطلبات الوطنية، والضغط باتجاه إفلاسها سياسيًا، ودفعها لإعلان انسحابها من حلبة التنافس الحكومي لصالح خصومها في الساحة السياسية، وهي المحاولة التي لم يكتب لها النجاح وذهب المكر والكيد مع أدراج الرياح.. ويتلخص مخطط العمل لإسقاط الحكومة في النقاط التالية: أولا: التآمر الغربي: لا شك أن فوز الإسلاميين في فلسطين، ووصولهم إلى سدة الحكم ديمقراطياً لم يرق لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، باعتبار أن ذلك شكّل ضربة لسياسته بالحرب على الإرهاب، حيث إن مقاومة حركة حماس تقع ـ حسب التصنيف الأمريكي ـ ضمن قائمة الإرهاب.. من هنا، عملت الإدارة الأمريكية على كل المحاور السياسية والإعلامية لإجهاض هذه التجربة الإسلامية، وتطويق أي فرص قد تؤدي إلى نجاحها. وقد تمَّ اعتماد خطط الضغط لعزل الحكومة مالياً وسياسياً، بحيث تعجز عن دفع رواتب الموظفين أو القيام بوظيفتها كحكومة، ولا تُمنح إلا خياراً واحداً؛ القبول بالمطالب الأمريكية والأوربية الثلاث: الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، وقبول الاتفاقيات الموقعة منذ سبتمبر 1993. بالطبع لم يخف بعض كبار المسئولين الأمريكيين حماسهم في إيضاح أن أمريكا ليست مهتمة إهتماماً كبيراً بتحول حماس إلى حركة غير عنفيّة، بقدر ما هي مهتمة بإخفاق وانهيار هذه الحكومة التي تقودها حماس، وقد قال الدبلوماسيون الأمريكيون لنظرائهم الأوربيين بوضوح: " يجب أن يعاني الفلسطينيون بسبب خيارهم.. "، وقد تحدث مساعدو نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني لبعض رجالات السلطة السابقين حول رغبتهم بالقيام بانقلاب تدريجي ـ على ظهر أزمة حاجات الفلسطينيين الإنسانية ـ يعيدوا فيها الأمور إلى ما كانت عليه قبل وصول حركة حماس إلى الحكم. ولذلك، أطلقت أمريكا يد إسرائيل العسكرية لتمارس كافة أشكال القتل والتخريب والدمار ضد الفلسطينيين، لإذهاب هيبة الحكومة وتأليب الشارع عليها، وعملت في ذات الوقت على توفير الدعم والحماية للجرائم والعدوان الإسرائيلي، وجعلت حمانا كلأً مستباحاً لطيرانه ودباباته يرتكب فيها أبشع الحماقات والمجازر الدموية، والتي هي بمثابة جرائم بحق الإنسانية، يلاحق القانون الدولي مرتكبيها بأشد أنواع العقاب والجزاء. لم يقتصر عمل الإدارة الأمريكية على شلِّ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على تبني أي قرارات بإدانة إسرائيل وعدوانها المتواصل على الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل أسهمت ـ كذلك ـ في إفشال أي تحرك للجنة الرباعية لخلق حراك سياسي، يدفع في اتجاه تخفيف المعاناة والحصار عن شعبنا الفلسطيني. إن أمريكا يجب أن تعلم بأن مصالحها الإستراتيجية في المنطقة تفرض عليها تبني السياسات التي تحفظ هذه المصالح وتعززها وليس العكس، حيث إن معاداتها لشعبنا الفلسطيني وحقه في نيل حريته واستقلاله سوف تعاظم من تكريس حالة الكراهية والعداء المتزايد نحوها، ليس في فلسطين وحدها بل بين شعوب الأمتين العربية والإسلامية. إن فلسطين هي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة، كما أنها الطريق لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار فيها، ونحن في الحكومة الفلسطينية كنا ومازلنا نأمل أن تغير أمريكا من سياساتها المنحازة بشكل جنوني وغير أخلاقي لإسرائيل، وأن تعتمد خطاً أكثر توازناً في معالجتها ومواقفها تجاه شعبنا الفلسطيني، الذي يعيش حالة من القهر ويعاني من الاحتلال والمظلوميّة الأممية منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. ثانيا: التواطؤ الإقليمي: إن شعور شعبنا بالمرارة والإحباط كبير.. ففي الوقت الذي نتفهم فيه عداوة أمريكا وبعض دول الغرب الأوروبي لقضيتنا، وتآمرهم على حكومتنا التي جاءت عبر خيار ديمقراطي حرٍ ونزيه، فإننا نجد أنه من الصعوبة بمكان تقبل مواقف التنصل والتخاذل التي تبديها بعض الرسميّات العربية والإسلامية تجاه نُصرة شعبنا، حيث تظهر وكأنها في شراكة لإفشال هذه الحكومة وممارسة الضغط عليها، وذلك بهدف تدجين مواقفها وإيصالها لحالة مترهلة من "الواقعية السياسية" التي يريدها الغرب، والتي تجعلها ترضخ للمطالب اللاإنسانية التي تفرضها أمريكا وإسرائيل.. وللأسف، فإن بعض حكوماتنا العربية لم تمارس ما هو مأمول منها من دور عربي أصيل لتخفيف الحصار الظالم المفروض على شعبنا، وغضت الطرف بشكل أو بآخر عن تحمل مسئولياتها القومية تجاه لحلحة طوق الحصار وحركة الانسداد التي نواجهها، ولبس الجميع ثوب العجز والهوان، بل وأسهم بعضهم بتراجعه وخذلانه على إضعاف قدرات شعبنا في الصمود والممانعة. وبالرغم من انفتاحنا على كل الجهات العربية والإسلامية، واعتمادنا لسياسة العلاقات المتوازنة مع الجميع، إلا أن خيبة الأمل كانت في البداية كبيرة، ولم تكن الهبّة والنصرة بالمستوى المطلوب، وكانت استغاثة الحرائر تذهب سدىً، وحالها يقول: " يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ، فأين ثرى مسامعكم.!؟ " كانت ضربات الاحتلال وجبروت آلته العسكرية ضد أهلنا في القرى والمخيمات تستدعي أن تتحرك الدبلوماسية العربية والإسلامية بسرعة وقوة، ولكنها للأسف كانت دون مستوى التطلع والرجاء. ثالثا: التحريض والتشويش والتشهير الداخلي: لا يختلف اثنان أن أثر التحريض الداخلي هو أشد وقعاً وأكثر فتكاً من الحصار الخارجي، إذ أن الحصار الخارجي معلوم الوجهة والمصدر، مفضوح الأهداف والغايات، ويصدر عن دول وجهات تجاهر بعدائها لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة، إلا أن التحريض الداخلي فإنه يصدر عن جهات تدعى الحرص على الوحدة الوطنية، وتتسربل برداء المصلحة الوطنية، في الوقت الذي تُكنّ فيه البغض والعداء للحكومة الفلسطينية وتجربتها الجديدة في الحكم والإدارة، وسياسة أمور السلطة والجماهير. لقد أثبتت الشهور السبع الماضية أن الحصار الخارجي قد فشل في تحقيق أهدافه، وتكسرت مخططاته على عتبة صمود الحكومة وإسناد وتكاتف شعبنا خلفها، وعجزت القوى الغربية عن ابتزاز أي موقف سياسي مُخلّ منها، في ذات الوقت الذي تمكن فيه التحريض والمناكفات الحزبية من التأثير على جبهتنا الداخلية، وإحداث نوعٍ من الإرباك السياسي والإعلامي والميداني والإداري داخل ساحتنا الفلسطينية.. وحتى الدم الفلسطيني الذي كان دائمًا خطًا أحمر سال هذه المرة على الطرقات، لأن هناك من كان يظن بأن التمرد العسكري على الشرعية الفلسطينية يمكنه أن يُعجل بحل هذه الحكومة أو الانقلاب عليها. وليس خافياً على أحد أن ما مورس من تعبئة وتحريض وتشويش داخلي ممنهج كان يهدف إلى تسميم المناخ الوطني، وتوظيف حالة الاحتقان والغضب الشعبي جراء الحصار لإسقاط الحكومة.. وكان هذا البعض من المرجفين يجعل من تأليب الجماهير ضد حكومتها الشرعية أولوية له، ولا يتوانى من إتيان كل ما يحرج الحكومة ويحشرها في الزاوية ويربك نشاطاتها وفعالياتها وجهودها بمختلف الأساليب والوسائل المشروعة وغير المشروعة. إننا إذ نسجل بأقصى درجات الاحتجاج والمرارة والاستهجان عبثية هذه الحملات التحريضية الظالمة، التي لم ترقب في الحكومة إلاً ولا ذمة في وقت تتعرض فيه الحكومة والشعب إلى هجمة صهيونية بالغة الشراسة والإجرام، فإننا نود الإشارة إلى بعض أشكال الهجمة الداخلية التي تعرضت لها الحكومة وما تزال، وهي كالتالي: 1) التحريض السياسي: كان واضحاً أن التحريض والمناكفة السياسية قد بلغت مداها طيلة عمل الحكومة في الأشهر الماضية، وأن بعضها قد اتخذ طابعاً رسمياً صدر عن بعض المراكز السياسية والمرجعيات السياسية، فيما اتخذ البعض الآخر طابعاً فئوياً فصائلياً. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة تمسكها ببرنامجها السياسي المستمد من حقوق وثوابت شعبنا خرج هؤلاء منذ اللحظة الأولى مشككين ومثبطين ومشوهين، يوجهون السهام والضربات والطعنات إلى برنامجها السياسي، ويصمونه بالفشل والقصور عن مجاراة الواقع الإقليمي والظروف الدولية، ويدعون في المقابل إلى التخلي عنه، وإعادة النظر في كثير من بنوده وجزئياته لجهة الاعتراف بالاتفاقيات السياسية الظالمة، والاعتراف بشرعية الاحتلال واغتصابه لأكثر من 78% من أرضنا الفلسطينية الغالية. ورغم شدة وكثافة العدوان الصهيوني، وتنكر الاحتلال لكافة الاتفاقات، وولوغه في دم شعبنا إلى مستويات بالغة النازية والإجرام، إلا أن هذه المطالبات والمناكفات لم تهدأ أو تستكين، في إطار سعيها الحثيث لتفريغ الحكومة من مضمونها السياسي، وتحويلها إلى هيكل فارغ وأداة هينة يسهل قيادها وإقصاؤها وتوجيهها بما ينسجم مع متطلبات الإرادة الصهيونية والأمريكية والدولية. ومع كامل تفاؤلنا واستبشارنا بالتوقيع على وثيقة الأسرى "وثيقة الوفاق الوطني" التي أقرت برنامجاً مقبولاً وهيأت أرضية صالحة للتوافق الوطني في كافة المجالات، واستعداد الحكومة التام للتقيد باستحقاقاتها والالتزام بمقرراتها التي أجمع عليها الكل الوطني الفلسطيني، إلا أن هؤلاء سرعان ما عادوا لطبعهم القديم ونهجهم المعروف، وبدءوا من جديد في كيل سيل من الاتهامات والافتراءات للحكومة، تحت ذريعة افتقار وثيقة الوفاق الوطني لإمكانية التسويق الدولي، وباتت مطالبهم أكثر تحديداً لجهة الاعتراف بالكيان الصهيوني المحتل، وتنفيذ الاشتراطات الدولية التي تمسخ حقوقنا وثوابتنا الوطنية، وتحيلنا إلى لاجئين مشردين في أرضنا دون أن نملك حق الاعتراض على الظلم الواقع علينا، أو دفع العدوان عن أنفسنا وشعبنا ومقدراتنا الوطنية. ولا زلنا نقف بكل حكمة واقتدار في مواجهة هذه الدعوات والمناكفات وكافة أشكال التحريض السياسي الذي يمارسه البعض، ونعطي الفرصة كاملة للجهود الحثيثة التي تبذل مع الأخ الرئيس أبو مازن لتشكيل حكومة وحدة وطنية تلم الشمل الوطني الفلسطيني على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني التي تحفظ حقوقنا وثوابتنا وأهدافنا الوطنية، وترسم لنا وجهتنا الوطنية في المرحلة المقبلة. 2) التحريض الإعلامي: كان واضحاً لكل ذي عينين أن هجمة إعلامية كبيرة وتحريضاً إعلامياً خطيراً قد مورس منذ اللحظة الأولى لتشكيل الحكومة، بقصد تشويهها والإساءة إلى برنامجها وشخوص وزرائها، وأن هذه الهجمة قد افتقدت أبسط معاني الحس والولاء والمسئولية الوطنية، كونها تبنى على جملة من الأكاذيب والأباطيل والافتراءات التي أُريد لها أن تشوش عقل المواطن الفلسطيني، وتباعد بينه وبين حكومته المنتخبة بشكل قسري ووسائل غير أخلاقية. فقد شاركت في هذه الهجمة مؤسسات رسمية وفصائلية وكُتّاب وقطاعات إعلامية متعددة، حيث تحول فيها الرأي الذي يفترض أن يكون حراً مسئولاً إلى تشويه وتحريض، والمعلومة التي يُفترض أن تكون صادقة ومن وحي الواقع إلى كذب وافتراء، والأداء الصحفي والإعلامي الذي يُفترض أن يكون متوازناً وموضوعياً إلى تشهير مبرمج وانحياز سافر وإساءة مقصودة، بعيداً عن أي أساس مهني أو أخلاقي أو وطني. ولا زالت الهجمة الإعلامية والتحريض الإعلامي تفعل فعلها ضد الحكومة وبرامجها وسياساتها وأدائها، ولا تتورع عن تشويهها والإساءة إليها بالحق والباطل، بشكل يكشف زيف وعبث الأداء الإعلامي للبعض الذي يتستر بقيم الحرية الصحفية والإعلامية في الوقت الذي ينفث فيه سمومه وأشكال حقده ضد الحكومة دون أي وازع مهني أو رادع وطني. 3) التحريض الأمني الميداني: لقد فوجئ شعبنا بالمحاولات المبرمجة لتفجير الوضع الداخلي عقب تشكيل الحكومة مباشرة، بموازاة أشكال التحريض السياسي والإعلامي، وبدا واضحاً أن إذكاء جذوره الفلتان الأمني لإرباك الوضع الفلسطيني الداخلي يتم بخطى حثيثة ومنسقة بهدف إظهار الحكومة بمظهر العاجز عن فعل أي شيء لحفظ الأمن والأمان وتوفير الطمأنينة والاستقرار لجماهير شعبنا، ولم يكن خافياً أن جهات محددة ومراكز ثقل فئوية معينة ذات أجندة معادية للمصلحة الوطنية تقف وراء هذه الأفعال والممارسات المشينة، وتدفع باتجاه تطويرها وتوسيع رقعتها، بل إن بعضاً من هؤلاء كان يرتبط بشكل مباشر بخطوط وأجندة احتلالية صهيونية صرفة، ويندفع بتوجيهات وتعليمات أسياده الصهاينة لإحداث نوع من الوقيعة والفتنة في الصف الفلسطيني الداخلي، وإفشال الحكومة الفلسطينية أمنياً وميدانياً. وقد حاولنا في الحكومة الفلسطينية جهدنا لاحتواء الهجمة الميدانية، حيث قام وزير الداخلية بواجباته كاملة في هذا السياق، إلا أن ضعف بنى وهياكل الأجهزة الأمنية الحالية، وعدم استجابة عدد من المسئولين فيها لتعليمات وتوجيهات وزير الداخلية، استدعى تشكيل وحدة جديدة هي "القوة التنفيذية" لتكون ذراعًا رادعًا في إطار جهاز الشرطة بغرض إعادة الأمن للشارع الفلسطيني والأمان للمؤسسات الوطنية، والضرب على يد المرجفين والعابثين الذين يدفعون باتجاه توتير وإرباك الأوضاع الأمنية الداخلية. ورغم كافة المحاولات التي هدفت للمساس بالقوة التنفيذية وتشويهها في أعين الجماهير، إلا أنها أثبتت كفاءة عالية في أداء واجباتها، وقدرة واضحة على ضبط الأوضاع، ولجم الانفلات الحاصل ـ نسبيًا ـ على المستوى الداخلي. 4) التحريض الإداري والمؤسساتي: ما أن شرعنا كسلطة تنفيذية في أولى خطواتنا الإدارية الإصلاحية حتى جوبهنا بإعاقة واضحة، وصد متعمد من طرف الكثير من المسئولين في الوزارات والدوائر التابعة للحكومة، بل وبلغ الأمر حد التمرد والانقلاب لدى البعض، ورفض الالتزام بتعليمات وتوجيهات الوزراء، ورفض الانصياع للإجراءات والمقررات القانونية، مما استدعى من الحكومة المباشرة ببعض الإجراءات والعقوبات القانونية، إلا أن هؤلاء "المتمردون" لا زالوا يضربون عرض الحائط بكل القرارات والإجراءات القانونية المتخذة بحقهم، ويقفون على رأس عملهم بشكل غير قانوني، دون أن تباشر أي جهة تنفيذية أي خطوة بحقهم، مما يدفعنا للتساؤل عن الجهات والمراكز الفئوية والسياسية التي تحمي هؤلاء، وتوفر لهم الغطاء، وتشجعهم على التمرد على وزرائهم، وإهانة القوانين والنظم الإدارية المتبعة.!! وكان آخر مظاهر التخريب والتحريض الإداري ما أقدم عليه البعض من تأليب للقطاعين الحكوميين التعليمي والصحي، ودفعهم نحو الإضراب المفتوح بحجة عدم دفع الرواتب، في خطوة خاطئة ومستهجنة توجه فعالياتها في الاتجاه الخطأ والتوقيت الخاطئ، وتستغل معاناة إخواننا الموظفين والمعلمين والأطباء أبشع استغلال، وتعمل على تخريب المؤسسات الوطنية، وهدم المؤسسات التعليمية التي تبني الأجيال وتنشر العلم والنور، وتقويض بنى وأركان الوطن والمجتمع. لقد كان حريّاً بكل المتورطين في مظاهر التحريض والتواطؤ الداخلي أن يتلمسوا حجم المعاناة الهائلة التي يكابدها شعبنا الفلسطيني، وضخامة الهجمة الصهيونية الشرسة التي تستهدف أهلنا ورموزنا وشخصياتنا ومقدراتنا الوطنية، ويراعوا حساسية الظروف الدقيقة والأوضاع الصعبة التي يمر بها شعبنا وحكومته في ظل حصار دولي ظالم، ويبادروا لنصرة حكومتهم الشرعية المنتخبة ديمقراطياً، ويقفوا بكل دعم وإسناد ومؤازرة وتضامن في خندقها المحتضن للحقوق والثوابت الوطنية، كما هو حال شعبنا دوماً وقت الأزمات والملمات، إلا أنهم ـ وللأسف الشديد ـ اختاروا الاتجاه الآخر، وتمركزوا في الخندق الآخر بعيداً عن أي مسئولية وطنية أو التزام أخلاقي. حكومة الوحدة الوطنية: خيارنا جميعًا: إن حركة حماس ومنذ فوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وضعت نصب أعينها أن تعطي الأولوية لحكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع القوى والفصائل، بحيث يتحمل الجميع المسؤولية الوطنية في كافة مناحي الحياة، لذا فقد جرت المشاورات منذ اللحظات الأولى مع كافة الفصائل لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولم يكن ذلك- كما تصور البعض مجرد مناورة- بل نابعاً من قناعاتٍ راسخةٍ بأن حكومة الوحدة الوطنية يمكن أن تكون أكثر قدرةً على تحمل المسؤولية والقيام بالمهمات العظام المنوطة بها، ولكن الجهود لم تنجح في إنجاز هذا الهدف، وشكلت حركة حماس الحكومة لوحدها مع بعض المستقلين. ورغم ذلك، فإننا في الحكومة ـ وطوال الأشهر الماضية ـ أكدنا مراراً وتكراراً بأننا على استعداد لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ودعونا الفصائل والقوى النضالية للانضمام إليها، وقد جاءت وثيقة الوفاق الوطني كي تعيد التحرك من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إلى الصدارة، وخاصة بعد أن توافقنا جميعا على رؤية وطنية مشتركة، وبعد أن انجلى المسار واتضحت الرؤية. لذا فإننا نؤكد على أن حكومة الوحدة الوطنية جاءت برغبة فلسطينيةٍ فلسطينية، وضمن حساباتٍ فلسطينيةٍ وطنية، تخدم مصالح قضيتنا العادلة، وليس نتيجة ضغوط أو حسابات خارجية. إننا في حكومة الأخ ( أبو العبد) على قناعة راسخة بأن حكومة الوحدة الوطنية هذه يجب أن تكون مدخلاً لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وأن تعزز الوحدة الوطنية، والشراكة السياسية، وتضع الجميع أمام مسئولياتهم الوطنية. خاتمة : إن حكومة الأخ (أبو العبد) لم تكن بأي حال تتوقع أن تكون الضغوطات عليها والحصار على شعبنا بهذه الشدة والقسوة والاتساع الذي فاق حجمه كل التصورات.. فقد كانت أمريكا تنادي بنشر الديمقراطية بالمنطقة، وتجد شعاراتها تأييداً لها بين دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفعنا للتفاؤل، وشجعنا على الخطو نحو عتبة السياسة، والإقدام بقوة للمشاركة في لعبتها الديمقراطية، في حين كانت دول المنطقة متخوفة من هذه النداءات وتعمل على معارضتها بشدة. كانت نظرتنا للأمور أن هناك فرصةً مواتية عبر البوابة السياسية لمعالجة ما استشرى من فساد وفلتان أمني، وإصلاح أوضاعنا الداخلية سواءً الاقتصادية منها أو الاجتماعية، والتمكين لموقفنا الرافض للاعتراف بشرعية الاحتلال على أرضنا، والعمل بكل الوسائل للارتقاء بسقف الحقوق والمطالب الفلسطينية. وكانت الرهانات والتوقع بأن العالم الغربي ـ وخاصة دول الاتحاد الأوروبي ـ سيمنحنا الفرصة للتحرك من أجل طرح قضيتنا العادلة عبر مربع السياسة ومراعيها الواسعة، باعتبارها شكلاً آخر من أشكال المقاومة السلمية والرفض اللاعنفي للاحتلال، وكنا نعتقد بأن عمقنا العربي والإسلامي الرسمي سيظل لنا رافعةً قوية تُغنينا عن سؤال أمريكا وذلِّ الحاجة إليها، إلى أن نتمكن من إصلاح أوضاعنا الداخلية التي تضررت كثيراً جراء العدوان وسنوات الاحتلال الطويلة، وحتى يتسنى لنا إعادة تدوير عجلة الاقتصاد الفلسطيني وربطها بمحيطها العربي والإسلامي بدل تبعيتها وارتهانها الكلي بدولة الاحتلال. لكن ـ للأسف ـ تحركت إدارة الرئيس جورج بوش ـ بأسلوب غير ديمقراطي ولا حتى إنساني أو قانوني ـ وقامت بإغلاق جميع منافذ التحرك مع الخارج، وفرضت على الحكومة والشعب حصارًا ظالماً، تواطأت معها فيه الكثير من دول الاتحاد الأوروبي، وحتى بعض البلدان العربية والإسلامية. إن توجه الرئيس أبو مازن نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية على أرضية وثيقة الوفاق الوطني، يتحمل الجميع فيها تبعة وهموم ومسئولية المرحلة القادمة، ما هي إلا خطوةٌ مباركة وجادةٌ في هذا الاتجاه. إننا نعد إخواننا في حركة فتح وكافة فصائل النضال الوطني أن نعمل يداً بيد وبنيّاتٍ وتوجهات وطنية خالصة، لنؤكد للعالم من جديد أن هذا الشعب العظيم بجهاده وتضحياته وصفحات تاريخه النضالي الطويل، قادرٌ على تجاوز المحنة وتخطي الحصار، وأن أيامنا القادمة ستأخذ فيه الفرحة والبسمة طريقها إلى وجوه الأمهات والأطفال، وسيجد الكثير من أسرانا طريقهم - إن شاء الله - إلى ديارهم وأهليهم، وسنرى تصالحاً بين الجميع من أجل أن يظل هذا الوطن منارةَ عشق لطلاب الشهادة والمجد، وتبقى هذه الأرض المباركة كما كانت؛ قبلة العرب والمسلمين. إننا على يقين بأن حكومة الوحدة الوطنية ستضع في أولوياتها فك الحصار عن الشعب الفلسطيني، ومعالجة الملفات الداخلية بما يضمن السلم الاجتماعي، وسوف تعمل على توفير الأمن وسيادة القانون.. كما أنها - وبناء على برنامجها السياسي - ستحافظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية التي تضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين. |