وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كتب المحرر السياسي: القطبة المخفية في العملية؟!!

نشر بتاريخ: 25/08/2011 ( آخر تحديث: 25/08/2011 الساعة: 14:00 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- من ومن اين وكيف ولماذا؟ اسئلة مفتوحة على مساحة الزوايا الحادة للمثلث الذي وقعت فيه عملية ايلات التي ما زال الغموض يكتنف الكثير من جوانيها، ان من حيث التوقيت، والجهة المنفذة، والاسلحة المستخدمة، والفضيحة الامنية المدوية التي هزت اركان اجهزة الامن الاسرائيلية التي كانت على علم بادق تفاصيلها وحتى بموعد وقوعها حسب الصحافة الاسرائيلية.

بعد نحو اسبوع على وقوع العملية، ما زال الكثير من الغموض يلف الظروف والتفاصيل المحيطة بها، والتي بدت على درجة عالية من الاعداد والتخطيط والتعقيد، على نحو يجعلها واحدة من اكثر العمليات جرأة ونوعية حسب الخبراء العسكريين والامنيين.

على غير عادتها لم تسارع الاجهزة الامنية الاسرائيلية للكشف عن هوية منفذي العملية، بعد ان اعلنت عن تصفيتهم جميعا، دون اسر ولو جريح واحد منهم.

ليس بوسعنا ان نشتري الرواية الاسرائيلية الوحيدة في ميدان العملية، طالما لم تظهر رواية اخرى للجهة التي قامت بها.. فما شاهدناه حتى الان هو رد الفعل الاسرائيلي الاعمى والسريع على تلك العملية بضرب اهداف جاهزة في بنك الاهداف الاسرائيلية رغم الاعلان الواضح والصريح من حماس بعدم وجود اية علاقة لها بها وعدم اعلان اي فصيل مسؤوليته عنها.

اذن من قام بها ولمصلحة من ؟

في القراءة الهادئة للتفاصيل في الزمان والمكان المخطط له بعناية، فان العملية تحمل هوية منفذيها، بمعنى ان تعقيداتها، ونوعية اسلحتها، والجرأة التي تحلى منفذوها بها، والمنطقة التي وقعت فيها، كلها معطيات تقدم مؤشرات لاتخطؤها العين بان من قام بها ليس تنظيما صغيرا بل جهة لها خبرة ومعرفة مسبقة بالمنطقة ورمالها المتحركة، والزوايا الحادة في المثلث الذي وقعت فيه.

العملية بكل هذه المواصفات المكتظة بالمعاني والدلالات، والمحاطة بالكثير من الضباب، تجعلنا نستحضر تلك العمليات التي كشف النقاب عنها بعد الثورات العربية وتبين فيما بعد انها من صناعة اجهزة الامن نفسها لتوطيد حكمها، وارهاب خصومها، وتوجيه رسائل الى من يهمه الامر.

ولان هذا الطين من ذلك العجين، فان اجهزة الامن الاسرائيلية لا تبتعد كثيرا في سلوكها الامني عن تلك العقيدة الاستخبارية والامنية التي تكاد تكون سمة مشتركة بين اجهزة المخابرات العالمية، والتي تقوم احيانا وعند الضرورة بعمليات توصف بـ"القذرة" اما "عملا مباشرا" او تسهيلا بـ "باغماض العينين" عنها لتحقيق اهداف لا يمكن تحقيقها بدونها، وهو ما وصفته الصحافة الاسرائيلية تخفيفا بـ"الفضيحة" في تعقيبها على عدم تعامل الاجهزة الامنية الاسرائيلية بجدية مع المعلومات المسبقة عن العملية، وهي معلومات على درجة عالية من الدقة، لم يبق سوى ان تحدد اسماء منفذيها؟!! .

واضح ان اسرائيل كانت بحاجة ملحة الى مخرج من ازمتها الداخلية يطفيء نار ثورتها الاجتماعية التي كادت تطيح بحكومة نتنياهو، او لجهة اختبار مواقف القيادات الجديدة بعد الثورة المصرية، في ضوء التحولات الاستراتيجية التي احدثتها الثورة، والتي اشعلت لدى اسرائيل اكثر من ضوء احمر.

في المسألة الاولى حققت اسرائيل ما ارادت فهي اخمدت من ناحية نار الثورة الداخلية بذريعة الظروف الامنية... ومن ناحية اخرى استطاعت اختبار الحكم الجديد في مصر بالذخيرة الحية، وشاهدت ردود الفعل الشعبية الغاضبة مثلما رأت علمها يُنزع عن السفارة التي اقلقت هدوء العمارة لعقود خلت.

وفي مسألة ثالثة فهي ابقت يدها حرة طليقة للضرب انى تشاء وتوتير الاجواء متى تشاء لاستدراج ردود فعل، تسهل عليها تعكير اجواء ذهاب القيادة الفلسطينية الى ايلول او الضغط على القيادة المصرية المشغولة بترتيب اوضاعها الداخلية، وهو ما راينا تعبيراته بعملية القتل المتعمدة للجنود المصريين وكذلك في عمليات القتل اليومية التي تقوم بها آلتها العسكرية ضد قطاع غزة، رغم اعلان الفصائل التزامها بالتهدئة، وبالاجتياحات، والاعتقالات الليلية في مدن الضفة الغربية وهي عمليات يتوقع ان تظل متدحرجة ككرة الثلج حتى موعد الذهاب الى الامم المتحدة الشهر القادم.

وايا كانت الجهة التي قامت بالعملية او المكان الذي انطلقت منه، فانها قدمت اكبر خدمة للحكومة الاسرائيلية حققت لها ما "يسوغ" بيع ذرائعها ويحقق لها اهدافها .