|
الامم المتحدة - بنت ال 66
نشر بتاريخ: 19/09/2011 ( آخر تحديث: 19/09/2011 الساعة: 22:22 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - شرّفني الرئيس عباس السنة الماضية ان احضر معه الدورة 65 للامم المتحدة ، وشرّفني هذا العام ان احضر الدورة 66 لاجتماعات اللامم المتحدة ، حيث تحتفل هيئة الأمم المتحدة في الرابع والعشرين من إيلول/ سبتمبر من كل عام بما سمّي "يوم الأمم المتحدة"،ويأتي ذلك في وقت يقول فيه البعض : ما الذي بقي للبشرية من هيئة الأمم ومنظماتها وفروعها وصناديقها وأجهزتها وسياساتها ومخططاتها؟.. وهل يمكن تغيير شيء من ذلك ليكون لها الدور الفعّال في صناعة "واقع" الأسرة البشرية على وجه أفضل، أم ينبغي البحث عن بديل؟ ورغم ان وجود الامم المتحدة مرتهن الان للقوى العظمى وعلى رأسها امريكا الا ان عدم وجود امم متحدة لا يعني ابدا ان الشعوب الفقيرة ستكون افضل حال في ظل عدم وجود الامم المتحدة !!! بل على العكس ربما .
وللمقارنة اذكر بعض ما كتبت هناك ، لاجد انه لم يتغير شئ تقريبا على العالم ، باستثناء هروب وموت وسجن الزعماء العرب ، ولولا الثورات العربية التي اشرقت في وجه الامم المتحدة ، لظلّت الامم المتحدة بركة مياه راكدة ، او ربما اسنة في بعض الاحيان . وكما هو متوقع ، سيحاول كل قائد من قادة العالم ان " يغني " اغنيته من خلال كلمته ، ولن يفعل عباس اكثر مما فعل عرفات في عام 2000 في نفس القمة وسيفعل اوباما مثلما فعل كلينتون وسيقول بينكي مون مثلما قال كوفي عنان وهكذا .فالكلام شكل والواقع السياسي والاقتصادي والعلمي شكل اخر تماما ( في ميادين التقدّم والتخلف والفقر والجوع، بين أعضاء "الأسرة البشرية" الواحدة، سواء ما بين الشمال والجنوب، أو داخل البلد الواحد. وطالما استمر إنفاق المليارات "يوميا" -وليس سنويا- على التسلّح، والتخطيط لإنفاق المزيد، والامتناع عن إنفاق بضعة مليارات "سنويا" لمكافحة الموت جوعا ومرضا، ومكافحة ألوان البؤس الأخرى نتيجة الجهل والاستبداد المحلي والدولي وتفاوت الفرص على مختلف المستويات. بل وإنفاق المليارات على مؤتمرات دولية عملاقة ومخططات دولية منبثقة عنها من أجل الانحراف بالقيم الأخلاقية أو تقويضها، ولنشر ألوان الإباحية في العالم وشذوذها، بدعوى الحيلولة دون انفجار "القنبلة السكانية البشرية" التي يصنعها ازدياد حجم الكتلة البشـرية في الدول الناميـة!.. وكذلك إنفاق المليارات على إتلاف فوائض المحصول الزراعي الغربي لمنع انخفاض "أسعاره" عالميا، وبالمقابل رفض إنفاق كسور مئوية محدودة من تلك المليارات لتنفيذ مشاريع "جاهزة"، جديدة وعتيقة، لا تخرج من مصنفات المنظمات الفرعية للأمم المتحدة إلى أرض الواقع، ويكفي تنفيذها في الأصل لتغطية احتياجات البشر في مختلف أنحاء الأرض، بأعدادهم الراهنة الآن، ومع استمرار تكاثرهم بمعدلاته الحالية، كما يكفي إنفاق كسور مئوية من تلك المليارات لتثبيت "القيم الوقائية" الضرورية للحدّ من انتشار أوبئة المخدرات وتجارة الرقيق والجريمة المنظمة ونقص المناعة المكتسبة وما شابهها، مما انتشر نتيجة معاول هدم القيم الخلقية والعقدية) . ومما قيل ايضا في العام 2000 عن هذه القمة (اما ذلك الحديث المتكرر عن العدالة، وحقوق الإنسان، والحريات، والكرامة، وغيرها من المثل، واستمرار الاعتماد على القوّة في فرض أوضاع جائرة لاعدالة فيها، تنتهك حقوق الإنسان ليل نهار وتصادر حرياته في مختلف الميادين، وتمتهن كرامته بلا حساب ولا عقاب، وفلسطين وأرض البلقان وأمثالها شاهدة على القرن الميلادي العشرين بكامله، كما أنّ العراق (ومن وضع بعده على القائمة السوداء الأمريكية) شاهد على ما يراد صنعه في القرن الميلادي الحادي والعشرين. وما يزال النزيف في الشاشان واستمرار استعبادها وأخواتها شاهد قرون أخرى مضت منذ بدأت "شمس حضارة الإنسان الأبيض" تنتشر عالميا !.). ويبدو اننا سنتفق فورا مع من كتب حينها "عدم توقع "مفاجآت" تسفر عنها لقاءات كبرى. ويسري هذا على ما تعقده الأمم المتحدة أكثر من سواها، فعندما تتحرّك على مستوى "الجمعية العمومية" لا يتعدّى ما تعلن عنه حدود "توصيات"، فمن شاء أخذ بها، ومن شاء رمى بالأوراق التي كتبت عليها في سلّة المهملات، وترك النصوص لذاكرة التاريخ إنّما تفرض النظرة الموضوعية التساؤل عمّا صنعته المنظمة الدولية بما أنفقت الملايين لترتيبه وتقريره، ومن ذلك خطة العمل لقمة الألفية، على أساس التقرير الذي قدّمه للقمة الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي عنان، وكان تقريرا ضخما كضخامة المناسبة ومستوى المشاركة فيها، فضمّ سبعة فصول، أوّلها أشبه بمقدّمة تحت عنوان: قرن جديد وتحديات جديدة، بينما اهتمت الفصول الخمسة التالية على التوالي بقضايا العولمة، والفقر، والأمن، والتقنيات المستقبلية، واختتم عنان تقريره بفصل سابع أعطاه عنوان: اعتبارات مطلوب أن ينظر فيها مؤتمر القمة، وقد نظر فيها فعلا، ثم انفضّ المؤتمرون وعاد كل إلى موقعه من "صناعة القرار لسواه" ، أو موقع "تحمّل نتائج صناعة سواه للقرار ففي التقرير النهائي كان النصيب الأكبر من الصياغة بالشكل الذي يرضي الدولة الأقوى عالميا في الوقت الحاضر، ثم تهبط تلك النسبة تدريجيا، وتبقى في حدود كلمات عامة لصالح الأضعف، والكلمات أو الوعود العامة، مشروطة، بشروط مؤدّاها أن ينفذ الأضعف إرادة الأقوى!.". القمة انعقدت السنة الماضية فيما كانت تتعرض الباكستان الى دمار الفيضانات والعراق لا يزال ينزف الموتى كل يوم والاحتلال الاسرائيلي ينتشر بالاستيطان وغزة تفقد الامل والحب بالحصار والقمع والضفة تغرق في الديون وافريقيا تجوع وتعرى اكثر وملايين تقتلهم الامراض ويفتك بهم الايدز ، وتاتي القمة في حين صارت اوروبا الشرقية موحدة مع الغربية لكن رجال ونساء اوروبا الشرقية يذهبون للعمل خدما عند الاوروبيين الغربيين ، وهجرة افريقيا وتهريب البشر في الصحراء او السفن وتجارة الهيرويين والجنس اصبحت " بزنس " وليس جريمة ضد البشرية و ... الخ . اما هذا العام فيضاف اليها مجاعة الصومال وثورات العرب ومذابح سوريا وقصف ليبيا وحرب اليمن تلوح في الافق وزلزال اليابان واعاصير امريكا و... الخ . ومن خلال جولاتي في الاشهر الاخيرة مع الرئيس اتضح لي ان كل القادة والزعماء العرب والعجم ، الابيض منهم والاسود ، الاصفر والاحمر جميعهم يتحدثون بلغة المصالح ،فاهل رومانيا لا تهمهم الان القضية الفلسطينية بقدر الازمة الاقتصادية ، وبالنسبة للاغريق فان ديون البنوك في اليونان اهم من حصار غزة وفي اثيوبيا تجارة السمسم اهم من مشاكل رام الله وهكذا ... وطالما ان الجميع يتحدث عن المصالح .. تعالوا نسال : ما هي مصلحتنا ؟ فنكتشف : اولا: لا يوجد اجماع وطني وشعبي على مفهوم مصالح الشعب الفلسطيني ، وانما كل حزب وكل منظمة وكل جناح مسلح بل وظهر مؤخرا ان كل مسؤول وناطق اعلامي صار يقرر لوحده ويقول " ان مصلحة الشعب الفلسطيني تقتضي ..." دون ان نعرف فعلا هل هذه هي مصلحة الشعب الفلسطيني ام مصلحته هو ومصلحة شركاته او انفاقه التي يحفرها تحت الارض !!! ثانيا : أوليس من الحري ان نسال انفسنا ونحن ذاهبون الى الامم المتحدة ، ان نسال انفسنا ماذا نريد واين هي مصلحتنا ؟ هل مصلحة الشعب الفلسطيني عند مشعل وطهران ؟ ام مصلحة الشعب الفلسطيني عند فياض والغرب ؟؟؟ ثم ماذا نريد اولا من هذه المصالح ؟ هل نريد دولة ام سلام ؟ هل نريد اتفاق مع الاحتلال ام طلاق من الاحتلال ؟ وما الذي يضمن للمواطن ان هذه هي مصلحة الشعب الفلسطيني ؟ ثالثا: كل الشعوب متشابهة ، ولا فرق بين الطليان واهل غزة ولا فرق بين الالمان واهل الضفة .... والفارق الوحيد هو في القيادة والتربية ، فالدول المتقدمة تعزز الانتاج وترشد الاستهلاك ، تستقطب العلماء وتسجن المعتدين ، اما الدول الفقيرة او الفاشلة فهي تسجن العلماء وتطلق يد الاغبياء والجهلة .فهل نحترم ونستقبل العلماء ؟ هل نسجن المعتدين ؟ رابعا : اقامة الدولة الفلسطينية حق سيتحقق وان طال الزمن ، لكن السؤال الاهم : كيف سيكون ذلك في مصلحة الشعب الفلسطيني ؟ هل نريد اتفاق سلام مع الاحتلال ؟ ام طلاق سلمي من الاحتلال ؟ وماذا نريد من روسيا واوروبا والصين وافريقيا ؟ والاهم ماذا يريدون منا ؟والاخطر من كل هذا : من يقرر ؟ علما انني ارى انه وفي حال انتزاعنا دولة من الامم المتحدة ، فان هذا سيكون بمثابة شيك من دون رصيد ، ولكن اذا كانت دولة هي شيك من دون رصيد فان الفيتو سيكون بمثابة فيزا كارد بيد القيادة الفلسطينية . |