وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ماذا دار بين كيسنجر وغروميكو في 72 حول سيناء وفلسطين والجولان؟

نشر بتاريخ: 18/11/2011 ( آخر تحديث: 20/11/2011 الساعة: 13:48 )
بيت لحم- معا- نشرت وزارة الخارجية الامريكية وثائق تعود لعام 1972 والتي تظهر موقف هنري كيسنجر الذي كان يتقلد مستشار الامن القومي الامريكي في حكومة الرئيس انذاك ريتشارد نيكسون، والتي اظهرت استعداد الادارة الامريكية مع "الاتحاد السوفيتي" لانهاء الصراع في منطقة الشرق الاوسط، واصفا اليهود بـ "الاوباش" والذين يخدمون انفسهم فقط بعد ما اظهره اللوبي "الصهيوني" من مواقف ضد ما كان يتم بحثه.

وبحسب هذه الوثائق التي نشرت امس الخميس وتداولتها الصحف الاسرائيلية اليوم الجمعة، فقد ابدى كيسنجر تفاؤلا كبيرا عام 1972 في امكانية التوصل الى حل للصراع العربي الاسرائيلي، والقرب من التوصل الى اتفاق ينهي هذا الصراع واستعداد الدول العربية بالاعتراف بوجود اسرائيل، حيث قدم اقتراحات واضحة للقيادة الروسية وضمن مراحل محددة للتوصل الى هذا الاتفاق، والذي كان في مرحلته الاولى الجبهة المصرية وبعدها يتم تطبيق المراحل الاخرى الجولان والجانب الفلسطيني.

واثناء هذه المباحثات كان موقف اللوبي "الصهيوني" الذي كان يحاول فرض مواقف على الادارة الامريكية وكذلك مواقف حكومة جولدمئير في تل ابيب ما تثير هنري كيسنجر، خاصة الرسالة التي بعثتها رئيسه وزراء اسرائيل للادارة الامريكية تطلب فيها التدخل السياسي ضد الاتحاد السوفيتي بهدف السماح للهجرة اليهودية من دول الاتحاد السوفيتي، كذلك مواقف الضغط من قبل اللوبي "الصهيوني" في الولايات المتحدة، وهذا ما دفع كيسنجر للتساؤل، "من يقبل ان تتحكم مجموعة في سياسة أي دولة في العالم ؟، ان هذا الامر غير مقبول، انهم أوباش لا يفكرون الا في خدمة انفسهم فقط، ولا يمكن الثقة بالحديث معهم بشكل سري لانهم بتأكيد سوف يسربون هذه الاحاديث".

وتضمنت هذه الوثائق ما كان يدور من مباحثات مع وزير خارجية الاتحاد السوفيتي اندري غروميكو قبل عام واحد على حرب اكتوبر عام 73 ، حيث قدم كيسنجر اقتراحا بتقسيم سيناء بين مصر واسرائيل وانهاء الصراع بينهم في مقدمة للانتقال الى المراحل الثانية، غروميكو بدوره طلب حل القضية الفلسطينية في البداية والانسحاب الى حدود الرابع من حزيران عام 67، رد عليه كيسنجر ان موقف الولايات المتحدة اما الكل أو لا شئ.

وقد جرى لقاء يوم 2 ايلول عام 72 في واشنطن جمع هنري كيسنجر مع اندري غروميكو وهذا ما دار في الاجتماع:

هنري كيسنجر: "موقفنا مهم جدا القيام بالخطوة الاولى الكبيرة بالاتجاة المصري، ويجب البدء من الجانب الامني في هذه القضية لانها سوف تحل كافة المشاكل الاخرى، وحتى يتم تثبيت هذا الاتفاق لسنوات طويلة ويحفظ الامن في المنطقة يجب تقسيم سيناء الى خمس اجزاء، جزء يستطيع كل طرف "اسرائيل ومصر" الاحتفاظ بقواته العسكرية فيه، جزء يستطيع كل طرف السيطرة عليه دون وجود أي قوات، والجزء الخامس يكون مشترك بينهما، ويستطيع المسؤول المدني المصري التجول على كامل الحدود".

واضاف كيسنجر انني احذر بأن اسرائيل لن توافق على هذا الحل، ونحن لدينا الاستعداد لممارسة الضغوط على اسرائيل ومن ضمنها الضغوطات الاقتصادية والدولية، ولكن لن نقوم باستخدام الضغط العسكري عليها، واذا نجح هذا الامر في سيناء سوف ننقل الامر الى الجولان.

غروميكو رد عليه: طبعا قناة السويس ومناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ستكون ضمن هذا الحل.

كيسنجر: رغبتنا ان نفصل قناة السويس مرحليا، الحل يكمن ان يأخذ كل طرف ما يريده، ونريد التوصل الى حل نهائي، واذا كان ذلك من خلال حل شامل لكل الاطراف يمكننا التفكير في الامر، ومع ذلك فأن موقفنا حتى الان القيام بالدخول في المرحلة الاولى مع مصر.

غروميكو: ولكن مصر لن توافق على ذلك.

كيسنجر: النهج الشامل لن يقود الى التسوية، وهذا ما تفضله اسرائيل، وهذا يعني الا تكون تسوية.

غروميكو: تحدثت مع العديد من المسؤولين العرب في نيويورك، وقد رفضوا أي حل جزئي مع اسرائيل، وسيرفضون أي حل غير شامل من انسحاب كافة القوات الاسرائيلية، يجب ان يكون هناك حلا للاجئين الفلسطينيين ولقناة السويس، مصر مستعدة للسماح بمرور السفن الاسرائيلية من القناة، وفيما يتعلق بالاعتراف بدولة اسرائيل نحن والعرب جاهزون لذلك، واذا لم يكن هناك حماسه من ناحية العرب، فاننا على استعداد للانضمام لكم في مجلس الامن الدولي بطريقة اكثر صرامة.

كيسنجر: تاريخ الضمانات من الامم المتحدة لا تخلق الثقة التي يمكن تشغيلها عند الحاجة، يجب مواجهة الحقائق، العرب مستعدون للاعتراف بقيام دولة اسرائيل، ولكن هذا الامر كان ايضا موجودا بين الهند وباكستان قبل الحرب بينهما، الشئ الاكثر تعقيدا في الشرق الاوسط حاليا هو امكانية اندلاع حرب بين دول اصلا يوجد بينهم حرب، في كل مكان في العالم تندلع الحرب في ظل وجود سلام بين الدول، ولكن هنا اندلاع الحرب في ظل الحرب القائمة، لذلك يجب الاهتمام في البداية للامن، وهذا مفتاح الحل ولدينا الاستعداد لممارسة الضغط على اسرائيل بعد ذلك للقبول بهذه التسوية.

غروميكو: لم تجيب على سؤالي حتى الان فيما يتعلق بالتسوية الشاملة، وماذا عليه ان احمل من موقف للرئيس بريجينيف.

كيسنجر: في بعض الجوانب نحن نتفق، وفي بعض الجوانب لا نتفق، وفي جوانب اخرى يجب النقاش.

غروميكو: متى نبدأ الحوار والنقاش.

كيسنجر: بعد الانتخابات الرئاسية القادمة مباشرة شهر تشرين اول، أي بعد شهرين من هذا اللقاء.