وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فتيات طوباس"يُحاكمن" وعد بلفور برسائلهن

نشر بتاريخ: 02/11/2011 ( آخر تحديث: 02/11/2011 الساعة: 14:18 )
طوباس – معا - اختارت فتيات طوباس استذكار السنوية الرابعة والتسعين لوعد بلفور المشؤوم بنسج رسائل قهر وألم لملكة المملكة المتحدة إليزابيث الثانية، ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، ولنظيراتهن في البلد الذي تسببت رسالة وزير خارجيته آرثر جيمس بلفور، بمعاناة مفتوحة للشعب الفلسطيني.

وخطت بنات مدرسة طوباس الثانوية، خلال ورشة لوزارتي الإعلام والثقافة، بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم في المدينة، اليوم، عشرات الرسائل المفتوحة لساسة بريطانيا ولفتياتها. فكتبت وفاء دراغمة إلى الملكة إليزابيث، قالت فيها إنها وزميلاتها وبنات جيلها لا زلن يدفعن ثمن وعد بلفور بالدم والدمع، لأنه" قرر أن يتبرع بأرض ليست له، لشعب لا يستحقها، دون أي مبرر، فشعب فلسطين لم يعتد على بريطانيا، ولم يفكر بغزو لندن." واختتمت رسالتها بشكر المملكة المتحدة التي حطمت آمال الشعب الفلسطيني."

وأطلقت سجى دراغمة كلماتها إلى فتاة في لندن، بعمرها، لا تعرف هويتها، ولكنها تتيقن من أنها تتمتع بالحرية، ولم تذق طعم الاحتلال في يوم من الأيام. ووجهت سؤالاً مفتوحاً لفتيات لندن، إن كن يقبلن بأن تمنح فرنسا وطنا قومياً في ويلز للأفارقة، وطالبتهن بأن يكتبن رسالة اعتذار أخلاقي تعترف أن جدها السيد بلفور، هو الذي بدأ بصنع جرح شعبنا.

فيما أعادت شمس عجلة التاريخ إلى الوراء، فتخيلت أنها تعيش في العام 1917، وكتبت خطاباً إلى بلفور نفسه، وسألته عن تفسيره لهذا الوعد القاسي، الذي دمر أحلام الشعب الفلسطيني، بعدة جمل أسست تشريد شعبنا وقهره وحرمانه من حريته!

وآثرت حنين مجلي أن تكتب رسالة إلى بريطانيا كلها، بشيبها وشبابها وأطفالها، فقالت:" إن الثمن الذي قبضته بريطانيا، من جراء هذا الوعد يؤكد على بطلانه، فمن يريد أن يتبرع بأرض يجب أن تكون له، ولا يقبض ثمنها السياسي؛ لأننا لا نستطيع أن نمنح القمر أو الشمس لهتلر أو نابليون، لأنهما ببساطة ليسا لنا، ولا نستطيع دفع مقابلهما."

وشقت رسالة سماح صوافطة طريقها إلى هيئة الأمم المتحدة، التي كانت ينبغي أن تكون أول أعمالها بعد تأسيسها، شطب هذا الوعد، الذي أسس لعلاقة غير متكافئة بين الشعوب والدول، ويعني استمراره، السماح بأن يمنح القوي وعداً لاحتلال وتدمير العالم.

وبالدرجة نفسها من الألم، كتبت أماني عبد الرازق إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تحثه فيها على شطب هذا الوعد، وتحريمه من قاموس الشعوب الحرة؛ لأن القبول به ينفي صفة الحرية والسلام عن هذه المنظمة الدولية.

ووثقت حنين بسام بالأرقام، حال فلسطين قبل الوعد، فقد كانت عربية خالصة، لا يمتلك فيها اليهود غير نسبة ضئيلة من التمثيل السكاني لا تكاد تذكر. ونبته بلفور إلى خلل فني، في وعده، وهو أن الوعد كان يجب أن يُعطى للأغلبية، وليس لمن لا يملك من البحر غير قطرة!

وتشاركت حنين وفاطمة وأنوار بسام بسطور إلى وزير خارجية بريطانيا الحالي وليام هيغ، ووجهن دعوة له ليشطب هذا الوعد، وليعتذر عن هذا الفعل غير الأخلاقي في تاريخ الإنسانية. مثلما قالت له دعاء الخطيب:" إن سلفكم السيد بلفور، وبأقل من ستين كلمة، منعنا من العيش الحر، وفرض علينا معاناة مفتوحة استمرت منذ العام 1948، ولا زلنا ندفع ثمنها لها كل يوم من دمعنا ودمنا وقهرنا، ولا بد من أن تعيد حساباتك، وتعتذر عما فعل من سبقك إلى هذا المنصب."

وكتبت أمينة محمد في رسالتها، الأسباب الحقيقية التي دفعت بلفور لإصدار وعد الأسود، وفي مقدمتها الخلاص من اليهود في أوروبا، ومنحهم جائزة لما اخترعوه من وسائل قتل للشعوب، ساعدت بريطانيا على الفتك بالمزيد من البشر.

وتشاركت عرين وعزيزة وهبة وجمانة أبو عرة ومرح وديما دراغمة ومنار محاسنة وأزهار صوافطة في رسائل مماثلة لطالبة بريطانية لا تعرف شيئا عن فلسطين، ووجهن لها دعوة لزيارة بلادها المحتلة، لتشاهد بعينها المعاناة، والمستوطنات، والقتل، وسرقة المياه، التي كان جدها بلفور أحد أسبابها.

وانحازت تسبيح دراغمة بإرسال عتاب إلى كل بريطاني يمتلك ضميراً حياً أن يعترف بالجريمة السياسية التي ارتكبها وزير خارجية بحق شعب بأكمله. ووصفت بلفور بالإنسان الذي أسوّد قلبه، واهتم بمصالحه الشخصية، وتلذذ في تحطيم أحلام الشعب الفلسطيني.

واكتفت دينا دراغمة بالسؤال:" سيد بلفور، من أنت لتفعل هذا بنا، هل اشتريت أرضنا، لتبيعها؟ وهل تقبل لو باعتكم الدولة العثمانية خلال قوتها للأرمن؟"

وذكرت مديرة مدرسة بنات طوباس الثانوية نائلة مدارسي، أن رسائل الطالبات أجمعت على الجرح الذي لا زال يدفع شعبنا ثمنه، كما أثبتت وعيهن الوطني بالوعد وخطورته، وبخاصة عندما خاطبن وزير خارجية بريطانيا الحالي والملكة إليزابيث.

وأشار منسق وزارة الإعلام في طوباس، عبد الباسط خلف أن الرسائل تعكس القهر الذي سببه شخص واحد، بغض النظر عن صفته الاعتبارية، لشعب بأكمله، وهي سابقة في تاريخ الشعوب، التي يجب أن تعلن مراجعته، وتقر شطبه، لعنصريته، ولفقدانه الشرعية. وقال إن وزارة الإعلام أخذت على عاتقها إعادة إحياء العديد من المحطات الفارقة في تاريخ شعبنا، في محاولة لنشر وعي إعلامي بين الأجيال الجديدة.

وأكد مدير وزارة الثقافة في طوباس، عبد السلام العابد، أن رسائل فتيات طوباس، تبرهن على مخزون الثقافة الوطنية، التي يتسلحن به، في مواجهة ثقافة تسعى لتهويد المكان والزمان، وتزوير التاريخ واستيطانه، كما يفعل الاحتلال في الأغوار والأراضي الفلسطينية كلها.