|
استيلاء اسرائيل على اﻷراضي والبيوت، جعـل من حل الدولتين غير ممكناً
نشر بتاريخ: 11/05/2005 ( آخر تحديث: 11/05/2005 الساعة: 12:15 )
"حل الدولتين - للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أصبح مستحيلاً عملياً، وذلك بسبب سياسات إسرائيل المستمرة بمصادرة أملاك الفلسطينيين وإنكار حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم." هذا هو أحد الاستنتاجات الرئيسية التي يخلص إليها تقرير يحمل عنوان " إدارة فلسطين: تاريخ من التشريع اليهودي-الإسرائيلي لمصادرة اﻷراضي والبيوت في فلسطين"، هذا التقرير صدر حديثاً عن "مركز حقوق السكن والتهجيرفي جنيف" COHRE وعن مركز بديل/ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين. يقع التقرير في 242 صفحة من القطع الكبير.
ويكشف التقرير التفاصيل الدقيقة عن كيفية قيام القادة الصهيونيون ومن بعدهم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة باستغلال بعض القوانين العثمانية والبريطانية باﻹضافة إلى الجهاز القانوني اﻹسرائيلي من أجل تجريد الفلسطينيين من املاكهم وأراضيهم. كما يوثق التقرير أيضاً كيف قامت اسرائيل ببناء إطار قانوني كامل يحاول تبرير سياساتها الجلية في مصادرة اﻷراضي. اذا ما استمرت إسرائيل في مصادرة اﻷراضي بنفس الوتيرة الحالية، وعند اكتمال بناء ما تسميه اسرائيل "بالجدار اﻷمني"، فإن الأراضي الفلسطينية - بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة - سستقلص إلى ما دون 8% من مساحة فلسطين التاريخية. كان اليهود يملكون أقل من 10% من مساحة فلسطين التاريخية عند قيام دولة إسرائيل سنة 1948، أما اليوم فإن هذه اﻷرقام قد انعكست، حيث ان إسرائيل تسيطر عسكرياً على كل مساحة فلسطين التاريخية وتملك، تستعمل أو تدير ما يقرب من 90% من فلسطين الانتدابية او التاريخية والتي تشمل اسرائيل والمناطق المحتلةعام 1967. ويفيد سكوت ليكي، المدير التنفيذي لـ COHRE: " يكشف التقرير عن أن القانون اﻹسرائيلي بعيد كل البعد عن منح الحماية والمساواة لهؤلاء الذين يخضعون له، وقد جاء منذ إعلان قيام دولة إسرائيل من أجل تجريد الفلسطينيين من اراضيهم وممتلكاتهم. القوانين الإسرائيلية صممت لتبرر المطالبة الاسرائيلية باراضي وأملاك "الغائبين" - وهو التعبير اللطيف الذي يطلقه اﻹسرائيليون على اللاجئين الفلسطينين - قانون أملاك الغائبين هذا، مكّن الاسرائيليين من مصادرة اﻷراضي الفلسطينية ونقلها للملكية الاسرائيلية بشكل واسع. ويضيف ليكي: "في الفترة بين 1948 -1949، فترة تأسيس دولة اسرائيل والتي رافقها أكثر من ثلاثين عملية عسكرية مستقلة شنت من قبل القوات اليهودية-إسرائيلية والتي كانت محصلتها تهجير أكثر من 800،000 فلسطيني وتدمير 531 مدينة وقرية فلسطينية. إن احتساب سرقة اﻷرض الفلسطينية وفق المعايير القانونية والعسكرية، باﻹضافة إلى عملية هدم البيوت وتطبيق قوانين "شبه الفصل العنصري"، كل هذا لا يمكن اعتباره إلا صورة قاسية من التطهير العرقي. اليوم هنالك ما يزيد على خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، لا زالوا محرومين من العودة لأراضيهم بيوتهم وممتلكاتهم، وذلك في الوقت الذي عاد فيه الملايين من اللاجئين في جميع أنحاء العالم إلى بيوتهم خلال السنوات القليلة الماضية، ومثال على ذلك قضية البوسنة والهرسك، أفغانستان، جنوب أفريقيا، الموزمبيق وكوسوفو. رغم هذا، ما زالت إسرائيل تعارض حصول اللاجئين الفلسطينين على حقوقهم المشروعة في العودة إلى ديارهم. والسخرية في الموضوع، أن إسرائيل إن كانت تنوي إعادة اﻷرض المصادرة إلى أصحابها اﻷصليين، فإن هذا يكون بالمقارنة ، أسهل منه في الحالات اﻷخرى، حيث أن هذه اﻷراضي ما زالت للآن ملك عام لدولة إسرائيل ولم تنقل للملكية الخاصة للمواطنين الاسرائيليين. ومن جهة أخرى فإن مساحات كبيرة من اﻷراضي المصادرة عام 1948 ما زالت فارغة ومعظم العائلات الفلسطينية اللاجئة ما زالت تحمل وثائق ملكيتها لتلك اﻷراضي. يظهر التقرير أنه في سنة 1949 قامت إسرائيل بمصادرة ما يقارب 20،500 كم مربع من اراضي فلسطين التاريخية، اعتماداََ على القوانين التي صممت من أجل تبرير عملية "تأميم" اﻷراضي والملكيات. ومن هذه اﻷراضي كان الفلسطينيون يملكون _ بشكل شخصي أو جماعي - حوالي 90% أي ما يقارب ال 18،850 كم مربع، منها حوالي 85% (16،000 كم مربع) كانت تتبع للقرى المهجرة. "على الرغم من أن الولايات المتحدة بشكل عام تؤيد حق اللاجئين في كل انحاء العالم في العودة إلى ديارهم، إلا انها لا تعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة هم أيضاً. هذا النفاق الامريكي لا يمكن تبريره خاصة في ظل الحديث عن المعايير الدولية لمصطلحات مثل حقوق الانسان وسلطة القانون". يضيف ليكي. تظهر الدراسة أيضاً كيف قامت اسرائيل باستغلال قانون "منع التسلل، لسنة 1954" من اجل إبعاد مهجري الداخل "المهجرون الفلسطينييون الذين تركوا قراهم واعتبروا غائبين عنها ولكنهم بقوا داخل المناطق الفلسطينية التي قامت عليها إسرائيل هؤلاء "الغائبين" اعتبروا متسللين وعند القبض عليهم كان يتم ابعادهم عن قراهم وعن وطنهم. في الفترة الأخيرة وبين أيلول 2000 وأيار 2003 قدرت اﻷراضي الفلسطينية المصادرة بنحو 848 كم مربع. وحالياً داخل اسرائيل يعيش 1.2 مليون فلسطيني ممن بقوا في وطنهم ويشكلون حوالي خمس سكان اسرائيل ولكنهم يملكون أقل من 3% من الأرض. التقرير يكشف ايضاً على أن اسرائيل طبقت قوانينها الخاصة بالسيطرة على اﻷراضي، أيضاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما مكنها من السيطرة على 4،700 كم مربع من اﻷرض في هذه المناطق أيضاً. كذلك فإن بناء الجدار العازل اﻹسرائيلي قد أضر بعدة مدنٍ فلسطينية مثل طولكرم وقلقيلية وجنين والقرى المحيطة بها، وعند اكتمال الجدار - والذي من المفروض أن يحيط بكل الضفة الغربية - فإن الأراضي المصادرة من أجل إقامته ستقلص مساحة الضفة الغربية بنحو 15%. "في السنوات اﻷخيرة ومرة اخرى وباستعمال قوانينها الخاصة - مغلفة بهيمنتها العسكرية - قامت اسرائيل بالضم غير القانوني للمزيد من الأراضي الفلسطينينة المتبقية، متجاوزة القوانين واﻷعراف الدولية وعلى الرغم من كل الاحتجاجات الدولية فإن اسرائيل مستمرة في سياساتها المتعلقة باﻷراضي، وهي بذلك جعلت من إمكانية احلال السلام الدائم والعادل امراً مستحيلاً" أضاف ليكي. كما يخلص التقرير إلا انه وحتى لو تم التفاوض حول حل نهائي فإنه سيكون من الصعب إقامة دولة فلسطينية طبيعية، وذلك لقلة اﻷراضي والبنى التحتية ومشكلة التواصل الجغرافي. هذه المشاكل تتفاقم تحت وجود المئات من المستوطنات الاسرائيلية في النقاط الاستراتيجية وخاصة في الضفة الغربية. وبشكل خاص الكتل الاستيطانية في القدس الشرقية والتي تقسم الضفة الغربية إلى قسمان منعزلان - شمالي وجنوبي- . ووفق مخطط E-1 فإنه سيتم ضم مستوطنة معاليه أدوميم الضخمة إلى القدس وهذا سيقوي سيطرة اسرائيل على القدس الشرقية كما أنه سيشكل معبراً اسرائيلياً من تل أبيب إلى البحر الميت. ويضيف ليكي ويحذر " إن استنتاجات هذه الدراسة تظهر ان القليل المتبقي من فلسطين آخذ بالاختفاء من امام اعيننا كما وأن اسرائيل تقوم بمحوه عن الخريطة". |