وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من الآخِر...!!

نشر بتاريخ: 19/11/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:32 )
كتب ابراهيم ملحم- هي عبارة كثيراً ما تتردد على ألسنة الشّباب والشّابات مصحوبة بابتسامة رضى،أو ضحكة اعجاب،تشِفّ عن اندهاش قائلها بسامعها ،فتلامس لديه قبولا طافحا ًبالرضى،وغرورَ الثناء .

فكلّما عجزت كلماتك عن وصف أو خانتك عبارتك بمدح تسارع للقول اعجاباً ...من الآخر! ".وكلّما توترت الاعصاب أو ضاق صدرك بمجادلِك الذي قد يكون مجايلك أو أصغر منك أو أكبر .. تقول له " من الآخر ..!"

وحتى لا أطيل وبلغة أجدادنا العظام "سيبك من الطويلة وخذلك القصيرة" ومن الآخر..فقد اعتدت على قراءة الصحيفة..من الآخر ، والمقرر المدرسي الثقيل ولا سيما كتاب التاريخ العصي على الفهم والهضم.. من الآخر ...

ومن الآخر.. أقلب البوم الصور،وأستقي العظات والدروس والعبر، واذا ما ساومت تاجراً خليليّاً خبيرا بشعاب التجارة الحرة والمقيّدة حتى فاض به الكيل وعِيل عنده الصبر فان يطرح عليك سعر البضاعة بعد أن يحلف أغلظ الايمان ... من الآخر ! .

وقد يقال أكلت وجبة لذيذة كانت..من الآخر.!..وشاهدت كليبا جديدا للاغنية المتنازع على أصلها وفصلها وشهادة منشئها "ترشرش" ...من الآخر !....واشتريت بدلة أو فستانا جميلا من الآخر !...وقلّما تسمع من يقول لك قرأت رواية ..من الآخر ! أو حضرت ندوة ...من الآخر ! أو سمعت قصيدة،أو استمتعت بموسيقى.. من الآخر !

مناسبة هذا الكلام...ومن الآخر ،هو قراءتي لقصة قصيرة كتبها العقيد القذافي في تسعينيات القرن الماضي بعنوان " الفرار من جهنم" وجهنم تلك هي اسم لقرية هي مسقط راس الزعيم ،قرب سرت واخترت لها عنوانا غير عنوانها وهو ."جحيم القذافي ".

بدا الرجل في قصته من الاول للآخر ،وكأنه يَهجِسُ بموته،ويتكهّن بمصيرة،ويقرأ سِفرخاتمته وعالمه الاخر الذي تمنى بلوغه،حتى كان له ما أراد وأكثر.

وبصراحة وجريا على عادتي فقد سارعت لقراءة القصة الشائقة من الآخر ،فوجدت بها ضالّتي وما وددت معرفته قبل ان أعود لسردها الجميل من الاول للآخر .. انها تلخيص لسيرة ومسيرة الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في حياته مثلما هو في مماته .

واليكم مقتطفات من تلك القصه القصيرة المدهشة.... ومن الآخر :

ان طغيان الفرد أهون انواع الطغيان فهو فرد في كل حال..وتزيله الجماعة ويزيله فرد تافه بوسيلة ما أما طغيان الجموع فهو أشد صنوف الطغيان فمن يقف امام التيار الجارف والقوة الشاملة العمياء .

أخيرا اقتربت من جهنم واستطعت مشاهدتها عن كثب..وأستطيع الان أن اصفها لكم كما شاهدتها وأستطيع أن أجيب على أي استفسار يتعلق بجهنم وموقعها وماهيتها وطقسها .

واليكم ما شاهدته من الجهة الشرقية لجهنم التي اقتربت منها ،أولا:لجهنم شعاب مظلمة ووعرة ..ويخيم عليها الضباب وحجارتها مظلمة ووعرة سوداء محروقة منذ قديم الزمان، والعجيب حقا هو أن الحيوانات البرية ،وجدتها تاخذ طريقها الى جهنم قبلي، فرارا منكم فحياتها في جهنم وموتها فيكم...

ولكني فوجئت بانحدارات شديدة أمامي وارض منخفضة حتى توقفت بتردد واذا بجهنم تطل من الافق ليست حمراء كالنار وليست ملتهبة كالجمر..وقفت لا خوفا من التقدم نحوها فأنا احبها وارغب في وصالها فهي الملاذ عندما تطاردونني في مدينتكم المثلثة .

يا من رقصتم على ايديكم طيشا لانكم نلتم منا ..وفكرتم في اتيان العمليات البيولوجية الخمس لمرقدكم..واطبقتم مخالب الذئاب واسنان الكلاب الصفراء عليها .. يا من كنتم تنوون امتهانها وتسيطر تلطيخات البطولة المسرحية المزيفة فوق رفاتها .. يا من القوا بكم في بالوعات المجاري السوداء مع الصراصير وقلتم لها نحن نخوض في بحر المنايا بحثا عن لؤلؤ التيجان .

أنا ونفسي كمجرمين خطيرين في مدينتكم تخضعونا للتفتيش والمساءلة وحتى بعد أن ثبتت براءتنا وعرفت هويتنا تودعونا السجن وتطوقوننا بحرس شديد ومرادكم دائما ان تحولوا حتى بيني وبين نفسي لان ذلك يساعد راحتكم انتم واطمئنانكم ...ما أحلى جهنم في مدينتكم لماذا رددتموني مرة أخرى أريد ان اعود اليها بل أرغب في أن اسكن فيها .

بصراحة...فان القصة بنصّها وقصّها...برؤيتها ورؤاها ورؤياها...بعظاتها وعبرها المكتنزة فيها .... من الآخر ..!!