|
شذرات الرّائي والياسمين / المتوكل طه
نشر بتاريخ: 18/12/2011 ( آخر تحديث: 04/04/2012 الساعة: 09:25 )
-I-
أيُّ تمرٍ هذا الذي يتوحّش في الحرير؟ * ها هم الشباب يضرّجون الغيوم بأقدامِهِم المدمّاة وجماجِمِهم المحطمّة، ولم يسقط العَلَم! * ليس لديه ثمن التذكرة، ولم يبرح البيت، فكيف يكون على حماره في الطريق إلى الحقل؟ * وأصابته تسع ومضات برق، فَخَرّ بين شجيرات السرّيس. * أَلسْتَ الذي حوّل زوج الشهيد إلى لوحة مبذولة غانية؟ * ماذا تقول؟ إنه كشح الغزالة الذي يمور على فوّهة البركان! * منذ قرن وهم يقفون في بيت العزاء، والموتى لم يصلوا. * أقاموا المستوطناتِ على خَدِّنا الأيمن، فأَدَرْنا لهم الأيسر ليحرقوا جوامعنا! إنه سلامُ المستوطنين الشجعان. * كان مثليّاً مثل شهريار، لكن شهرزاد الرواية ألقت عليه الطلاقَ ثلاثاً، فقد كان قلبه شاذّاً مثل حواسه الكافرة. * إنه الدرس الذي يفرّغهم من الذكريات والحكاية الحمراء. * أين ذهبت كل تلك الدماء والأموال والأصوات وبيوت الحنّاء؟ * تزوَّجَتِ الأول، فوقع شهيداً، فاقترن بها الثاني، فارتفع إلى الفردوس بدمه الغزير، وما فتئت توزّع الحلوى. * ما أروعها! وضعت له السُمّ في الشراب، وأطبقت بفمها على شفتيه! * كان على المنبر منبراً، يكسر الهواء، وتتوالد من يديه النسور. * كان الخليج بصخوره المدبّبة عاملاً رئيساً في إقلاع السفينة، واتهموا الحجارة، ظُلماً. * وجاء السيد في يده الشمس، فأعشى العيون التي تآمرت! * وصوته كان كالسَّهْل الذي يموج فيه بحر السنابل الخضراء، ولم يتسنّ له أن يحصد الصيف. * وما زال المذياع يقدّم مرافعته الوجيهة في الدفاع عن القاتل. * كانت تنوء.. وتكتم صيحاتها الضعيفة، حتى لا توقظ الموتى. * وعانق الثائرُ قاتلَه قبل أن يبلغ البيت. * وانهرق الميزاب، وصعد الوَتَر، وأكمل المُصلّون وِتْرهم، قبل أن ينتهي الصوفيّ من رحلته. * هي هي صفراء كالِحة مأجورة مُنافقة، طبعاً لا أقصد الصحافة! * كلام.. كلام.. كلام.. لم أسمع شيئاً؟! * مَنْ يجرؤ أن يسير ليلاً من الخروبة إلى الفرفحينة؟ * ودبّج الحروف، ووضع الرسومات الجديدة، فأحرقت المطبعة الكتاب، بأناقتها المعهودة. * باعة أنيقون، يحملون السواد، ويمرّرون الرماد.. لا.. لا.. ليسوا الساسة! * وخرج إلى زوجته، وهي بعربتها، تذرع المحال التجارية بحثاً عن رجل! * وها نحن سجون في المدينة والقرية والمخيم والنصّ. * هل رأيتم السراج الذي هبط من السماء على القُبّة، ولفّ غير مرّة، ثم عاد مُسرعاً؟ * عندما أزالوا ألواح الصُبّار من غرب الحديقة، استباحت القوافل مساكب النعناع، ولم تخرج عليهم العرابيد. * زمن جديد، هذا الممتدّ من التحرير إلى التغيير! * إنها تشبه الأوكسجين، وعندما تغيب أكاد ألفظ أنفاسي * نعم، كان من المتوقع أن يشتعل الميدان، لكنكم بلا بصيرة! * الوِزر يقع على صاحب الذقن الموخوطة بالفضّة والرعونة. * إنهم واحد؛ القاتلُ ومن توسّط لإحلال المصالحة. * وعندما استيقظ، وجد الكلاب الضّالة قد بالت على البوابة وتحت شجرة الليمون. * وتهدّمت المدينة، وما زال الصيّادون على الشاطئ. * دعوني أستريح، فالأسود المتوحش يغطّي شغفي، وأما ضحكتي فستبقى بيضاء كالأشباح. * إنهم يبدّلون الأسماء بأُخرى قديمة بائدة. * لم يمطروا الزيتون بالعصيّ، ولم يتمكن الأيتام من جَمْع الأوراق والكيش والحَبّ المضيء. * أين أخذتم الأولاد، إلى النَهْر أم إلى التلّة المبلولة بالصراخ؟ * الألقاب والبساط الملّون والراية بديلاً لعنوانكم الكبير. * الغزالات يمشّطن الغروب على قمة الجبل، والزفّة رانخة بالشباب والشهوات، لكن أصحاب السوالف أحرقوا الشجر واستباحوا المعبد وأشعلوا فيه الكفر. * وألقى بكيس الفقّوس تحت أقدام الشُرطيّ، وولّى إلى القرية ضاحكاً! * لم تكن الرسالة التي بعثها ولده من وراء البحار بلغته، كانت مُبْهمة مثل ابتسامة أُمّه المريضة. * لم ينقض وضوءَه لحمُ الجَمل، بل رائحة الظهيرة القاسية. * كأننا اليوم على فوّهة الكراهية العميقة البعيدة القديمة الجديدة. * إنه شيخ البلد، الذي قبّل ضفائر الرجال، وغَمزَ بكوفيته زوجة ضيفه العزيز. * هذا رئيس القبيلة الأنيق، يستحمّ تحت صنبور الجبل بالفولاذ. * لدي ضيف شَرِه، يغيب عن الحكاية كُلّما نضج المساء. * هذا هو التمثال المنحوت من الريح، أخضر أو رمادي! لا بأس، فالأرجوان نائم في الحجر. * وأصبح الخادمُ ربَّ سيّده، يقطف صدر امرأته، ولا يتكلّم! * صباح جديد يطلّ على عثنون الصبيّ الهرم، والقُبلة تسيل ثقيلة كقطرات العسل! * وتصافح الرجلان، واعتقد العَالم أن السلام قد حلّ على المقابر. لقد كانت البلطة خلف ظهره! * لقد رأيته، لقد رأيته، لقد ألقى فَرْش العجين إلى بيت النار، وظلّ الناس يتضورون قهراً، فجفّ النرجس! * وكانوا أسراباً تملأ الأفق، من المذبحة إلى الخيمة. * ضعفاء، مساكين، لا حول لهم ولا قوة، عاجزون، مقيّدون، لا.. لا لقد وضعوا أنفسهم على هذا العَرْش، فليهبطوا إلى السماء. * ليست الكآبة إلاّ ما علِق على إظفر الضابط، وعلى احتكاك الكفّين ساعة التصفيق. * لقد كانت جائزتهم الهزيمة، فليهنأوا بالعار. * إنهم يسجنون الجثث! هل ثمة بشر كهؤلاء؟ * وألقوا بالمُغنّي من أرض النجم إلى قمة الرداءة والقهر. * يكرهون حروفنا ومياهنا وشعيرنا وغيومنا وأحلامنا وبيوتنا وشجرنا وغناءنا، ونحن نحرص على هدوء نومهم. * السلام عليكم، مباشرةً سأدخل إلى الموضوع: ما هي الفكرة؟ * لم يبق من الخنجر الأرضي سوى المجاز. * لقد رأيت الفرس، والحصان يفرد أعرافَهُ فوقها، لقد انتحبت حتى فاض العشب العسلي، لكنها أَخْفَت النشوة بالحافر والصهيل. * خذوا الطحين والملابس البالية، واتركوا لنا بلادكم! * لم يفقأ عين المرأة سوى تلصّصها على الحوت. وماذا إنْ رأته ينزو على الموج؟ * والحافلات تعبئ وتمضي شرقاً إلى أن بكت التينة وجفَّ حليبها. * الناعورة بكاء البستان ومراجيح الدمع، وهي المُنْعمِةُ الخرساء. * الصديق شقيق الألم. * وأتمّ الاستغفار، وألقى بالسُّبْحة، ومسح على وجهه مُؤَمِّنا، راجياً المولى – عزَّ وجلّ – أن يتقبّل منه صلاته ودعاءه.. ويستره فيما سيقترفه من لحم. * نحن الأغيار أبناء الكلب، يا أبناء الموتى. * الطقس حار نسبياً، والبرودة عالية، والرياح ضمن معدلها في الحرائق والاستباحات، والموج يكاد يكون زَبَداً، والنظام بخير. * لم يقل أحدٌ كيف سنخرج من العتمة؟! * لقد ابتلعتهم الغُربة حتى لم يعرفوا عروق الثوب. * دائماً تقودنا إلى حنّاء الأعراس وَذَهَب الخلود، أيها الطيّب كنوايا العاصفة. * وكبرت الدالية، وأرهصت البروق في الغيوم، ووُلدت البندقية. * القضبان تعرفهم ألفاً ألفاً، والظلام يخجل من فتيل الروح. * وافترع البنت الصغيرة، وخنقها بضفائرها، فأصبح أميراً مُهاباً. * تتقلّب على قطن العطش، والشاهدان يفيضان بالنسيان. * وتذابحا وقطّعا أيديهم، فبكى النبيّ والسيف. * إنه القمر الصناعي.. الذي أدخل الشاطئ إلى الغرق. * نُكتة مُمرعة بالمفارقة، هل هي الفكاهة أم السُخرية؟ أم ضحكات المغلوب على أَمْرِه؟ * عندما يضغط على كابس الضوء ليشتعل، يتخيّل أن العتمة ستسود. * ولم يتذكّر الذئب أن النعجة هي أمّه التي أرضعته، فقتلها. * ونرفع أسماءهم على المفارق والأزقة والمشاعل. * اركضوا، لقد تعبنا من المشي. * وها هي المدن الساحلية تبكي على الدود الذي يعمّ داخل الرخام. * لقد استمرأ اللعبة! ينام ولا يحلم. * هي الصورة التي انتصرت.. بلونها المُعتاد. * هذا الضياع مُرتب.. كالدوران. * ينهض الضوء على جذر الأناشيد. * إنه يمجّ النار وينفث إخوته الأعداء. * لماذا تتحدثون ولا تفكّرون؟ ما زلنا في بطنها. * إنها صاحبة كرامات، لقد خطت فوق صدره فنفرت الخيول. * مَنْ يحكمنا؟ ما زالوا، رغم وضوحهم، يلعبون بالدم في الخفاء! * هذا الفضاء لهم، أعني لهذا النمل الأزرق، الذي قوّض المواسم وجعل الحوش مرتعاً للغبار. * وضاقت المدينة لأنها تَجَمُّع انتهازي، وليست مجتمعاً يحب النشيد. * كانوا يعرفون سلفاً ما الذي سيقوله فيهم، لكنهم صفقوا ووقفوا تبجيلاً للضياع، وخرجت الصفحات ملّونة كالحرباء. * فككّوا هذا الفخّ، إنه حفرة الكبار التي جرفت القلوب والذكريات، وجعلتكم عُرضة للخنوع. * يقف بجانب التمثال، فيختلط الظلاّن، ويلتبس الأمر الظلُّ على الناس. * رغم كل هذه الخيانة، واصَلوا العزف! * موكب السيارات، التي كانت تُطلق أبواقها، أشعلت أضواءها، في مشهد احتفالي، ولكن لا أثر للعروسين! * شكراً، لقد دخلنا في التيه، فانتظروا أربعين أخرى! * أمدّ يدي لإيقاف سيارة أجرة توصلني إلى البيت، فيأتيني جواب السائق: مشغول! والغريب أنه لا راكب لديه! * لقد غمست قطعة القماش بالوقود حتى رنخت، ثم وضعتها على ظهر الحمار وأشعلت النار! والسبب وجيه؛ لقد اعتدى على أتانها. * وقادهم إلى المعركة مَنْ يكره الميجنا والميرمية والسيدة العذراء. * لاحظوا، إنه فَقَد الذاكرة، ولم يعد يعرف أحداً سوى صورة الحائط. * إنه الدواء الفاسد الذي خلّصه من النهاية. * وما زالت الخراتيت تتصارع على مزبلة الخنزير. * هي الكلمة الوحيدة المُناسبة: الخيبة. * شفافية البلّور ضعف وليست رِقّة. * بالفعل! الشجاعة تنتصر دائماً! -II- الديكتاتور أعمى، ولو كان طبيبَ عيون. * استيقظت "أبيلا"، مشّطت شعرها، شربت قهوتها، وأكملت زينتها، أين العريس؟ * امرأةٌ يجرحها الماء، ينسرب على بياضها، فيسقط الياسمين على الرخام. * فراشةٌ مغموسة بنارها، تطير، تضرب جناحيها، تخبط بيأس، وتقع ياسمينةً كالثلج. * عاشقان على مقعد في "باب توما". الليل نهاريّ. الباعةُ المتجولون غضّوا الطرف، لكن الياسمين المتساقط منهما دلّ على الحريق. * العصفور الذي مدّ منقاره الطريّ لم يدرِ أن نسغ النارنج قد فاح، فانطلقت النجوم لقطف الياسمين من فمه، فتزوج البروج، وصارت المجرّات أعشاشَه اللامعة. * امرأةُ طرطوس التي وقفت على الشاطئ الأزرق جمعت البَحْر في يدها، وأطبقت عليه، وقدّمته وردةً إلى البيوت. * الأغاني القديمة في إدلب تضيء الضيوف، وتجعلهم أحفاداً من نَسْل القدود. * المسجدُ البيتي الصغير في الدّير يعجّ بفوضى الكرز. * الشهدُ يفيض في زفّة العروس. يسأل المارّةُ: ماذا شرِبَتْ؟ فيضحك الياسمين. * اشترت المرأةُ كلَّ ما عُرض عليها في السوق، وخرجت مبتهجةً من " الحميديّة". لقد أقسم لها التاجرُ بالياسمين. * بالقرب من قبر " نزار قباني " ، تتحسّس الفرسُ ضلوعَها، فتخرج أصابُعها مسكونةً بالرعود. * وأنتَ على عتبات الشام، يقول لك النارنج: ستدخل الجنّةَ مرتين. * لقد قضى " الماغوط " بنَوْبةِ ياسمين. * بالقرب من "كنيسة الزيتونة"، احتار الشيخُ من أي ياسمينة يصل إلى المحراب. * في الشام ذاب البرقُ في السّكر، ففاض بردى. * في الشام تبكي من الجَمال، وتقتلك الحسرة. * في " الغوطة" يسمع الناسُ صهيلَ حصان "الفندلاوي"! وقد رأوه على سرجه قاصداً الجنوب. * لو أن " هنانو" لم يستشهد ، لبدّل موتَه.. اليوم. * في المدرسة حمل التلاميذُ حقائبَهم، وظلّت حقيبةٌ لا يعرفون صاحبها! في اليوم التالي، فتحها المعلم، فوجد فيها حزمةً من ياسمين أسود. * الشام اٌسمٌ لآلهة الياسمين. * تَرَكتْ "الزبّاء" منديلها في الصحراء، فصار دُغلاً للتفاح. * عاد هارونُ الرشيد إلى "الرَّقّة" ليتأكد أن البرامكة لن يعودوا من جديد. * منذ اليوم، سيكون صعباً على الغُراب أن يُحَلّق فوق "قاسيون". * أصبح الغرابُ أبيضَ.. بلون الرماد. * المناديل، الرقصات، الحلوى، الزغاريد، الدموع، تهاليل الرجال، والّزينة الساطعة.. فَرَحٌ أم عُرْسُ شهيد؟ * واختتم الحكواتي ليلته، ووعد المستمعين بأن يكمل الحكاية غداً، لكنهم رفضوا، وأجبروه على أن يختمها الليلة. * في حماه، لا بُدّ للبدرِ من خِمارٍ حتى يراه الناس. * في مقهى "الروضة" أصبح الحلمُ لعبتَهم الوحيدة. * الحجارة في حمص لا تفنى ولا تُستحدث، لكنها تتبدّل من أغنية إلى أسطورة. * الضبع مَنْ ينهش لحم الشهيد، ويلوّث روحَه باللُّعاب الظالم. * يكاد سيفُ الدولة يفقدُ عقله! كيف غفا، فدخل الرومُ على خيوله إلى البلد! * لقد كان المماليكُ رجالاً، خلّفوا مجداً، أضاعه الرئيسُ وابنُه الملك. * من لوح الحروف في "معلولة" خرج المسيحُ إلى الطرقات، فأخذه الأطفالُ إلى تلّة قريبة، ليرى دَمَه هناك. * واستيقظت درعا، فَرَدَتْ جدائلها، كسرت المرآة، وتهيّأت للعاصفة. * الشام أوّل تجربةٍ للخلود. * تأتي الحُور إلى الشام، ليتعلّمن تقاليدَ الفردوس. * قدّم الجَمالُ اعتذارَه للشام، واستسلم لها. * يا أهلَ حمص! إنّا نغبطكم على الموت * الصورة التي لم نجدها، لم يكتبها " حنّا مينا" بعد! * هل تسمعهم يا ابنَ عربي! لقد بلغوا حدّ الكشف ومقامَ النّور! * المُدّعي الجاهل أو المأجور وحده مَنْ لا يُراجع النصّ المُلْتَبس. * وَصَمتَ ممدوح عدوان، ونحن في نادي الصحافيين، وسَرَح، ثم عاد! ما الذي أخذك منّا يا أبا زياد؟ رد مستغرباً: ألم تسمع مقطوعة "سِتّي"؟ لقد رقص الشبّاك. * على ماذا يتشاوف هذا الطاووس؟ لقد هزمته الظلال. * رجعت الغيلان وفي قلبها غُصّة، كان الراقصُ ساحراً، وموته فاتناً. * مئةُ جثةٍ صبيحة يوم عيد الفطر واصلَتِ الصيام! * من ألواح أوغاريت.. وُلدَتْ أشجارُ البركان. * في ساحة المَرْجِة رأوا الجزّار يهرب والحِبال في أَثَرِه. * الصيفُ أجمل في "الزبداني" هذا العام. |