وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ابو الحاج يحذر من النتائج الخطيرة لتردي الحالة الصحية لعدد من الاسرى

نشر بتاريخ: 03/09/2011 ( آخر تحديث: 04/09/2011 الساعة: 12:15 )
القدس- معا- اطلق فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس، تحذيرا من استمرار سلطات الاحتلال التهاون بالوضع الصحي لعدد من الاسرى في السجون، واهمال علاجهم، وفي بعض الحالات اعطائهم عمدا علاجات خاطئة، وفي حالات اخرى استخدامهم كحقول تجارب لعدد من الادوية والعقاقير الجديدة، دون وجود الحد الادنى من الانسانية والقيم الاخلاقية، وفي ظل تعتيم شديد وسرية مطلقة تمارسها مصلحة السجون، لدى كل الجهات التي من الممكن ان تقدم العون والمساعدة لمثل هذه الحالات.

واوضح ان مصلحة السجون بدى عليها وبالذات بالشهور الاخيرة، سعيها للثأر من الاسرى واستهدافهم بالعديد من الاجراءات، والتي من خلالها يتم الضغط على القيادة الفلسطينية، مدركة حساسية وضع قضية الاسرى لدى كل فئات الشعب الفلسطيني، فهي لم تكتفي بسحب العديد من الامتيازات للاسرى ،بل زادت من حالات الحرمان من الزيارات للعديد من الاسرى، وامتنعت عن اطلاق سراح عشرات الاسرى بعد انتهاء فترة محكوميتهم، وتجديد اعتقالهم اعتقالا اداريا، ولكن الاخطر من بين هذه الاجراءات هو استهداف الاسرى بوضعهم الصحي.

وناشد ابو الحاج كافة المؤسسات الحقوقية والصليب الاحمر بوجه الخصوص، متابعة الوضع الصحي المتدهور للاسير عبد الله ابو عواد من رام الله، البالغ من العمر 17 عاما والمعتقل منذ ما يقارب 17 شهرا، وبين ان الاسير قد فقد النظر في عينه اليمنى، وذلك بسبب اهمال علاجه، وايضا وضعه في العزل الانفرادي.

واوضح ان الاسير عبد الله يعاني من وضع صحي بالغ الصعوبة، وانعكس الوضع على اهله، حيث تعاني والدته، من وضع نفسي سيء، وقالت والدته انها لدى زيارتها له افجرت من البكاء عليه نتيجو وضعه الصحي المزري.

وتقول والدته ان فقدانه البصر في عينه قد اثر على كامل وضعه الصحي، حيث من الم شديد في الراس، وضعف حاد في الذاكرة، لدرجة انه لا يستطيع تذكر عدد واسماء اخوته، كما يعاني من هبوط حاد في وزنه، وجسمه هزيل جدا، وبالرغم من كل ما ذكر لا تحرك مصلحة السجون ساكنا ولم تقم بتقديم اي علاج له.

وبحسب ما افادت عائلته فان العديد من المؤسسات الحقوقية على اطلاع بوضعه لكنها لم تقم ايضا باي اجراء لانقاض ابنهم ،مناشدين عبر مركز ابو جهاد كل الجهات سرعة التحرك خوفا على حياة ابنهم.

من جانب آخر يقوم مركز ابو جهاد باعادة تأريخ تجارب الاسرى المحررين وبالذات الذين اسسوا للثورة الفلسطينية المعاصرة، وذلك بهدف اعادة قراءة تجاربهم وعرضها للاجيال الشابة للافادة منها، وايضا لحفظ هذه التجارب، وقد تم تخصيص الزاوية الاسبوعية للمركز، لعرض تجربة الاسير المحرر المناضل موسى الشيخ، والذي التقاه طاقم المركز وقرر نشر تاريخه النضالي، وذلك على حلقتين، نتيجة لزخم تجربته وتعدد جوانبها ومحطاتها.

موسى الشيخ ابو كبر: امضى سبعة عشر عاماً في سجون الاحتلال
الثورة عمل ابداعي، والثورة الفلسطينية كانت كما سماها الزعيم الصيني ماونسي تونغ ثورة المستحيل بسبب الظروف التي كانت تحيط في بداياتها وما رافقتها.

وكانت الثورة الفلسطينية ثورة عمال وطلاب وفلاحين ومثقفين، وتحتوي مسيرة هذه الثورة على الآف القصص البطولية ، التي تروى في الجلسات وعندما يلتقي رفاق التجربة ورفاق السلاح، وما تلبث ان تضيع ويطويها النسيان.

وحتى نعطي الابطال المجهولين ممن خاضوا غمار الثورة وقاتلوا وضحوا وعذبوا ، حقهم فقد قررنا ان نعرض لجمهورنا الكريم، هذه السيرة النضالية البطولية لمناضل من الطراز الاول المناضل الاسير المحرر "موسى الشيخ " لكي تحفظ هذه التجربة و توثق للاجيال وللباحثين ولكي نعطي الابطال حقهم ونرد لهم شيئاً من الجميل من ابناء هذا الوطن.

بداية المشوار
الانضمام الى جيش التحرير وتلقيه التدريب مع الجيش العراقي
نلتقي اليوم المناضل موسى الشيخ ابو كبر، من مواليد قرية عقربة والذي كان يعمل في مطعم في الكويت عندما شاهد اعلاناً في التلفزيون يطلب متطوعين الي جيش التحرير الفلسطيني في قوات الصاعقة والمظليين ، الذي بدات منظمة التحرير الفلسطينية في تشكيله في بداية سنة 1965.

ووجد موسى أن المواصفات المطلوبة من حيث السن واللياقة تنطبق عليه فسارع الى مكتب المنظمة في الكويت.

ويتحدث موسى : " نقلنا الى العراق وهناك دخلنا دورة تدريبية مكثفة على يد كتيبة الصاعقة 421 الفرقة الخامسة، اللواء الثامن من الجيش العراقي".

ويضيف "بقينا سنتين تحت التدريب، وتم تدريبنا جنود صاعقة ومظليين، وفي مطلع سنة 1967 انتقلنا مع اللواء الثامن المدرع العراقي الى منطقة(الرمادي) على الحدود الاردنية ، وهناك قمنا بعمل مناورات عسكرية بالذخيرة الحية لمدة شهرين في الاربع صفحات القتالية حسب العقيدة القتالية للجيش العراقي وكانت المناورات شاقة جداً، وقد حضر اللواء عبد الجبار شنشل قائد الفرقة واصدر اوامره بمنحنا وسام شجاعة " وسام الرافدين " للكتيبة جميعها ".

المشاركة في حرب حزيران
ويتابع القول : " حصلت حرب حزيران وتم تجهيزنا بشكل قتالي كوحدة نارية كاملة، وقبل الحرب بيوم واحد تحركنا الى الاردن، وفي اليوم الاول وصلنا الى المفرق، وهناك سمعنا اول بيان حصري عن نشوب الحرب وقد وصلنا الى منطقة الكرام وكريمه، وهناك قمنا بحفر مواقع دفاعية للتصدي لأي التفاف اسرائيلي، عملنا خط دفاعي – تشكيلة قتالية – وكان لدينا خمسة مدافع مضادة للطائرات وانتشرت الكتيبة على مساحة جغرافية مناسبة ، توقعنا ان يقوم العدو بانزال مظلي وقبل الغروب ظهرت 8 طائرات من طراز ميراج ومستير وكانت تقصف مواقعنا وتصدت لها المدافع المضادة وبكل ما اوتينا من قوة نارية، استشهد اثنين من كتيبتنا وجرح 7-8 جنود آخرين تم اخلاؤهم ، قطعنا النهر وكنا في مشروع العلمي في الضفة الغربية للنهر، واذا برتل من الدبابات الاسرائيلية يحيط المنطقة وامامه جيب عسكري، فتقدم المقاتل احمد منصور ذيب من جبع يحمل كلاشنيكوف ووقف في وسط الشارع واطلق النار على الجيب، وعندها اطلقت الدبابة الاسرائيلية نيران رشاشاتها عليه، فسقط شهيداً على الفور".

"جاء أمر بالانسحاب فانسحبنا الى شرق النهر وكانت ملامح الحرب بدأت تتضح وسادت حالة انكسار لدى الشعب الفلسطيني بعد الحرب".

بعد انسحابنا الى الضفة الشرقية توزعنا حظائر وكنت قائد حذيرة كضابط صف برتبة عريف، وكنت اميل الى حركة القوميين العرب الى شباب التأثر، وعملت في احدى معسكراتهم مدرباً حيث عملت مدرب في جيش التحرير مدة ثمانية أشهر، وبعد ذلك انتقلنا الى العمليات وقد نزلنا دورية الى الارض المحتلة مرتين لضرب اهداف للعدو واحيانا لايصال سلاح الى الضفة الغربية".

معركة الكرامة
ويتابع موسى بعد ان يأخذ رشفة من فنجان القهوة فيقول : " اشتدت العمليات العسكرية ضد العدو والقصف المدفعي وبالصواريخ للمستوطنات الاسرائيلية وفي شهر اذار 1968 بدأ العدو في حشد قواته مقابل الكرامه التي كانت معقلاً للفدائيين.

وقبل معركة الكرامة بايام حضر الى قاعدتنا التي كانت بالقرب من الكرامة القائد العسكري " احمد جبريل " واخذ يقنعنا بعدم المشاركة في المعركة معللاً ذلك اننا في مرحلة " اضرب واهرب " من حرب التحرير الشعبية ولسنا في مرحلة المواجهة المباشرة في معركة غير متكافئة.

ولكن ابو عمار كان في الكرامة يتنقل بين القواعد ويزور كل القواعد واحدة تلو الاخرى ويحثهم على المقاومة والصمود والقتال ويحاول ممازحة كل مقاتل باسمه.

وفي الساعة الخامسة من صباح 21/3/1968 ، كان المناضل احمد عبد السلام الفيتوري الملقب ( ابو سنارة ) وهو ليبي الاصل انضم الى جيش التحرير في الحراسة الاولى فقد شاهد من خلال المنظار تشكيل دبابات اسرائيلي بحجم لواء يقطع النهر متوجهاً الى بلدة الكرامة.

وصلت الدبابات الى الكرامة وكأنها في نزهة واشتبك الفدائيون الذين كانوا يتحصنون في الانفاق مستفيدين من التجربة الفيتنامية مع القوات الاسرائيلية التي كانت تساندها الدبابات والطائرات وجهاً لوجه، وكان قتالاً اسطوريا ابلى فيها فدائيو فتح بلاءاً حسناً".

وعن مشاركته الشخصية في تلك المعركة يقول " كنا في قاعدة في جبل مطل على الكرامة، كان لدينا مدفع هاون عيار 82 ملم وحوالي 30-40 قذيفة مدفع فقمنا باطلاق اربعة قذائف وعندها حضرت طائرات اسرائيلية قصفتنا ب 6-7 قذائف. فعاودنا القصف حيث ضربنا كل القذائف التي كانت بحوزتنا وعاودت الطائرات الاسرائيلية لقصفنا ولكننا كنا مختبئين في مغارة في الجبل فلم يطالنا القصف".

وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً اشتركت المدفعية السادسة الاردنية بقصف قوات العدو وكان قصفاً مركزاً وبنسق ناري ذهاباً واياباً من النهر وحتى منطقة تل شويعر، وكان القصف فعالاً واوقع خسائر في صفوف العدو واستمرت المعركة ثلاثة ايام ولأول مرة يترك العدو آلاته المدمرة في ارض المعركة وفي الكرامة بقي 13 مقاتلاً لجأوا الى الجامع وعندما داهمتهم قوات العدو اشتبكوا معهم واستشهدوا جميعاً وبقي اثنين من المقاتلين على المئذنة وبعد استشهاد الفدائيين في الجامع ترجل الجنود الاسرائيلين واخذوا يحتفلون في ساحة الجامع ففاجئهم المقاتلين اللذين كانا على المئذنة باطلاق الرصاص فقتلوا وجرحوا عدداً كبيراً منهم.

انضمامه لحركة فتح
بعد معركة الكرامة قررت الانضمام الى فتح عن طريق زملاء لي من جيش التحرير وكانوا قد التحقوا في صفوف فتح وهم ابو زيد ( فلسطيني لبناني) وعبد الحميد عواد ( من قبلان ).

وانتقلت الى قواعد فتح وفي شهر 6/1968، طلب ابو عمار منا القيام بعمليات نوعية في الارض المحتلة وحضر معه امير كويتي وهو " احمد فهد الصباح " وعرف نفسه قائد القطاع الاوسط برتبة نقيب في الجيش الكويتي والقى علينا محاضرة في حرب العصابات، وكانت مجموعة عسكرية تستعد للنزول دورية حيث كانت ناقلة جنود اسرائيلية تمر يومياً توزع كمائن ليلية للعدو. وتأتي لتأخذهم في الصباح فنزلت الدورية االتي كان يقودها الشهيد علي الجعفري وكمنوا لها واطلقوا عليها قذيفة " ار. بي . جي " فدمروها وقتلوا (3-4) جنود. وانسحبوا وذلك بعلم من الامير الكويتي قائد القطاع الاوسط".

النزول في دورية واعتقاله
ويتابع موسى قائلاً : " في شهر 6 ذكرى حرب حزيران سنة 1968 حضر ابو عمار والرائد خالد قائد القوات ورافقونا حتى المخاضة على نهر الاردن . حكى لنا ابو عمار آية قرآنية وودعنا كشهداء. نزلنا سبعة مقاتلين من جيش التحرير وقطعنا النهر وسرنا مسافة 3-4 كم وشاهدنا قبل مرج نعجة تركتور حسبناه دبابة.
وتقدمنا بحذر نحو بيوت القرية، وصادفنا امرأة على ظهر سطح احدى البيوت فاخذت تدعو الله لسلامتنا، تخطينا الحاجز الترابي وسرنا الى ان وصلنا الى مشارف بلدة طوباس. اخذنا مواقعنا اثنين في كل موقع وبقينا من الساعة الثانية عشرة ظهراً.

وفجأة حضرت اربع طائرات هيلوكبتر انزلت جنوداً في سهل طوباس وقد توجهت الاربعة فرق من الجيش باتجاهنا فايقنا ان المواجهة لا مفر منها وهنا دار حوار قصير بين اثنين من افراد المجموعة حيث قال ابراهيم شمروخ يبدو انني لن ارى ابنتي التي ولدت قبل عشرين يوماً، فرد عليه ناجي الحواري من عزون، ان من يستشهد تأخذ روحه حورية نورها يغطي نور الشمس واخذ يحدث عن الشهادة وكرامة الشهداء وبذلك فقد حسم اي نوع من التردد في المواجهة .

تقدمت منا مجموعة من الجنود الاسرائيلية وعندما وصلت المجموعة بمحاذاتنا تعثر قائد المجموعة الاسرائيلية فسقط ارضاً واخذ بقية الجنود يسخرون منه وعندما قام جاء وجهه باتجاهنا بمواجهة ابراهيم شمروخ، وقتها خرجت صلية من ابراهيم شمروخ على الجنود الاسرائيلين وبدأ الاشتباك الذي دام اكثر من ساعة وعندها انضمت الاربع مجموعات من الجنود الاسرائيلين الى المعركة ، في هذه الاثناء فقدت الاحساس بالزمان والمكان وبقي في بندقيتي نصف مخزن، وتعطلت بندقيتي عن الرماية وحوصرنا من الجنود وطلبوا منا الاستسلام في مكبرات الصوت. فنزلنا الثلاثة الباقين على قيد الحياة الى الوادي وعلمنا ان الاربعة الاخرين قد استشهدوا واختبأنا حتى المساء والقي القبض علينا وقد قتل جنديين اسرائيليين في المعركة وجرح عدد آخر لا نعلمه.

تعرضنا الى ضرب شديد من قبل الجنود الاسرائيليون واخذنا الى معسكر شويعر في منطقة الجفتلك وبتنا ليلتنا ونحن مقيدين الايدي وملقيين على الارض وفي اليوم التالي حضر حاييم بارليف وقدم لنا نفسه بانه قائد الجيش الاسرائيلي سألنا اسئلة حول التدريب االذي تلقيناه وقال لنا انتم واجهتم 120 من جنود لواء جولاني الذي هو من خيرة الجيش الاسرائيلي بمعنى ان النتيجة معروفة ومحتمة بموتكم، فهل قاتلتم حباً في الوطن ام حباً في الجنة ، فكان جوابنا حباً في الجنة وشربنا كأساً من الشراب الذي اعاد لي الاحساس بالحياة وسألنا من اول من اطلق النار ؟ واسئلة اخرى .

وبعدها نقلنا الى مركز المخابرات الاسرائيلية في رام الله ، وبقينا في زنزازين المخابرات مدة اسبوعين وقدمنا الى محكمة عسكرية باربع تهم وحكمنا بالسجن المؤبد واعدنا الى سجن نابلس.

وهنا تبدأ مرحلة جديدة من الحكاية سنتابعها في الحلقة القادمة....
|143831|
زيارات لمتحف ابو جهاد
من جانب اخر زار متحف ابو جهاد وفد طلابي اوروبي ،والذي جاء الى الاراضي الفلسطينية كمحاولة منه لتفهم طبيعة الصراع ولفهم معاناة الشعب الفلسطيني ،وذلك عبر مركز دراسات القدس ،وكان باستقبال الوفد الطلابي فهد ابو الحاج مدير عام المركز ،الذي اكد على اهمية ادراك الراي العام الاوروبي لطبيعة ما يجري في الاراضي الفلسطينية ،وخاصة اذا ما جاء هذا الادراك نتيجة لزيارة هذه الاراضي والاطلاع عن كثب لممارسات الاحتلال .

وخص ابو الحاج حديثه عن قضية الاسرى وكيفية تبلور فكرة انشاء مؤسسة خاصة تعنى بالترويج لقضية الاسرى ،والتي تحتضن اول متحف خاص بقضية الاسرى على المستوى العالمي ،والذي قال عنه انه سيبقى يحفظ تضحيات والام الاسرى على المستوى العالمي ،وليس فقط الاسرى الفلسطينيين والعرب.

بدورهم شكر اعضاء الوفد كل من اسهم في بناء صرح المتحف ،وعبروا عن تفهمهم لمطالب الشعب الفلسطيني ، وتمنوا ان يفرج عن كافة الاسرى .