وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اربع عائلات فلسطينية بين سنديان شارع 60 وجدار الفصل ومطرقة حرس الحدود الاسرائيلي

نشر بتاريخ: 21/11/2006 ( آخر تحديث: 21/11/2006 الساعة: 18:15 )
بيت لحم -معا- تعيش اربع عائلات فلسطينية في منطقة محصورة ما بين الشارع الاستيطاني المعروف بشارع 60 وجدار الفصل العنصري الذي عزلها عن مدينة بيت لحم وحرمها من كافة الخدمات الانسانية وتركها فريسة سهلة لقوات ما يسمى بحرس الحدود التي لم تترك سبيلا للتنكيل بهذه العائلات الا وسلكته واضافت الكثير من اساليب القمع والتنكيل .

ولم تجد تلك العائلات من منبر لاسماع صرختها سوى صحيفة هأرتس الاسرائيلية التي افردت كامل صفحتها السادسة لقصة عائلة جادو التي فقدت احد ركني المنزل وهي الام فاطمة نتيجة عدم تمكنها من الوصول الى المستشفى وقصة شقيقتها في المعاناة عائلة درويش ننقلها كاملة كما وردت في الصحيفة دون تصرف .

صباح يوم الثالث من ابريل عام 2005 اصيبت فاطمة جادو ابنة الخامسة والسبعين من عمرها بسكتة قلبية اثناء اعدادها الطعام في منزل العائلة وكان بجانبها ابنها فؤاد جادو البالغ حاليا 49 عاما والذي عرف اعراض السكتة القلبية كونه تعرض لمثلها في وقت سابق .

وتحمل عائلة جادو بطاقة هوية صادرة عن السلطة الفلسطينية لذلك اتصل فؤاد بمنظمة الصليب الاحمر وطلب منها ارسال سيارة اسعاف وكان جوابها معهودا في مثل هذه الحالات اذ قال الصليب الاحمر لفؤاد جادو ان هذا الامر يستغرق وقتاً حتى يتم التنسيق مع الجيش الاسرائيلي حتى تتمكن سيارة الاسعاف من المرور كون العائلة محجوزة على الجانب الاسرائيلي ضمن جانب ضيق يقع بين الشارع الاستيطاني رقم 60 بالقرب من الانفاق وجدار الفصل العنصري المسمى بعازل القدس فاقترح الصليب الاحمر على فؤاد ان ينقل والدته الى المستشفى بقواه الذاتية.

ووجدت في تلك الايام فتحة في الجدار الفاصل حيث يوجد اليوم برج مراقبة من الخرسانة تبعد عن منزل عائلة جادو 300 متر فأسند فؤاد وابن اخية والدته وخرجوا في طريقهم الى المستشفى لكن الحديث يدور عن ثلاثة مئة متر صعبة وشاقة كونها تشمل نزولا الى قاع الوادي وصعوداً حتى قمة الجبل الامر الذي استغرقهم حوالي نصف ساعة لاجتياز المسافة، وفي اللحظة التي وصل فيها موكب الالم موقع الفتحة لفظت فاطمة جادو انفاسها الاخيرة، وهنا قال فؤاد جادوا :"لنستمر في المسير لان الانسان لايفقد الامل بهذه السهولة واوقف سيارة كانت مارة على الجانب الاخر من الجدار وتطوع السائق واقلهم الى المستشفى في بيت جالا ورغم محاولة الاطباء اعادة تفعيل قلبها بواسطة الضربات الكهربائية الا انها فارقت الحياة لانها وصلت متأخرة جدا حسب قول الاطباء".

وفي الجانب الواقع ما بين مستوطنة جيلو ومخيم اللاجئين عايدة تعيش اضافة الى عائلة جادو ثلاث عائلات كبيرة وعائلة جادو نفسها تتكون من اربع عائلات نووية " صغيرة " تعيش في المنطقة منذ اكثر من ستين عاما وارتبطت حياتهم قبل بناء الجدار بمخيم عايدة وحتى الان ترتبط جميع نواحي حياتها بالمخيم ومدينة بيت لحم وابناؤها يعملون في بيت لحم وبلديتها وابناء حمولتهم يسكنون هناك ويتلقون من بيت لحم الخدمات الصحية ويقوم بالتسوق فيها .

وحتى يقوم ابناء عائلة جادو باي من المهمات او الاعمال المذكورة عليهم اجتياز " معبر قبر راحيل" الذي حل مكان الحاجز العسكري القديم يوميا ولا يستطيع اطفال العائلة الوصول الى مدرستهم التي تبعد عن منزلهم مسير دقائق معدودة الى بعد ان يتكبدوا عناء المسير مسافة كيلو متر وصولا الى معبر قبر راحيل ومن هناك الى مدرستهم في مخيم عايدة الذي يبعد كيلو متر اضافي عن المعبر .

بداية عام 2003 حيث بدأت اعمال بناء الجدار كانت اوضاع عائلة جادو اسوء بكثير حيث جرى اعتقالهم اكثر من مرة بتهمة التواجد في منزلهم دون تصريح حيث قال فؤاد جادو ان الشرطة الاسرائيلية كانت تحضر الى منزلهم الساعة الثالثة فجرا وتقتادهم الى حاجز عطروت على الجانب الاخر من القدس وتحتجزهم اربع او خمس ساعات دون ان تستثني والدهم البالغ من العمر 75 عاما اما اليوم وبعد اعتراض قدموه للمحكمة العليا فقد جرى اصدار تصاريح خاصة بهم تمكنهم من التحرك في القدس دون ان يستطيعوا قيادة سيارة او العمل فيها .

ويترافق في احيان كثيرة اجتيااز معبر قبر راحيل بالكثير من الاهانات والكلام البذيئ حسب قول فؤاد جادو الذي اضاف " يتعاملون معنا كما لو كنا حمير وبهائم ويشتموننا عبر مكبرات الصوت وانا لا اعرف ماذا تريد مني دولة اسرائيل هل تريد قتلي؟ او دفني حيا هل تريد ابعادي؟ هل تريد تنغيص حياتي؟ " والاهانات التي تلقها فؤاد جادو في الايام الاولى لاقامة الجدار كانت السبب الرئيسي وراء السكتة القلبية التي اصابته مساء الرابع من ابريل عام 2004 دون ان يتمكن من استدعاء اسعاف اسرائيلي لان سيارات الاسعاف الاسرائيلية ترفض الدخول دون مرافقه امنية وحتى الاسعاف الفلسطيني لا يدخل دون تنسيق.

وبدأ جادو الذي لم يدرك ان ضيق التنفس والالم الذي حدث له كان نتيجة ذبحة صدرية في المسير على الاقدام باتجاه مخيم عايدة وبعد ان اجتاز 2.5 كيلو متر وصل الى المستشفى حيث تلقى سكتة قلبية اخرى ولم ينقذه سوى ضربات الكهرباء وعملية جراحية .

ولادة على الطريق
...............................

دون اي خيار حين بدأت اعراض الولادة وتقلصات عملية الطلق تظهر على رؤى سلامة درويش جارة عائلة جادو التي اجبرت هي وزوجها سعيد على السير كيلومتر في الوادي المحاذي لطريق معبر قبر راحيل حيث انتظرهما والدي رؤى في سيارتهما من اجل المساعدة في احضارها الى المستشفى ولكن حين وصلت رؤى الى الطريق اشتد عليها الطلق ووضعت مولودها داخل السيارة .

اهانة على اوراق رسمية
.......................................
وصل ابن فؤاد جادو يوم 16 اكتوبر عام 2005 الى الحاجز العسكري المسمى " حاجز 300 " المقام على مدخل بيت لحم الشمالي وحينها صادر جنود حرس الحدود على الحاجز المذكور تصريح المرور الذي بحوزته وانهال عليه احد الجنود بالضرب المبرح ومزق تصريحه وسجل له محضر ضبط كتب في خانة الاسم " الى قضيبي " لقد وجدت قضيبي بريء ولقد وقع قضيبي هنا " واحتوى الضبط على اقذر الاوصاف والكلمات التي نعجز عن كتابتها .

وبعد انتهاء الجندي من كتابة الضبط المذكور قام بتمزيقها الا ان جادو جمع اجزائه وحين وصل البيت لصقها وتقدم بشكوى .

المدعي العام الاسرائيلي عقب على شكوى عائلة جادو بالقول انه يرى في تصرف الجندي تصرفا خطيراً وقام بتحويل الشكوى الى دائرة التحقيق مع رجال الشرطة ولا يستطيع الادلاء باية تفاصيل لحين انتهاء التحقيق .