وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

باديكو القابضة تبادر إلى المساهمة في فحص تحديات المرحلة والاستجابة لها

نشر بتاريخ: 28/08/2011 ( آخر تحديث: 28/08/2011 الساعة: 11:17 )
رام الله- معا- عمدت شركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو القابضة) وفي إطار التزامها التنموي نحو النهوض بالاقتصاد الفلسطيني؛ إلى تبني نهج المبادرة ضمن القطاع الخاص الفلسطيني بطرح قضايا رأي عام هامة للنقاش في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وكان أول هذه المبادرات هو ملف المتغيرات على الساحة العربية وتأثيراتها على القطاع الخاص الفلسطيني.

وفي هذا السياق؛ نظّمت باديكو القابضة ثلاث جلسات نقاش في رام الله ونابلس وغزة للتشاور والتباحث في دراسة خاصة قامت باديكو القابضة بتمويلها، وأعدّها الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، حول الانعكاسات والتحولات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية وأثرها على الوضع الاقتصادي بشكل عام والقطاع الخاص الفلسطيني على وجه الخصوص، وشارك في هذه الجلسات عدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال وممثلين عن وسائل الإعلام والمهتمين.

القطاع الخاص متماسك وبعيد عن الفساد..
وأكد منيب المصري رئيس مجلس إدارة شركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو القابضة)، أن توجه باديكو لتمويل مثل هذه الدراسة وتنظيم هذه الحوارات والندوات يأتي لإدراكها لدورها الهام في الإسهام في تعميق وجهات النظر واستكشاف المحطات الفارقة وطرح مثل هذه القضايا للنقاش بكل جرأة وشفافية، وبما يساعد على الاستدلال بالتوجهات المستقبلية. مشيراً إلى أن هذا التوجه لدى باديكو القابضة ينسجم والتزامها الاقتصادي والمجتمعي والتنموي.

وشدد المصري على أهمية مثل هذه الدراسات كونها تمثل وجها من أوجه الالتزام بمبادئ الشفافية والتي تصب في تحسين الممارسات الإدارية وتعزيز دور القطاع الخاص الفلسطيني في التنمية الاقتصادية، وتعميق الحوار والنقد الذاتي داخل أروقة المجتمع الفلسطيني المدني.

واعتبر المصري أن مؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني بخير وفي وضع جيد مقارنة مع الوضع السائد في المنطقة، وقال مضيفاً "إن القطاع الخاص الفلسطيني ظل نائياً عن مظاهر الفساد واستبداد رأس المال وسيطرته على مجريات الحكم، على عكس ما شهدته بعض دول المنطقة، وأرجع المصري ذلك إلى حقيقة نجاح القطاع الخاص الفلسطيني وبشهادة المؤسسات الدولية بالالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة، إلى جانب تمكنه من التمتع بحساسية خاصة تجاه الرأي العام الفلسطيني واحتياجات المجتمع المحلي، ناهيك عن اكتسابه لسمات الصمود والقدرة على المقاومة والنضال سيما وهو يواجه التحديات التي فرضها عليه الاحتلال الإسرائيلي ولا يزال طيلة عقود، ما شكل مجموعة من العوامل التي أسهمت في تعزيز تماسك القطاع الخاص وابتعاده عن كافة مظاهر الممارسات السلبية وحمايته من الانهيار والتداعي".

كما شدّد المصري على ضرورة أن تعمل كل من شركات القطاع الخاص الفلسطيني بالشراكة مع مؤسسات السلطة الفلسطينية والقطاع العام والقطاع الأهلي بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني بشكل تشاركي من أجل إشراك جميع فئات المجتمع الفلسطيني في حراك مستمر لمواجهة الظروف والتحديات المحيطة، معتبراً أن الفئات المهمشة وفئة الشباب باتت هي المؤثر المحوري على إحداث التغييرات سواء السياسية أو الاقتصادية في أي بلد في العالم، لذا يتوجّب علينا إشراك الجميع في هذه الحوارات والندوات.

استكشاف الإحداثيات وآفاق المستقبل..
بدوره أشار سمير حليله الرئيس التنفيذي لشركة باديكو القابضة إلى أهمية تنظيم مثل هذه الحلقات والحوارات في المساهمة في إثراء النقاش الفكري في مجمل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتي تمكّن مختلف القطاعات الاقتصادية والأطر المجتمعية من الحصول على المؤشرات والمعطيات اللازمة حتى تستنير بها من أجل استكشاف إحداثيات المستقبل، ومعاينة ماهية الأولويات والاحتياجات ومتطلبات التغيير للمرحلة القادمة.

وأكد حليله على ضرورة أن تُبنى هذه النقاشات على أسس علمية ومنهجية وحيادية، وأن يتمتع الجميع بروح المسؤولية وبروح رياضية جماعية لأننا جميعاً مسؤولون عن أدوارنا المجتمعية خاصة أمام الأجيال الشابة.

وأوضح حليله أن هذه الدراسة لا تعكس رأي باديكو القابضة في التغيّرات والتحولات الحاصلة في المنطقة، وأضاف "إنّ لتشجيع النقاش الفكري أهمية كبيرة في تعزيز دور القطاع الخاص الفلسطيني، كما أن تطوير رؤية هذا القطاع تتطلّب الاعتماد على نقاشات موضوعية وحيادية قائمة على دراسات علمية، وانطلاقاً من إدراكها لأهمية هذا الدور؛ قامت باديكو القابضة بتمويل هذه الدراسة التي يُمكن أن تستعين بها شركات ومؤسسات القطاع الخاص حتى تتبيّن طريقها وتحدّد أولوياتها واتجاهاتها في هذه المرحلة الحسّاسة".

حوار في الاتجاه الصحيح...
وحول الدراسة أعرب م. زياد عنبتاوي، رئيس مجلس إدارة مجموعة عنبتاوي، عن تأييده لفكرة تمويل القطاع الخاص الفلسطيني لمثل هذه الدراسات، كونها تشكل أهمية لتعزيز عجلة الاقتصاد الفلسطيني وتقوية دعائمه، مشيراً إلى أن الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم كان موفقاً في طرح ما تناولته الدراسة وطريقة عرضها أمام الحضور.

وأشاد عنبتاوي بشركة باديكو التي أخذت على عاتقها زمام المبادرة لعقد هذه الورشة الهامة، مثمناً دور منيب المصري الذي قاد التفكير لطرحه مثل هذه القضايا على بساط البحث. وأضاف نحن بحاجة إلى تطوير وتنفيذ دراسات مماثلة في المستقبل، داعياً المؤسسات التي تمثل القطاع الخاص الفلسطيني إلى التفاعل والارتقاء بمستوى المسؤولية تجاه المتغيرات المحيطة بنا وبوطننا العربي.

وعلى ذات الصعيد قال د. محمد نصر، عميد كلية التجارة والاقتصاد في جامعة بيرزيت، "نحن كأكاديميين وخبراء في المجال الاقتصادي نشجع عقد مثل هذه الورش واللقاءات والدراسات التي تقع ضمن المسؤولية الاجتماعية، وأيضاً نحن نعتقد أنها هي خطوة في الاتجاه الصحيح لأنها تعزز الحوار بين القطاع الخاص والمجتمع الفلسطيني، وتعالج القضايا التي تهتم بالاقتصاد الفلسطيني بوجه عام والقطاع الخاص على وجه الخصوص، ونحن نتطلع باستمرار لعقد المزيد من ورش العمل وطرح قضايا للنقاش أكثر فاعلية مما طرح في الورشة نفسها".

وأوضح د. إياد السراج، رئيس لجنة الوفاق والمصالحة الوطنية "أن عقد مثل هذه الورشات مهم لأن القطاع الخاص ليس فقط لجمع الأموال وصنع الثروات كما هو سائد في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى، بل على العكس فالقطاع الخاص له دور ونشاط مجتمعي من خلال الدراسات والأبحاث وورش العمل التي يقيمها، وحسب تقديري على القطاع الخاص البدء بطرح قضايا تكون مثار اهتمام المجتمع، وأن يكون لهم دور في العديد من القضايا المجتمعية والاقتصادية دون الولوج إلى العمل السياسي".

الحيادية.. صمّام الأمان
وجاءت نتائج الدراسة ملفتة للباحثين والمعنيين؛ حيث أظهرت الدراسة ضرورة الحفاظ على حيادية القطاع الخاص والحفاظ على استقلاليته عن السلطة الفلسطينية، والتمتع بالنزاهة والشفافية وتجنّب الفساد. كما ناقشت الدراسة موقف الفصائل المختلفة من القطاع الخاص. واستعرض الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أبرز عناوين دراسته التي تناولت تأثير التحولات السياسية العربية على الاوضاع الاقتصادية وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي الفلسطيني والقطاع الخاص.

وأشار عبد الكريم إلى سلبيات تقرّب القطاع الخاص من الحكم، واتخذ من التجربة المصرية التي شهدت تحالفاً بين السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال مثالاً على هذا الموضوع، مضيفاً إلى أن القطاع الخاص الفلسطيني لم يجد اختلافاً بين الأحزاب على السياسات الاقتصادية مما وفر له أجواء مريحة. موضحاً أنه لا يستبعد أن تصل معدلات النمو الاقتصادي إلى نحو 35% في ظل الرخاء في حال تحققت الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة كسوق واحدة.

وعزت الدراسة عدم تأثر الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير بالتطورات العربية الجارية كما بالأزمة المالية العالمية عام 2008 إلى: صغر حجم الاقتصاد الفلسطيني وضعف اندماجه بالاقتصاد العالمي بسبب الحصار والعزل الإسرائيلي، اكتساب القطاع الخاص الفلسطيني خبرة كافية للتعاطي مع الأزمات وتقليل مضارها، ضعف ومحدودية الاستثمارات الأجنبية في مرافق الاقتصاد المختلفة ومن بينها القطاع المالي، عدم وجود شراكة كافية وفعالة بين الشركات الفلسطينية العاملة في السوق المحلي وبين الشركات الأجنبية الأخرى في مجال التجارة والاستثمارات البنية، وعدم وجود معاملات مالية وتجارية كبيرة وفعالة بين المؤسسات المالية والمصرفية الفلسطينية (بنوك ومصارف، سوق مالي، قطاع التأمين) والمؤسسات المالية الدولية التي لها ارتباط مباشر في مختلف القطاعات وتتواجد في العديد من دول العالم.

كما خَلُصت الدراسة إلى أنه من الضروري اتخاذ خطوات عملية لمواجهة التحديات التي قد يواجهها القطاع الخاص وذلك على عدة صُعُد هي: تطوير الحوكمة الداخلية لشركات القطاع الخاص، تنظيم الأطر التنسيقية لمؤسسات القطاع الخاص التمثيلية، دعم جهود التنمية المستدامة، وتنظيم العلاقة مع السلطة السياسية بحيث تحافظ نخب القطاع الخاص على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين وأن لا تظهر وكأنها محسوبة على أي طرف أو تعمل لحسابه.