|
باحث من عكا: ليس للحروب أسباب بل أهداف تسعى الدول لتحقيقها
نشر بتاريخ: 07/11/2011 ( آخر تحديث: 07/11/2011 الساعة: 20:49 )
عكا - حيفا - معا تحت عنوان "إفتحوا أبواب الملاجئ" كتب الباحث الفلسطيني اليف صباغ من منطقة عكا يقول: ليس للحروب أسباب بل أهداف تسعى الدول لتحقيقها.
وللأهمية تنشر "معا" نص المقالة حرفيا : في الوقت الذي تجدد فيه الحراك الشعبي في اسرائيل للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وخروج عشرات الآلاف من الاسرائيليين من جديد في تل ابيب والقدس الغربية وحيفا، اختار بنيامين نتانياهو، رئيس حكومة اسرائيل، ان يفتتح الدورة الشتوية للكنيست بخطاب عرض فيه قراءته، وقراءة وزير الحرب ايهود براك، لما يجري في الشرق الاوسط من متغيرات، والتحديات السياسية والعسكرية التي تفرضها هذه المتغيرات على اسرائيل، متناسيا الى حد كبير، وربما بشكل مقصود، ذلك الحراك الشعبي وان كان داخل البيت. ويبدو بعد أسبوع واحد من خطابه المذكور انه استطاع إسكات ذلك الحراك كما حصل غداة العملية العسكرية في إيلات قبل حوالي شهرين ونصف. لكن، من السذاجة الاعتقاد، أن الهدف من قرع طبول الحرب هو إسكات صوت الحراك الشعبي في إسرائيل فقط. اهم ما جاء به نتانياهو هو مقدمة خطابه إذ قال: "إن سقوط حكم القذافي في ليبيا والاحداث الدامية في سوريا، خروج القوات الامريكية من العراق، الحكومة الجديدة في تونس، الانتخابات القريبة في مصر وأحداث كثيرة أخرى تشير الى المتغيرات العظمى التي تحدث من حولنا، هذه المتغيرات يمكن ان تعاظم عدم الاستقرار داخل الدول وبين الدول في الشرق الاوسط"، وأضاف، "دول عظمى إقليمية تريد ان تزيد من تأثيرها على دول الشرق الأوسط وهذا التأثير لن يكون دائما في صالحنا، ومن هذه القوى الإقليمية إيران، التي تستمر في جهودها للتسلح النووي وتشكل بذلك تهديدا لدول المنطقة ، للعالم كله وبالطبع تهديدا مباشرا وثقيلا علينا". في خطابه هذا وضع نتانياهو أمام عينية صورة النظام الجديد في الشرق الأوسط والناتج عن المتغيرات الحاصلة فيه، ومن ثم تأثير القوى الاقليمية، ومنها اسرائيل، في تشكل هذا النظام الجديد. ووضع امام عينيه ايضا حقائق لا بد من اخذها بعين الاعتبار ومنها، ان التعويل على سقوط النظام السوري في أيدي حلفاء أمريكا، وبالتالي ضرب مثلث الممانعة للنظام الجديد المتمثل في ايران وسوريا وحزب الله، لم يعد واقعيا، وان الجيش الامريكي سينسحب حتى نهاية هذه السنة من العراق، وامور اخرى ذكرها في مقدمة خطابه، ومن هنا يأتي فهمنا لما تخطط له إسرائيل من حرب على إيران، ويتمثل في محاولة قصوى للتأثير في تشكل النظام الجديد في الشرق الأوسط. ولا يخفى على المتابع للعلاقات الاسرائيلية- الامريكية اختلاف الرؤى بينهما بالنظر الى الحركات الاسلاموية الصاعدة نحو سدة الحكم بدعم ورعاية أمريكية ومستقبل علاقة هذه الأنظمة الجديدة مع اسرائيل. هذا الخطاب وما تبعه من مناقشات على شاشات وصفحات وسائل الاعلام في اسرائيل والعالم، لم يسكت الحراك الشعبي في اسرائيل فقط، بل شكل غيمة تمر تحتها كل قرارات الحكومة الاسرائيلية للتنكيل بالأسرى الفلسطينيين وتكثيف الاستيطان وحصار غزة وخنق السلطة الفلسطينية ومحاصرة مطلبها العادل على طاولة مجلس الأمن. وهو يأتي في ظروف مؤاتية اسرائيليا ودوليا ومن هنا تأتي خطورته. ربما يجدر بنا التأكيد للمرة الالف ان لا اسباب للحروب بل لها أهداف، وتسعى الدول لتحقيق مصالحها بأدوات مختلفة منها السياسية ومنها الاقتصادية والعسكرية ايضا، ومن هنا جاءت المقولة المعروفة، "ان الحرب هي استمرار للسياسة بادوات اخرى". إذن، ما لم تستطع اسرائيل وحلفاؤها من تحقيقه بالأدوات السياسية والاقتصادية لخلق نظام سرق اوسطي يتجاوب مع مصالحها من خلال اثارة المعارضة الداخلية على نظام الحكم او الحصار الاقتصادي الدولي او العقوبات الاقتصادية والسياسية الدولية، يفرض التفكير والاستعداد لاستخدام أدوات عسكرية إذا ما توفرت هذه التجهيزات والظروف المناسبة لاستخدامها، ويبدو ان اسرائيل وصلت الى قناعة انه لابد من استخدام القوة العسكرية ضد إيران وربما سوريا وحزب الله بعد ان فشلت كل الأدوات الأخرى، بما في ذلك تعطيل أجهزة تخصيب اليورانيوم بواسطة فيروس stuxnet الذي هاجم الحواسيب الايرانية صيف العام 2010 ، ولكن العلماء الايرانيين استطاعوا التغلب عليه وفق تقرير سري صدر في شباط من هذه السنة. لا يخفى على احد ان القوات العسكرية الاسرائيلية والامريكية والاوروبية أجرت خلال السنوات القليلة الماضية تدريبات مكثفة في البحر والجو بشكل خاص لضرب المنشآت النووية الايرانية، ولكن التحضيرات لحرب إقليمية، في اقل مقاييسها، وقد تكون مدمرة الى أبعد الحدود، يتطلب تحضيرات في المجالات كافة بما في ذلك، استعداد شعبي لتحمل العواقب وظروف مؤاتية جدا لحملة عسكرية أولى وناجحة. ولا يخفى على احد أيضا، قيام سلاح الجو الاسرائيلي في الآونة الأخيرة بتدريبات مكثفة في رومانيا وبلغاريا واليونان وايطاليا وتدريبات سابقة مع حلف الناتو في تركيا، كما ان هناك من يتحدث عن تنسيق مستمر مع دول الخليج ضد إيران، ويبدو ان الاستعداد المكثف للحرب في الاسبوعين الاخيرين وانضمام شمعون بيرس الى الحملة الإعلامية اكبر دليل على امكانية حصولها الفعلي، ومن مركبات هذه الحملة: تمرينات عسكرية مكثفة بالاضافة الى تمرينات مدنية لقوى الجبهة الداخلية للتعامل مع سقوط صواريخ مكثف على إسرائيل في حالة الهجوم على إيران، وبذلك يتم تحضير الرأي العام الاسرائيلي لمثل هذه الحرب وفحص قدرته على تحمل نتائجها المتوقعة، حملة دولية متجددة بدأتها الولايات المتحدة مؤخرا ضد إيران تزامنت مع صفقة تبادل الاسرى بين إسرائيل وحركة حماس، حملة دولية متجددة ضد سوريا وإتهامها بإقامة منشأة نووية على غرار المنشأة التي قصفتها اسرائيل عام 2007 ودعوة المعارضة المسلحة عدم تسليم اسلحتهم، حملة دولية متجددة ضد إيران مستعينة بتقرير وكالة الطاقة الذرية، الذي سيصدر في التوقيت المناسب خلال الاسبوع الجاري، تتهم فيه إيران بإجراء تجربة نووية والاستعداد لإنتاج قنبلة نووية مخالفا بذلك ما تم التصريح به من أن هدف تخصيب اليورانيوم الإيراني هو سلمي فقط. يرافق ذلك تقارير لاستطلاعات الرأي العام الإسرائيلي التي تؤيد ضربة عسكرية ضد إيران بنسبة تتجاوز 40% من المواطنين وثقة برئيس الحكومة وقدرته على اتخاذ القرار المناسب بنسبة تتجاوز 60% من الجمهور الاسرائيلي، وائتلافا حكوميا واسعا وثابتا لم يحظ به رئيس حكومة اسرائيلي من قبل، ائتلاف مؤيد للحرب على إيران. إذا أضفنا لكل هذه الاستعدادات الدولية والاسرائيلية والظروف المؤاتية، سيطرة جنون العظمة على بيبي نتانياهو وإهود براك، وفق بعض المحللين الاسرائيليين، وإيمانهما التام بان الجيش الاسرائيلي قادر على تنفيذ المهام المطلوبة منه، وان الفرصة المؤاتية اليوم لن تتكرر، يجعلنا نقترب من التأكيد أن الحرب قادمة لا محالة، وانه لا بد من فتح أبواب الملاجيء، لمن لديه. لقد كرس التراث اليهودي في نفوس الاسرائيليين خرافة شمشون الذي هدم البيت على من فيه كما هدمه على نفسه، ويبدو ان بيبي نتانياهو وإهود براك متأثران جدا بهذه الخرافة. فهل يسمح لهم العالم بتحقيق جنونهم؟ إن غدا لناظره قريب. |