وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

دعوة لتطوير أنظمة التعليم العالي واعتماد نظام التجسير بين الجامعات

نشر بتاريخ: 02/11/2011 ( آخر تحديث: 02/11/2011 الساعة: 13:53 )
رام الله-معا- أوصى مسؤولون، وعمداء كليات ومختصون في شؤون التعليم العالي بضرورة تطوير نظام التعليم العالي في فلسطين لاستيعاب المتغيرات الجديدة ومتطلبات سوق العمل.

وركز المشاركون بشكل خاص بضرورة إضفاء مزيد من المرونة على نظام التعليم العالي بحيث يستوعب هذا النظام مبدأ التجسير بين كليات المجتمع والجامعات، إلى جانب التكامل بين مختلف فروع التعليم، مستوحين في ذلك نماذج ناجحة من تجارب البلدان المتقدمة والدول العربية الشقيقة.

جاء ذلك خلال ورشة متخصصة (ورشة عصف ذهني) ضمت عددا من مسؤولي التعليم العالي، وعمداء كليات المجتمع، والأكاديميين، والباحثين في شؤون التعليم، وعقدت في حرم الكلية العصرية الجامعية، وناقشت مشكلات القبول الجامعي والعلاقة بين مختلف فروع التعليم العالي، وتحديد معدل ال 65 في المئة في الثانوية العامة كشرط للقبول في الجامعات.

وحضر الورشة كل من الدكتور جمال حسين مدير عام التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم العالين والمهندس زياد جويلس مدير عام التعليم المهني والتقني، والدكتور سعيد الهموز مدير عام التعليم الصحي في وزارة الصحة، والدكتور حسين الشيوخي رئيس مجلس أمناء الكلية العصرية الجامعية الذي افتتح الورشة مقدما التهنئة الحارة باسم أسرة التعليم العالي، وبخاصة التعليم المهني والتقني للرئيس محمود عباس ولعموم أبناء الشعب الفلسطيني لمناسبة قبول دولة فلسطين كدولة كاملة العضوية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، وقال أن هذا الانتصار هو بشرى للانتصار المقبل بقبول فلسطين كدولة مستقلة بعاصمتها القدس، كدولة كاملة العضوية وكاملة السيادة في الأمم المتحدة، وهي استحقاقات ينبغي دعمها وإسنادها عبر تطوير البنى والنظم والتشريعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، لتصبح ملائمة لدولة توفر العمل والحياة المزدهرة لأبنائها وليست ملائمة فقط لشعب تحت الاحتلال.

وقال الشيوخي أن النظام التعليمي الحالي يعاني من مشكلات جدية أبرزها عدم التناسب بين مخرجات مؤسسات التعليم وحاجات سوق العمل، وعدم وجود قنوات مفتوحة بين مؤسسات التعليم المختلفة على الرغم من خضوعها جميعا لمظلة واحدة هي وزارة التربية والتعليم العالي.

وأشار إلى وجود بدائل واقعية وعلمية تساعد الطلبة من أصحاب المعدلات دون ال65 % لاستكمال تعليمهم الجامعي بدل أن يظل معدل الثانوية العامة سيفا مسلطا على هؤلاء الطلبة طوال حياتهم، وأوضح أن دولا متقدمة جدا كالولايات المتحدة وكندا وألمانيا تأخذ بنظام التجسير، بحيث يستطيع خريج أي كلية متوسطة استكمال تعليمه الجامعي في أي جامعة أو كلية جامعية بموجب شروط محددة أبرزها معدل الطالب التراكمي في الكلية ومدى مطابقة التخصص الذي درسه في الكلية للتخصص في الجامعة، وأضاف أن دولا عربية كالأردن والسعودية ابتدعت هي الأخرى أنظمة للتجسير أبرزها نظام "الاتفاق التكاملي" بين بعض الجامعات والكليات.

وشدد على أن المجتمع الفلسطيني ما زال بحاجة ماسة لوجود كليات المجتمع التي تثبت الإحصائيات أن خريجيها هم أقل الفئات معاناة من البطالة، في حين تصل نسبة البطالة بين خريجي الجامعات إلى نسب مخيفة، لكن هذه الحقيقة يجب ألا تحرم الراغبين في استكمال تعليمهم الجامعي من ذلك، كما أن طلبة التعليم المهني والتقني في الكليات هم الأحرى بأن تجري مكافأتهم لا أن يجري عقابهم بحرمامهم من دخول الجامعات.

من جانبه قال الدكتور جمال حسين أن موضوع التعليم الجامعي مرتبط بمجموعة من العوامل أبرزها القدرة الاستيعابية للجامعات، وهي قدرة محدودة، وجدوى التعليم الاقتصادية والاجتماعية، وتكلفة دراسة الطلبة الفلسطينيين في الخارج، واستراتيجية التعليم المهني والتقني التي سبق إقرارها واعتمادها فضلا عن حاجات المجتمع المحلي.

ولفت إلى أن أنظمة القبول الجامعي سبق إقرارها في العام 2003 من قبل مجلس التعليم العالي، وجرى تعميمها ونشرها بمختلف الوسائل، وهي أنظمة قيد المتابعة والتدقيق والتطوير من قبل مجلس التعليم العالي، حيث أن الباب لم يغلق أمام الطالب الطموح الراغب في استكمال تعليمه العالي في تخصصه، مؤكدا على ما ذكره الدكتور الشيوخي بأن خريج التعليم المهني التقني يملك فرصا أكبر في سوق العمل من حامل الشهادة الأكاديمية.

وأكد حسين أن الوزارة تشجع اعتماد برامج البكالوريوس التقني الذي تتقدم به الكليات، وهي تستمع باهتمام وحرص شديدين لكل الملاحظات التي يبديها الأكاديميون والمختصون وحتى ملاحظات الطلبة وذويهم.

وثمن المهندس جويلس فكرة الورشة لأنها تجسد نوعا من الشراكة الفاعلة والبناءة بين القطاعين الحكومي والأهلي، لافتا إلى وجود علاقة بين قضيتي التجسير ومعدل القبول الجامعي المحدد ب 65% على الرغم من كونهما موضوعين مستقلين عن بعضهما، وقال أن على مؤسسات التعليم والمجتمع والحكومة مواجهة النظرة الاجتماعية الدونية إلى التعليم المهني والتقني وكأنه أدنى مرتبة من التعليم الأكاديمي، مع أن الوضع معاكس تماما في الدول المتقدمة كألمانيا مثلا، وشدد على ضرورة مراعاة أي نظام تعليمي لهرم العمالة المطلوب والذي ينبغي له أن يضم عمالا وعمالا مهرة، وحرفيين وفنيين ومتخصصين، حيث لا تدار العملية الإنتاجية والعمل بشكل عام من قبل المديرين والمتخصصين فقط بل من قبل كل المستويات الخمسة متكاملة مع بعضها ومجتمعة.

وأشار على أن بعض الجامعات لا تزال مصرة على عدم استقبال خريجي الثانوي المهني مع أن كثيرا منهم يكونون مبدعين في مجالاتهم العلمية والمهنية.

وقالت الدكتورة عائشة الرفاعي عميدة كلية العلوم التربوية وكلية مجتمع المرأة (الطيرة) التابعة لوكالة الغوث أن معدل الثانوية العامة لا يصلح أن يكون وحده المعيار الذي نحكم به على الطالب، وأن ثمة عوامل أخرى يجب اخذها بعين الاعتبار أبرزها الحالة الاجتماعية والفقر والميول وغيرها فقط، كما أن من يتوجهون للتعليم المهني ليسوا أصحاب المعدلات المتدنية فقط، وأكدت أن الحق في التعليم هو حق دستوري وإنساني مقدس لا ينبغي المساس به، داعية إلى تعزيز الشراكة بين مؤسسات التعليم، واستثمار الموارد البشرية بصورة أكثر منهجية وجدوى، ودعت إلى تبني اسلوب الشراكة التكاملية articulation agreements)) وهو اسلوب متبع في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وعديد الدول الأوروبية المتقدمة.

وفي السياق نفسه دعت مداخلات مكثفة قدمها كل من الدكتورة نداء فرهود نائب عميد كلية فلسطين التقنية، والمهندس جلال السلايمة عميد كلية المهن التطبيقية البوليتيكنيك، وزهران حسونة نائب عميد كلية الروضة، وعبد الغفار بدر عميد الكلية الإبراهيمية، وباسم قمصية عميد كلية فلسطين التقنية في العروب، وبسام حسان عميد كلية الأمة، وخديجة عويضات من كلية مجتمع رام الله، والدكتورة أمل أبو عوض عميد كلية ابن سينا للعلوم الصحية، وممثلون عن كلية فلسطين الأهلية الجامعية، وبسام القواسمي عميد برنامج الحقوق في الكلية العصرية الجامعية، دعت إلى مواصلة العمل لتطوير رؤية متكاملة ومنهجية لتطوير التعليم العالي وحل قضية معدل القبول الجامعي، وفتح قنوات التجسير، وإيجاد علاقة تكاملية بين الجامعات وكليات المجتمع.

كما أكدوا على ضرورة وجود ضوابط ومعايير علمية ومنهجية لاعتمادها في تنفيذ عملية التجسير، مع اعتماد عوامل إلى جانب معدل الثانوية العامة، كالمعدل التراكمي في الكلية، ومعدل الامتحان الشامل، والخبرة العملية في مجال التخصص كعوامل تؤخذ في الاعتبار لأغراض القبول الجامعي.

وقد أجمع المتحدثون على ضرورة الأخذ بنظام التجسير بين الكليات والجامعات وفق ضوابط محددة، وطالبوا بعقد مزيد من الورش باعتبارها بداية الحراك، وفي ختام الورشة جرى تشكيل لجنة لدراسة التوصيات وتلخيصها، وعرضها أمام وزيرة التربية والتعليم العالي لاعتمادها.