وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بعد القصف: أطفال يبرعون في لملمة الحديد مقابل 20 شيقلا

نشر بتاريخ: 17/11/2011 ( آخر تحديث: 17/11/2011 الساعة: 20:23 )
غزة- خاص معا- لا يبالي طفلان يستقلان عربة يجرها حمار شمال غزة بالبرد القارس ولا بالخوف الذي ترسله طائرات الاحتلال من السماء، الهم الأكبر لهما أن يقوما بجمع ولملمة أكبر كمية من الحديد المدمر والمتشابك بالاسمنت المسلح لبيعه مقابل بعض الشواقل.

هذه المهنة القديمة الحديثة تكاد تكون مصدر للقمة العيش لعدد غير بسيط من العائلات الغزية إما تلك التي فقدت معيلها أو من خسرت مصدر رزقها في سنوات الانتفاضة والحصار والحرب، وأبطال هذه المهنة هم أطفال، صفتهم أنهم أقل تكلفة، وأكثر جرأة، ومش مشاغبين ولا مطالبين بالمزيد.

يتحركون فوق أكوام الركام والدمار، يتنقلون بخفة، يضحكون ضحكاتهم البريئة ثم ينقلون حمارهم إلى مكان لازال مزدحماً بالحديد المتناثر، يبدءون رحلة التجميع والتنقيب وتنظيف الحديد مما علق به، ثم يفاجأون بصراخ أحدهم: "يلا أنت وهو روح من هون مش خايفين من القصف؟".

فمن الذي يقف وراء خروج الأطفال لمواقع القصف لتجميع الحديد، وبم يبيعونه، وهل يصلح هذا الحديد للبناء، وما مدى جودته؟.

الطفل محمد الذي كان يجمع الحديد من موقع الشرطة البحرية المدمر شمال غزة مطلع الأسبوع الجاري قال لـ " معا": "أبوي ببعتني أجمع الحديد وبطلع أنا وصاحبي من الصبح بنلف على المنطقة وبنجمع كل الحديد وبنبيعه لتاجر بنعرفه وبعطينا 15-20 شيكل".

فهل يتعب؟ يقول: "أكثر ما بتعبني لما بكون الحديد مغموس تحت الأرض، بشدة وصاحبي بشد وبالآخر بوقع على الأرض وبتعفر بالرمل".

الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية بقطاع غزة يرفض بشكل صارم الترخيص لأي جهة أو تاجر يستغل الأطفال بجمع الحديد، وحسب خضر شنيورة المدير التنفيذي للاتحاد العام فإن الاتحاد لا يمنح أي ترخيص لهؤلاء التجار ويمنع بشكل صارم التعامل معهم بالسوق.

ويقول شنيورة أن ما يقوم به الأطفال شكل باب رزق لكثير من عائلات فقيرة بغزة، فهناك أسر فقد معيلها رزقه داخل إسرائيل وأخرى رب الأسرة إما يكون مريض أو متوفي ويكون الأطفال هو سبيل الأسرة الوحيد للقمة العيش.

وعن جودة الحديد المجمع بعد القصف أكد ان الحديد حين قصّه يفقد 25-30% من قوته وحين فرده مرة أخرى يفقد ذات النسبة وحين استخدامه للبناء فإنه بالطبع يكون بأقل مراحل الجودة والكفاءة،، مشدداً على ضرورة فحص الحديد المستخدم بالبناء المجمع من الركام.
ونظراً لتقرير جهاز الإحصاء الفلسطيني فإن 38.4 % من الأطفال الذين يعانون من الفقر هم في قطاع غزة وهي نسبة أعلى من الأطفال الفقراء بالضفة الغربية، وأن 53.8% من إجمالي الأسر الفقيرة لديها أطفال، مقابل 46.2% في الضفة الغربية.

وتقع مسؤولية استغلال الأطفال في جمع الحديد وفي العمالة بمختلف أشكالها على عاتق الحكومات التي يجب أن تبذل جهدا أكبر لتمكين أرباب الأسر من العيش بكرامة ومنح أطفالهم مساحة ليعيشوا طفولتهم بعيداً عن الاستغلال والعمل في أعمار مبكرة.