|
عائلة يهودية تتبرع بقلب ابنتها ورئتيها لانقاذ حياة سيدة من الناصرة
نشر بتاريخ: 19/09/2011 ( آخر تحديث: 19/09/2011 الساعة: 16:47 )
القدس- معا- تبرعت عائلة فتاة يهودية تدعى (حِنْ) 18 عاما من كفار سابا بأعضاء إبنتهم للمرضى المحتاجين ومن بينهم المواطنة بادرة محمد سمارة من الناصرة التي تمّ زراعة قلب ورئتين لها من اعضاء الفتاة اليهودية.
وكانت (حِنْ) لاقت حتفها في حادث طرق مروِّع في الأيام الأولى من شهر رمضان الماضي وأدّت الإصابة المميتة إلى توقّف مُخّها عن العمل وأعلنّ الأطباء عن قرار الموت السريري لتلك الفتاة، ليبادر ذووها بالتبرع باعضائها للمرضى المحتاجين. النائب إغبارية وطبيب العائلة د. جابر خوري في بيت سمارة النائب د. عفو إغبارية الذي يدعم ويشجِّع التبرّع بأعضاء الإنسان لإنقاذ حياة الآخرين ويتابع القضية برلمانيا من أجل تطوير عملية التبرّع بالأعضاء البشرية وزيادة نسبة المتبرِّعين في الوسط العربي، وطبيب العائلة د. جابر خوري الذي أشرف ويشرف على علاج بادرة سمارة، قاما سوية قبل أسبوع بزيارة سمارة في بيتها في الناصرة للاطمئنان على صحتها وتهنئتها بالشفاء وعودتها سالمة إلى زوجها محمد سمارة (أبو معتز) وابنتها مريم والعائلة. |146366|وقدّمت عائلة سمارة الشكر للنائب إغبارية على الزيارة وعلى اهتمامه ونشاطه في رفع مستوى الخدمات الطبية ودعمه لقضية التبرع بالأعضاء البشرية للمحتاجين، ثم قدّم الزوج محمد سمارة وزوجته بادرة الشكر الجزيل لطبيب العائلة د. جابر خوري وأخصائي أمراض القلب د. خليل عبود لإنقاذهما حياة الزوجة بادرة سمارة واكتشافهما الجرثومة النادرة التي أصابت الرئتين بوقت مبكِّر بعد سنتين من الفحوصات المكثّفة، حيث تعتبر هذه المدّة أقل بأربع سنوات من معدّل فترة الكشف المتعارف عليه والتي قد تصل إلى ستّْ سنوات، الأمر الذي ساعد في الإعلان عن عملية زرع الأعضاء في الوقت المناسب وإنقاذ حياتها. د. إغبارية يدعو لتعميق ثقافة التبرّع بالأعضاء البشرية من جهته بارك النائب إغبارية لبادرة سمارة بالسلامة وأكد أنه سيتابع في لجنة الصحة البرلمانية واللجنة المنبثقة عنها لتشجيع التبرّع بالأعضاء وضرورة رفع نسبة التبرّع بالأعضاء في الوسط العربي بكونها منخفضة، كثقافة إنسانية ضرورية لإنقاذ حياة البشر، كما وتطرّق إلى أهمية تعميق ثقافة التبرّع بالنخاع العظمي في الوسط العربي والطوائف الشرقية لأنها تساعد على ملائمة زرع الأعضاء البشرية عند كافة شرائح المجتمع ودعى الجمهور العربي بشكل خاص إلى التبرّع بالأعضاء من أجل زرع الأمل بالحياة عند الكثير من المرضى المحتاجين. طبيب العائلة د. جابر خوري تابع شخصيا علاج بادرة د. جابر خوري قال إن أي تأخير في كشف الجرثومة التي أصابت رئتيّ بادرة يؤدّي للالتهاب الرئوي ويُضعف جهاز المناعة في الجسم مما يؤدّي لعدم أداء وظيفته بشكل منتظم وبالتالي تقل نسبة الأكسجين في الجسم، وفي حالة بادرة تراوحت نسبة الأكسجين في جسمها بين 50 إلى 70% فقط في حين أن النسبة عند الإنسان العادي هي 95%، ولذلك ارتبطت بادرة بجهاز الأكسجين المتنقّل خلال 24 ساعة.|146368|وأضاف جابر إنه بعد الكشف عن الجرثومة بفضل د. خليل عبود وأطباء آخرين وممتابعتي بشكل شخصيّ تقرر نقل بادرة إلى مستشفى بلنسون في بيتح تكفا وأشرف على علاجها هناك بروفيسور ميخائيل كريمر وتمّ تسجيلها في قائمة المحتاجين لزراعة الرئتين وبعد فترة تقرر أيضًا زراعة القلب. وفاة (حِنْ) وتجدد الأمل بشفاء بادرة الزوجة بادرة سمارة قالت إن شقيقها طارق (36 عاما) أعلمني في وقت سابق أنه على استعداد للتبرع بإحدى رئتيه لإنقاذ حياتي ولكني رفضت العرض لأنني قلقت على حياته، خصوصًا وأنه شاب وعنده عائلة وأولاد. وهنا لا يسعني إلا أن أشكر زوجي محمد الذي رافقني كل الوقت في فترة مرضي ولم يتركني للحظة. أما بخصوص المتبرِّعة فلا أدري كيف أجد الوصف المناسب للحب والتقدير الذي أحمله في قلبي وعقلي وكيف أجد القوة لشكرهم. أما الزوج محمد سمارة فقال إنه بعد مرور ستّة أشهر من موعد التسجيل للزراعة تلقّى اتصالاً من البروفيسور كريمر في أوائل شهر رمضان الماضي وأبلغني أن أُحضر زوجتي بسرعة للمستشفى وأن وضع زوجتي الصحّي يتطلّب زراعة القلب والرئتين، وبعد ساعات معدودة وصلنا إلى مستشفى بلنسون وأُجريت لها عملية استئصال القلب والرئتين من الشابة (حِنْ) وزرعهما في جسد زوجتي بنجاح واستمرّت العملية الجراحية ما يقارب ستّ ساعات. لقاء مؤثِّر بين عائلة الفتاة المتبرِّعة وعائلة سمارة اللقاء المؤثِّر جدا بين عائلة الفتاة المتبرِّعة وعائلة سمارة كان السبت في بيت السيدة بادرة سمارة في الناصرة، لقاء حميميّ دافيء يعجز القلم عن وصفه، حيث تبادلت والدة الفتاة ليز عيّاش (من أصل مغربي) العناق مع حاملة قلب ورئتي ابنتها واختلطت دموع الحزن والفرح في عينيّ أفراد العائلتين وتبادل الطرفان كلمات الحب والتقدير والعرفان. اللحظات المؤثِّرة التي ينحني أمامها أي كلام شعاراتي وتستسلم لها كل الأحاسيس والمشاعر والعواطف، عندما بكت أم الفتاة وهي تصغي بتمعّن لكلمات بادرة الخارجة من أنفاس ورئتي إبنتها، عندما سألتها بادرة، إذا كانت إبنتها تحب الضحك كثيرًا وتحب الحياة والناس، فأجابتها الوالدة ليز والدموع بعينيها إن كل ما قالته هو من صفاة إبنتها، وقالت أيضا إنها منذ أن دخلت البيت وتمعنّت في عينيّ بادرة شاهدت طيف ابنتها وانتابها شعور غريب يقول أن ابنتها (حِنْ) لم تمت ولا يزال قلبها ينبض ورئتيها تتنفس، ثم وجّهت ليز كلامها للزوج محمد سمارة وقالت له بصوت مرتجف أن عليه الآن رعايتها والمحافظة على زوجته أكثر وتلبية كافة رغباتها لكي ينبض قلب (حن) سنوات طويلة، لأن بادرة هي الملكة للعائلتين ويجب حمايتها. والدة الفتاة: إبنتي منحت أعضاءها لتعيش في أجساد الآخرين بطريقة أخرى واسترسلت ليز والدة الفتاة قائلة: "جدا تأثرت عند دخولي إلى بيت سمارة لم أعرف كيف أتصرّف لأن مصيبتنا كانت ثقيلة جدا، حتى إبني الصغير إيال (سنتان) عند نزولنا من السيارة وشاهد بيت سمارة قال بصوت عال: (مرحبا حِنْ) وكأنه شعر بشيء ما بداخله. وتابعت ليز: في نفس الوقت بدأت تخطر على بالي أن ابنتي منحت حياتها لتعيش في أجساد الآخرين بطريقة أخرى فإن ذلك الأمر جعلني أتماسك وأحب بادرة وقلب بادرة وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الثلاثة، أحدهم من رحوبوت تلقّى الكبد وآخر من نتانيا تلقّى كلية، والكلية الثانية تلقّاها شخص من أوفاكيم. كل ذلك أعطاني الأمل والتفاؤل بأن إبنتي تعيش بمكان آخر وبطريقة جديدة. هذا اللقاء مع عائلة سمارة قد أغلق دائرة وفجوة في قلوبنا. الآن أنا مطمئنة أكثر لأن قلب إبنتي ورئتيها يعيشان في جسد بادرة. وسوف نتواصل مع عائلة سمارة كل الوقت وسنبادر قريبًا لجمع الأربعة أشخاص الذين تلقّوا أعضاء إبنتي لتوطيد العلاقة بينهم. بادرة سمارة: لن أترككم أبدًا ويمكنك أن تعتبريني إبنتك الثالثة أما بادرة التي كانت تجلس وسط هذا الكلام الدافيء فقالت لأم الفتاة: "لن أترككم أبدًا ويمكنك أن تعتبريني إبنتك الثالثة، لو كان بمقدوري أن أهب روحي لكم لما قصّرت، لا يمكنني أن أجد الكلمات التي تعبّر عن محبتي ولكني أعد بأن أزوركم دائما واعلمي أن لكم بيتا ثانيا هنا في الناصرة". والدا الفتاة قاطعا بادرة وقالا: "لا نريد أي شيء سوى أن تحافظي على صحتك وقوتك، نريدك قوية دائما، وإذا مررتم من مركز البلاد عليكم أولا أن تزورونا في بيتكم الثاني". والد الفتاة المتبرعة: نحن وعائلة سمارة اليوم وحدة واحدة ولن نفترق أبدا والد الفتاة المتبرّعة موريس عياش قال إن ما يربطنا اليوم مع عائلة سمارة في الناصرة لا يمكن لأي قوّة في الدنيا أن يفرِّقنا. عندما وافقنا أن نتبرع بأعضاء إبنتي لم نشترط شيئًا، ولم يخطر ببالنا الناحية الدينية أو القومية لمتلقّي التبرع، أليوم قلب (حن) ينبض ورئتيها تتنفس في جسد بادرة وهذا بحد ذاته أقوى من كل النزاعات والخصامات السياسية، نحن وعائلة سمارة اليوم وحدة واحدة ولن نفترق أبدًا، هذا السلام الذي أنجزته إبنتنا تعجز الدول عن بناءه، استطاعت أن تقنع العالم كله أننا بشر يمكننا العيش سوية بمحبة وسلام. الزوج محمد سمارة قال مجيبا، أنه بالإمكان تحقيق المحبة والسلام بين أبناء الشعبين من خلال تثقيف الصغار على ذلك، أن نبني جيلاً كاملا على هذه الثقافة وبذلك يمكننا محو الضغينة والكراهية في نفوسنا. |