وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أم ، بل وكل الألعاب ....بلا أبناء !؟

نشر بتاريخ: 19/12/2011 ( آخر تحديث: 19/12/2011 الساعة: 18:28 )
بقلم : جواد عوض الله

مع اعترافنا واحترامنا للجهود الكبيرة المبذولة من قبل دولة قطر مستضيفة الدورة العربية الثانية عشرة ، وتقديرنا العالي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتق اللجنة المنظمة العليا للدورة وصولا لإنجاح هذه الملتقيات الرياضية العربية ، إلا أن هذا الإطراء والإعجاب الذي تابعناه على السنة المحللين والإعلاميين والمتابعين وشاهدناه عبر الفضائيات وخاصة بحفل الافتتاح اللافت والمقدم بقالب عالمي يضاهي احتفالات البطولات الدولية ، لا يحول دون تسجيل بعض ملاحظاتنا على بعض زوايا هذه الدورة وأهمها تسجيل تحفظنا على بعض الرسائل غير الرياضية التي حملها الحفل فيما يتعلق بتقديم خارطة فلسطين التاريخية منقوصة ، وكذلك الحال بالنسبة للصحراء المغربية.

من ناحية ثانية ، فان تسجيل المديح والثناء لمنظومة العمل الرياضي مع انطلاق منافسات البطولة إدارة وتخطيطا وتنظيما وتنفيذا ومتابعة لكافة الألعاب الرياضية من اجل إخراج البطولة العربية بقالب رياضي يحاكي النموذج الدولي والأولمبي ، كلمة حق نقولها ونسجلها أيضا ، وهذا لا يعفينا من توجيه النقد البناء لهذه المؤسسات العاملة واللجان المختلفة ،أملا بعمل الأفضل وسعيا لإبراز الصورة الحضارية لمنظومة الرياضة العربية بمثل هذه الدورات.

نعم نجاحات كبيرة للعاصمة القطرية الدوحة بتنظيم هذه الدورة العربية من كافة الجوانب وتوفير كافة المعايير القانونية الأولمبية على ملاعبها ومنشآتها الرياضية وكذلك حال اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية التي يقع على عاتقها إنجاح البطولة من كافة الجوانب التنظيمية والإدارية والفنية والإعلامية وصولا إلى استقطاب الملتقيات الرياضية العالمية والعربية، ممثلة بكاس العالم 2022،وفرصتها ايضا حاضرة في نيل شرف دورات اولمبية قادمة.

والتساؤل النابع من الأرشيف الرياضي السنوي لهذة الدولة ، كيف استقطبت قطر ونظمت ما ينوف عن المائتين وخمسون ملتقى رياضي عربي ودولي لهذا العام، وما زالت تفشل في استقطاب جماهيرها المحلية،لإضفاء صورة حضارية على منظومة الحركة الرياضية العربية.

نعم فلم يعد مجرد استضافة بطولة رياضية عربية كانت أم دولية انجاز عظيم ،إن لم تخرج البطولة الرياضية بأبهى صورة وبأكمل وجه.

والمتتبع لكافة ألعاب الدورة الرياضية العربية الدائر رحاها في الدوحة بشكل عام، ولأم الألعاب بشكل خاص ،لاحظ أن البطولة فقدت بعض مقوماتها ،وربما من أهم مقومات نجاحها ،وبدت كل الألعاب منذ انطلاقتها حتى انطلاقة منافسات "أم الألعاب" ألعاب القوى بشكل خاص بلا... أبناء؟!.

فخلال لقطات تابعتها عبر القنوات الفضائية الرياضية المواكبة للبطولة شدني باهتمام بالغ ،هذا العزوف للجماهير والمشجعين والمتابعين من داخل الملاعب والميادين،حيث غاب وعزف عن مدرجات الملاعب المكشوفة والصالات المغطاة ليلا ونهارا ،وبدا الرياضيون اللاعبون ، وكأنهم في معسكر تدريبي مغلق ،لا في بطولة رياضية عربية تنافسية عالية المستوى، شاركت فيها معظم الدول العربية بمنتخباتها الوطنية،ولست مبالغا إذا قلت :أن عدد اللاعبين واللاعبات في منافسات "المضمار والميدان" فاق وتجاوز أعداد الحضور والمتابعين من المشجعين فوق المدرجات.

وهنا ،لا بد من التساؤل حول غياب احد أهم مقومات نجاح البطولات الرياضية،ذلك العنصر الهام في أية مباراة ولقاء ومنافسة رياضية،ودوره في إحداث الفارق وزيادة التنافس ، وصفوه بفاكهة الملاعب ،واللاعب الإضافي، في إشارة إلى أهميته للمنافسات،وهنا لن تتحقق مقولة (على أرضه وبين جماهيره) ،إذا غابت الجماهير والتساؤل : لمن يعزى السبب في غياب هذا المقوم وهذا الجمهور،!؟. ولماذا يعزف عن المدرجات ،ومن يتحمل المسؤولية.؟

هل هو تقصير اللجنة المنظمة العليا للدورة،؟!
وما ينبثق عنها من لجان،فشلت في استقطاب الجماهير للمدرجات ،سواء بوضع خطط دعائية وتسويقية إستراتيجية للبطولة تشمل زيارات لطلبة المدارس والجامعات وغيرهم من شرائح مجتمعية شبابية لأماكن المباريات وفق برامج وخطط تجعل من وجود الجماهير رمزية لثقافة رياضية مجتمعية وتشكل ظاهرة حضارية تليق بمستوى وحجم العمل الذي وضع لإنجاح هذه البطولة ويقدم نموذجا عن الشعب العربي عامة والجماهير الخليجية خاصة ،حيث تنشاه الأطفال والطلائع على حب التواصل مع الرياضة منذ الصغر يجعل عنده اتجاهات ايجابية نحو الألعاب الرياضية في الكبر وتصبح ممارسة وحضوره لميادين الرياضة امرأ سهلا وبدافعية أعلى.

والتساؤل الآخر، هل نقل المباريات تلفزيونيا وبثها فضائيا قد قلب المعادلة وبدلا من ذهابنا إلى الملاعب والمدرجات ، احضروا لنا الملاعب إلى منازلنا ومكاتبنا، أم ربما السبب بمستوى الرياضيين (المتواضع) في البطولات العربية وعدم وجود مستويات مميزة وهذا ما أتحفظ شخصيا عليه حيث قدمت البطولة مستويات راقية في الأداء والمهارة في الألعاب الجماعية والفردية ومنهم من تأهل للدورة الأولمبية القادمة في لندن ، وقد يكون لأجواء الطقس دور في ذلك رغم إن اللجنة تأخذ ذلك بعين الاعتبار حيث تقام المنافسات في أجواء مناخية مناسبة ومنها ما يقام بالمساء مما يجعلني اسقط هذا السبب ،
وعليه ما هي الأسباب التي فرضت "واقعا نشازا" لتخرج الدورة العربية المقامة في الدوحة بهذه الصورة غير المريحة تمثلت بنقص العنصر الجماهيري والمشجعين من كافة الألعاب وخاصة ألعاب القوى ،مما افرز تساؤلات كثيرة عن سر هذا الغياب .

لعل هذه التساؤلات وغيرها ،من حق أي رياضي غيور على الرياضة أولا والرياضيين العرب ثانيا.

تبرز المفارقة بالمقارنة ،فمع تصفح أيام البطولة، وثبات عزوف الجماهير والمشجعين ،تنقلك الرغبة لمتابعة الرياضة العالمية ، وتوقفت عند إحدى القنوات الغربية التي تبث مباراة بالتنس الأرضي بين لاعبين اثنين(فردي رجال)ويتابعها الحضور من مختلف الأعمار.وتبدوا كافة مقاعد المدرجات مليئة بالمتفرجين.،وفي الوقت الذي يدفع المشجع الأوروبي سبع مائة يورو ثمن بطاقة الدخول لحضور مباراة رياضية بين الريال وبرشلونة ،في الدوري الأسباني،تضع اللجان المنظمة العربية وبالذات الخليجية جوائز تصل لربح سيارة من نوع فاخر،على بطاقات الدخول المجانية ومع ذلك تفشل في استقطاب الجماهير.؟!

نعم ،وفي الوقت الذي نتعب ونحن نحاول رصد الجماهير بالمدرجات بلا جدوى حيث تظهر المقاعد فارغة بمساحات هائلة في مدرجات الإستاد الرئيس بالدوحة حيث تقام منافسات ألعاب القوى ،نجد أن الميادين الرياضية في البطولات التنافسية في الدول الأوروبية والغربية تعج بالمتابعين والجماهير وتلقى اهتماما ومتابعة وتزحف إليها الجماهير مصحوبة بدوافع عديدة كالتشجيع والاستمتاع وقضاء وقت الفراغ سواء كانت البطولات الرياضية فردية أم جماعية ودية أو رسمية ، محلية أو دولية ،فالجمهور من مختلف الأعمار وخاصة الكبار حاضر ومتواجد ودائم ومتألق يشجع بشكل جماعي منظم وداعم للحركة الرياضية .

على اللجنة المنظمة للدورات العربية الرسمية كالبطولة العربية ،والإتحاد العربي للألعاب الرياضية، أن يقف أمام هذه الظاهرة، ظاهرة غياب الجماهير من الملتقيات الرياضية عامة ،وان يتوجه للجماهير الرياضية والشرائح المجتمعية بالدراسة والاستطلاعات والتساؤلات لمعرفة رغبات وميول واتجاهاته للوقوف عليها ومن ثم تقديم الأفضل والمناسب للجماهير وللحركة الرياضية وصولا لصورة رياضية أكثر جمالا بحضور الجماهير، وللرقي بشكل عام بهذا السلوك الإنساني إلى مرحلة الاحترام والتقدير النابع من الأيمان بحبهم للرياضة ،هذه اللغة العالمية الحضارية والتي تبدوا الأكثر شعبية في سلوك البشرية،وعليهم بدء العمل على تشجيع الناشئة على الانخراط بهذا النشاط الإنساني الرياضي الذي يحتل مكانة راقية في سلم النشاطات البشرية كما هو في البلدان الغربية،بل إن مرافقة الأطفال للاعبين رسالة لتواصل الأجيال وبناء الاتجاهات الإيجابية نحو الرياضة وكذلك فان متابعة النشاطات الرياضية تدفع بالأطفال وبالشباب إلى العطاء وتبني عندهم اتجاهات ايجابية نحو الانخراط بالألعاب الرياضية ،علهم يصبحوا أبطالا رياضيين مستقبلا ،نعم ليمتد هذا التقدير للرياضة وللرياضيين والقائمين عليها ،والأيمان برسالتها الإنسانية التي تتخذ من الرياضة وسيلة للتنافس الشريف في ظل القوانين والأنظمة الناظمة للعمل الرياضي بعيدا عن العصبية العرقية والدينية .

ولا نريد لام الألعاب الرياضية ،التي يتوقف عليها بحكم فرديتها كلعبة وكثرة منافساتها ،أن تنقرض ،بل إن التوجه الجديد ينصب على التركيز على الألعاب الفردية ففيها فرص حصد الكثير من الجوائز ،على الصعيدين العربي والدولي وأيضا الأرشيف الرياضي يشير أن العرب خاصة كان حصادهم للذهب في الدورات الأولمبية فقط في الألعاب الفردية .

نعم لا نريد لآم الألعاب "ألعاب القوى" التي يظهر بوضوح عزوف الجماهير عن متابعتها، أن تفقد أبناءها وجمهورها فهذا يهدد وجودها على صعيد القاعدة الرياضية في الأندية ،وحتى لا تصبح نظرة البعض عن توصيفها في مكانها ،بان هذه الألعاب ميتة مع وقف التنفيذ أو ربما الألعاب الشهيدة.
[email protected]