وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: شعبنا حسم معركة الجاهزية والجدارة ليحقق الاستقلال والسيادة

نشر بتاريخ: 26/09/2011 ( آخر تحديث: 27/09/2011 الساعة: 10:05 )
نابلس- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن خطاب الأخ الرئيس أبو مازن،أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عكس عدالة قضيتنا الوطنية ومكانتها في الضمير الإنساني، وأبرز رواية شعبنا ومعاناته وعذابات أبنائه، واستعداده الحقيقي، رغم كل ذلك وبسببه، للسلام العادل، الأمر الذي يتطلب عملية سياسية جادة وذات مصداقية وقادرة على إنهاء الاحتلال، وتحرير شعبنا من طغيانه وإرهاب مستوطنيه، وتمكينه وفقاً لقرارات الشرعية الدولية من تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله، ليعيش عزيزاً كريماً على أرض وطنه في دولة مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 196.

وأشاد فياض بالتزام شعبنا والتفافه حوله قيادته، وحرصه على تكريس الطابع السلمي لمقاومته للاحتلال، وقال: "أبدى شعبنا وبما لا يدع مجالاً للشك تمسكه الحاسم بالشرعية الدولية وانحيازه التام لقواعد القانون الدولي وحرصه على الطابع السلمي في مقاومته ورفضه للاحتلال وتطلعه الأكيد للسلام القائم على الحق والحرية والعدالة والقانون والشرعية الدولية، وبما يعبر أيضاً عن أمله في وضع حد لمعاناته، وإصراره على تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في العودة والاستقلال الوطني. كما وأرسل، من خلال ذلك كله، للعالم رسالة جلية بأن كفى للظلم والازدواجية، وآن الأوان لربيع بلادنا أن يزدهر، ولحق شعبنا في الحرية والكرامة في أن يتحقق".

واعتبر رئيس الوزراء أن الخطاب حمل صوت وإرادة شعب فلسطين وملحمة كفاحه الوطني، وإصراره على بعث الوطنية الفلسطينية وتجسيدها في دولة فلسطين المستقلة التي نجح شعبنا في استكمال الجاهزية لإقامتها بإقرار العالم، وأكد جدارته في بناء وإدارة مؤسساتها القوية القادرة على رعاية وحماية مصالح أبنائها، والإسهام في تكريس الأمن والعدل والسلم الدولي في منطقتنا وعلى الصعيد الدولي.

وتوقف فياض أمام الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، والتي شكلت أساساً لوضع العالم أمام مسؤولياته للإقرار بحقنا في الاستقلال والسيادة وقبول دولة فلسطين عضواً في الأسرة الدولية، وأشار إلى الفقرات الهامة والواسعة التي تضمنها خطاب الرئيس، وما تضمنه من إشادة بانخراط شعبنا ومؤسسات السلطة الوطنية خلال العامين الماضيين في استكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين، والتي نالت الإقرار الدولي بجاهزيتها، وقال "لقد أكملت سلطتكم الوطنية، ووفقاً للتقارير الدولية، جاهزيتها لإقامة الدولة، وتمكنت من بناء مؤسسات قوية وكفؤة وقادرة على العمل كمؤسسات دولة، حيث أشار تقرير البنك الدولي بأن المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوق على نظيراتها في الدول الأخرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها".

وأضاف رئيس الوزراء "أن هذا الأمر يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات استثنائية لوضع حد عاجل للعقبة الرئيسية والوحيدة أمام قيام دولتنا، وتمكين شعبنا من بسط سيادته على أرضها، ألا وهي العقبة المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي. إن هذه المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي لا تعفينا من ضرورة الاستمرار في أداء مهامنا في تطوير وتعميق جاهزيتنا، وتعزيز قدراتنا لتحقيق المزيد من الاعتماد على الذات. فجوهر برنامج السلطة الوطنية هو في المقام الأول برنامجاً للتمكين الذاتي على الصعيد الوطني، ويستهدف في المقام الأول تعزيز قدرة المواطن على الصمود والثبات والبناء على أرضه ليوم آخر ولليوم الذي يليه، ونحن بحاجة ماسة إلى حث الخطى باتجاه تحقيق المزيد من المنعة الذاتية والقدرة الذاتية التي تحصننا وتمكننا من الوصول في مشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية، والمتمثلة في إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله وحقوقه كافة في جميع المجالات".

وتابع فياض "إن السلطة الوطنية قطعت شوطاً بعيداً في هذا المجال وخصوصاً على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. ولطالما كان الاعتماد على الذات هدفاً موجهاً وأساسيا للسياسة المالية والاقتصادية للسلطة الوطنية، وشدد على أنها ستواصل توجهاتها لتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتعزيز الاعتماد على الموارد الذاتية في تغطية النفقات الجارية، وأشار إلى أن السلطة الوطنية، وفي إطار سياستها لتحقيق ذلك، تمكنت من تقليص العجز في موازنتها من 1.8 مليار دولار في العام 2008، أي من ما نسبته 27% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى حوالي مليار دولار في العام الحالي، والتي تعادل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، أي بانخفاض 16 نقطة مئوية ما بين عامي 2008-2011. وذلك على خلفية ما بذل من جهد في كافة المجالات من جانبي الموازنة "النفقات والإيرادات"، لتحقيق المزيد من المنعة والقدرة الذاتية في الاعتماد على الذات. وبالقياس إلى الناتج المحلي الإجمالي يكون التحسن في القدرة الذاتية الفلسطينية قد بلغ 60% خلال العامين 2008-2011، وهذا تقدم هام يجب علينا أن نبني عليه في أسرع وقت ممكن.

وثمّن رئيس الوزراء تقديم المملكة العربية السعودية منحة قيمتها 200 مليون دولار، مؤكدا أن ذلك لن يثنينا عما بدأناه من جهد في الاعتماد على الذات. وبما يمكننا من الانتصار لكرامتنا الوطنية، تحقيق المزيد من عوامل الصمود في معركة الاستقلال الوطني، وعلى درب انتزاع الإقرار الدولي الفعلي بحقوقنا.

واعتبر فياض أن شعبنا حسم معركة الجدارة، وأكد أهمية مواصلة العمل لتحويل هذا الإقرار إلى دور دولي فاعل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وقيام الدولة، وقال: "إن معركة الجدارة قد حسمت، وعلينا أن نواصل المزيد من العمل لتحويل هذا الإقرار الدولي بجاهزيتنا لإقامة الدولة، إلى إقرار بحقنا في ممارسة السيادة على أرضنا، وما يتطلبه ذلك من تدخل فاعل ودور ملموس ومتوازن من المجتمع الدولي لضمان إنهاء الاحتلال عن أرضنا، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف".

جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض في افتتاح مؤتمر المسؤولية الاجتماعية للجامعات الفلسطينية، في مدينة نابلس، والذي تنظمه جامعة القدس المفتوحة، بالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، وبمشاركة الجامعات الفلسطينية، وبحضور محافظ نابلس العميد جبرين البكري، وممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وعدد من الأكاديميين والباحثين.

وأكد فياض على أن عقد هذا المؤتمر يشكل مساهمة فاعلة لإحداث التقدم في المجتمع الفلسطيني، وتمكينه من تحقيق المزيد من القدرة على الصمود، وشدد على أهمية تطوير المبادئ والآليات وتبني الاستراتيجيات المطلوبة لكي تحقق المسؤولية المجتمعية أهدافها.

ونوه رئيس الوزراء إلى أن أبرز مناحي المسؤولية المجتمعية تتمثل في تعزيز المساءلة والمحاسبة والشفافية وتوفير الفرص المتساوية والإدارة السليمة للموارد البشرية، إلى جانب توفير البيئة المهنية السليمة، الأمر الذي يتطلب تقوية وتعزيز الشراكة المتوازنة ما بين القطاع العام والخاص لخدمة النفع العام، وبما يضمن أمن المجتمع واستقراره، وما يحققه ذلك من ترابط اجتماعي يسهم في تجسير التواصل الوثيق ما بين المجتمع ومؤسساته المختلفة.

وقال: "إن السلطة الوطنية حريصة على تحقيق الشراكة والتكامل بين القطاعين العام والخاص، وما يتطلبه ذلك من تعزيز دور القطاع الخاص نحو مفهوم المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسئولية المجتمعية يجب ألا تقتصر على إقامة المشاريع التنموية أو الخيرية، بل تمتد لتشمل عناصر التدريب والتأهيل وتوفير شروط السلامة العامة ووضع حد أدنى للأجور وحماية حقوق العاملين".

وأضاف "إن مساهمة القطاع الخاص في قضايا المجتمع لا تعني تخلي المؤسسات الحكومية عن مسؤولياتها، بما في ذلك دورها في توفير البيئة اللازمة للنهوض بدور القطاع الخاص في التنمية الشاملة، وما يوفره ذلك من تعزيز لإمكانيات ممارسة القطاع الخاص لمسؤولياته المجتمعية. كما لا يخفى عليكم ما تقدمه المؤسسات الحكومية وخاصة وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل من مساعدات ومبادرات جدية لمحاربة الفقر وتوفير الاحتياجات الأسرية بقدر المستطاع بغية تحقيق الأمن الاجتماعي.

وفي ختام كلمته أكد رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية تعتبر الجامعات الفلسطينية شريكا رئيسيا للنهوض بالمسؤولية المجتمعية من خلال التأثير المباشر في ثقافة الطالب ووعيه، لا بل، وفي البيئة الجامعية بصورة عامة. وهي ترى اليوم أن من واجبنا جميعا إعطاء هذا الأمر الاهتمام الذي يستحق.

وهذا نص كلمة رئيس الوزراء:

يسعدني ويشرفني أن أشارككم في افتتاح فعاليات مؤتمركم المعنون "المسؤولية المجتمعية للجامعات الفلسطينية"، والذي يهدف في المقام الأول إلى إثارة الاهتمام، وتسليط الضوء حول هذا البعد التنموي الهام. واسمحوا لي أن أتوجه بالتحية إلى جامعة القدس المفتوحة واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، ومؤسسات القطاعين الخاص والأهلي على تنظيم هذا المؤتمر، وعلى جهودهم للنهوض بواقع المجتمع الفلسطيني، والإسهام في بناء دولة المؤسسات وحكم القانون. واسمحوا لي أيضاً أن أحيي في هذه المناسبة كافة الجامعات والمعاهد العليا الفلسطينية على الدور الهام الذي تقوم به في بناء وإعداد وتطوير الكفاءات الفلسطينية، وتأهيلها للانخراط في تقدم المجتمع وازدهاره.

لقد عكس خطاب الأخ الرئيس أبو مازن، يوم الجمعة الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عدالة قضيتنا الوطنية ومكانتها في الضمير الإنساني، وأبرز رواية شعبنا ومعاناته وعذابات أبنائه، واستعداده الحقيقي، رغم كل ذلك وبسببه، للسلام العادل، الأمر الذي يتطلب عملية سياسية جادة وذات مصداقية وقادرة على إنهاء الاحتلال، وتحرير شعبنا من طغيانه وإرهاب مستوطنيه، وتمكينه وفقاً لقرارات الشرعية الدولية من تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله، ليعيش عزيزاً كريماً على أرض وطنه في دولة مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967. كما اظهر الخطاب أيضاً حرص شعبنا على استعادة مكانته في صنع وحماية الحضارة الإنسانية وتكريس قيم التعايش والتسامح بين البشر رغم الظلم التاريخي الذي وقع عليه منذ أكثر من ستة عقود، حيث تطلع شعبنا دوماً نحو المستقبل، مستقبل البناء والازدهار، والرغبة الحقيقية في ترسيخ السلام وأسس العدالة لكل شعوب العالم.

لقد أكد شعبنا التفافه حول قيادته ومشروعه الوطني. كما أكد انخراطه الواسع في ترسيخ دعائم دولته المستقلة بخروجه بمئات الآلاف في بداية انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويوم الجمعة الماضي تأييداً لخطاب الأخ الرئيس، ويوم أمس في استقباله. وأبدى شعبنا وبما لا يدع مجالاً للشك تمسكه الحاسم بالشرعية الدولية وانحيازه التام لقواعد القانون الدولي وحرصه على الطابع السلمي في مقاومته ورفضه للاحتلال وتطلعه الأكيد للسلام القائم على الحق والحرية والعدالة والقانون والشرعية الدولية، وبما يعبر أيضاً عن أمله في وضع حد لمعاناته، وإصراره على تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة في العودة والاستقلال الوطني. كما وأرسل، من خلال ذلك كله، للعالم رسالة جلية بأن كفى للظلم والازدواجية، وآن الأوان لربيع بلادنا أن يزدهر، ولحق شعبنا في الحرية والكرامة في أن يتحقق.

نعم، لقد حمل الخطاب صوت وإرادة شعب فلسطين وملحمة كفاحه الوطني، وإصراره على بعث الوطنية الفلسطينية وتجسيدها في دولة فلسطين المستقلة التي نجح شعبنا في استكمال الجاهزية لإقامتها بإقرار العالم، وأكد جدارته في بناء وإدارة مؤسساتها القوية القادرة على رعاية وحماية مصالح أبنائها، والإسهام في تكريس الأمن والعدل والسلم الدولي في منطقتنا وعلى الصعيد الدولي.

لقد أكملت سلطتكم الوطنية، ووفقاً للتقارير الدولية، جاهزيتها لإقامة الدولة، وتمكنت من بناء مؤسسات قوية وكفؤة وقادرة على العمل كمؤسسات دولة، حيث أشار تقرير البنك الدولي بأن المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوق على نظيراتها في الدول الأخرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها.

إن هذا الأمر يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات استثنائية لوضع حد عاجل للعقبة الرئيسية والوحيدة أمام قيام دولتنا، وتمكين شعبنا من بسط سيادته على أرضها، ألا وهي العقبة المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي. إن هذه المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي لا تعفينا من ضرورة الاستمرار في أداء مهامنا في تطوير وتعميق جاهزيتنا، وتعزيز قدراتنا لتحقيق المزيد من الاعتماد على الذات، وبما يمكننا اليوم، ونحن أحوج ما نكون لذلك. وبالفعل فقد تمكنت السلطة الوطنية من قطع شوط هام من المزيد من القدرة الذاتية والمزيد من الاعتماد على الذات، فجوهر برنامج السلطة الوطنية هو في المقام الأول برنامجاً للتمكين الذاتي على الصعيد الوطني، ويستهدف في المقام الأول تعزيز قدرة المواطن على الصمود والثبات والبناء على أرضه ليوم آخر ولليوم الذي يليه، ونحن بحاجة ماسة إلى حث الخطى باتجاه تحقيق المزيد من المنعة الذاتية والقدرة الذاتية التي تحصننا وتمكننا من الوصول في مشروعنا الوطني إلى نهايته الحتمية، والمتمثلة في إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله وحقوقه كافة في جميع المجالات، فسلطتكم الوطنية قطعت شوطاً بعيداً في هذا المجال وخصوصاً على مدى السنوات الثلاثة الأخيرة. ولطالما كان الاعتماد على الذات هدفاً موجهاً وأساسيا للسياسة المالية والاقتصادية للسلطة الوطنية، وسنواصل توجهاتنا لتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتعزيز الاعتماد على الموارد الذاتية في تغطية النفقات الجارية. فالسلطة الوطنية، وفي إطار سياستها لتحقيق ذلك، تمكنت من تقليص العجز في موازنتها من 1.8 مليار دولار في العام 2008، أي من ما نسبته 27% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى حوالي مليار دولار في العام الحالي، والتي تعادل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، أي بانخفاض 16 نقطة مئوية ما بين عامي 2008-2011. وذلك على خلفية ما بذل من جهد في كافة المجالات من جانبي الموازنة "النفقات والإيرادات"، لتحقيق المزيد من المنعة والقدرة الذاتية في الاعتماد على الذات. وبالقياس إلى الناتج المحلي الإجمالي يكون التحسن في القدرة الذاتية الفلسطينية قد بلغ 60% خلال العامين 2008-2011، وهذا تقدم هام يجب علينا أن نبني عليه في أسرع وقت ممكن.

نعم، إن معركة الجدارة قد حسمت، وعلينا أن نواصل المزيد من العمل لتحويل هذا الإقرار الدولي بجاهزيتنا لإقامة الدولة، إلى إقرار بحقنا في ممارسة السيادة على أرضنا، وما يتطلبه ذلك من تدخل فاعل ودور ملموس ومتوازن من المجتمع الدولي لضمان إنهاء الاحتلال عن أرضنا، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

إن مبادرتكم لعقد هذا المؤتمر تشكل مساهمة فاعلة لإحداث التقدم في المجتمع الفلسطيني، وتمكينه من تحقيق المزيد من القدرة على الصمود. فقد تصدرت المسؤولية المجتمعية جدول الاهتمام العالمي، انطلاقاً من أن الجميع، فرادى ومؤسسات، يتحملون المسؤولية تجاه قضايا المجتمع، سواء من خلال قيام الحكومة بتشجيع أفراد المجتمع لكي يساعدوا أنفسهم، أو من خلال ربط المسؤولية المجتمعية بالمشاركة في العمل الأهلي ودوره في تعزيز الروح التطوعية والاعتماد على الذات، على اعتبار أن المسؤولية المجتمعية تتضمن توقعات من المجتمع بقيام المنظمات الأهلية بمبادرات طوعية.

ولكي تحقق المسؤولية المجتمعية أهدافها، علينا أن نعمل على تطوير مبادئ وآليات وتبني استراتيجيات لتوفير قوة انطلاقها وتطورها. ولعل أبرز مناحي المسؤولية المجتمعية تتمثل في تعزيز المساءلة والمحاسبة والشفافية وتوفير الفرص المتساوية والإدارة السليمة للموارد البشرية، إلى جانب توفير البيئة المهنية السليمة، الأمر الذي يتطلب تقوية وتعزيز الشراكة المتوازنة ما بين القطاع العام والخاص لخدمة النفع العام، وبما يضمن أمن المجتمع واستقراره، وما يحققه ذلك من ترابط اجتماعي يسهم في تجسير التواصل الوثيق ما بين المجتمع ومؤسساته المختلفة، وهو نقطة ارتكاز دولة المؤسسات التي ننشدها ونسعى إلى تحقيقها، وعلى نحو يجعل من هذه الشراكة ثقافة وممارسة لدى كافة المواطنين وفي حسهم بقضايا المجتمع المصيرية.

إن السلطة الوطنية حريصة على تحقيق الشراكة والتكامل بين القطاعين العام والخاص، وما يتطلبه ذلك من تعزيز دور القطاع الخاص نحو مفهوم المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المسئولية المجتمعية يجب ألا تقتصر على إقامة المشاريع التنموية أو الخيرية، بل تمتد لتشمل عناصر التدريب والتأهيل وتوفير شروط السلامة العامة ووضع حد أدنى للأجور وحماية حقوق العاملين.

ولا بد من الإشارة إلى أن مساهمة القطاع الخاص في قضايا المجتمع لا تعني تخلي المؤسسات الحكومية عن مسؤولياتها، بما في ذلك دورها في توفير البيئة اللازمة للنهوض بدور القطاع الخاص في التنمية الشاملة، وما يوفره ذلك من تعزيز لإمكانيات ممارسة القطاع الخاص لمسؤولياته المجتمعية. كما لا يخفى عليكم ما تقدمه المؤسسات الحكومية وخاصة وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل من مساعدات ومبادرات جدية لمحاربة الفقر وتوفير الاحتياجات الأسرية بقدر المستطاع بغية تحقيق الأمن الاجتماعي.

إن إدخال المسؤولية المجتمعية للمؤسسات يتطلب ضرورة وضع خطة إستراتيجية. فالحاجة تقتضي المزيد من تعميق الفهم لهذه المسؤولية، وما يتضمنه ذلك من مبادئ وخطط. وفي كل الأحوال، لا ينبغي أن تنحصر المسؤولية المجتمعية في حدودها الضيقة أو الموسمية، بل من الضروري أن تتعدى هذا الأمر وفق خطط ملموسة وقابلة للتطبيق في إطار زمني محدد. ولعل ما تمتلكه الجامعات من خبرات وقدرات وبرامج، ما يسهل وينمي ويحقق هذا الهدف. وهنا فإنني أدعو الجامعات إلى تسخير جزء من برامجها ومراكز التنمية فيها للاحتياجات العلمية والتطبيقية للمجتمع، وتلبية احتياجاته، والعمل على المزيد من الاهتمام بالعلوم التطبيقية والتعليم المهني، وتركيز الجهد البحثي على القضايا ذات الصلة المباشرة بما نحتاجه للنهوض بأداء الاقتصاد الوطني بقطاعاته المختلفة.

إن السلطة الوطنية تعتبر الجامعات الفلسطينية شريكا رئيسيا للنهوض بالمسؤولية المجتمعية من خلال التأثير المباشر في ثقافة الطالب ووعيه، لا بل، وفي البيئة الجامعية بصورة عامة. وهي ترى اليوم أن من واجبنا جميعا إعطاء هذا الأمر الاهتمام الذي يستحق.

وقبل أن أختم حديثي، فإنني أتقدم بالشكر لجامعة القدس المفتوحة، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم والجامعات الفلسطينية، وكافة الجامعات المشاركة في أعمال هذا المؤتمر، متمنياً أن يحقق أهدافه في بلورة الاستخلاصات والتوصيات التي تساهم في تعزيز صمود شعبنا واستنهاض طاقاته على طريق الحرية والاستقلال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.