|
بَوْحٌ..سنة اولى"فيس بوك"..التِمَاعاتُ الرّوحِ في بيتٍ من زجاج!
نشر بتاريخ: 03/11/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:33 )
كتب ابراهيم ملحم- بالمصادفةِ البحتةِ صِرتُ واحداً من سُكانهِ، ألثَغُ بحروفهِ وعباراتهِ أُفلِحُ حيناً وأتعثر كثيراً في عمليات الإقلاع والهبوط على مدارج فضاءاته الشاسعة على نحوٍ يفجر ضحكات مكتومة لصغيراتي الجميلات تفاحات القلب اللواتي علمنني الرماية في مضماره فأصيبُ طوراً وطوراً تطيشُ رماياتي المرتبكة قبل أن يسعِفَنني بإسنادٍ يعيدُني الى مدارجهِ وأستوي على جوديّهِ بعد صراعٍ طويلٍ مع أمواجه المتلاطمة بالأخبار والأسرار.
أُطِلُ من نوافذه الزجاجية المشرعةِ على منازل الجيران وحدائقهم الوارفة الظّلال والجمال لأجد بيوتا شفّافة مصنوعةً من زجاجٍ فتتدفق أمام عيني صور تكاد تكونُ "خاصة جداً وسري للغاية" فلا املك سوى أن اقلّبها بين عيني وقد امتلأتُ عجباً من جرأةِ البَوح بهذا الكم المتدفقِ من الخصوصيةِ يذروُها الهواء. دلفتُ إلى بوابته الجميلة حباً وطواعيةً بعد لأي، وكثيراً ما تُسارِعُ جميلاتي الصغيرات بالإمساك بيدي كلما تعثّرتُ على عتباتهِ دخولاً وخروجاً، بعد أن انتبذتُ لنفسي مكاناً قصياً بين سُكّانه فتبوأتُ فيه صفحةً لأكتب فيها ما شئتُ وقتما شئتُ وكيفما شئتُ، على بياضه المغري بالبوح... وليَ فيها مآرب أخرى، أُعلق بحذرٍ شديدٍ بعضَ الصُّورِ على حائطهِ المزدحم بكل ما هبّ ودبّ ،أقرأُ أحياناً كلماتٍ ليست كالكلمات وعباراتٍ ليست كالعبارات وصوراً تكادُ تقفزُ من البرواز لفرط غرابتها وادهاشها. اجدُ حرجاً في صدّ من يطرقُ بابَ صداقتي فكلما جاءني "add" اقول "Accept"كلما لاحت أمام عيني صورةٌ أو خاطرةٌ تُلفتُ الانظارَ اقول "like" ، مفردات هي عملة سكانه المتداولة والممنوعة من الصرف إلا في أكشاكه الصغيرة الجميلة والمكتظة بالزّبون. بصراحة..حسبتُ أن سكان هذا العالم الافتراضي تحرروا من بعض عُقد وخصالِ سكان العالم الحقيقي واذا بهم يتأبطون كل تلك العقد والخصال غيرِ الحميدة الى عالمهم الاخر محمولين على تقنيات النشر والتوزيع المتحرر من مقص الرقيب الداخلي ،فتتناثر امام عينيك وتقتحم صفحتك خصال كنت ستنأى بنفسك عنها وعن حامل جيناتها في العالم الحقيقي،ولاسيما تورم الانا التي تراها كلاما وصورا ترصد كل حركة او نأمة لصاحبها،اضافة لانقطاع التواصل والاكتفاء برسالة خالية من الدسم تاتيك عن بعد .. هو عالم يطلب منك استجاباتٍ مختلفة ،صحيح أنه يعطيك كل ما هو غير مألوف لكنه ياخذ منك وبنفس المقدار كل ما هو هو غير مألوف ايضا!. في مقابل ذلك فان بعض الأصدقاءِ ممن تظنُّه لا يتقنُ فنَ الكلامِ ترى الكلامَ على صفحاته، يتدفقُ عندَهُ كفقّاعاتِ الصابون.... في البيتِ الفسيح المحمول على الريحِ لطائف وقطوف ونصائح وعِبَر تشفى القلوب وتُسعِد النفوس، هي اختياراتٌ تنمُ عن أناقةِ روح صاحبها ترى التماعات روحه في تضاعيفِ نصوصه الجميلة، التماعات ترسم خارطة طريق لمن ينشد الخروج الهاديء والأمن من الضيق. مجرد بوح واجب لساكن جديد في الفضاء الافتراضي الرحب" سنة اولى فيسبوك"! |