|
رعب قصف المنازل: استهداف حتى حلل الطبخ وتحويشة العمر وتطاير للأحلام والأمان والأهالي يحاولون التصدي للظاهرة
نشر بتاريخ: 19/11/2006 ( آخر تحديث: 19/11/2006 الساعة: 14:28 )
غزة- معا- "أنا متعب من التفتيش عن مأوى وأهالي قطاع غزة يتهربون من استضافتي لديهم خوفاً من قصف منازلهم" لسان حال المواطن عبد الله فرج عبد ربه من سكان جباليا بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الحربية منزله ومنزل عائلته قبل يومين فقط شمال قطاع غزة.
ففي السادس عشر من الشهر الجاري كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بنصف ساعة، سمع رنين الهاتف وكان على الخط المقابل الشاباك الإسرائيلي قائلاً له "يجب إخلاء منزلك الآن" وبمجرد ان استطاع إبلاغ عائلته الصغيرة المكونة من خمسة أفراد وعائلته الكبيرة التي تقطن ذات المنزل والتي يبلغ عددها قرابة 30 فرداً والخروج الفوري إلى الشارع قامت طائرة إسرائيلية من طراز إف 16 بقصف المنزل ليتهاوى امام أنظار والدته الحاجة رمزية وزوجته أحلام وتبخرت أحلام الجميع. المواطن عبد الله عبد ربه ( 40 عاما) جريح انتفاضة في الاجتياح الإسرائيلي لمدينة ومخيم جباليا عام 2004، وزوجته أحلام أصيبت حينها بضعف في دقات القلب فأجرت عملية قلب مفتوح وحاولت الحفاظ على ما تبقى من قوة لتربية الأولاد الثلاثة والابنة الوحيدة لديهما، فكان ان عاد الاحتلال ليستهدف المأوى ويترك الوالد متعباً بين دوائر وزارة الإسكان وبين منازل المواطنين بحثاً عمن يؤجره منزل او شقة صغيرة تأوي أسرته وزوجته التي انتقلت للسكن مع ذويها على امل ان تعثر على منزل يعيد جمعها مع عائلتها وزوجها الجريح. يقول عن قصف منزله:" فقط 8 دقائق بعد الاتصال حيث حاولت ان أجمّع أطفالي وأطفال أشقائي الأربعة المتزوجين في طوابق المنزل الثلاثة حيث يبلغ عدد الأطفال 18 طفلاً وبمجرد خروجنا من المنزل تم قصفه وطبعاً لم نستطع ان نجمع شيئاً من محتوياته". تحويشة العمر تبخرت.. وعن الخسائر التي تكبدها قال:" لقد بنيت المنزل مع أشقائي الأربعة بتحويشة العمر منذ عام 1988 التي بلغت 100 ألف دينار وقام كل منا بتجهيز شقته فجهزتها أنا بمبلغ 6 آلاف دينار وكل اخ لي قام بتجهيز شقته الخاصة بـ3 آلاف دينار وما زال التعمير جارياً بمنزلنا قبل أن يقدم الاحتلال على قصفه". ليس بيتاً واحداً وإنما الكثير وكل يوم يزداد العدد ويرتفع عدد ضحايا فقدان الأمان والمسكن، وفقط باتصال صغير "ألو نحن المخابرات الإسرائيلية عليك إخلاء منزلك في ربع ساعة" الوقت غير كاف لشيء سوى لملمة الأطفال وغطاء صغير يقي من البرد وهبوط الدرج والفرار إلى الشارع، وتبدأ مشاهد التصوير الحقيقي الأليم، صاروخ اثنان أو ثلاثة ليس المهم العدد بل الأهم ان المنزل بدأ بالاحتراق والانهيار وصوت الدوي والانفجار بات يرعب الآذان والأفئدة والمنازل المجاورة الملتصقة لا سيما في قطاع غزة الأكثر كثافة على وجه الكرة الأرضية. المواطنة احلام عبد ربه (39 عاماً) زوجته تقول:" شقتنا في الطابق الأول من المنزل المكون من ثلاثة طوابق كنا قد جهزناه معاً ووضعنا الأثاث الذي نحلم به حيث كلفنا 6000 دينار كاملة والآن كل شيء ضاع". أكثر ما يؤثر بالسيدة أحلام فقدانها لمطبخها العزيز حيث وقفت مصدومة أمام تهاوي المنزل شاهدة على الجريمة قائلة:" لقد جهزت مطبخي بكافة الأدوات والأجهزة الكهربائية وقد كلفنا الكثير لا سيما ان زوجي يعمل في بلدية جباليا وراتبه لا يكفي لشيء حيث تم بناء المنزل بتحويشة عمر جاهدنا كثيراً لنحصل عليها". المنازل المجاورة ما الذنب؟ ولا يخفى أن المنزل الذي يتم استهدافه بقصف قوي عبر الطائرات الحربية الإسرائيلية يتعدى الدمار ليشمل منازل أخرى فقد تأثرت أربعة منازل مجاورة لمنزل المواطن عبد ربه الكائن في جباليا البلد بشارع عبد ربه حيث أسفر القصف عن تدمير المنازل المجاورة تدميراً جزئياً، ولحق الدمار بمنزلي المواطنين أحمد ربيع عبد ربه وخليل عبد ربه وطال الدمار سلم البيت من الطابق الأول حتى الثالث وتهاوى داخل البيت. في محافظة رفح دمر الاحتلال في حملة أمطار الصيف التي شنها بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط منزل المواطن سامي سليم العبد صالح ومنزل يعود لعائلة الشيخ العيد، وبجانب منزل العبد صالح تدمر بشكل جزئي منازل المواطنين من عائلات الأخرس، السطري، ارجيلات، أبو الخير، أبو عيادة وأبو تيلخ. فيما حملت الأيام الثلاثة الماضية معها تدمير قوات الاحتلال لثمانية منازل وورشتي حدادة في قطاع غزة من شماله حتى جنوبه عدا عن مكتبة تشمل كتباً واجهزة حاسوب تعود لدائرة العمل النسائي لجمعية المجمع الإسلامي بحي الشجاعية في مدينة غزة والتي تديرها رشا الرنتيسي أرملة الشهيد د. عبد العزيز الرنتيسي. الأيام تصحب كل فجر اتصالات بهدم المنازل، بالقدس إخطارات بالهدم وفي غزة هدم بالصواريخ بعد اتصال قصير، أرملة في تل الزعتر شمالي قطاع غزة قالت:" تطايرت أبواب ونوافذ منزلي وتهتكت أسواره ولم يمض على وفاة زوجي سوى عشرة أيام والآن اتساءل من معيلي ومن يعيد إعمار المنزل لأطفالي". المنازل الضحايا.. قوات الاحتلال قصفت منذ السابع والعشرين من تموز الماضي حتى امس السبت الموافق الثامن عشر من تشرين ثاني الجاري (58) منزلاً سكنياً وذلك حسب ما ورد في مداخلة كلمة د. محمود الزهار وزير الخارجية الفلسطيني في اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي على مستوى وزراء الخارجية امس السبت في جدة بالسعودية. أما في إحصاءات مركز الميزان لحقوق الإنسان فقد أحصى إقدام الاحتلال على تدمير 22 منزل فلسطيني في قطاع غزة تدميراً كلياً منذ الخامس والعشرين من يونيو الماضي يقطنها بشكل دائم 237 مواطناً وتقطنها إناث يبلغ عددهن 124 أنثى و134 طفلاً، فيما أقدم الاحتلال وحسب إحصاءات المركز ذاه على إلحاق دمار جزئي بـ 24 منزلاً يقطنها 266 مواطنا بينهم 129 سيدة و111 طفلاً وجميع هذه المنازل تلقت إخطارات هاتفية بضرورة الإخلاء قبل استهداف المنزل. اين يذهب المقاومون؟؟ وفي مدينة غزة حيث أقدم الاحتلال قبل يومين على قصف منزل قائد القوة التنفيذية بمخيم الشاطئ علاء عقيلان في منتصف الليل تنبه الأهالي لحجم هذه الجريمة ومدى المعاناة التي تسببها للمواطن المهدد بقصف منزله فبادر المواطنون إلى تنظيم حماية خاصة من أجسادهم وحاجزاً بشرياً لمنع الاحتلال من الاستفراد كل ليلة بأحد المواطنين وأقدموا على الاعتصام داخل منزل المواطن محمد بارود أحد قادة الوية الناصر صلاح الدين في حين بات المئات منهم على سطح المنزل بعد اتصال تلقاه المواطن بارود يحتم عليه إخلاء منزله تمهيداً لقصفه. فيما أقدم الاحتلال قبل أسبوع على تدمير منزل القائد في كتائب عز الدين القسام في منطقة تل الزعتر بجباليا نهرو مسعود شقيق الشهيد القسامي تيتو مسعود. كما قصف منازل المواطنين ومن ضمنهم مقاومين في فصائل المقاومة المختلفة رأفت سلمان، منذر الرياشي، محمد فرحات أو منزل النائبة في المجلس التشريعي مريم فرحات، عوني كحيل، منذر مشتهى، رشاد ابو عيشة، اشرف فروانة، ومنزل عمر الشرافي بالشاطئ ومنزل يعود لعائلة الحتو في حي الزيتون بغزة. وحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان فإن لجنة فنية تقوم بعد تلقي شكوى من المواطن المهدم منزله بالانتقال إلى المكان وحصر مساحة المنزل المهدم ومكوناته وتفصيله والخسائر الإجمالية التي تكبدها المواطن ثم تقوم بعد ذلك بوضع تقديرات مالية لها وتضع هذه المنازل على قائمة المواطنين الذين هم بحاجة لمأوى وينقل التقرير إلى دائرة التنمية السكانية. المواطن عبد الله عبد ربه وصف هذه الإجراءات بالمتعبة والطويلة قائلاً لمعاص أثناء وقوفه في إحدى دوائر الوزارة:" أنا متعب ولا استطيع أن أحضر كل يوم لمتابعة إجراءات الوزارة فأنا جريح عدا عن المصاريف التي أتكبدها وتم وضعي بين تدمير منزلي وبين الإجراءات الروتينية المتعبة". أما عن المقاومين وأين يجدون مأوى لهم ولعائلاتهم فيقول الناطق باسم القوة التنفيذية لوكالة معاً ان العديد من أهالي قطاع غزة يتخوفون من تسكين هؤلاء المقاومين في منازلهم خوفاً من قصفها في حين يلجأ هؤلاء المقاومون لمنازل المقربين منهم جدا والمتفهمين لموقفهم وهم أمثالهم من المقاومين أو أقاربهم. وأوضح أن هؤلاء يجدون مأوى أخيراً في خيام تقيمها لهم الأونروا أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو يتم إسكانهم في طوابق أرضية ومكان محال فارغة في منازل أناس آخرين. |