وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رئيس تحرير "الحياة الجديدة" يدعو الموظفين مواصلة خدمة المواطن ولو ادى ذلك لكسر الاضراب

نشر بتاريخ: 28/10/2006 ( آخر تحديث: 28/10/2006 الساعة: 10:38 )
بيت لحم- معا- دعا حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة" في مقالة نشرها اليوم الموظفين الى كسر الاضراب وتقديم الخدمات للمواطنين, موجهاً انتقاداً حاداً للاحزاب الفلسطينية التي غلبت مصالحها على مصالح الشعب الفلسطيني.

وفيما يلي نص المقالة التي جاءت تحت عنوان "ايها المحرومون":

جهات عديدة من بينها مجموعة باديكو ابدت استعدادا مشكورا لشراء انتاج الزيت بأسعار معقولة من المواطنين.. حيث ان انتاج الزيت يعتبر العمود الفقري للاقتصاد الريفي، وتم بيعه بأسعار بخسة وصلت الى تسعة شواقل للكيلو غرام الواحد طوال السنوات الماضية، وتكاتف تجار معينون في سنوات سابقة ونجحوا في شرائه بدعم اوروبي بسعر رخيص جدا واعادوا بيعه بأسعار عالية في الخارج، وهذا عمليا يعتبر نصبا واحتيالا على المزارع الفلسطيني.. وقد توقع الكثيرون ان يصل سعر الزيت في هذا الموسم الى ما يزيد عن عشرين شيقلا للكيلو غرام الواحد، لكن حساب الحقل اختلف مع حساب البيدر حيث استغل تجار كبار الوضع الاقتصادي المتردي المزارعين وخفضوا سعر الطلب الى قرابة 12 شيقلا، وهذا فيه اجحاف بهذا الانتاج الذي يباع في الخارج بسعر لا يقل عن ثمانية دولارات.

لقد مل شعبنا هذا الوضع وكأنه شعب صائع جائع لا احد يهتم بأموره والكل يطلب منه ان يكون الشعب الطائع الخاضع الخانع.. مل المماحكات والسمسرة على مصيره وقضيته سواء كانت تحت شعارات وطنية او دينية او كافرة.. فالأصل ان يهتم ولاة الامر بأمر الرعية ويبدو ان لا احد يهتم بهذا الشعب والا لما وجدنا انفسنا جائعين ... وبلا مدارس لأبنائنا وبعضنا يهدد بعضنا وكأننا خلقنا لخدمة التنظيمات والاحزاب ولم تخلق الاحزاب لخدمة القضية وشعبها.

ما بالنا انقسمنا الى فسطاطين احدهما يهدد ويكفر الناس ويجوعهم والآخر يجهلهم، وانطلق سماسرة الحروب وباعة الدم والضمير يمتصون عرق الشعب وجهده ويجيرونه لمصالحهم.

آن الأوان لكي تحاول جموع الموظفين ان تكسر النمط الاضرابي المضر وتحاول تسيير شؤون الوزارات تسييرا ذاتيا وتتمرد على ناموس الاضراب وناموس المنطق الحكومي الفئوي والمناطقي المتحجر وناموس التسلط الوظيفي والاقتصاد لأن استمرار هذه الحال من المحال ولا يجوز لا وطنيا ولا دينيا البقاء في هذا الوضع المزري، فعندما يفشل السياسيون في قيادة شعب وتفلس الاحزاب فيجب ان ينبثق من الشعب ذاته ما يغير هذا الفشل ويسد هذا العجز ويجبر احزابه على ايجاد طريقة ما للتوافق، وحتى الآن لم نسمع سوى لغط وجعجعة ولا نرى طحنا، وبات الامر يقتضي تحركا ايجابيا من قطاع الموظفين ليعيدوا النشاط الى الوزارات والمدارس ويخاطبوا عبر لجانهم المطلبية المجتمع الدولي لكي يدعمهم في خلق الآلية الحقيقية لتصريف الشؤون العامة بعيدا عن العقبات الحالية.

ان المتضرر الأكبر من هذا الوضع هو الشعب بكامله بكافة توجهاته، لأن الاصطفاف الحالي وانقياد العامة الى الاستقطاب الفصائلي أضر بجموع الشعب وبقضيته المركزية، فآخر لقمة في الوطن ستكون من نصيب احد الفصائل وقادته وآخر دواء لعلاج ابنائه وآخر مدرسة لأبنائه وآخر جامعة لأبنائه وأول وآخر شهيد ليسوا من ابنائه، فالحرمان ليس من نصيب كبار الفصائل.

فاذا لم يتحرك المحرومون فلا احد سيتحرك نيابة عنهم.