وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"البوعزيزي" في رام الله..."بس مش هيك" يا دكتور!!

نشر بتاريخ: 08/12/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:30 )
كتب ابراهيم ملحم- على شرف الربيع العربي، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، أقام الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" أمس احتفال الشفافية السنوي 2011 تحت عنوان "اختطاف الدولة العربية احد تجليات الفساد"، الديمقراطية .. حرية التعبير...العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد اهداف الربيع العربي".

حضر الاحتفال رئيس الوزراء ،وممثلو الفصائل والمجتمع المدني ،ورئيس هيئة مكافحة الفساد ،ووقعت خلاله مدونة سلوك، والقيت خطب ،وكلمات كانت طافحة بالقضايا والموضوعات التي تحقّر الفساد،والفاسدين، والمفسدين،وتعلي من قيم النزاهة، والجدارة ،والجرأة، والحرية، والشفافية، والحكم الرشيد.

ولعل أكثر ما ميز المؤتمر هذا العام هو اعلان السيد رئيس الوزراء بوضع الحركات المالية في وزارة المالية ،في متناول الدارسين والباحثين والمواطنين يوما بيوم من خلال موقع خاص لمؤسسة " امان" وهي خطوة تستحق الاشادة والتقدير لرئيس الوزراء ،ولمؤسسة "امان" .

مثلما يشكل توقيع الفصائل على مدونة سلوك تلتزم فيه بمبادئ مكافحة الفساد،اضافة نوعية كبيرة لجهود الحكومة ومعها " امان" للارتقاء بمستوى الشفافية ومحاربة جيوب الفساد، بجميع اشكاله، والجهات التي تمارسه.

يستحق د.عزمي الشعبي مفوض "أمان" التقدير الكبير على جهد مؤسسته في ملاحقة جيوب الفساد،والفاسدين،وهو دور لا يمكن بلوغه دون الاتكاء على اسلحة مهمة يتصدرها،سلاح الاعلام الذي تجاوز دائرة الرأي،والراي الاخر إلى الحقيقة الضائعة،بحثا ،وكشفا جريئا ،يستحقه الفائزون "تلفزيون وطن "والصحفيان محمد حجة من تلفزيون فلسطين ومحمد موسى من"بي ان ان"عن تحقيقات استقصائية ضمن جائزة حملت اسم "البوعزيزي"تكريما لمن احرق جسده لينير الدرب للمظلومين المقهورين من بعده وهي التفاته تليق بالثورات والسائرين على خطاها من الثائرين على الفساد في جميع مواقع عملهم.

مشهد واحد في الاحتفال المضبوط جاء خارج النص ومثيرا لدهشة الحضور واسئلتهم والذين بدوا كما لو أنهم متفقون وهم يعبرون عن دهشتهم تلك بعدم التصفيق!

ففيما حظيت جوائز الصحفيين في المحطات الخاصة والرسمية، وافراد من مؤسسات القطاع العام رفضوا الرشوة ، بتصفيق حاد، فان جائزتي التقدير لشركتي "جوال" و"المطاحن الذهبية" واللتين جاءتا خارج النص ،لم تحظيا سوى بتصفيق خجول من احدى زوايا القاعة الفسيحة،وهو ما بدا تعبيرا عن تبرم الجالسين من دخول هاتين الشركتين على خط جوائز التقدير في هذا الاحتفال السنوي الهام حتى أن أحد الخبثاء اقترح ان يقام احتفال العام القادم تحت رعاية هاتين الشركتين الكبيرتين.!

ورغم أن "أمان" قالت انها حجبت جائزة الشركات المساهمة العامة لهذا العام، الا انها بتقديمها شهادتي التقدير للشركتين المثيرتين للجدل حول مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين - وقد بدت كجائزة ترضية بعد حجب جائزة النزاهة لهذا العام - قدمت انطباعات خاطئة حول مقاصد الجائزة من مؤسسة تنحاز لقيم النزاهة والشفافية والعدالة الاجتماعية وتحيط جوائزها بشروط قاسية وقد تضطر لحجبها كما فعلت هذا العام والعام الذي قبله حتى لا تتورط في مجاملة على حساب معاييرها الشديدة تلك . فلو أن جوائز التقدير جاءت لافراد مميزين بأدائهم من العاملين بالشركتين ،لكان ذلك في سياق الاحتفال ومقاصده وجرى تفهمه وتقديره .

قد تقول "أمان" انها تكافي معايير الحوكمة الرشيدة التي رصدتها في اداء الشركتين المحترمتين بيد أن منطق الرد على ذلك يكون بأن المكأفاة والتقدير يكونان لمعايير ومواصفات الجودة في الخدمة التي يتلقاها المواطن من الشركتين او غيرهما لا لمعايير الحوكمة فقط، فما فائدة أن تكون الحوكمة جيدة والخدمة ليست كذلك ،فشهادة التقدير ينبغي أن تعطى لمدى التزام المؤسستين بمعايير الخدمة الجيدة لزبائنها .

ثم ياتي سؤال اخر هل ستقوم" امان" بسحب جوائزها التقديرية من هاتين الشركتين،اذا ما تبين لها بعد عام ،تدني معايير الحوكمة، وانحدار مستوى الخدمة فيهما أم ان شهادة "امان" تكون بطاقة تأمين للشركتين الفائزتين مدى الحياة ازاء اية انتقادات بعدم النزاهة او تدني مواصفات الحوكمة؟

أحسب أنه لو قدر لواحد من الصحفيين اللذين فازا بجائزة الجرأة او لمؤسسة وطن الزميلة التي حظيت بجائزة النزاهة في المساءلة أن يدخلوا احدى الشركتين الفائزتين بجائزة التقدير بتحقيق استقصائي حر لفازوا بنفس الجائزة للعام الثاني على التوالي .

كل شئ كان آمناً ومطَمئناً وجميلا في احتفال" أمان" لكن بصراحة وبشفافية " بس مش هيك يادكتور عزمي"....فلا هواء الاتصالات يشفي العليل، ولا قمح المطاحن يخلو من الزوان !!