وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كتب المحرر السياسي: أسئلة الصفقة وأجوبتها .. محاولة للفهم ؟!!

نشر بتاريخ: 19/10/2011 ( آخر تحديث: 21/10/2011 الساعة: 15:02 )
بيت لحم- معا - كتب ابراهيم ملحم - عاصفة من الأسئلة أثارتها ولا زالت صفقة التبادل التي تم إنجازها أخيراً بين حركة حماس وإسرائيل، أسئلة نحاول تقديم إجابات إفتراضية عليها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً في محاولة لفهم ملابسات وظروف تلك الصفقة المدوية.

السؤال الاول : هل ما حققته حماس إنجاز وطني كبير؟

الإجابة بالتأكيد إنه إنجاز وإنجاز وطني كبير يحسب لحركة حماس ،فأن يتم الإفراج عن هذا العدد من الأسرى، ولا سيما الأسيرات وذوي المؤبدات لهو انجاز برسم الاعجاز لايعرف قيمته الا من عاشوا ظلام السجن وبطش السجان .

السؤال الثاني : هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟

الإجابة على هذا السؤال يفسرها إرجاء حماس المتكرر التوقيع على الصفقة قبل عامين، وهو إرجاء كان يستبطن رغبتها بتحقيق ما هو أفضل وهي التي رأت في ذلك الحين -وهي محقة- أن بإمكانها أن تحقق في قادم الأيام ما لم تستطع تحقيقه في حينه سيما وأن إسرائيل تتعرض لضغط شعبي لانهاء معاناة جنديها الأسير، وهو عامل تدرك حماس أهميته في إسرائيل، فتمترست عند مطالبها لاعتقادها بأنه سيأتي اليوم الذي ستكون فيه إسرائيل اقرب إلى الاستجابة لمطالبها عندما تكون في أسوأ حالاتها.

السؤال الثالث : وهل إسرائيل اليوم في أسوأ حالاتها؟

حتى لا نتهم بالمبالغة، فعلى الأقل فان إسرائيل اليوم ليست أفضل حالا مما كانت عليه بالأمس، والا لبقيت عند عنادها السابق ولما وافقت على الصفقة، فمنذ اخر مفاوضات اجرتها اسرائيل حول جنديها الاسير قبل عامين ،جرت مياه كثيرة في نهر الحياة المتدفق، وخسرت إسرائيل خلال عام ما لم تخسره في عشرات الأعوام، وهي التي وصفت ما يجري في المنطقة العربية بالزلزال الذي أطاح برموز وسياسات ظلت تتكئ عليها طيلة العقود الماضية، بل ورأت علمها ينزع عن سفارتها بعد أن وصلت مياه النيل إلى الطابق العاشر في العمارة التي لاذت إليها معتقدة بأنها ستكون عاصما لها من الطوفان في أكبر دولة وقّعت معها اتفاق سلام.

كما أن التأييد الأممي للقضية الفلسطينية فاق تصورها، عندما وقفت الأمم في أرفع منبر دولي، تصفق المرة تلو المرة لخطاب الحق الذي أبكى كل من له قلب، فيما بدأ نتنياهو ولأول مرة في حالة من الاهتزاز، والارتباك، والتلعثم... أليست اللحظة مناسبة للحصول على شروط أفضل مما كان عليه الحال سابقا؟.

سؤال اخر: إذن هل استعجلت حماس التوقيع ولماذا؟

لم تُخفِ حماس حرجها من خطوة الذهاب للأمم المتحدة وبدَت مرتبكة في تقييمها للخطوة وتجلّت أبرز مظاهر ارتباكها في حظرها لأية مسيرات في غزة تعبّر عن تأييد وابتهاج فصائل منظمة التحرير بتلك الخطوة وهو ما عزز الحاجة لديها لتحقيق انجاز من العيار الثقيل حتى لو تنازلت قليلا عن بعض شروطها السابقة.

السؤال الخامس : ولماذا وافقت إسرائيل على الصفقة الآن؟ وهل من المعقول أن تبيع إسرائيل حماس مثل هذا الانجاز؟.

في الإجابة على السؤال الأول فقد قيل الكثير في تل أبيب عن الدوافع والأسباب التي حدَت بإسرائيل للتوقيع على الصفقة الآن، ولعل أبرز ما قيل هو ما جاء على لسان المفاوض الإسرائيلي الرئيس في الصفقة "ديفيد ميدان" الذي قال: إن حماس الآن أصبحت طرفا صالحا للمفاوضات!.

إضافة إلى ما صدر عن محلل إسرائيلي كبير بأن إسرائيل أرادت معاقبة أبو مازن بموافقتها على الصفقة بسبب توجهه إلى الأمم المتحدة معطوفا عليه ما قاله "يوسي سريد" للصحف الاسرائيلية ان نتنياهو انتقم من ابو مازن بالصفقة لتوجهه الى الامم المتحدة.." هذا المكسب لم يكن يعرفه ابو مازن وهو يحسب مكاسب الذهاب للمنتدى الاممي رغم جميع محاولات قطع الطرق، مكسب يضيف سببا اخر من اسباب اصرار ابو مازن للذهاب بالخطوة الى نهايتها ،واحسب أن لسان حاله يقول: حبذا لو مارست إسرائيل المزيد من هذا النوع من العقاب!".

إضافة إلى ما قاله المحلل في التلفزيون الإسرائيلي "مئير كوهن" إن رفض إسرائيل الإفراج عن نحو مائة من أسرى حماس في الضفة كان نابعاً من خشيتها من سقوط السلطة، لكن هذه الخشية زالت بعد توجه "أبو مازن" للأمم المتحدة!.وثمة من يرى ان تعطيل الصفقة سابقا كان بسبب "فيتو "امريكي وما ان ذهبت السلطة الى المحفل الدولي متحدية الموقف الامريكي حتى رفع ذلك "الفيتو" فكان ما كان.

أما الإجابة على السؤال الثاني فتكون بسؤال: هل كان من المعقول أن يتماثل موقف حماس مع موقف إسرائيل والولايات المتحدة في رفض توجه "أبو مازن" للأمم المتحدة؟.

السؤال السادس : هل من أسباب أخرى لدى اسرائيل لتوقيع الصفقة الان ؟.

الإجابة بنعم، فطبول الحرب ضد إيران بدأت تقرع وبإيقاع متسارع، وهي تريد إعداد المسرح للحرب القادمة، فمن جهة تكون استعادت شاليط الذي سيكون في خطر كبير إذا ما نشبت الحرب وهو في الأسر، , ورفعت بذلك معنويات جنودها وهم يستعدون للحرب القادمة بطمأنتهم بالعودة اذا ما وقعوا في الاسر ، ومن جهة أخرى تكون قد كفّت يد حماس عن المشاركة في فتح جبهة جنوبية في حال قامت بضرب إيران وحزب الله وسوريا إذا ما تدخلتا في الحرب سيما وأن تسديد القسط الثاني من الصفقة سيكون مؤجلا بعد نحو شهرين او اكثر وهو ما سيجعل حماس أكثر انضباطا وهدوءا ومسؤولية.

السؤال السابع :بماذا تختلف هذه الصفقة عن سابقاتها .؟

الاجابة : ما يميز هذه الصفقة عن سابقاتها هو ان اسري الجندي الاسرائيلي يحتجزونه على ارض الوطن ،وانهم استطاعوا اخفاءه طيلة السنوات الخمس دون ان تتمكن اسرائيل بكل ما تملك من وسائل وادوات استخبارية معرفة مكان احتجازه . بيد ان صفقة حماس تتشابه مع سابقاتها في مسألة الابعاد خارج الوطن وهو ما انتقدته حماس في حينه لتمارس وهي في السلطة ما كانت تعيبه على خصومها وهي في المعارضة!

لقد سبق هذه الصفقة صفقتان الاولى مع حركة فتح عام 83 تم خلالها الافراج عن نحو خمسة الاف اسير من معتقل انصار مقابل ستة جنود اسرائيليين .

اما الثانية فكانت في ايار من عام 85 والتي عرفت بصفقة النورس لاحمد جبريل والتي تم خلالها الافراج عن اكثر من 1100 اسير ،اضافة الى ما توصلت اليه السلطة من تفاهمات في اواخر تسعينيات القرن الماضي عندما تمكنت من الافراج عن جميع الاسيرات واعداد كبيرة من الاسرى الذين لم يبق منهم سوى بضع مئات .

السؤال الاخير والأهم لماذا وافقت حماس على إسقاط اسمي القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات من الصفقة؟.

الجواب : طالما أن إسرائيل أرادت من استعجال التوقيع على الصفقة معاقبة الرئيس محمود عباس على توجهه إلى الأمم المتحدة فهل يعقل أن تفرج عن أسيرين كبيرين يمثلان أكبر فصيلين من الفصائل المؤيدة لخطوة ابو مازن؟ .

وحسب مسؤول كبير من حركة حماس شارك بالمفاوضات فان اسرائيل ومنذ بدء المفاوضات لم يكن لديها ممانعة بالافراج عن مروان البرغوثي لكنها وبشكل مفاجئ ابدت اصرارا على عدم الافراج عنه وهو ما يؤكد ان رفض الافراج عنه كان اجراء عقابيا للسلطة بسبب توجهها الى الأمم المتحدة.

أما حماس وهي المستعجلة للحصول على إنجاز كبير يعوضها خسارة بعض من وزنها في الساحة الداخلية بسبب موقفها المعارض لخطوة أيلول فلم تشأ ان يحول رفض الافراج عن الاسيرين الكبيرين دون تحقيق اهدافها، فآثرت إبداء مرونة لصالح إتمام الصفقة مكتفية بموافقة إسرائيل بالإفراج عن العشرات من أسرى منظمة التحرير وهو ما سيمكنها من بيعه لخصومها ومنتقديها سيما وان من شان الافراج عن اسيرين بقيمة وقامة القائدين البرغوثي وسعدات ان يخطف الاضواء عن الصفقة وموقعيها.

كنا نتمنى لو تم الاصرار على زيادة اعداد ذوي المؤبدات على حساب اسرى الدفعة الثانية وعددهم 550 اسيرا والذين وصفهم مسؤول حمساوي كبير بـ"نافلة الصفقة" الذين توشك محكومياتهم على نهايتها .

واخيرا ..حبذا لو تبدي حماس مرونة في ملف المصالحة شبيهة بتلك التي ابدتها لاتمام الصفقة ليكون ذلك الانجاز الوطني الاكبر لها وللوطن ولقطع دابر الشكوك ازاء ما تشيعه اسرائيل من انباء حول مفاوضات تقول انها ستجريها مع حماس عقابا للرئيس محمود عباس .... هنيئا لجميع الذين أفرج عنهم وامنيات الفرج القريب للذين ما زالوا خلف ستائر العتمة .